بكر الإدريسي
الحوار المتمدن-العدد: 6502 - 2020 / 2 / 29 - 00:24
المحور:
الادب والفن
كعاشق بريء لم تشتت الحياة انتباهه، ستذوب صبابة في لحظات فردوسيه، جسدها قول الشاعر:
أعانقها والنفس بعد مشوقةٍ
إليها فهل بعد العناقِ تدانِ
وألثم فاها كي تزول صبابتي
فيشتد ما ألقى من الهيمانِ
وما كان مقدار الذي بي من الجوى
ليكفيه ما ترشف الشفتان
كأن فؤادي ليس يشفى غليله
سوا ان ترى الروحين تمتزجان
ولأن اللحظات الفردوسية القصوى تعتقد أن بإمكانك الوصول إليها متى ما شئت، ستهجر تلك الجنة بكامل إرادتك! طامعاً في الوصول إلى جنان جديدة، تفرد فيها أجنحتك، تطير وتحلق فيها لأبعد مدى.
عندها سيقول لك الحبيب:
وصلتني حتى ملكت حشاشتي
ورجعت من بعد الوصالِ هجرتني
تركتني حيران صباً هائماً
أرعى النجوم وأنت في عيش هني
ولكن تحلقيك الجامح نحو الجنان سيحجب عنك سماع هذه الصرخات...
تمضي الأيام ويلعب القدر لعبته وتصبح أنت المهجور،
فيمنعك كبريائك حينها من الصراخ توسلاً.
وبانكسار طفيف يطال جناحيك، ستواصل التحليق والاندفاع وتقول متبجحاً:
سلامٌ عليها ما أحبت سلامَنا
فإن كرهته فالسلام على أخرى
وتنطلق مجدداً وأنت متخفف من سطوة المشاعر، تلاحق المشمش أين وكيف ما كان...
إلى أن تصاب بالملل من هذا الركض العبثي والعلاقات العابرة.
فتصبح فجأة كائنا مكتفياً بذاته ولذاته.
ليست لديه رغبة في الاقتراب من عالم المشاعر الرخوة، دائم الهروب من المنطقة الشائكة.
يستمر هذا الحال وتشعر بأنك كائن متفوق مجرد من الضعف البشري.
نفسك تفيض بالسلام والهدوء والتعقل.
جسدك خالٍ من سعار الرغبة والتحرق لوعة بالآخر.
إلى أن تأتي لحظة مفارقة لكل ما خبرته في حياتك.
لحظة تهزمك وتشضيك، فتعود للبحث هذه المرة عن حب لا تعرف كنهه ولا كيفية وصفه.
وكل محاولاتك لتوضيح مرادك ستزيد من كثافة الغموض والضبابية لدى الالهة التي ترغب في مساعدتك.
أنت مركب تائه وسط البحر يبحث عن بر الأمان في الوقت الذي يتصارع على قيادته الوعي واللاوعي،
وكلاهما يجهل المنطقة التي تريد الوصول إليها.
آنذاك ستصرخ لأول مره طالباً المستحيل:
وما صبابةُ مشتاقٍ على أملٍ
من اللقاءِ كمشتاقٍ بلا أملِ
#بكر_الإدريسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟