أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق السويراوي - قصة قصيرة : تساوق














المزيد.....

قصة قصيرة : تساوق


عبد الرزاق السويراوي

الحوار المتمدن-العدد: 6500 - 2020 / 2 / 27 - 05:08
المحور: الادب والفن
    


إستحمام
حين وصل بيته قبل قليل وهو عائد من العمل , كان الوقت تجاوز الرابعة عصرا , ومع ذلك فحرارة الجو أشْعرته بأنّ جسده يوشك أنْ ينصهر تحت شدّتها , ما دعاه لأنْ ينسى مخالب الجوع التي تنهش أمعائه بعد ساعات طوال من العمل . ودونما إبطاء دخل الحمّام , وراحتْ ثقوب الدش , ترشق جسده العاري بالماء , كزخّات مطر كثيف , فبدأ يشعربإنطفاء تدريجي لجمرات حرارة جلده تحت زخات الماء ........... الماء الدافئ يغمر الحوض الإسمنتي المستطيل المغلّف من الداخل بالسراميك الأبيض , وبموازاته تماما , تقع دكّة
المغتسل التي غُلّفتْ هي الإخرى , ومن جميع جهاتها , بالسراميك أيضا . ثمة جثة لرجل نحيف تجاوز على ما يبدو الستين , أضجعه الغاسل فوق الدكة وشرع بتغسيله , يساعده صبيٌ يحمل بعض ملامحه السمراء .
غرفة المغتسل كانت أصغر بكثير من قاعة الأنتظارالملاصقة لها حيث تجمْهر فيها بعضُ ذوي المتوفى , ربما من جيرانه أيضا , بإنتظار أنْ تنتهي عملية الغسل والتكفين . كان الوقت ضحى وشدة برودة الجو , كشعاع يخترق جلودهم ليلامس العظام , لكنهم لم يشعروا بلسعاته , فالجميع شارد الذهن , ورهبةُ المكان , أشْبهُ بسيفٍ أصلتتْهُ قوة خفية وأخرستْ ألسنهم , فكان الصمت هو المهيمن على الجميع في تلك اللحظات .......... في هذه اللحظة , نادته زوجته بنبرة كان الإنزعاج واضحاً فيها " أليس في نيّتك الإنتهاء من الإستحْمام , فالغداء منذ وقت على السفرة وسيفْقد نكهتُه ؟ " . لم يأبه لما قالته زوجته , فهو الآن في لحظة من الإستسلام المنعش لبرودة الماء المنسكب من ثقوب الدش على جسده , فذكّره بزخّات مطر الربيع في بلاده البعيدة عنه , لكنه سارع وأخبرها بأنّه على وشك الإنتهاء ............ القائم على غسل الجنازة أوشك على الإنتهاء من غسْل الجسد المُسجّى على الدكّة , فبعد أنْ إنْتهى منْ لفّ القطعة الأولى من الكفن على الجثة , أمر صبيّه أنْ يناوله القطعة الإخرى من الكفن الأبيض .......... ببجامته البيضاء خرج من الحمّام للتو واضعاّ منشفة كبيرة نسبيا , على كتفه الأيسر وهو يمرّر أصابعه على شعره الذي لم يسرحّه بعد فغطّتْ بعض خصلاته السوداء اللامعة حافتي أذنيه من الأعلى وبعضاً من جبهته ........... في غرفة المغتسل , أصبحتْ الجنازة جاهزة تماما بعدما تمّ تكفينها فبدَتْ كرضيع مُقمّطٍ بقماش أبيض .
أوْعزَ الغاسلُ لصبيّه أنْ يُؤْتى له بالتابوت , ثم جلس على حافة حوض الماء و أشعل سيجارة وراح يدخن فيما نظراته تتوزع ما بين الجنازة وباب المغتسل بإنتظار أن يُجلب له التابوت ........... جلس قبّالة زوجته و توسّطهما إبنهما الذي لم يبلغ الخامسة بعد , كان واضحا أنّ شهيته للطعام ضعيفة رغم خواء معدته وشعوره بالجوع الشديد . إكتفى بشيء يسير من الطعام ثم إرتشف قليلاً من الماء لينهض بعدها ويتوجه صوب المغسلة , لاحقته نظراتُ زوجته القلقة وقالتْ " منذ أيام وأنت شارد الذهن " . قاطعها قبل أنْ يتركها تسْترْسل في كلامها " كأنكِ يا عزيزتي تتناسين المكالمة التي وردتني من أهلي قبل إسبوع , ألَمْ أخبْركِ بأنني شممْتُ فيها تلميحاً ً يوحي بتردي الوضع الصحي لأبي , لكنّ أهلي كما أعتقد , لمْ يخبروني بذلك صراحة , وكَمَا تَرين , ها نحن الآن في بلاد الغربة وبعيداً عن الأهل و, وجلّ ما أخشاه أنْ .. " . شعر بعدم القدرة على النطق ليكمل العبارة فلاذَ بالصمت وهو يتوجه صوب المغسلة .



#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا /٣
- سبع قصص قصيرة جدا
- ٣ قصص قصيرة جدا
- مشكلة الكتلة الأكبر تعود من جديد
- قصص قصيرة جدا
- نيويورك تايمز ومصير العمالة للأجنبي ..
- عودة إخرى لموضوع لجان التحقيق الحكومية
- مهزلة مؤتمر الفلوجة .. إضْحيتهم بشرٌ !!
- السياسي يزداد غنىً .. المواطن يزداد فقراً !!
- موبايل الدوري .. يفضح المستور !!
- هَمَسات
- مجلس الأمن الدولي .. ليس أميناً
- ساسة الفنادق ومشايخها !!
- ملف سبايكر وسلّة الملفّات المهملة ..
- أحداث فرنسا هل تنذرها بالخطر؟؟
- إرهابيون في مؤتمر لمكافحة الإرهاب !!
- العراقيون .. والكارثة الإقتصادية القادمة
- وما أدراك ما تركيا !!
- أيّها الإنسان .. ما أعظمك .. وما .... !!
- وماذا .. بعد الإعلان عن إمتلاك دواعش سوريا 3 طائرات مقاتلة ؟


المزيد.....




- رسميًا إلغاء مواد بالثانوية العامة النظام الجديد 2024-2025 . ...
- مسرح -ماريينسكي- في بطرسبورغ يستضيف -أصداء بلاد فارس-
- “الجامعات العراقية” معدلات القبول 2024 في العراق العلمي والأ ...
- 175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
- عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط ...
- -المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف ...
- ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من ...
- -رأس الخس- يلاحق تراس من جديد ويخرجها من المسرح (فيديو)
- هيفاء وهبي تعلق على قرار منعها من التمثيل والغناء بمصر بآية ...
- بعد أزمة فيلم -الملحد-.. هل تأجل العرض بمصر أم مُنع العمل؟


المزيد.....

- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس
- رسالةإ لى امرأة / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق السويراوي - قصة قصيرة : تساوق