أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الولادة العراقية الجديدة














المزيد.....

الولادة العراقية الجديدة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6509 - 2020 / 3 / 9 - 17:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا الجيل يختلف دون أدنى شك عن الجيل الذي سبقه, فالشعوب هي حالة مركبة وليست مجموعة ثابتة من البشر الوارثين لثقافتهم جينيا. ولست الآن بمعرض تحديد من هو الأفضل بين الجيلين غير أن ما يعنيني هنا هو الإهتمام بطبيعة المخاضات التي يجابهها كل جيل وأهمية تأثير تراكمات النتائج وإختلاف البيئات الاجتماعية العراقية (بيئة إسلامية مغلقة بالكامل على أهلها في زمن كان التنقل والإتصال فيه صعبا, والمقارنة تنطبق على الطوائف أيضا, الذين يعيشون في بيئات مغلقة (النجف أو كربلاء على طرف وعانة أو حديثة على الطرف الآخر).
في زمن كذاك كان نزوح مواطن من بيئته إلى أخرى مختلفة أو حتى نقيضة أو ضدية, كان وكأنما هو رحلة إلى الفضاء, حيث المجهول والإكتشافات الغريبة. فما هي نوع الثقافات الإجتماعية التي كان بإمكان هذه البيئات أن تنتجها.
الحال إن أفضل وصف لتلك البيئات أنها كانت ذات ثقافة أحادية الجانب.
بكل تأكيد أنا لا أنكر هنا وجود مواطنين كانوا يخرجون على النص سريعا حينما يتواجدون في بيئة غير بيئتهم ويعيشون مع ناس من خارج محيطهم القومي أو الديني أو المذهبي غير أن هؤلاء لم ولن يكونوا خالين تماما من موروثات عالقة وترسبات غير مُدْرَكة تخرج من دون وعي إلى السطح لتعكس صورة كانت هي واقع حال في زمان سابق.

والآن لنتحدث عن شباب الإنتفاضة التشرينية الذين كانوا مفاجأة بحق. وحتى لمن بشرَّ بها وتوقعها بناء على قدرات تحليلية ووعي متفتح ومتابعة دقيقة, فإن سرعة الحدث وثوريته على الأقل قد عقدت الألسن وسأكتفي في معرض وصفها بالقول أنها أعادت للعراقيين ثقتهم بوطنهم العراق.
ورغم إنني كنت من بين كتاب بشروا بالتغيير القادم إلا أن عنصر المفاجأة كان يعقد لساني بفعل (صدمة تفاصيل المفاجأة, وبداية من أبو التكتك وليس نهاية بجميلات العراق الشابات بعمر الورود, اللواتي كُنّ شريكات للرجال في التضحية). وفي يوم واحد تحول الشعب العراقي إلى شعب تضرب به الأمثال على الوعي والإعتزاز بالنفس والوطن, وتحول من (شعب لا يستحي "مقالة سخيفة سابقة لكاتب سخيف بهذا المعنى" إلى شعب تستحي منه الشعوب) وظهر لنا كيف أن ساحة التحرير صارت ساحة إكتشاف وطن وقد صاح فيها المنتمون لكل الأديان والطوائف نحن شعب واحد تحت راية علمهم العراقي, وقد حصل هذا في وطن كانت الطوائف فيه تقاتل بعضها البعض قبل عدة سنوات وليس عدة قرون.
وفي الجنوب العراقي كنت أتعجب من مكاني هذا من صورة لرجل أكاديمي من معارفي وهو لا يفارق الحسينية ويجلس في الأسفل من منبر أو منصة يعلوها رجل معمم لم يحصل على عمامته إلا لفشله في الدراسة التي كان صديقي قد نجح فيها بتفوق وحصل بواسطتها على شهادة الدكتوراه.
هذا الأخير وغيره هم الذين أعادوا إكتشاف أنفسهم وخرجوا من رحم معاناة أنجبت الولادة الجديدة وصاروا الآن لا يشبهون أنفسهم بالأمس.
نحن الذين نعيش خارج العراق, أمريكا مثالا, نعلم أن هناك كانتونات عراقية خالصة ما زالت تنام على ثقافتها الأحادية الجانب, وفيهم الشيعي الذي لم يغادر شيعيته والسني الذي إزداد تمسكه بها. هؤلاء ما زالوا يعيشون "ثقافة لحظة المغادرة" التي تحول عنها الشباب العراقي المنتفض.
إنها الولادة الجديدة وليس من الحق أن نلوم أحدا إلا بلهجة عتاب مخففة حينما نكتشف أن هناك مكان للعوالق في سراويله, أما ثقافة الكانتونات الطائفية وثقافة لحظة المغادرة فقد آن أوان التخلي عنها إلى ثقافة عراقية جامعة باتت أنوارها الساطعة تشع علينا من شوارع العراق الثائرة المتزينة بتضحية الشباب وبالعلم العراقي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أردوغان .. من تصفير المشاكل إلى خلقها وتفعيلها
- وجهة نظر .. لماذا فشل السيد محمد توفيق علاوي*
- سياج بيتي
- محمد توفيق علاوي وأسلحته السرية
- حديث لرجل عاد من المستقبل وسيرجع إليه
- المسؤول الحقيقي عن قتل عبدالخالق السامرائي.
- دولة فرانكشتاين في بغداد
- عبدالخالق .. حينما يكون الزهد مثلبة سياسية وليس إمتياز*
- الوطني في مواجهة الإقليمي
- عشرة دنانير*
- بإمكانك أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة
- السيادة العراقية المنتهكة وحديث : أمك شافت أمي بالمنز .. ل*
- درس للعراقيين من ثورة السودان
- أيها المسيحيون .. أعيادكم هي أعياد كل العراقيين فلتستمروا به ...
- تريد غزال تأخذ أرنب
- الغضب المتحضر
- الإستحمار الإيراني
- موقف المناطق الغربية من العراق من ثورة تشرين العظيمة ضد النظ ...
- الحراك العراقي .. هل هو ثورة أم حركة إصلاح .. ؟
- عادل عبد المهدي .. هل ما زال هناك وقت لقلبة رابعة


المزيد.....




- مديرة جهاز الخدمة السرية الأمريكي: لن أستقيل من منصبي
- ماسك يتعهد بـ 45 مليون دولار شهريا لدعم ترامب
- باكستان.. مقتل 4 جنود و5 متمردين في هجوم مسلح على منشأة عسك ...
- مسيرة أوكرانية تستهدف مصنعا بمقاطعة كورسك غربي روسيا (فيديو) ...
- جندي فرنسي يتعرض لعملية طعن بسكين في العاصمة باريس (فيديو + ...
- هاريس تدعو مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس للمناظرة التلفزيونية ...
- ماسك يعلق على قرار ترامب ترشيح السيناتور جي دي فانس لمنصب نا ...
- ترشيح ترامب للسيناتور فانس لمنصب نائب الرئيس يتصدر عناوين ا ...
- انقلاب ناقلة نفط قبالة سواحل سلطنة عمان
- الحزب الجمهوري يتعهد بإقامة -القبة الحديدية- فوق الولايات ال ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الولادة العراقية الجديدة