|
(1) تشرين : الثورة وقرآنها/2
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6504 - 2020 / 3 / 2 - 13:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(1)تشرين: الثورة و"قرآنها"/2 عبدالاميرالركابي
ثائر"اخر الزمان" الرافديني في ساحتي الحبوبي السومرية وفي التحرير في بغداد، وكل الساحات على امتداد ارض السواد، مكتوب له ولزوم عليه ان يري ذاته ويميط اللثام عنها وعن مكنونها التاريخي، فيهدي العالم والبشرية بمجموعها حقيقة وسر وجود الكائن الحي على كوكب الأرض، هكذا هو قد وجد، وبهذه الاشتراطات، بصفته بؤرة ومنطلق الاليات التحولية على مستوى الكوكب . لقد اعطى العالم الابراهيمية أولى الرؤى الكونية التحولية في زمن اللاتحقق عند مفتتح مسار التعذر ودورته الأولى، فعم ماراه العالم بمعظمه الى اليوم، الاماندر، وكان هو المحطة التي جعلت الانشطاريه الطبقية الاوربية على الضفة المتوسطية المقابلة، وبسبب بنيتها المصممه من قبل "الغائية الكونية العليا" لاجل أداء دور أساسي في السياق التحولي الصيروري الاشمل، حعلها بما وفره لها من الأسباب والمحفزات المادية، بحصيله القمة القصوى التي بلغها نظام الاقتصاد العالمي الريعي الشرقي، وبؤرته ونقطة قيادته بغداد على امتداد خمسه قرون بعد القرن السابع، مهيأة للانتقال من الريعية التجارية الى التصنيعية، والانقلاب الالي انتاجيا، وهو ماكان متعذرا بنية على مجتمع الازدواج التحولي الرافديني تحقيقه لاسباب بنيوية، بانتظار مابعد، وماوراء ،وصول المنتجية الراسمالية الحالية الى الطريق المسدود، الامر الذي يلازم ويطابق بنية وموضوعيا، سيرورات منتجية التكوين المجتمعي الطبقي البرجوازي. لا "وطنية عراقية" بمواصفات المحلية التي عاش ويصر الواهمون على العبش في كنفها، خلافا للحقيقة التحولية، وللغائية الكونية في موضع ونقطة الوطنية فيها / كونية حصرا/ بما يفرض الاخذ بشكل اخر من "الوطنية" تطابق حالة وصيغة الازدواج التكويني، هي صيغة (الوطن/ كونيه)،فالثائر الرافديني الحالي، لايثور وفق منهجيات وبرامج "الوطنيات الايديلوجية المستعارة" اخر اشكال الوطنية المسستعارة المفبركة، وهوليس على موعد مع المتبقي من أفكار ورؤى الدورتين الأولى والثانية، حيث العراق بلا رؤية، يعيش تاريخة وحياته ازدواجيا تحوليا، ولا يملك القدرة على الارتقاء لمستوى وعي حقيقته الكيانية والتكوينيه البنيوية، فيظل واقعا تحت سطوة الأحادية الغالبة السابق التنويه عن اسباب واشتراطات غلبتها المؤقته الاجبارية، الطويلة الأمد، على العقل. ينظر الثائر التشريني حوله، وفي السجلات والسرديات المتاحة، وفي الافاق، فلا يجد غير وطاة دنيا بائدة تتحدث له عن "الدولة"، و" الديمقراطية"، و "القوميه" فيجد اعماقه نابذه لها، تتشوف خارج الانتخابات المبكره والمتاخرة، والتكنو قراط والاستقلال عن الأحزاب ومع الأحزاب والدساتير، ليس هذا مايكافيء حقيقته ومثقلات وجوده على مر التاريخ واليوم، حيث التوالي الرهيب لاسباب الفناء منذ نصف قرن، حروبا ودكتاتوريات ومالا يوصف من اشكال اللامجتمعية وحوافها، بينما هو لايجد مايقابل، او يناسب، او لنقل يضاهي عمق وجوده، ولا إيقاع غيابه وحضوره، اوصورة فنائه المجزأ المتواتر. هؤلاء الذين يغترفون من الاكاديميات متباهين، ومن ترسانات الايديلوجيات والنماذج، صتف المعتاشين على الفبركة والتقليد والاستعاره، ويتوهمون انفسهم الاعلم والادرى، لقد صاروا اليوم عبئا قاتلا لايطاق: فمن ذا الذي يجلس تاريخ بين النهرين على قدمية بدل ان يظل معوجا او واقفا على هامته، فيرمي تلك المعزوفة القاتله الكاذبة عن العراق " الحديث" ووطنية الايديلوجيات، لاغيا اكثر من قرنين من تاريخ الحداثة العراقية "الذاتية" ماقبل الاستعمارية، او عن الدولة التي هب كذبه وفشل على صعيدين وجبهتين: صعيد الغرب نفسه الذي أقامها من خارج النصاب الاجتماعي بصفتها وسيلة تصفية للعراقوية الكونية، وصعيد خارطة " الطبقات"المختلقة، بين اقطاع مفبرك وفي غير مكانه جرى اختياره واللجوء اليه من قبل الغرب المحتل، وبين دعوى ثورة "برجوازية" اجبارية في غير مكانها وخارج زمنها. العراق عاش تاريخيه بعد مجيء الغرب والانكليز عسكريا ومباشرة، حالة صدام عالمي كوني بين كيانية ازدواجية تحولية تاريخية، ونمط ونموذج في الاجتماع والدولة، احادي وصل بوصوله ارض الرافدين عام 1914 نهاية مشروعه، واخر ممكنات تحققه وتجليه على مستوى المعمورة، وماحدث بإقامة دولة 1921 في العراق، هو اعلان صارخ عن توقف ووصول المشروع الغربي الى اقصى حدوده، أي الى هزيمته، على اعتاب الكيانية الازدواجية الإمبراطورية التحوليّة. ومنذ 1921 الى 2003 كان تاريخ ارض الرافدين وتاريخ الغرب قد انتظما داخل اتون صراعي كوني الطابع، غلبت خلاله وسادت ترسانة الغرب النموذجية والتفكرية، الامر الذي منح الطرف الغربي والى الوقت الحاضر، جانبا من الغلبة والسيادة اهم بكثير من تلك التي هي بحوزته، وصارت بمتناوله منذ تحقيقة انتقالته الكبرى الالية، مع جملة منجزه التفكري والعلمي التطبيقي، مستغلا استمرار قصور العقل الموضوعي والطبيعي المرافق لظاهرة المجتمعية، ومقابلها قصور العقل عن الاحاطة بها وبمكنونها، وبمنطوياتها الايعد والاشمل وبالذات بعدها الأساسي التحولي. ثمة كذبة تاريخيه كبرى تقول وتعتبر من قيبيل البداهة الثابته، بان العراق دخل العصر منذ عام 1831 ومن يومها وهو يتشكل الى ان صارت له سوق وطنية واحدة أي توحد كيانيا واقتصاديا، والموضوعة السالفة كرسها أولا ويرلند الضابط الإنكليزي الملحق بالحملة البريطانية، وصار الجميع يتبنونها وبالاخص منهم من يسمون انفسهم "اليسار"، وعلى راسهم اقصاديا "محمد سلمان الحسن"*، الذي يصدق المقولة الانفه ويضعها في صدارة كتابه الضخم الهام عن الاقتصاد العرقي، ولسنا نعرف لماذا 1831 أولا لماذا تحقق التحاق العراق بالسوق الراسمالية العالمية عند الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، او اين يوضع ياترى تاريخ تشكل العراق منذ القرن السادس عشر بظهور أولى الاتحادات القبلية في ارض سومر الجديده في المنتفك، قبل الحقبة الدينية الانتظارية النجفية الصاعدة منذ القرن الثامن عشر. اقل ماكان على العقل العراقي لو انه كان حاضرا كما يفترض ان يبادر للاخذبه القول: بان العراق عراقان، عراق عراقي رافديني تاريخي عاد الى التشكل في دورة ثالثه، وعراق طاريء مقحم مسقط بقوة المنجز الغربي، وان لكل من العراقين شكله وصيغ ودلالات واليات تحققه، الامر الذي وضع هذا الجزء من الكرة الأرضية في حالة اصطراع بين نمطين ونموذجين مجتمعيين وانتاجيين، غلب خلالهما الجانب الغربي برغم عجزه الابتدائي الظاهر، وميله الى الفبركة الكيانية والمفهومية للعراق، مع جملة مشروعاته العملية واشكال تنظيمه في الدولة والأحزاب والمؤسسات والثقافة والتعليم. الشطر الأول من تاريخ تشكل الدورة التاريخية الرافدينية الراهنه، هو تاريخ ازدواج امبراطوري، بحسب البنية والكينونه والتحقق التاريخي خلال الدورتين الأولى والثانية، ماقد اكد حقيقة ان العراق لايتحقق كيانا الا بالامبراطورية الازدواجية، المغايرة بنية وتشكلا للامبراطوريات الأحادية، ومنها تلك الانشطارية الطبقية الأعلى والأكثر دينامية من بين انماطها، أي ان العراق كان سائرا تشكلا نحو الإمبراطورية موضوعيا، قبل ان يتغير مساره التاريخي، ووجهة تشكله وايقاعها مع القرن العشرين، بحلو ل طور تعذر الامبراطورية الازدواجيه. ولقد استفاد الغرب من واقعة كون الازدواج المجتمعي كنمط، كان مايزال غائبا عن الادراك، ومما لايمكن افتكاره، فكان هذا النقص العقلي العالمي والغربي، بداية قد لعب الدور الأول من بين ألاسلحة التي اتاحت للغرب استمرا ية حضوره على مدى تسعة عقود، عاش العراقيون خلالها والى الساعة، ماخوذين بفكرة "الوطنية" كما يمثلها النموذج الغربي وبين اصقاع كثيرة من العالم، بما حول هذا النمط من الكيانية، الى نظام وقاعدة أساسية ثابته شامله على المستوى الدولي، فلم يتوقف الامر عند وايرلند والمستشرقين الغربيين لوحدهم، بل شمل الفبركة من الأسفل كما تمثلت فيما يعرف ب "الوطنية الايديلوجية الحزبية" التي ارست مرتكزات سردية للعراق وتاريخه الحديث، وينيته، مطابقة للنموذج الغربي على حساب نموذجها ونمط بلادها التاريخي. لاوجود لاي تردد او محاولة تقص في الواقع او التاريخ، تحول دون، او تمنع ومنعت فطاحل الماركسية والقومية والليبرالية من ان يوغلوأ في المصادقة على النموذج الغربي، وعلى وجاهته وشرعيته المطلقة، فكانوا بهذا ولعبوا عمليا، دور العمالة البنيوية والتاريخية المزورة للواقع والتاريخ، وللحقيقة الكبرى التي ينطوي عليها تاريخ العراق الحديث . ـ يتبع ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * محمد سلمان الحسن/ التطور الاقتصادي في العراق: التجارة الخارجية والتطور الاقتصادي 1864 ـ 1958 / الجزء الأول/ المكتبه العصرية للطباعة والنشر/ صيدا ـ بيروت/ ص 27 حيث يقول: " العراق الحديث حصيلة العملية التدريجيه للتوحيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للولايات التركية الثلاث: بغداد ، والبصرة، والموصل، توحيدا نجم عنه وطن واحد وسوق وطنية واحده، وقد بدات هذه العملية منذ الاحتلال التركي الثالث في عام 1831، واشتد زخمها منذ ستينات القرن الماضي، حتى افضت الى تشكيل الحكومه العراقية المؤقته، تحت الاحتلال البريطاني في عام 1920"، وهو يثبت المصدر الذي نقل عنه هذه المقوله الأحادية الخرقاءالمقحمه من خارج الواقع، فيذكر في الهامش 1: p.w.ireland .iraq: Astudy ie political development ( London.1939)p.277
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(1) تشرين: الثورة و-قرآنها-/1
-
خرافتا الديمقراطية والدولة المدنية؟
-
التحرير الثاني: و-التفارقية الرباعيه-ب/9
-
تحريران: بالمحمدية واليوم بالابراهيمية الثانية أ / 8
-
عالم برؤيتين: ونٌذر- آخر الزمان-
-
ابراهيمية ثانية بلا بيان اول؟ج/6
-
بلاد الابراهيميتين والنهضة الزائفة؟ب/5
-
العبقرية والاتباعية وثورة تشرين العراقية؟أ/4
-
النهضة الزائفة وتجليها العراقي الاسوأ/3
-
النهضة الزائفة : وتجليها العراقي الاخطر/2
-
نهاية النهضة العربية الزائفة/ 1
-
البراغماخبثويىة الامريكية الايرانيه والتحاذق الاسرائلي المحب
...
-
مفهوم الامتين في كيان واحد العراقي
-
مؤتمر تأسيسي تحولي و-قرآن العراق- ـ ب ـ/4
-
مؤتمر تاسيسي تحولي و -قرآن العراق-أ/3
-
اي مؤتمر تاسيسي واي حل؟/2
-
- المؤتمر الوطني التاسيسي- هو الحل/1
-
إنحطاط عربي ثالث ودعوى المقاومة/3
-
انحطاط عربي ثالث ودعوى المقاومة/2
-
انحطاط عربي ثالث ودعوى المقاومة/1
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|