أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - التدمير و إعادة الإعمار














المزيد.....

التدمير و إعادة الإعمار


راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)


الحوار المتمدن-العدد: 6497 - 2020 / 2 / 22 - 02:46
المحور: الادب والفن
    


( سياسة تدمير الدول الفقيرة ثم إعادة إعمارها )

قلم #راوند_دلعو

زعماء الكوكب بقداساتهم ، جلالات ولاة أمره بمواكبهم ، ها هم يتزاحمون في مؤتمرات (البارفانات) الصحفية و التصريحات الدولية بعد أن سحبوا ( السِّيفُونات) المُرَخّمة بالياقوت و ( المُسَرْمَكَة ) بالعقيق و الجمان على قضايا الجوع و المرض و الجهل و الفقر التي تجتاح الشعوب المقهورة ، ثم خرجوا من فنادقهم الفخمة أم الخمسة نجوم و الستة نجوم و السبعة نجوم ، و بعد أن استقلُّوا سياراتهم المرصَّعة بالفيروز و (الفرزاتشي و الكريم شانتيل) إلى قاعاتهم الزبرجدية المسلحة بأجواء المكيفات التي (تشرشر) عسلاً مصفى و رحيقاً منَقَّى ، إذا بهم يتقنَّعون بالإنسانية الزائفة و التعاطُفِيّة الماكرة ، ليخبّؤوا سكاكين أنيابهم التي تفضحهم بثَعلَبِيّة البريق في لُمَعِهَا ، و حِدَّة الذئبيَّة في أنصالها ... ها هم يبتسمون بطريقة ملائكيّة و دماء أطفال الدول التي دمروها و خلقوا فيها الحروب تتقاطر من ضواحكهم ، لكن مكرهم إلههُم يتجبّر في أخيلة شفاهِهِم و ظلالها ، فإذا بهم يجرجرون خبثهم وراءهم ظِهريّاً ، و مكرهم أمامهم وَجهيّاً ، ثم ها هم و قد اشرأبُّوا يتشدقون أمام ( المايكروفونات ) :

إحم إحم " نريد أن نتفضل على هؤلاء الفقراء في دول العالم الثالث و نساعدهم في إعادة إعمار بلادهم المنكوبة من جيوبنا و رؤوس أموالنا " ... !

( تصفيق حار رنان ، يصفع بضجيج صداه جدران المكان !!!!!! )

ثم من بعيد ، إذا بصوتي الخافت يهمس في حضرة آذانهم :

{ عفواً سادتي ، من قال لكم أننا نريد منكم إعادة إعمار حجارة سوريا أو العراق أو الصومال أو أفغانستان أو اليمن أو ليبيا أو كشمير ...... !!؟

لا تريد هذه البلاد إعادة إعمار حجارتها ، بل تريد إعادة إعمار الإنسان الكوني فيها ..... !

نصيحتي لسادة المال و الأعمال ، احفظوا استثماراتكم في جيوبكم ، فما نريده في هذه الدول هو إعادة إعمار إنسانها الكوني بعيداً عن ثقافة الطائفية التي دمَّرَتها ، بعيداً عن المحمدية و المسيحية و الهندوسية ، بعيداً عن السنية و الشيعية و العلوية و الأرثوذوكسية و المارونية ... بعيداً عن (نحن ) و (هم) ، بعيداً عن ( أنا حق مقدس ) و أنت ( باطل مُدنَّس) ، بعيداً عن (أنا وطني ) و (أنت خائن ) ، بعيداً عن ( أنا عربي و أنت كردي و هو سرياني و ذاك أمازيغي و قبطي و و و ) .

كفاكم كذباً و تجارة بدماء هذه الشعوب العريقة التي اخترع لكم أساس الحضارة ، و صدّرت لكم الزراعة و بداية التمدن.

نواياكم حسنة و تريدون أن تعمرُوا ؟؟

إذن عمِّروا الإنسان الكوني في هذه البلاد ، بمقاييس كونية من تعايش و حب و سلام و تسامح و لا عنصرية و لا طائفية ، ثم دعوا هذه البلاد المنكوبة تعمِّر نفسها بنفسها على أكتاف إنسانها الجديد.

إنسانها الكَوني الذي إذا أراد أن يخرج من بيته خلع انتماءه الديني الطائفي و العرقي على عتبة باب بيته ، ثم خرج إنساناً صرفاً خالصاً بلا أي انتماء إلا للكون و الحياة و العلم.

إذا ذهب إلى شركته عامل الجميع كبشر دون أن يحابي ابن طائفته أو عرقه من حيث التوظيف و الترقية ... !

إذا اعتلى منصة القاعة في الجامعة أو المدرسة ، علَّم كل الطلاب بإخلاص بغض النظر عن ابن ساحل أم ابن داخل أم ابن جبل ....!

إذا استقبل مريضاً في عيادته طبّبه على أنه إنسان ، لا على أنه ابن طائفته أو عرقه !

أما هؤلاء الذين يدّعون إعادة إعمار حجارة هذه البلاد في هذا الوقت الزكام ، فلسان حالهم يفضحهم :

" لقد نَكَبنَا و دمرنا حجارة هذه البلاد ، لأننا نريد استثمار دمار حجارة هذه البلاد لخدمة تنمية أموالنا و ثرواتنا و مصالحنا حول العالم ".

سيداتي سادتي ، هل فكرتكم بإرسال وفد توعوي لمكافحة الطائفية و العنصرية في هذه البلاد المنكوبة بدباباتكم و طائراتكم و مخططاتكم؟؟

هل فكرتم بإغلاق المحطات المتلفزة التي تبث عبر أقماركم الصناعية خطابات الكراهية و العنصرية و الطائفية و التجييش و الدعس و المعس ؟

هل فكرتم بإنشاء ورش التربية الإنسانية لجيل الإنسان الكوني الجديد في هذه البلاد ؟

فلنبن الإنسان الكوني في الدول المنكوبة بالتفقير و التجهيل و التحريب ، ثم لنلق على عاتق هذا الإنسان بناء أفغانستان الحب و سوريا السلام و عراق الحضارة و ليبيا الاستقرار و اليمن السعيد و الصومال العظيم ... }.....

و ما إن أنهيت كلامي محاضراً بزعماء العالم حتى تمطّى القوم بلا مبالاة و هم ينظرون إلى بعضهم واجمين !

ثم قاموا و كروشهم تندلق أمامهم متخمة بالدهون الثلاثية و البروتينات الرباعية و الكربوهيدرات الخماسية و السكريات المعقدة !

لكأني برائحة تجشُّئِهم تملأ الكون قرفاً و البلاد قذارة و ترفاً.

و بعد هذه الحادثة بأعوام طويلة من التحريب و التدمير و التقسيم و التسليح و التطييف ... فرغ القوم من تدمير هذه البلاد التعيسة الحظ ، و جمعوا إلى جيوبهم أرباح التجارة بدماء أطفالها ، ثم ذهبوا إلى تدمير مجموعة أخرى من الدول كي يمارسوا عادتهم النبيلة في ( إعادة الإعمار ) .... !

#راوند_دلعو



#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية تجديدية للكتابة العروضية الخليلية _ حذف المد الاتكائي
- أسئلة على مائدة الله و الحقيقة ٥ _ معضلة الشيخ و التلم ...
- أسئلة على مائدة الله و الحقيقة ٥_ الملحدون يدخلون الجن ...
- كيف يتم توظيف اللاموضوعية في تدمير المجتمعات
- مقارنة بين أثر محمد ، و أثر من يزدري دين محمد على بلادنا.
- نصائح من مريض إلى طبيبه
- الفقر العفيف
- مزدوجة الإرهاب و النفاق
- المثيولوجيا و الأسطورة على مذبح العقل
- شعوب الحناجر و الخناجر
- تحرير الله ممن سرقوه
- الثورة الدموية و الثورة السلمية
- الفرق بين التعليم و التفهيم
- خلاف عائلي في قبيلة قريش
- وثنيّة النّص
- فطرة الله التي فطر الناس عليها
- الأثر السلبي لمناهج التفكير الدينية في سياق المعرفة البشرية
- قراءة التاريخ
- الديانة الإسلامية أم الديانة المحمدية ؟
- صباح الميم و الياء


المزيد.....




- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - التدمير و إعادة الإعمار