أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22














المزيد.....


بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 6503 - 2020 / 3 / 1 - 17:27
المحور: الادب والفن
    


كتب الدكتور سمير محمد ايوب
بعضُ الحب مُؤذٍ
عشوائيات في الحب – العشوائية 22
كانت الناجيةَ الوحيدةَ في حادثِ غدرٍ ارهابيٍّ طائفيٍّ بَشعٍ في سوريا ، فقدت فيه كلَّ أسرتِها . لا تدري كيف وصلَتْ الاردن سالمة منذ سنوات .
قبلَ أن تجدَ كَتِفا تَتِّكِئ عليه ، حاربَت الوقوفَ على حوافِّ الذكرياتِ بالهُروبِ المُتْقنِ إلى غيطانِ أحلامٍ تُشبِهها . أسست شركة برمجيات متقدمة ، في العاصمة عمان ، حيث استقرت .
سيدة لا يبدو عليها انها قد تجاوزت الستين من عمرها . صبيةٌ أنيقةٌ طيبةُ الخُلق . كرذاذِ مطرٍ يُحْيِي ولا يُؤذي . مِزاجيةٌ عفويةٌ كالأطفال . تبكي إنْ فرِحَت وإنْ حزِنَت . تَلتَقي نَفْسَكَ إنْ جاوَرْتَها . تُفتِّتُ قَلقكَ إنْ حدَّثْتَها عَنْ حَزَنَك .
ما إنْ جلَسَتْ بجانبي بمقهى في جبل القلعة ، مُطلٍّ على المُدرج الروماني وسط عمان ، ذابَتْ أصابِعُها في أصابِعِها قبلَ أنْ تقولَ لي: أظنُّك تُؤمِنُ مِثليَّ أنَّ تشابهَ أرواحِنا ، ساعَد على ائتلافِها منذ التقينا في مكتبك الاستشاري . ومعَ تَعدد لِقاءاتِنا ، أخرجْنا هذا الائتلافَ المرِنَ مِنْ سِياقاتِه . وتشارَكنا مِرارا في إعادة صياغتِه ، وفي ترتيبِ تفاصيلِه وأولوياتِه ، حتى باتَ أرحبَ مِنْ فوَّهاتِ المَصْلَحة . تفهمُني دون شرحٍ ، تَخْلِقُ لِهباتِ اكتئابيَ عُذرا . وتَسحَبُني مِنْ أحراشِهِ إلى حديثٍ ساحرٍ ، تَتَفتَّحُ في ثناياهُ ألفُ زَهرةٍ وزَهرة .
قَبلَ أنْ أشعِلَ أولى لُفافاتي ، وقَفَتْ قُبالَتي وسألَتْني وهي تَحتضنُ صدْرَها : لو كَتَبتُ على صفحتي الشخصية " أحبُّكَ كثيرا " دون ذكر اسمِكَ . خَمِّنْ كمْ شخصاً سيشعرُ بالسعادة ، وأنَّه المَقصود ؟
صَمتُّ مَذهولاً مِنْ جُرأتِها . أكْمَلَتْ وكأنَّها لمْ ترَ شيئا مِنْ عَجَبي : باللهِ عَلَيكَ كَمْ تَتوقع ولا تُبالِغ . أتَظُنَّهُم خمسون ، ستون ؟!
أعْطَتني جسارتُها وقتاً لأقرأ كلَّ ما بدا في عينيها من وهَجٍ ، ولأكشِفَ الغِطاء عمَّا بينَ شفتيها مِنْ كلامٍ مَسكوتٍ عنه . ورَدَدْتُ على سؤالِها وأنا أقَهْقِهُ بسؤالٍ مُشاغِبٍ: وهلْ تَحْسَبيني منهم ؟!
قالت فَرِحَةً : نعم ، فَفي أوَّلِ الطابور أنت . تعلم أنَّ كلَّ شيءٍ من دونِك ، بالتأكيدِ لا شيء .
قلت بشيء من الجِدّيَّةِ : غريبٌ أمرُكِ ، لِمَ كُلُّ هذا التواضعِ إذَنْ؟ هُمْ بالتاكيدِ أكثر مِمَّا تتوقعين .
سألتني مَزْهوةً : لِمَ بِظنِّكَ ؟
قلت بموضوعية جادة : وأنا أعلمُ أنَّ ليسَ كلُّ ما في البال يُقالُ ، سأقولُ ما تسمحُ ليَ بالبوحِ به راداراتي الأنيقة : كَثيرةٌ أنتِ ، وكَثيرُكِ خارجَ الصناديقِ الزائفة . أنتِ امرأةٌ لا تشيخُ ولا تَتَجعَّدُ ، تخشى الحياةَ بدونِ حبٍّ مُبْهرٍ . تُؤمنُ بأنَّ الحبَّ الأجملَ قدْ يتأخر . يباتُ معك هذا الايمان كلَّ ليلةٍ ، ليُجمِّلَ لكِ صمتَ الوِحدة ، ويمنحَ قلبَكِ مساحةً تُراقصينَ فيها ظِلالَ أحلامَكِ .
إمرأةٌ تملكُ ثقةً وجرأة للخروجِ مِنْ بيتِها بِلا ماكياجٍ مِثلُك ، هي أمرأةٌ تملكُ بالتأكيدِ قلباً مَجنونا ، تَعلَّم الابحارَ وَسْط َكلِّ ريح ، وإنْ كانَ قدْ عصفَ به ذاتَ يومٍ إعصارُ الهَوى ، وأحالَهُ قِطَعاً متفاوتةً ، تكالَبَ كُثرٌ على امتلاكِ قطعةً منهُ ،واحتلالِ شيءٍ مِنْ صَبْرِهْ .
في مَشاهدُكِ يا سيدتي ، مَساحةُ الحبِّ واسِعةٌ . لم تُفْلِحي في إخفائِه . شارَكَ في رسمِ ملامِحَكَ . وجعلَ ابتسامَتَكِ أوَّلَها .
أكْمَلْتُ وهي صامتةٌ قُبالَتي : بمرونةٍ تقاربين حكاوى العشاق . وبعد تسع شظايا وُلِدَ مِنْ رحِمِ أحدِها وجعٌ آخر . تشظى وكبُرَ حتى باتَ قبيلةً مِنْ شجَنْ . رحَلَ بعضُها ، أبْحرَ معَ أوَّلِ رِيحٍ .
قالت بصوتٍ مشوبٍ بقلقٍ طارئ : صحيحٌ أنَّ بعضَهُم قتلَتْهُ اللحظةُ ، فسارَ خارجَ الذكريات ، مُحاولاً بالوهمٍ المُغادرة . ولكنْ لا يَغُرَّنَّكَ كبرياءُ أيٍّ مِنَّا ، المُفارِقُ أو المُفارَق . الروحُ الراقيةُ هادئةٌ لا تَقتلُ حبَّا، ولا ترحلُ وإنْ تشقَّقَت . الحبُّ يا صديقي دائرةٌ يُقاسُ اتساعها بمدى إيمانِنا بمنْ نُحِبُّ . وأنتَ مِمَّنْ يعلمونَ أني لا أحدِّثُ أحدا عمَّنْ بالظنِّ رَحَل . ولم أودِّعْ أيَّا مِنهم ، فكلماتُ الوداعِ لا تَتَّسِعُ لتفاصيلِ ما كانَ بينَنا ، في دروبٍ مُشتَرَكةٍ بالتميُّزِ .
هززتُ رأسيَ مُوافقا ومُقاطعا : ولكنَّ بعضهم كان قد أتقنَ الغوصَ يا سيدتي ، حتى وصل إليكِ . وحمَدَ رَبَّهُ على نعمةِ النِّساء . وصَلَ لكنه أنكرَ الوصولَ . قائِلاً أنهُ لَمْ يَجِدَكِ في الانتظارِ كما تَوقَّع .
قالت بعد أن إنتقلت وجلست مقابلي : يَصحُّ فيهم القول ، أنَّ ما ميَّزَ بعضَ هؤلاء ، هو الانطلاقُ والسبُلَ غيرَ مُمَهَّدةٍ لهم . أو أنَّ بعضَ دروبِهم كانت مبتورةً ، أو أنَّ دهاليزَها كانت مسكونةً بأحلامٍ بائسةٍ أو عاقرة . أكْمَلَتْ وأنا أحاولُ إشعالَ لُفافتي الثانية : الوحيدُ الذي أهتمُّ لوجوده لأحيا بصدق ، ولا أكتفي منه أبداً ، هو الحبُّ المعتمدُ على اثنين ، والشيء الذي لا أراهن عليه أبدا ، هو الحب المُختزِلُ أحاديُّ الأبعاد . ما ذنبيَ إذا كانَ غوَّاصُك قدِ انطلقَ على ما وجدَهُ جذَّاباً بيَ دون اثبات . كان عليه امتلاك علمَ القلوبِ وقدرةً الكشفِ والترتيب . كان عليه أنْ يعلمَ أيضا ، أنَّ بعضَ الحبِّ مُؤذٍ . لكي يعيشَ الحبَّ كان عليه أنْ يُتْقِنَهُ ، وأنْ يُتْقِنَ معه كلَّ فنونِ التَّجاهلِ باحتراف .
سألتُها وأنا أحاولُ الإبحارَ في عينينِ مُسْتَفَزَّتَينِ أنضجتْهُما التجربة ، ومُتحرِّرا مِنَ القَلقِ ، بعدَ كلِّ هذا العَصْفِ : باللهِ عَليكِ كَمْ رقميَ أنا ؟
رَمَقتني بنظرةٍ اختصرتْ كلَّ فِتْنَةٍ ، وبابْتسامةٍ كُنتُ أنا سَبَبَها ، كَشَفَتِ الغطاءَ عنْ صكِّ غُفرانٍ يقول : أعلمُ يا دهقونٍ أنك لا تسألُ ثوابا لِعشقك ، وأنتَ تَعلمُ أنَّني أطلبُ أجرَ اشتياقي مِمَّن أحبُّ . فَلْمْ أجادِلْ .
ضَحِكَتْ ، قَهْقهت ،ومَضَتْ تَتَثنى بعيدا عني ، تلوِّحُ لي ووجْهها في الأفُق .
عمان – 1/3/2020



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سَلَفِيَّةٌ في الحب عشوائيات في الحب - العشوائية 21
- وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون
- إبْحَثْ عنِ امرأة عشوائيات في الحب - العشوائية 19
- حكاية بِرٍّ
- وحْدَها تَعْرِفُ ... ! عشوائيات في الحب – العشوائية 17
- إنها صَفعةُ القرن ، يا أمة تضحك من جهلها الأمم
- نَحْلُ الحب وذُبابه عشوائيات في الحب - العشوائية 17
- لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها يا امة تضحك من جهلها كل ا ...


المزيد.....




- عــرض مسلسل ليلى الحلقة 24 مترجمة قصة عشق
- نبض بغداد.. إعادة تأهيل أيقونة العاصمة العراقية شارع الرشيد ...
- فنانة شابة في علاقة حب مع نور خالد النبوي؟ .. يا ترى مين ضيف ...
- إيران.. 74 جلدة لنجم شهير حرض على خلع الحجاب!
- سلي أولادك بأفضل أفلام الكرتون.. اضبط أحدث تردد لقناة كرتون ...
- انتقادات واسعة للمسلسل العراقي -ابن الباشا-.. هل هو نسخة من ...
- فنان مصري مشهور يفقد حاسة النطق.. وتامر حسني يتدخل
- شاهد.. مغني راب يصفع مصارعا قبل نزالهما في الفنون القتالية
- -أشغال شقة جدا- كاد ألا يرى النور.. مفاجآت صادمة عن المسلسل! ...
- معرض للفنان العراقي صفاء السعدون بين جدارن جامعة موسكو الحكو ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22