وزيرة الخارجية الاسبانية لا تعترف بالجمهورية الصحراوية / هل يعترف النظام المغربي بالشعب الصحراوي ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 6499 - 2020 / 2 / 26 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد الاستقبال الذي خصه وزير بالحكومة الاسبانية ، ينتمي الى حزب Podemos اليساري ، لوزيرة صحراوية تقود وفدا مبعوثا عن الجمهورية الصحراوية .
وبعد الاضطراب النفسي الذي تسبب فيه هذا اللقاء بالنسبة للنظام المغربي ، رغم ان المسؤولين الإسبان ، والأوربيين ، والأمميين ، استقبلوا سابقاً ممثلين عن جبهة البوليساريو .
خرجت وزيرة الخارجية الاسبانية عبر تدوينة في حسابها ب ( تويتر ) ، تنفي فيها نفيا قاطعا اعتراف اسبانية بالجمهورية الصحراوية ، وتؤكد ان مدريد تتشبث بالموقف الذي اتخذته منذ اندلاع النزاع بالمنطقة ، وكل هذا طبعا للإجابة عن توجّس ناصر بوريطة الذي اتصل للتّوّ بالوزيرة للاستفسار ، ومنه لترطيب خاطر النظام المغربي المضطرب والفاقد للبوصلة في ملف تجاوزه بالمرة اممياً .
وبعد ان اكد سابقا رئيس الحكومة الاسبانية السيد Pedro Sanchez ، بان ملف الصحراء هو بيد وزارة الخارجية ، وكأنه كان يتوقع مثل هذا اللقاء بين حزب Podemos ، وبين الجمهورية الصحراوية التي يعترف بها الحزب اليساري ، لإيجاد مخرج سياسي في ما سيحصل ، إذا حصل فعلاً اللقاء بين احد وزراء Podemos ، وبين ممثل عن الدولة الصحراوية ، يبقى ان نطرح السؤال عن مدى جدية تدونة وزيرة الخارجية الاسبانية ، وعن تصريح Pedro Sanchez سابقا، وهل ما تم التصريح به يكون قد أرضى وطمأن النظام المغربي ، المهدد في علاقاته مع الدولة الاسبانية على جميع الأصعدة ، وربما ان العلاقات بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبانية مرشحة ان تصل الى الحقبة التي كان فيها Aznar عن الحزب الشعبي رئيسا للحكومة .
أولا . نعم الدولة الاسبانية ، وكل دول الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية ، وروسيا الاتحادية ، والصين ، وكندا .... لخ ، لا يعترفون بالجمهورية الصحراوية ، وهذه حقيقة جلية للعيان ، لكن إنّ كل هذه الدول تعترف بجبهة البوليساريو كحركة تحرير لها مكاتب مفتوحة بكل عواصم هذه الدول .
وهنا ما الفرق بين الاعتراف بالجبهة ، وبين عدم الاعتراف بالجمهورية ، ما دام ان نفس الشعب الذي يعترف به النظام المغربي يوجد بالجبهة ويوجد بالجمهورية .
وللتدليل اكثر ، فالنظام المغربي يعترف بوجود الشعب الصحراوي ، ولو لم يكن يعترف به ، لماذا يفاوض ممثله الجبهة بمنهاستن بأمريكا ، وبجنيف بسويسرة ؟
ان اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، هو اعتراف بالشعب الصحراوي ، ولو لم تكن هذه الجمهورية تمثل شعبا ، هل كان النظام ان يعترف بها ، وهنا مربض الفرس ، هل توجد جمهورية اعترف بها النظام دون ان يكون لها شعب تمثله وتدافع عنه ؟
بل وما يؤكد اعتراف النظام المغربي بالشعب الصحراوي ، هو المفاوضات التي يجريها معه بإشراف الأمم المتحدة ، وبإشراف مجلس الامن .
كذلك لو لم يكن النظام يعترف بالشعب الصحراوي الذي يفاوض ممثليه بالمؤسسات الدولية نزاع الصحراء ، فهل الذين يفاوضهم هم مواطنوه ؟
وهنا هل يوجد نظام في العالم يفاوض مواطنيه حول نزاع حول الحكم الذاتي المرفوض دوليا ، وحول الاستفتاء وتقرير المصير المؤدي الى الاستقلال ؟
وإذا كان لا يوجد نظام يفاوض مواطنيه عن الحكم الذاتي ، ولا يفاوضهم عن تقرير المصير والاستفتاء ، لان هذا التصور من خطل العقل ، فان النظام المغربي في مفاوضاته ، فهو يفاوض ممثلين يعترف انهم يمثلون شعابا آخرا غير الشعب الذي يحكمه بقبضة الحديد والنار .
فالنظام حين اعترف بالجمهورية الصحراوية ، وحين اعترف بالجبهة التي يفاوضها تحت اشراف الأمم المتحدة ، فهو يعترف بوجود شعب صحراوي لا علاقة له بالشعب مغربي .
بل حين اعترف النظام باتفاق الاطار الذي كان وراءه جميس بيكير ، وهو يقوم على محورين :
1 ) الحكم الذاتي ، ومدته ستكون خمس سنوات .
2 ) بعد انتهاء مدة الخمس سنوات ، سيكون هناك استفتاء يقرر فيه الصحراويون ، هل سيظلون خاضعين لنظام الحكم الذاتي ، هذا اذا راقهم ، او انهم يقررون الانفصال ، وتأسيس دولتهم المستقلة .
هنا وبالنسبة للشق الأول من اتفاق الاطار ، الذي هو الحكم الذاتي لمدة خمس سنوات ، من شكك في مغربية الصحراويين ؟ هل الصحراويون هم من شكك في مغربيتهم ، ام ان النظام بقبوله الحكم الذاتي لخمس سنوات ، يكون هو من شكك في مغربية الصحراويين ؟
وبالنسبة للمحور الثاني من اتفاق الاطار ، الذي يعني الاستفتاء وتقرير المصير الذي قبل به بالنظام ، يصبح السؤال . من شكك في مغربية الصحراء ؟
هل الصحراويون هم من شكك في مغربيتها ، ام ان النظام هو من شكك في مغربية الصحراء ؟
ان القول بالاستفتاء يعني ان النظام لا يعترف بمغربية الصحراء ، وان الذي سيحدد جنسية الأراضي المتنازع عليها ، هو الجواب على الاستفتاء .
فإذا صوت الصحراويون على اختيار الحكم الذاتي ، او الانضمام الى المغرب ، فان جنسية الصحراء اكيد انها ستكون مغربية ، لكن إذا صوت الصحراويون على الاستقلال ، فأكيد هنا ان النظام المغربي الذي قبل بالاستفتاء في اتفاق الاطار ، وفي نيروبي في سنة 1982 ، سيعترف بالجمهورية الصحراوية ، كما اعترف باستقلال موريتانية .
ومرة أخرى ، إذا لم تكن الجبهة ، ولم تكن الجمهورية الصحراوية تمثل شعبا يعترف به النظام ، فابسم من يتفاوضون حول الاستفتاء وتقرير المصير ؟ هل يتفاوضون مع الشعب المغربي الذي لا علاقة له بجميع خرجات النظام الفاشلة في قضية الصحراء ، ام انهم يتفاوضون باسم الشعب الصحراوي الذي تمثله الجبهة ، وتمثله الجمهورية ؟
ام انهم يتفاوضون فقط مع الخمسة اشخاص من الصحراويين الذي يحضرون اللقاءات التي تتم تحت اشراف الأمم المتحدة ؟
وهنا دائما . ماذا يمثل هؤلاء المفاوضون الصحراويون في نظر النظام المغربي ؟ هل يمثلون مجرد انفسهم ؟ ام انهم يمثلون شعبا يعترف به النظام المغربي ؟
ثانيا . ما هو الطابع القانوني الذي يغلف لقاءات الاتحادات الدولية ، والدول بالجمهورية الصحراوية ؟
فلو لم تكن تلك الدول ، وتلك الاتحادات ، لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ، هل كان ان تجلس معها ندا للند كدولة ، وليس كجبهة ؟
ثالثا . عندما تقول وزيرة الخارجية الاسبانية انها تتمسك بالوضع القائم ، وانها مع القرارات التي ستتخذها الأمم المتحدة ، فهذا القول ليس له من تأويل ، غير ان اسبانية ، والاتحاد الأوربي ، وكل الدول العظمى ، ترفض حل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ، وتتشبث فقط بالاستفتاء الذي تنص عليه قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة .
هنا اذا نجح مجلس الامن بناءً على القرار الذي ستصدره الجمعية العامة للأمم المتحدة في غضون السنة الجارية ، في معاجلة الإشكالية بالاستناد على الفصل السابع من الميثاق الأممي ، أكيد ان 00/99 من الصحراويين سيصوتون على الاستقلال ، لانهم يرفضون العيش في ظل نظام بوليسي قمعي ، سيٌحضر لهم مفاجئات قمعية اكثر من تلك التي تعرض لها جيش التحرير ، والمقاومة المغربية ، ويتعرض لها اليوم الشعب المغربي ، من تجويع ، وتفقير ، واذلال ، واعتقالات ، والرمي في السجون .
رابعا . إذا كان ناصر بوريطة ، ومنه النظام المغربي ، قد اطمأنّا لتغردة وزيرة الخارجية الاسبانية ، التي اكدت ان اسبانية لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ، فان الخطير في الامر ، ان اسبانية ، ومنها الاتحاد الأوربي ، وكل العالم الحر ، لا يعترفون بمغربية الصحراء ، بل ان درجة الخطورة ، انهم يتجاهلون اقتراح النظام المغربي للحكم الذاتي الذي تتجاهله جميع قرارات مجلس الامن ، وجميع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ومن ثم يركزون فقط على المشروعية الدولية ، التي هي قرارات الأمم المتحدة .
وبالرجوع الى قرارات مجلس الامن منذ 1975 ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة 1960 ، فكلها تنص على تقرير المصير ، الذي تعتبره الجبهة بانه قرار غير قابل للتفويت ولا للتصرف .
إذن ما الفرق بين عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية اعترافاً علنياً، وبين الانكار التام والمطلق لمغربية الصحراء ، ورفض حل الحكم الذاتي المتعارض مع " قسم المسيرة " ، والدعوة الى التشبث فقط بالأمم المتحدة التي حلها هو تقرير المصير ؟
فإذا كانت اسبانية لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ، لكنها تعترف بالجبهة كحركة تحرير لها مكاتب بالعاصمة مدريد ، وبمختلف مدن الاتحادات الاسبانية ، وتتشبث فقط الاستفتاء الذي سيؤدي انْ تم إجراءه تحت اشراف الأمم المتحدة ، الى التصويت على الاستقلال بنسبة 00/99 من المصوتين ، وهو ما يعني ان اسبانية مع استقلال الصحراء ، وضد بقاءها تحت سيطرة النظام ، فما الجدوى من طمأنة ناصر بوريطة ، ومنه النظام المغربي ، تكتيكيا انّ اسبانية لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ، وموقفها من الصحراء الحقيقي هو الاستقلال .
بل وما يؤكد على الموقف الاسباني الحقيقي من ملف الصحراء ، انها رغم توقيعها على معاهدة مدريد الثلاثية ، والتي كانت برعاية أمريكية ، فان اسبانية والى الآن لا تعترف بتلك المعاهدة ، لأنها لم تنشرها في جريدتها الرسمية ، وهو ما يعني ان التعامل التكتيكي لأطراف النزاع ، تكون أملته الحرب الباردة بين المعسكر الاشتراكي المنحل ، وبين المعسكر الرأسمالي ، وحين انهزم وأفل نجم روسيا ، وحلف " وارسو " ، حتى اختفت أسباب وشروط اتفاقية مدريد ، وتغيرت مواقف القوى المتحكمة في السياسة الدولية ، لصالح الشرعية الدولية التي هي قرارات الأمم المتحدة المختلفة ، التي تنص فقط على تقرير المصير ، ولا تشير ولو ببنانها الى حل الحكم الذاتي الذي كان تعبيرا عن ازمة النظام المستفحلة ، وتورطه في مستنقع انْ لم يخرج منه بسلام ، فانه سينهي وجوده الى الابد ، وتكون أطروحة كتاب " آخر الملوك " قد تحققت بالكامل . ان جميع السلالات التي حكمت المغرب غزوا ، جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء .
خامسا . هل يعلم النظام المغربي او انه يجهل ، انه هو بمواقفه المتناقضة والمتعارضة ، وفي كل مرة يطرح موقفاً ليتراجع عنه في اليوم الموالي ، ويعود لطرح موقف آخر وهكذا .. مرة الصحراء في مغربها والمغرب في صحراءه ، مرة الاعتراف بالاستفتاء والحكم الذاتي كما نظم ذلك اتفاق الاطار ، ومرة يلوح فقط بالاستفتاء كما حصل في نيروبي ، ومرة وبعد الحصلة يطرح الاستفتاء التأكيدي الغير موجود في القانون الدولي ، ومرة يطرح الحكم الذاتي ، ومرة يعترف بالجمهورية الصحراوية ، ومرة يعترف بالشعب الصحراوي ، من خلال اعترافه بالجبهة ، وبالجمهورية التي تفاوض باسم الشعب الصحراوي ، وليس باسم الشعب الطانزاني ،او الكمبوجي ، او الصيني ... ، ومرة يريد طرد الجمهورية الصحراوية من حضيرة الاتحاد الافريقي ، وسابقا اقتسم الصحراء كغنيمة مع موريتانية ، ومرة وبعد خروجها من الصحراء في سنة 1979 ، واعترافها بالجمهورية الصحراوية ، يشفع وادي الذهب الذي فرت منه نواكشوط ....لخ اعطى للدول العظمى قناعة بعدم مصداقية خرجات النظام المغربي ، كما اعطاهم قناعة بان أي حل لن يكون الاّ عن طريق قرارات الأمم المتحدة ، أي عن طريق الاستفتاء وتقرير المصير .
خامسا . هل يعلم النظام المغربي ان نزاع الصحراء قد اشرف على خاتمته ، وانه لن يتمدد خمسة وأربعين سنة أخرى ، وان الحل لن يتعدى منتصف 2021 ، وان تدخل الأمم المتحدة وارد وبقوة ، ولن ينفع معه الفيتو الفرنسي لجرجرة الحل ، رغم ان فرنسا لا تعترف بمغربية الصحراء ، وان كل قنواتها ، وبما فيها قناة الجزيرة القطرية ، حين يعرضون خريطة المغرب ، فدائما بخيط افقي يفصل عنه الصحراء ؟
سادسا . هل يجهل النظام المغربي ان ما ينتظر الصحراء من اخطار ستنصب على وجوده ، وان اطلاق رصاصة أولى يعني تدخل الأمم المتحدة لتطبيق قراراتها بالالتجاء الى الفصل السابع من الميثاق ، على طريقة تيمور الشرقية ؟
سابعا . وحتى لا أقول أخيرا ، هل اعتراف النظام المغربي بالشعب الصحراوي ، عندما يفاوض ممثليه بالأمم المتحدة ، ومن خلال اعترافه بالدولة الصحراوية في سنة 2016 ، هو اعتراف بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في سنة 1979 ( القرار 34/37 ) الذي يعترف انّ جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ؟
والسؤال . اين أوصل النظام بسياسته العرجاء الفاشلة قضية الصحراء في الأمم المتحدة ؟
الشعب المغربي لا علاقة بالوضع المحتقن الذي يهدد ذهاب الصحراء .
للأسف محمد السادس ورث الملك ، لكنه لم يرث الحكم الذي سلمه لأصدقائه المسؤولين الرئيسيين عن كل ما يجري بالصحراء وبالمغرب .
لقد ذبحوا على قاعة الطريق ، كل الاحرار والشرفاء السدج ، الذين انطلت عليهم مقولة العهد الجديد / القديم ، وعندما تمكّنوا انقلبوا ، واضحوا اكثر بطشا وعدوانية من ادريس البصري الذي تتلمذوا على يديه ، وعلى أ يدي اطره بديوان الوزير ، وبمديرية الشؤون العامة والولاة بوزارة الداخلية .
انني اتهم ، وبالحجة والدليل .. والقادم سيكون صادما ، بل سيكون اصدم .

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات