|
في المغرب هناك فقط الملك
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6498 - 2020 / 2 / 24 - 01:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نقاش سياسي تناقلت مختلف المواقع الإلكترونية والإعلامية ، بمناسبة زيارة الملك مؤخرا الى مدينة أگدير ، خبرا مفاده ان الملك اعطى أوامره بشكل مستعجل ، بتوقيف العديد من المشاريع التي في طور الإنجاز ولم تكتمل ، وبهدم بعضها ، وتجميد مشاريع أخرى بالمنطقة السياحية " تغزوت بايْ " ، بعد اكتشافه ان العديد من التصاميم التي وضعت امامه في سنة 2011 ، تخالف ما تم إنجازه ، والعديد منها مُسيء للمشروع الذي اريد منه ان يجعل من مدينة اگدير ، قبلة سياحية ساحلية منافسة لإسبانية ، وتونس . ما قام به الملك ، أطلقوا عليه اسم " الزلزال " الذي من المفروض إنْ كان حقاً زلزالاً ، ولم يكن صراعا على المال والعقار ، ألاّ يقتصر فقط على ما امر به ، بل يجب ان تكون هناك متابعات قضائية ، لتحديد المسؤوليات ، واخضاع الجميع لسلطة القانون ، لان ما امر به الملك ، هو اعتراف بوجود غش ، باختلاسات ، بتحويل للمشاريع ، بتضخيم الفاتورات ... لخ لقد شمل امر الملك المشاريع التالية : 1 ) توقيف مشروع مجموعة Sud Partners الذي تعد Akwa Group من اهم شركائها ، وهي مملوكة للمفروض انه صديق الملك المفضل عزيز اخنوش ، وزير الفلاحة ، ورئيس حزب وزارة الداخلية " التجمع الوطني للأحرار " . مشروع اخنوش كان عبارة عن 52 فيلا فخمة ، ومن الطراز الرفيع ، كانت مطروحة للبيع بما يزيد عن مليار و400 سنتيم لكل فيلا . 2 ) مشروع صندوق الإيداع والتدبير Cdg Developpment . 3 ) الصندوق المغربي للتنمية السياحية . 4 ) الشركة المغربية للهندسة السياحية . كما جرى هدم العديد من الفيلات المملوكة لعزيز اخنوش . يلاحظ ان كل المواقع تفاعلت مع الاجراء الملكي ، ليس بدافع الالتزام بالقانون ، والالتزام بدفتر التحملات ، بل فقط بسبب نكاية وتشفي في حق عزيز اخنوش الذي يكرهه الجميع ، بسبب اغتناءه الغير المشروع (استحوذ على 117 مليار من عائدات المحروقات ) ، وبحماية صديقه الملك ، او باستغلال صداقته للملك للتصرف في المغرب كغابة ادغال . فمن هي الجهة ، ام الأشخاص ، ام الشخص التي يخيفها صعود نجم عزيز اخنوش المُنفلت من جميع الفَرْملات ، والقافز بنجاح ، وبسرعة جد عالية على جميع الحواجز ؟ ومن كان يرى في هذا الصعود الصاروخي ، القفزة النوعية ، تهديدا له كمقرب رقم واحد ، و تهديدا لمصالحه الخاصة ،سيما وانه يعرف نوع العلاقة التي كانت تجمع اخنوش كتلميذ نجيب وجبان ، بوزير الداخلية السابق ادريس البصري ؟ الى هنا واضح انّ ما حصل ، يتعلق بالردع ، وبالفرملة ، ويتعلق بالتزام الحدود المرسومة ، وبالخطوط الحمراء التي تجاوزها اخنوش ، هادفا الى امتلاك ثقة الملك ، حتى يسهل عليه دوْس كل المنافسين ، والمراقبين ، والمتتبعين ، والاقرب اقربين ، وهي نفس الخطة الماكرة حاول نهجها الوزير المنتدب في الداخلية السابق المدعو الشرقي ضريس ، لكنها انقلبت عليه ، عندما فطن عرابه الذي رقاه ، وجعل منه اسماً بعد ان كان مجرد نكرة ، بغدره ، وبمقالبه ، وبنفاقه . فمن هي الجهة التي تعمل جاهدة ، على مواصلة ، واستمرار الإمساك بالملك ، حتى يبقى صوتها مسموعا ، واجرامها مقبولا ، ومستساغا ؟ رغم أهمية ما جرى ، لأنه يوضح وجود صراع بين المقربين للملك من الحاشية الضيقة ، وبين المقربين له على وزن قرابة اخنوش ، فان هذا ليس هو المهم ، لأنه يدخل في باب صراع البلاط ، لاستمرار التمتع بالحظوة ، والجاه ، والمال ، والثروة ، والنفود ، والحكم . لكن المهم والخطير جدا ، يكمن في تحديد الإجراءات التي قام بها الملك ، أي هل ما قام به الملك من إجراءات ، مطابق للقانون ، ويخضع للمشروعية ؟ وبكيفية أخرى ، هل المغرب دولة شخص الذي هو الملك ، ام انه دولة مؤسسات ؟ انّ ما امر به الملك ، كان عبارة عن تصرف شخصي ، يستمد قوته من دستوره ، دستور الملك الذي يركز كل السلط ، بل يركز الحكم في شخصه ، ويعتبر ما يسمى ب ( المؤسسات ) ، مجرد مسلكيات صورية ، يستعملها الملك كيف ما أراد ، وحسب الحاجة ، والظروف المفروضة ، والطارئة . فإذا كُنّا إزاء دولة المؤسسات ، وليس إزاء دولة الشخص ، فالمفروض ان يكون الاجراء الذي امر به الملك ، بناء على شكاية ، او وشاية كيدية من شخص نافد ، قد صدر عن المؤسسات ، من سلطة إدارية ، وسلطة قضائية . لكن ان كنّا إزاء دولة الشخص ، وليس إزاء دولة المؤسسات ، فأكيد انّ ما امر به الملك ، هو دليل وتأكيد على ان النظام السياسي المغربي ، هو نظام لا علاقة له بالديمقراطية ، بل هو كنظام بتريمونيالي / كمبرادوري / اوليغارشي / فيودالي / بتريركي أبوي / اثوقراطي / ثيوقراطي / قروسطوي ... ، هو نظام يتعارض مع الديمقراطية التي يستعملها في خطاباته المتنوعة ، كطلاء لا صباغ الواجهة امام العالم الحر الديمقراطي الذي يبني نظام حكمه على مبدأ الفصل بين السلط ، فطبعا هنا هناك فرق بين نظام المؤسسات الدستورية الديمقراطية ، وبين نظام الشخص الوحيد الأوحد الذي يتصرف حسب المزاج ، وحسب الظروف النفسية ، حين يكون قلقا ، وحين يكون فرحا . وان نحنْ ادخلنا ما قام به الملك من إجراءات الهدم ، والتوقيف ، وتعطيل المشاريع ، في نظام الإمامة ، والرعية ، والإمارة ، فان تصرف الملك كإمام ، وراعي ، وامير ، يحيلنا على نظام الخلافة التي تجهل بالمطلق نظام الدولة ، وتركز كل نظام الحكم في يد الأمير ، كسلطة دكتاتورية فاشية ، تستعمل القرآن والدين ، في الاجهاز على الناس ، وفي الاعتداء عليهم ، حتى تستفرد لوحدها بالحكم ، والثروة ، والجاه ، والنفود ، وحتى بالسيف للرؤوس التي أينعت ، وحان وقت قطفها ( الحصاد ) . والسؤال هنا بالنسبة للملك الذي يحرص دائما على اظهار نظامه ، او أسلوب حكمه ، بانه ديمقراطي : كيف يسوغ ان يبني الملك قراراه على وشاية قد تكون كيدية من جهة ، او من صديق ، أو مستشار مقرب .... لخ ، يريد ردع اندفاع اخنوش المُتهور ، حتى يستمر لوحده ماسكا بتلابيب الملك ، ومنها التحكم في مصير المغاربة ، ومصير المغرب ؟ اليس موضوع الصراع هنا هو من اجل امتلاك السلطة ، وبسبب المال ، والعقار ، التي فضحها كتاب أوربيون ، وفضحها ( ويكيليس ) في نشراته ؟ لماذا لم تقم بالإجراء الذي قام به الملك ، السلطات المختصة من إدارة ، كالمفتشية العامة لوزارة الداخلية ، او المفتشية العامة للمالية ، او المجلس الأعلى للحسابات ، التي ترفع تقاريرها للسلطة القضائية ، التي هي وحدها تكون صاحبة الاختصاص في تقرير الهدم من عدمه ، كما تقرر تعطيل ، او توقيف الاشغال من عدمها ؟ واذا كان الملك يتصرف بهذا التصرف العشوائي الذي لا علاقة له اطلاقا بالديمقراطية ، وبدولة المؤسسات ، ويبني تصرفاته على الانفعالية والعشوائية ، وأنا ربكم الأعلى ، ولو طارت معزة ، فمن الاحسن له ان يزيل كل المؤسسات التي هي مؤسساته ، فيحل الحكومة ، والبرلمان ، ويحتفظ فقط بالمسلك القضائي للنظر في القضايا العامة ، التي يدخل بسببها السجون أبناء الفقراء ، كما كان عليه الحال أيام الخلافة الإسلامية . ان ما قام به الملك عندما اصدر امره لهدم فيلات ، وتعطيل ، وتوقيف اشغال اوراش ، بدعوى مخالفتها لدفتر التحملات ، هو دليل ناطق بدكتاتورية النظام الذي يجسد الدولة في شخص الملك ، ويجسد شخص الملك في الدولة ، انا الدولة / الدولة انا ، وهو دليل ساطع على ان النظام السياسي المغربي ، هو دولة شخص ، وليس دولة مؤسسات ، كما انه يجد التبرير للتوتاليتارية المتحكمة ، في نظام الخلافة التي كان يحكم فيها الخليفة الشخص ، دون المؤسسات التي لم تكن معروفة بعد . وهنا ولتجسيد السلطة الجبرية ، القهرية باسم الدين ، فان الملك يحرص دائما على اعتبار نفسه سبط الرسول الكريم ، ونظامه استمرار لنظام الخلافة الإسلامي الذي كان يحكمه شخص ( الخليفة ) ، وليس المؤسسات التي لم تكن موجودة أصلا ، مثلما هو الحال عندنا اليوم في المغرب ، حيث الدولة هي دولة الشخص ، وليست دولة مؤسسات . لذا فان اية دعوة للمشاركة في الانتخابات التي تقف وراءها أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي ، وفي غياب الدستور الديمقراطي الحقيقي ، هي دعوة لتجديد ، واستمرار نظام الملكية المطلقة ، التي تختزل كل الدولة بيد شخص الملك ، ومحيطه الضيق . ان هذه الحقيقية التي تعبر عن نوع النظام السياسي المغربي ، والتي يدركها كل الغربيون ، وتدركها كل الدول الديمقراطية ، تجعل من النظام السياسي المغربي ، نظاما فريدا من نوعه في العالم ، رغم مساحيق التجميل ، وطلاء الصباغة لتزيين الواجهة الناطقة بما فيها . فما يجري في عيد العرش من مراسيم قروسطوية اثناء تأذية البيعة ، وما يجري من مراسيم قروسطوية عند افتتاح رئيس الدولة للدورة التشريعية البرلمانية في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر ، كإمام ، وامير ، وراعي كبير ، وليس كملك ، بحيث يرقى خطابه بالبرلمان الى شيء مقدس ، لا تتبعه اية مناقشة برلمانية ... لخ ، هو ما يسمح للملك بالتصرف كشخص ، و ليس التصرف كمؤسسات ، خاصة وان تصرفه يكون مبينا على الحس ، او العاطفة ، او الانتقام ، او المزاج الغالب في كل خرجاته التي يورطه فيها اقرب المقربين اليه ، لان من خلال هذه الخرجات التي تتظاهر كذبا بالدفاع عن الملك ، يحصنون قواعدهم ، ويتمادون في الاستفادة من امتيازات القرب من الملك ، وهنا تأتي عملية تقريص أذْنُ عزيز اخنوش الذي حاول تجاوز الحواجز التي عثر فيها المدعو الشرقي ضريس ، لمّا كان وزيرا منتدبا في وزارة الداخلية . ان ما قام به الملك من اجراء كشخص ، كان هو الإدارة ، وهو القضاء ،عندما امر بالهدم ، وبتعطيل الاشغال ، والاوراش ، بدعوى اخلالها بما هو مسجل في دفتر التحملات ، يبطل ثقة الملاحظين ، والممارسين للشأن العام ب ( الديمقراطية ) المُفترى عليها ، كما يبطل الثقة بصفة عامة في ما يسمى ب ( المؤسسات الدستورية ) ، التي تبقى مجرد اهرام في ملك الملك ، لان الحكومة حكومته ، والقضاء قضائه ، وهو المشرع الأول بواسطة الخطابات العصية عن المناقشة ، وبواسطة الظهار الملكية التي تسمو فوق كل القوانين والتشريعات بمملكة الملك . ان تقْريص أذني عزيز اخنوش بهذه الكيفية التي بلغت حد الهدم ، وضياع ملايين الدراهم التي تبخرت في الهواء ، والتزام أخنوش الصمت ، بدفن رأسه في الرمل حتى تصحيح عنتريته الفارغة ، بل وتمسكنه المذل ، هو رسالة من الصدر الأعظم الذي لا يشق له غبار في عالم المكائد والدسائس ، لكل من سولت له نفسه تجاوزه الى السدة العالية بالله التي لا يشق لها غبار في عالم المال والعقار .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمهورية الصحراوية ستحضر كدولة ذات سيادة اللقاء القادم بين
...
-
هل اصبح وجود الجمهورية الصحراوية واقعا مريرا صعب الابتلاع ،
...
-
هل سيقبل النظام المغربي بتعيين السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك ،
...
-
قصيدة / اضطهاد
-
لماذا يلوم العرب دونالد ترامب على صفقة القرن ؟
-
ناصر بوريطة برتبة مُتصهْينْ صُغيّرْ
-
الوقفات الاحتجاجية
-
اعتراف امريكا بمغربية الصحراء ، مقابل تطبيع النظام المغربي ا
...
-
هل يخضع نزاع الصحراء الغربية لصفقة قرن فرنسية .
-
الظواهر
-
الدكتور هشام بن عبدالله العلوي
-
صفقة القرن
-
المحكمة الإيطالية
-
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
-
هل النظام المغربي معزول ؟
-
جريمة / Crime
-
المجتمع الاسباني والعنصرية / La société espagnole et le raci
...
-
سنة وثلاثين سنة مرت على انتفاضة يناير 1984
المزيد.....
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|