مشكلة الأستاذ .. أستاذ ونص !!

عبد الحميد العماري

الحوار المتمدن-العدد: 6497 - 2020 / 2 / 23 - 01:06
المحور: كتابات ساخرة
    

منتصف العام 1990 كانت لنا جلسة حوارية مع عدد من الأصدقاء ، وكعادتنا .. نتجاذب أطراف الحديث عن مختلف القضايا ، وأقر بأننا لم نتوافق في الرؤى والأفكار في أي من جلساتنا ، وكانت تصل الى أقصى ذروتها في بعض الأحيان تنتهي بعشاء مشترك في مطعم للمشاوي في قطاع رقم 1 في مدينة الثورة سابقا ، أو فلافل عند مطعم أبو قاسم في قطاع رقم 4 على أقل تقدير حلا لعدم توافق الآراء .
الجلسة التي أشرت لها كانت تتعلق بالشخصية العراقية وتعاطيها مع المظاهر، وأوردنا مثلا أن الكثير من العراقيين يطلق على من يرتدي بدلة ( قاط ورباط ) مصطلح ( أستاذ ) بغض النظر عن معرفة ما إذا كان هذا الشخص يستحق أن نطلقه عليه أم لا ، بينما لا يحدث الأمر ذاته مع من يستحقه فعلا إذا ما إرتدى لباس آخر غير البدلة إلا في حالة المعرفة الشخصية فقط .
في تلك الجلسة كنا 5 أشخاص .. أنا وصديق آخر لنا رأي أن المظاهر هي من تحدد طبيعة الحكم على الأشخاص .. بل حتى على السلوك أحيانا ، والآخرون كان لهم رأي مخالف .. فكان أن أقدم صديقي على تجربة بهدف إثبات ما ما نعتقد به .
إتفقنا على أن يرتدي صديقنا ملابس رثّة وهو ملتح، ويذهب الى مقهى يقع في قطاع 2 في مدينة الثورة آنذاك حيث لايعرفه أحد هناك .. دخلنا قبله بدقائق .. ثم دخل صديقنا المقهى فقال ( السلام عليكم ) .. رد عليه ثلاثة فقط من أصل أكثر من 20 شخصا يجلسون في ذلك المقهى .. طلب من الصانع أن يأتي له بإستكان چاي .. رد عليه الصانع ( عمي انت عندك فلوس لو أجيبلك چاي على حسابي !) .. بعد أسبوع كررنا ذات التجربة لنفس الشخص بعد أن إرتدى بدلة حليق اللحية .. دخل الرجل الى المقهى وهو يحمل بيده حقيبة .. سلّم على الحاضرين فتلقى حزمة من ( عليكم السلام ورحمة الله أستاذنا ) !!! ثم إنهالت عليه جملة ( الله بالخير ) بالجملة وكأن الجميع على صلة بالرجل !!
هذا النهج مازال مستمرا في المجتمع العراقي حتى الآن ، وإن غالبية القنوات الفضائية العراقية مازالت تصر على إستخدامه .. بينما ينبغي أن تعرف أن الـ ( أستاذ ) هو مصطلح علمي شأنه شأن الدكتوراه والبروفيسور وغيرهما ، ولاينبغي أن يطلق على كل من هب ودب ممن تستضيفهم تلك القنوات ، لذا ياجماعة الخير .. لايمكن أن نلوم المواطن البسيط إذا ما وقع في هذا الخطأ ، لكن لاعذر لكم بأي حال من الأحوال على أعتبار أنكم الأكثر معرفة ، وأنتم الأكثر مطالبة من غيركم في تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة في المجتمع العراقي .

#عبد_الحميد_العماري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات