|
كأن شيئاً هناك
احمد ابو ماجن
شاعر وكاتب
(Ahmed Abo Magen)
الحوار المتمدن-العدد: 6515 - 2020 / 3 / 15 - 09:23
المحور:
الادب والفن
سأحبك مثل شجرة يابسة كلما أقول أحبك يسقط غصن منها وهكذا مرارا وتكرارا حتى لايتبقى منها سوى الجذع فيمر الناس عليه فيظنونه شاهد قبر
________________
تعالي ننحدر إلى سابع سماء على وجه التعاسة لنخلق لنفسنا موتا مهيبا ترتعد من أجله فرائص الفرح وترقص من أجله تجاعيد الحزن ونجزم حينها على نهاية البداية في حين أن النهاية ابتدأت منذ أن زق الوقت رصاصه في جمجمة التأمين الصحي الذي وهبتيه لي بقبلة مفخخة أكثر من تلك المرة التي بعد أن تجرعناها عرفنا بأنها مرة الحلاوة من بين تلك الكدمات رسالة بيضاء لم تبح بمشاعر أكثر سوداوية من قرص ليزري مضغوط بضغطة القبر رسالة بيضاء تراهن على أن تكون حمامة كلام في دولة وجداني المحطم بالسكوت رسالة بيضاء تشذب نفسها دائما من أجل أن تكون برقية بطيئة مرسولة من أذين قلبي إلى بطينه في حين أن الأرض ابتلت برذاذ القمر الذي أخذته نوبة عطاس قبل دقيقة أو أكثر من نصف حقيقة الحلاوة وحدها هي من تزيد وثاق الفرقة بيننا لأننا لم نعد نبث الشكاية نحو بعضنا لمزيد من المقت أو ننفلت كخيط يدور بشكل غجري كلما داهمنا العتاب فمايجعلنا أبديين جدا هي المرارة وحدها قادرة على ذلك تخلق صراعا فيما بيننا فنكون حينذٍ فكرتين بأقطاب مختلفة كأن أكون عدما أمام وجودك أو تكوني آلهة أمام طبيعتي فنحتكم حينها إلى المرآة ونكتشف مدى أصابتنا بالهلاوس فمازلنا ننحدر سنصل نعم، سنصل قريباً أشعر بذلك القرب شيء ما يلامس شعري الآن أعتقد أننا وصلنا أخيراً نعم، لا لا تبا ابعدي يدك عن رأسي لاتداعبي انتظاري مثل كلب مدلل وتعدين نفسك أخر الارستقراطيين من أجل أن تذيلي كتاب حياتي بتوقيعك المبهم أو تكبسين زر الامتلاك... في حين أنا وأنت ننحدر باطمئنان نحو الهاوية.
__________________
الثورة التي نفجرها كلما حل الليل هي ذاتها التي تنفجر كل لحظة في أعماقنا بحجج كثيرة مثل اللهفة والشوق والحنين تترك في مدانا الداخلي شظاياها متناثرة بشكل دائم فنصاب بمرض مزمن أو التهاب حاد أو ضيق في تنفس أفكارنا الضعيفة أو قلق يجعلنا بحركتها مستيقظين نواجه النوم برفض وعناد ثم نضع رؤوسنا على الوسائدة مرتجفين مثل رقاص ساعة في قبو أسود تكتكاته تعيد الأيام إلى الوراء تحدثني بشريط ذي لسان رمادي أراني طفلاً يداعب الطين ويبكي على مصروفه الذي قطعه أبوه أثناء الحصار حتَّى يكبر قليلاً ويبدأ بتكوين علاقات مع الجرائد المهملة ليصنع كولاجات تأنس وحدته العتيقة يرسم على سطح الدار ملامح لفتاة وهمية يجلس في زاوية السطح ينتظر من تلك الملامح أن تتحرك ثم أنها تتحرك فعلا بفعل الهواء العاصف فتختفي... أراني أكبر بسرعة كأية إشاعة في هذه البلاد الخربة كأية نار في في محيط غاباتٍ أسترالية أكبر وانتشر واتهاوى في نفسي دفعة واحدة فكم من مرة شعلت فتيل العشق فأنفجر بوجهي ونسيت أنني مخلوق من أجل ممارسة طقوس العناء بمفردي مثل فلاح أقسم أن لايفارق أرضه المالحة وهو ينثر بذور عمره كل موسم من دون جدوى ويعلم أنها لاتصلح للزراعة بقدر ما هي صالحة لتكون مقبرة تفي بوعدها الأبدية هكذا أقلب حياتي على نار من السنوات المسرعة حياة تسري مثل قطار سوفيتي محمل بالجنود متوجه لساحة ستالينكراد لايقف إلا في محطات باردة وجدت دفئها في أحضان الموت هكذا أنبو من مكاني مثل طلقة ثائرة كلما زق الصوت اسمها في ثغر أسماعي الجائعة اسمها علامة فارقة في كل كتاب مقدس اسمها ترتيلة الرب على رؤوس الأشهاد اسمها حكاية عفوية لم يقصها أحد اسمها عشاء أخير تعفن دون أن يتذوقه الحواريون اسمها وطن يحارب نفسه بنفسه من أجل أن لا يقال عنه جبان اسمها ينكر اسمها فيصدق الجميع أنه قذيفة حية منذ الإطلاق وحتى تلاشيها في الجدار من هي؟ هي تلك التي رسمها الطفل على سطح المنزل بشقفة من حجارة أبليس وانتظر أن تتحرك لاحتضانه فحركتها الريح...... وانمحت هي أنت أيتها الحكاية أنت حينما ترتشفين العمر باللامبالاة وتقلبين قلبي مثل صحيفة بالية وتسحقين شعوري بكعبك أفكارك وتفرقعين الكون على رأسي بعد ذلك ولم اتوجع في الحين ذاته تقع عليك انظاري فتتوجعين... وتقودين الثورة ذاتها على سلطتي الضائعة وتنبتين أنياب الإتهام في شرفة صمتي وتحرضين الحياة والعقارب على التهام راحتي بعد أن تحبسين روحي في عالمك السفلي الذي تتوجتي به فتقولين بنبرةٍ عاصفةٍ: متْ ياتموز، متْ بلعنتي وأنا أحترق واحترق واحترق حتَّى شملت بذلك الاحتراق ملكوتك وألف جيل من أجيال عنادك ياعشتار فوقفتُ (مُشتعلاً) وما في الموتِ شكٌّ لِواقفٍ (كأني) في جَفنِ الردى وهو نائمُ....
___________________________
لَستُ مِمَن يَرغبونَ بهِ وَلَستُ على مَقاسِ أحدِهم وأعلمُ أن لا شَيءَ هناك لَكنِّي على الرَّغمِ من ذَلك سَأعيشُ وكأنَّ شَيئاً هناك حتَّى أصابعي المرتجفة ستعيش بجانبي مثل ديكور عتيق وكأنها أغصان يابسة لاتتردد أبداً في أن تكون حطبا في ليال برودهم الممتد من بداية اللهفة وحتى قتلها لستُ فيلسوفا لأبتكر طريقة مجدية تساعدني في إلقاء القبض على ذهني الشارد ولستُ رجل دين ناصح أجمع من حولي الكثير من الأفئدة ببعض الكلمات المبطنة بالنفاق لستُ شيئاً على مايبدو أقطعني مثل طريق عائم في الظلام نهايتي مخفية عن أعينهم المكسورة أقطعني كأي شريط سلسل تجعد وسطه بفعل فاعل أقسم على تجريدي من كل التهم الموجهة لي بأني أضحك أقطعني باستمرار وأربط طرفيَّ بسلك كهربائي متهم بعدم التوصيل حتى أنقطع من جديد لأكون مقاما جديدا للباحثين عن الإنصاف مقام على شكل كتاب مليء بالكثير من الأواوين ورأسي المدجج بالحكايات طفل غريب تائه بين أقدام اللاجئين البعيدين عن السماح المرفوضين من كل حدب وخوف المشاهدين الجيدين لسينماي التي أقسمتْ ألا تعرضني إلا بشكل مقطَّع مثل أغلب الشهداء العراقيين الذاهبين إلى السماء بحافلة مفخخة.. لأبدو في النهاية لا شيء لاشيءَ يمكنُ أن تعوِّلَ عليهِ الرغبةُ فيرغبونَ بهِ وأعلمُ أنني لَستُ مِمَن يَرغبونَ بهِ وَلَستُ على مَقاسِ أحدِهم وأعلمُ أن لا شَيءَ هناك لَكنِّي على الرَّغمِ من ذَلك سَأعيشُ وكأنَّ شَيئاً هناك...
______________________
لاشيء يعصر قلبي مثلما تفعل فكرة هاوية من دهاليز الوحدة وأنا على حين عجلة من دهري موبوء بالفقد أتعثر بالذكريات ولا رسالة منهم على جانبي الحلم يمكن أن أسند عليها تمايلي الآتي أبكي بصوت عالٍ أصرخ بالشدة نفسها ولايسمعون... في الحين نفسه يقتلني ضجيج سكوتهم فلست أحداً منهم أنا كلهم أولئك الذين تخطوا من أمام عيون أوطانهم كعبارة مسجونة بين قوسين تتخذ من الصراخ نشيجا وطنيا تردده آفة التيه على إنصات الموتى ولايسمعون... فتهيل التراب على نفسها تلك القبور من دون أن تربت بالدموع على أكتاف شواهدها حتَّى لاتزيد الطين علّة وكأن الجثامين تود الرجعة بما تبقى منها لتصرخ من جديد وتنفى لمفترق طرق عبر قطارات مشحونة بالحقد لاتألف المحطات الدافئة ولا السفن المشرعة نحو الخلاص أتخيل لو لم تكتشف المرآة وكان علينا أن نرى وجوهنا بوجوه الآخرين بوجه من سنرانا أكثر حقيقة وكل النفسيات موبوءة بتراكماتها العنيدة ولم نكن نرسيس كي نرى وجوهنا في مجرى نهر هارب من بعضه حتَّى أنهارنا التي وصفت بالعذوبة الخالدة أصبحت الآن تشبه أفكارنا فهي أيضا موبوء بالوحل.. حتَّى أصبحنا نراقب مجيء الموت مثل ظل أسود كبير يجر خطاه يدعس الأحياء فردا بعد أخر يدعس من يبكي ومن يضحك ومن يثرثر ومن يسكت يدعسهم كلهم، فقط لأنهم طيبون أصبحنا نلتقط أنفاسنا بعجالة خوفا من تلك الخطوات الآتية أصبحنا نضحك ونسخر ونغني نضبط توقيت مزاجنا على ساعات أحبتنا حتَّى إذا دعسنا الموت نكون موقفا طريفا للشامتين بنا من أجل أن يضحكوا أو على الأقل يبتسمون فرحا فتنساب دمائنا على الأرض وهي ترسم علامة النصر لأننا أصبحنا بمقتلنا سببا في رسم البهجة على وجوهم الشاحبة أصبحنا نعد العدة مثل أي جندي يكدس في حقيبته متاع البقاء وينسى دعاء أمه معلقا في ملابس البيت أصبحنا نجهد في طلب الحياة عاكفين على تكديس الأمنيات في قلوبنا وننسى أنها مثقوبة أصبحنا مشغولين بزرع الخيبة في شوارع قلوبنا المحطمة ونقطف ماتبقى فيها من ورد لنقدمه هديةً لمن كان السبب أصبحنا ننعش وجودنا بالحزن كمن يستخدم لإنعاش بساتينه بعض القاذورات حتَّى أصبحنا وأصبحنا وأصبحنا وأصبح الملك لله
#احمد_ابو_ماجن (هاشتاغ)
Ahmed_Abo_Magen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا أيها الريلُ
-
أكتوبريات
-
بكل هدوء... شعبية
-
خيمة أمل
-
شمس الأبدية
-
حان قطاف القلب
-
سورة الجدوى
-
بديهياتها
-
تفاوت
-
صباح الخير
-
تنتظرين
-
هالات نيرة
-
سورة القلق
-
سقسقات مُوحشة
-
بوح الكتاب
-
نحن الشباب
-
منتهى الشدة
-
تراجيديا الأنين
-
قصيدة النبي
-
شفاه آيلة للسكوت
المزيد.....
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|