|
ربيع الشعوب وخريف الانظمة
زياد ملكوش
كاتب
(Ziyad Malkosh)
الحوار المتمدن-العدد: 6507 - 2020 / 3 / 7 - 21:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقول البعض ان تخلف العرب وخنوعهم لحكامهم هو في الجينات بينما يقول آخرون ومنهم الحكام انفسهم ان العرب لازالوا غير مؤهلين لحكم ديموقراطي وكانهم هم قادمين من كوكب آخر ومؤهلين للحكم ، واذا كان الحال هكذا لمَ لا يؤهلوهم كان يضعوا في المناهج المدرسية دروسا في الديمقراطية او يجروا تمارين لكيفية ممارستها ! وللعلم فالشعوب الغربية لم تتعلم او تمارس الديمقراطية قبل هبوب الثورات التي اطاحت بانظمة الحكم الفردية والعائلية . ولابد من ذكر ان العرب هم ثالث امة في التاريخ اختارت حكامها ولم تورث الحكم في بداية نشوء الدولة الاسلامية بالرغم ان من اختاروا الحاكم كانوا قلة من اصجاب الرسول ومن طليعة القوم في حينه، لكن الديمقراطيتين اليونانية والرومانية كانتا ايضا حكرا على طليعة القوم من الاغنياء . عدا ذلك فكل الشعوب في جميع الحقب التاريخية كانت ُتحكم من افراد مستبدين في الغالب حتى التوقيع على الماجنا كارتا التي قيدت سلطات الملك المطلقة ثم لاحقا بعد قرون التغيير الحقيقي بعد الثورة الفرنسية .
بعد ظهور الاسلام وقيامة العرب كقوة عالمية احتلت اقطارا عديدة ( واضافت مساهماتها في الحضارة كما كان حفظت الحضارة اليونانية ونقلتها الى اوروبا المتخلفة وقتها ) وبالذات بعد الحكم الاموي خضعت الشعوب العربية لانظمة حكم فردية وراثية اعتمدت على القوة لاخضاع الناس لحكمها وكانت في الغالب استبدادية وإن كانت حامية للبلاد من اي اعتداءات خارجية . كان العامل الهام في سيطرتها على الشعوب - اضافة للقوة - العامل الديني فقد ساهم المفسرون والشيوخ وفقهاء السلاطين في تعميم مقولة ان الحاكم هو قدر الله وان لاسبيل لتغيير القدر وان طاعة الحاكم هي من طاعة الله وان طاعة اولى الامر واجبة . ونمت اجيال على هذه الفكرة التي لازالت متعشعشة حتى الآن في نفوس كثير من الناس ، ولا يزال الكثيرون يترددون في التمرد على الملك او الامير او الرئيس ويشعرون بالخوف من مخالفته حتى لو كان مستبدا فاسدا.
صحيح ان بعض الثورات وحركات تمرد قد حصلت لكنها كانت في اغلبها من جماعات تريد السلطة واحيانا كانت تنجح وتستبدل سلطة فردية باخرى كما حصل مثلا عند قلب العباسيون للحكم الاموي . بعد سقوط الدولة العثملنية ثم الاستقلال الشكلي للبلاد العربية ظهرت بعض الثورات التي قمعت بسرعة وعادت الامور الى ماكانت عليه بملوك او امراء او حتى رؤساء يتوارثوا الحكم الفري والاستبدادي الفاسد .
واخيرا وعلى غير توقع انفجرت موجات الربيع العربي بانتفاضات وحراكات تطالب باسقاط الانظمة او تغيير النهج . كان الربيع العربي مفاجئا للانظمة وللادارة الامريكية التي لم ترصد اذرعتها ذلك ، لا بل كان مفاجئا للشعوب نفسها التي كسرت حاجز الخوف وادركت ان البلاد لها وانها هي التي يجب ان تحكم نفسها . نجح الحراك في تونس الى حد ما حيث يسير خطوة الى الخلف وخطوتان الى الامام . بقية الحراكات انتكست او فشلت او ركبها الاسلاميون او العسكر وتدخلت دول اقليمية وخارجية لؤدها وتغيير مسارها . وعندما ظهر ان كل شيء سيعود كما كان او اسوأ اندلعت الموجة الثانية من الاحتجاجات وكانت هذه المرة اكثر نضجا واصرارا وشبابا كما شهدت مشاركة كبيرة من النساء . بالطبع الانظمة استعملت كل الوسائل للتعامل مع هذه الانتفاضات من القمع الشديد الى اتهامها بالارهاب اوانها جزء من مؤمرات كونية او من الطابور الخامس او عميلة للسفارات او اسرائيل . بعض الانظمة إنحنت قليلا واجرت تغيرات شكلية بل حتى سمحت بهامش قليل من التعبير والمعارضة كالمغرب والاردن . النظام السعودي بكل رجعيته واستبداده غير قليلا من ايديولوجيته / إن صح القول ان له ايدولوجية / بابتعاده عن الوهابية واسترجاعه بعض الاموال المنهوبة واظهار بعض الانفتاح الا انه زاد من قمعه واجرامه . النظام السوري بقي خشبيا غير قابل للتغيير على الرغم من المصائب التي جلبها للبلادالتي اصبحت محتلة من عدة دول ، بل ان القرارخرج من يده للاجانب ولم يبقى له الا ان ينكسر بعد ان نخره السوس .
الحقيقة ان الانظمة العربية تعيش خريف ايامها ولن ينفعها الإتكاء على الخارج فالاجنبي نفسه سيتخلى عنها عندما يدرك ان لا فائدة من الاعتماد عليها ، وعاجلا ام آجلا ستواصل الشعوب ربيعها او تزهر ربيعا آخر . من غير المعقول في القرن 21 /عصر التكنولوجيا المتقدمة والانترنت والتغيرات في كل مجال ان يبقى افراد او عائلات فاسدة تحكم وتتحكم في البلاد وشعوبها ومواردها . المستقبل القريب للشعوب لتبني اوطانا حقيقية.
#زياد_ملكوش (هاشتاغ)
Ziyad_Malkosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعلان عن جريمة
-
العرب والتخلف
-
المساواة في الميراث
-
وايران ايضا
-
نحن وتركيا وايران
المزيد.....
-
تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري
...
-
إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
-
سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
-
روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
-
عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا
...
-
أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف
...
-
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
-
العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|