أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون















المزيد.....

وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 6495 - 2020 / 2 / 20 - 19:59
المحور: الادب والفن
    


، وكما انت تعال ...
عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون
سألتُهُ ضاحِكا بعد أنْ ظَهَرَتْ على مِنَصَّةِ التَّكريمِ في جامعة مؤتة ، ما بالُكَ تَلْهَثُ يا صاحبي ، أيَقصِفُكَ طيرُ الأبابيل ؟!
ما بالك واجمٌ يا أستاذ ، أعَلَى رأسِكَ طَيرٌ ؟!
إلى أينَ تَغُذ ُّالخُطى يا ناعس الطَّرفِ ، مُدبِراً صوبَ المَغيبِ ؟
فقالَ كمَنْ يبحثُ عنْ قَشَّةٍ يَتَعَلَّقُ بها : جَمالُها كما تَرى ، يفيضُ عن المسموحِ به . كلما خالَطْتُهُ أزدادُ تَوَرُّطاً بها . إنها تُشبهُ روحي كثيرا ، بِتُّ بها مكتظّاً .
قلت له دعنا ننصت لوقائع الحفل . وما ان اكتملت مراسم التكريم ، خرجنا إلى باحاتٍ مُطَرَّزَةٍ بالشجر المنسق بعناية فنان ، ومرصعة بورد شتوي ، يغمره دفء شمس الظهيرة .
وبعد دقائق من المشي البطيء ، قلت بِحيدةٍ مشبوهةٍ : لنكمل حديث القاعة ، هاتِ زَهْرَك . ما المشكلة يا صديقي ؟
قال متأفِّفاً : أقفُ أمامها عاجزاً . بُحَّ قلبيَ مِنَ التَّوَجُّعِ .
قلتُ مُتجاهِلاً ما أعرف مِنْ شأنهما : لِمَ ؟
قال وكأني لا أعرف شيئا عنهما : إنها في العُمْرِ وغيرِ العُمْر ، تجلسُ على الضفاف الأخرى من الحياة . وأنا كما تَعلَم إلى المَصبِّ أقرب . مصيبةٌ أنْ يستفيقَ لك هوىً مثيراً للجدل ، وأنتَ لا تُشاطئُ مَنْ تُحِبّ . أكمل وانا مصر على الصمت : تعمُّدا غيَّبتُها من عيْنَيَّ ، وفي القلب أبقيتُها تُقيم . رحَلتُ عنها ولمْ ترحَلْ مِني . كلُّ شيءٍ حوليَ مأجَّجاً بها ، يتأرجحُ بينَ شوقٍ لها وتوجُّسٍ مِنْها .
وأنا ما زلت صامتا ، مُحملقاً في المدى ، أكْمَلَ قائلا : في ليلةٍ ولا أبرد إرتَدَيْتُها . وتنزَّهْتُ مُطوَّلاً معَ وحدتي فيها. وقفتُ أمام زوايا كثيرةٍ منها . أخذتُها معي لله . غافَلْتُ عقليَ وداعبتُ شاشةَ الجوَّالِ ، حتى لَسَعَني نداءُ صَوْتها . أغلقتُ الجوَّالَ وألقيتُ به بعيداً . في ليلتي تلك ، ثَرثرتُ لها كثيرا ، حتى سِكَنَتْ تفاصيلُها ملامحَ صُبحي . سَمِعتُها تُمطرُ في كلِّ جِهاتي حَنيناً : أرجوكَ لا تَمرَّ بِبالي وأنا أشربُ قهوتي بعيداً عنك .
كنتُ صامتاً ، أتابعُ حَراكَ العصافيرِ أمامَنا ومِنْ حولِنا ، حينَ ناولَني ورقةً مطويةً بِعناية ، يغشاها خليطُ الجوري والياسمين . أمسَكَتْ أطرافُ أصابعي بها ، كأنَّها قارورةَ عِطرٍ . نظرتُ إليه مُتسائلا دونَ قولٍ . أدْرَكَ ما وَدِدت ألإستفسارَ عنهُ ، فقال : إنَّها رسالةٌ مِنها . وجَدتُها صباحَ هذا اليوم في صندوقِ جريدتي على باب داري . ما أن بَسطتُها ، حتى إلتقى بَصريَ بِحَرفِها له :
أعْلمُ أنَّ ألعيبَ ليسَ فيك . ولكنْ ، ألا يُخْجِلُكَ ما يُحاصِرُكَ ، من حنينٍ يَحتَلُّني لك ؟!
بِحقِّي عليكَ ، توقَّفْ عنِ الانتظار يا رجل . لِمَ كلُّ هذا ألكبرياءِ العقيم ؟! لا تُجْلِسْ رحيلَك المُلتبسَ على قَنطرةِ العِناد .
عَلَيكَ اللهفةُ ، لا شيءَ بِخيرٍ بَعدَك . لقد سدَدْتَ بواباتَ العبورِ وطرقَ المُرور . دونَك ظلامٌ مِنْ نور . يتجمَّدُ في عتْمِه كلُّ شيءٍ ، إلاَّ الشوقُ والحنينُ والعِطر .
مَرُّوا مِنْ هُنا يوماً ما . كانوا هُنا صحيحٌ . كلُّهُم سواءٌ إلا أنتَ . كلُّ شيءٍ حوليَ هوَ أنتَ . أجملُ النصوصِ أنتَ . والرجالُ مِنْ بعدِكَ حكاياتٌ مُمِلةٌ . هُمْ بقاياكَ . رحَلوا ولمْ يَهزموك . ما زالتْ بَسماتُ عينيكَ ، وبشاشةُ وجهك غيرَ ديموقراطية . يَهزمُني استبدادها . وعشوائياتُك تفتكُ بي . ويَخترقُ عُزلَتي رنينُ صداك .على يديك تشكلتُ . ونَبَتَ ليَ ريشٌ . بكَ تَشبثتُ ، دونَ أنْ يَقُضَّ مضجعيَ توقُّعٌ أو تبريرٌ أو تفسيرٌ .
إعْلَمْ أنَّك رَجُلي في كلِّ ضَواحيَ القلب . وفي لُجَجِهِ سيِّدُ الرجال . ومَنْ عَداكَ تفاصيلٌ على مَشارِفِك . بعضُهم ظِلالٌ ، وبعضهم وجعٌ ، وبعضهم خيبةٌ ، وجُلُّهُم خَيال .
إحتضنْ مشاعِرَكَ ، وكما أنت تعالْ . بِحجمِ قهقهاتِ عينيكَ تَعال . فَمِنَ الظُّلمِ أنْ تأتيَ بحجمِ توقُّعاتِ أحد . لا بأسَ إنْ تَلَفَّتتَّ حولَك . ولكن تعال أعيشُك ، ما أقربَك . تعال رتِّلْ مَعي رَسائلَنا كلَّ ليلةٍ . مخزونيَ مِنكَ لمْ يَنْضَب . ما زِلْتُ فوقَ جُدرانيَ أعْتَقِلُ بريقَ ضحكاتِك ، ونمنماتَ شفَتيكَ ، وتَمَلْمُلَ أصابِعَكَ المُشاغبة .
كاذبٌ صمتيَ ، وجاحدٌ نِسياني . موجعٌ غِيابُك . أتغيبُ بعدَ إدماني !! ما أظْلَمَكْ . لَمْ أتأقلَم في محطَّاتِ غِيابك ، لَمْ أتعوَّدَ أيَّ شيءٍ . كلَّما غَطَّني سوءُ المِزاجِ بِعُزْلَتِه ، آتيكَ لتكونَ أوَّلَ المُدَثِّرين . أنفردُ بك كلَّما وَدِدْتُ التَّحدُّثَ معَ صمتِيَ . أغْمِضُ عَينيَّ ليَتوهجُ بريقُها بِكَ ، يَشِفُّ سمعيَ كثيراً فأبتسمُ لك .
بعدَ مُنتصفِ كلِّ لَيلٍ ، يُقيمُ لكَ قلبيَ حفلةَ صَخبٍ وحُمْقٍ . حتى أغفو شهيدةً في قلبك ، بِلا أسئلةٍ ، وبِلا تبريرٍ وبِلا تَوَقع .
خارجَ السِّرْبِ أنا . وأعْلَمُ أنَّني داخلَ ألمشهدِ لستُ ألأجمل . ولكنَّي كَبِرتُ لأجلِك . تعال إجْمعْ في سِلاليَ ، كلَّ مراحلَ ما مضى من إيقاعاتِ عُمرِكَ. فأنتَ بعدَ الستَّينِ لَمْ تَكْبَر . وأنا بعد الأربعين لمْ أعُد أصْغَرْ . تعالَ ، ستجِدُني عند حوافِّ السنينَ لمْ أبارِح .
نَظرَ صاحبي إليَّ باحثاً عن مُعين . أوقَفْتُه ، أمسكتُ بكتفِه ، واتجهت به إلى السيارة ، وأنا أقولُ لهُ لائماً :
يا بَخيلَ الوصلِ ، كقَطرةِ الماءِ أنتَ . لا تدري مُبتداكَ ، ولا تتوقع مُنْتهاك . خُذْ مِنْ حَصاها أربَعاً تِلوَ أربَعٍ . وارجم أبالِسَتَك ، وشياطينَ ما قد مضى من عمُرِكَ . أنْتُما حالةُ عشقٍ خاصة ، لا يفهمها إلا مجنونٌ مثلَكُما .
إمضِ دونَ أنْ يُثقِلَ كاهلُكَ عبءُ الناس ، وعَدَّادُ السنين . ألحُبُّ مَلعبُكَ ومَرتَعُكَ . قَيْسُكَ شابٌّ ، ما زال شاباً كَلَيْلاكَ . إهدِمْ بِجُرأةٍ ذاكَ الجِدارَ الوَهْمي ، الذي يُلبِسُكَ قالَبَ الكمالِ المُزَيَّفِ . وبَدِّل مخاوفَك بأملٍ قادمٍ مِنْ عينيها . ولْيَتَوقَّفَ بعدَها الزمَنْ .
وحَقِّ لَياليهِ العَشْر ، لو أن المُشتاقَ يُؤجَر ، لكُنْتُما أكثرَ خلقِ اللهِ أجراً . فالحبُّ العاريَ مِنْ أنفاسِ الشوقِ ، طَحابيشٌ كفيفةٌ ، تمشي بِلا عصاً يا صديقي .
الأردن – 20/2/2020



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبْحَثْ عنِ امرأة عشوائيات في الحب - العشوائية 19
- حكاية بِرٍّ
- وحْدَها تَعْرِفُ ... ! عشوائيات في الحب – العشوائية 17
- إنها صَفعةُ القرن ، يا أمة تضحك من جهلها الأمم
- نَحْلُ الحب وذُبابه عشوائيات في الحب - العشوائية 17
- لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها يا امة تضحك من جهلها كل ا ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون