سعد محمد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 00:31
المحور:
الادب والفن
حين تتفشى الاوبئة الفتاكة بين الشعوب والامم سرعان ما يداهم البشر الشعور بالهلع والقلق ويخفت أحساسهم بالغرور والكبرياء وتتدنى أيضاً مشاعرهم أزاء التفاؤل والطموح .
فيدرك الانسان حينها مدى ضآلته وضعفه أمام فايروسات مجهرية لا يدركها بصرهم فيصيبهم الذعر من فكرة معاناة المرض ورهبة الموت وجفول الناس من بعضهم خشية الاصابة بالعدوى.
فتفزع تلك الفايروسات حينها الجميع و منهم الاغنياء والحكام والمشاهير والفنانيين وحتى أصحاب القداسات الدينية والروحية في كل مكان ومقام وكذلك الفقراء والمهمشين فالفايروس لا يعرف التفاوت الطبقي أو السياسي ولا المقامات الروحية فجميع البشر متساوون تحت طائلة الرعب والموت دون تمييز أو أستثناء!!
ولكن تبقى أسوء المصادفات الكارثية حين تجتمع الحرب مع الوباء الفتاك في ذات الزمن اللعين.
وهذا ماحصل عام 1918 أثناء الحرب العالمية الاولى حين أجتاح العالم وباء "الانفلونزا الاسبانية" الرهيب الذي أصاب زهاء 500 مليون أنسان وفتك
بأرواح ما بين 50 الى 100 مليون شخص وحصيلة هذا العدد المهول كان أكثر مما حصدته الحرب العالمية الاولى من القتلى.
وكان من ضمن ضحايا الانفلونزا الاسبانية موت الرسام النمساوي التعبيري الشهير "ايغون شيلي" الذي توفي بسن مبكر بعمر الثامنة والعشرين بعد موت زوجته بثلاثة أيام فقط حين كان في أوج عطائه الفني.
والمفارقة الغريبة ما بين " الانفلونزا الاسبانية وما بين أنفلونزا ووهان الصينية " أن الاولى كانت تفتك بارواح الشباب والمراهقين والاطفال وتبقي كبار السن والشيوخ يعيشون بعكس فايروس كرونا الذي يقضي على حياة كبار السن أكثر من الشباب والاطفال!!
لكن يبقى السؤال الكبير وسط دوامة الازمة البشرية المرعبة اليوم : هل تغير صدمة الاوبئة المرعبة طريقة تفكير وسلوك الانسان مع نفسه ومع المجتمع والعالم والطبيعة أم يبقى يتمادى بجشعه وسلطويته وعدوانيته !!؟؟
وهل يعيد الحاقدون الملوثون بخسة معتقداتهم وأفكارهم حين يشمتون بمصائب ونكبات الاخرين عندما يتفشى وباء فتاك أو عندما تجتاح كوارث الطبيعة فيوعزون لعنة العقاب تلك على الشعوب بسبب مخالفتها لتعاليم الله.. ولكن هؤلاء الشامتون هل تتغير مفاهيمهم ومعتقداتهم حين يهددهم الوباء أو تجتاحهم الكوارث الطبيعة مثلما هدد بلاد الكفار كما يظنوا ضمن مفهوم العقاب الالهي للاخرين الذين لايتبعون عقيدتهم ومذهبهم !!؟؟
#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟