|
هل سيقبل النظام المغربي بتعيين السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك ، مبعوثا خاصا للامين العام للامم المتحدة في ملف نزاع الصحراء الغربية ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 15 - 17:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تروج اخبار مؤكدة ، لأنه لا دخان بدون نار ، ولم ينفيها احد ، حول اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة ، تعيين ممثل خاصا عنه في ملف نزاع الصحراء الغربية ، هو السلوفاكي ميرسلاف لايتشاك . جميع المواقع التابعة لجبهة البوليساريو ، والمواقع المقربة منها ، هللت لاقتراح التعيين ، وبعضها استبق الحدث ، عندما اعتبر مقترح التعيين ، انتصارا لقضية الشعب الصحراوي ، وتنبؤا بان المسار المرسوم ، لن يزيغ عن المسارات السابقة التي بقت هي نفسها ، رغم تغيير شخصية المبعوث الشخصي ، لأسباب تعود الى احد اطراف النزاع . بخلاف المواقع الناطقة ، و المقربة من جبهة البوليساريو ، التزم النظام المغربي الصمت ، ولم يفصح عن موقفه في مقترح التعيين ، واكيد انه بصدد الالمام بالمقترح ، ودراسته من جميع الجوانب ، مع التركيز على الجوهر الذي هو شخص ميروسلاف لايتشاك ، مع الاخذ بعين الاعتبار ، حتى بالشكل الذي قد يفيد في اظهار بعض التصرفات ، كخرجات ميروسلاف ، ومواقفه من قضايا سابقة مماثلة . فإذا لم يعترض احد اطراف النزاع عن مقترح التعيين خلال أسابيع ، يكون المبعوث الجديد للأمين العام للأمم المتحدة ، قد اصبح الممثل الثامن للأمين العام في ملف نزاع الصحراء الغربية . والسؤال : هل سينجح ميروسلافا لايتشاك ، فيما فشل فيه جميع المبعوثين السابقين للأمين العام ، وهل سينجح في إتمام ما قام به المبعوث السابق السيد هانس كهلر، الذي توفّق في جمع اطراف النزاع ، وبما فيهم موريتانيا ، والجزائر على مائدة الحوار بجنيف ، رغم فشل كل تلك اللقاءات ، بسبب تباعد مواقف اطراف النزاع ، وبسبب ضغوط كل من فرنسا ، والولايات المتحدة الأمريكية ، الامر الذي دفع به الى الاستقالة ، بسبب ادراكه بحقيقة جوهر النزاع ، الذي يفوق طاقات أي مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة . ان هذا التساؤل ، يعيدنا الى طرح السؤال : لماذا فشل جميع المبعوثين الشخصيين للأمين العام ، في ملف نزاع الصحراء الغربية ؟ بل ، هل اصبح منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، في ملف نزاع الصحراء ، لعنة تسلط على كل مبعوث جديد يختاره الأمين العام للمساعدة ، في حل الملف العالق منذ اكثر من خمسة وأربعين سنة مضت . وبالرجوع الى تعيين اول مبعوث للأمين العام ( خافيير بيريز دكويلار )، وكان هو السيد جوهانس مانس في سنة 1990 ، سنجد ان مدة انتدابه لم تتجاوز سبعة اشهر ، ليستقيل بعدها ، بعد ان ادرك صعوبة الحل الاممي ، لملف مفاتيحه متحكم فيها من قبل الولايات المتحدة الامريكية . المبعوث الثاني السيد صاحب زادة يعقوب خان ( بطرس غالي ) ، لم تتعد مدة مهمته السنتين ، في حين نجد انّ مدة انتداب السيد هانس كهلر ( أنطونيو غيتيريس ) ، لم تتعد سبعة اشهر ، وليستقيل بسبب ادراكه لطبيعة النزاع ، الذي تتلاعب به الدول الكبرى صاحبة حق الفيتو بمجلس الامن . ورغم ان مدة انتداب السيد جميس بيكر ( كوفي عنان ) قاربت الخمس سنوات ، ورغم ان مدة انتداب كريستوفر رووس ( بان كيمون ) أشرفت على الثماني سنوات ، فان مهمتهما مثل باقي المبعوثين ( سبعة مبعوثين ) كانت الفشل ، وكانت الانسحاب لفتح الباب امام تعيين مبعوث جديد للأمين العام للأمم المتحدة . الآن كل الاخبار تتحدث عن اقتراح السيد أنطونيو غيتريس ، للسلوفاكي ميروسلاف لايتشاكا ، لمنصب اممي ، كمبعوث شخصي له ، في ملف نزاع الصحراء الغربية . فهل سينجح المبعوث المقترح ، في ما فشل فيه جميع المبعوثين السابقين ؟ أولا ، إذا اخذنا السياق الخاص الذي جاء فيه هذا التعيين ، وبالسرعة الغير منتظرة ، فان التعيين جاء بسبب ضغوط مارسها العديد من رؤساء الدول الافريقية ، خلال القمة الثالثة والثلاثين الافريقية باديس ابابا ، وعلى راسها جنوب افريقيا ، والجزائر . كما سنلاحظ ان التعيين جاء بطلب ملح من قبل إبراهيم غالي ، الذي اجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة باديس اباب ، مع تحميل الأمم المتحدة كامل المسؤولية ، عن أي خرق قد يؤدي الى اندلاع النزاع المسلح من جديد . وعندما نزاوج بين سياسة الأمين العام السيد أنطونيو غتيرس ، الميّالة دائما الى مناصرة حلول الانفصال ، بدعوى التمسك بالشرعية الدولية ، وخاصة وانه كان على رأس المندوبية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة لسنوات ، وتعاطفه الواضح مع اطروحات الجزائر / جبهة البوليساريو ...... ، مع المهام التي مر منها ، وبها المبعوث السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك ، الذي سبق وانْ كان رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة ، برلمان الشعوب الذي مواقفه ، وقراراته اكثر تطرفا ، من مواقف وقرارات مجلس الامن ، التي يتخذها في اطار الفصل السادس من الميثاق . وعندما يكون السلوفاكي ميروسلاف الاشتراكي النزعة ، قد لعب الدور الأساسي في تنظيم استفتاء انفصال الجبل الأسود التي اجراها الاتحاد الأوربي ، ثم بعدها يعين ممثلا خاصا للتكتل الأوربي في البوسنة . وعندما نجد فرقة العمل المشتركة للأمم المتحدة ، والاتحاد الافريقي المعنية بالسلام والامن ، يصدران بيانا يؤكدان فيه على ضرورة تطبيق الشرعية الدولية في حل نزاع الصحراء الغربية ..... فأكيد ان المبعوث الجديد المقترح ، لن يختلف في شيء عمّا سبقه من المبعوثين الشخصيين للأمين العام ، خاصة المبعوث جميس بيكر ، وكريستوفر رووس ، وهانس كلهر ، وإيريك جينسن ...لخ . فباستثناء الهولندي بيتير فالسوم ( كوفي عنان ) الذي كان واقعيا ، حين قال في نهاية مهمته " ان خيار الاستقلال الذي تطالب به جبهة البوليساريو غير واقعي " ، فان جميع المبعوثين السابقين كانوا ميّالين لجهة الجزائر ، وجبهة البوليساريو . إذا كان السيد هانس كهلر ، قد نجح لأول مرة في جمع كل اطراف النزاع ، وبما فيهم الجزائر التي حملها مسؤولية النزاع ، وموريتانيا ، فان استقالته بسبب العراقيل التي نصبت له من الولايات المتحدة الامريكية ، وفرنسا ، كانت اعلانا مدويا بالفشل . وهنا ماذا اذا لم يعترض احد اطراف النزاع على اقتراح تعيين ميروسلاف لايتشاك ، واصبح المبعوث الثامن للأمين العام للأمم المتحدة ، ونجح مثل سابقه هانس كهلر في جمع كل اطراف النزاع باي مكان في العالم ، لكن اكيد ان الفشل سيكون حليف كل خرجاته ، بسبب تمسك كل اطراف النزاع بمواقفهما المختلفة ، وبكون النزاع تتحكم فيه الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا ، امّا استعمال الأمم المتحدة ، فهو مجرد دريعة لجرجرة النزاع أطول مدة ، ما دام ان وقت نضجه لم يحن بعد . وما دام ان الصراع يجري دبلوماسيا ، وفي مجزرة الأمم المتحدة التي تم فيها ذبح كل القضايا العادلة للشعوب ، فان موافقة النظام المغربي على اقتراح التعيين المقدم من قبل أنطونيو غيتريس ، يعني تكرار حالة كرستوفر رووس ، وحالة جميس بيكر ، وهانس كهلر ، وجوهانس مانس ، وإريك جينسن ... لخ ، أي تكرار الفشل لأي مفاوضات حتى قبل ان تقع . وما دام انّ الانحياز لأطروحة الجزائر ، وحلفاءها في الاتحاد الافريقي ، والرضوخ لمطالب إبراهيم غالي باديس ابابا ، بالإسراع بتعيين مبعوثا شخصيا جديدا للأمين العام للأمم المتحدة ، آخذا في سرعة قرار التعيين ، الضغوطات المفروضة ، والتي تجاوب معها بسرعة غير منتظرة السيد أنطونيو غيتريس ، دون استشارة الطرف المغربي المعني الرئيسي باي اجراء ، وباي حل يُفرض بالمنطقة ، فان من واجب النظام المغربي الاعتراض على شخص ميروسلاف لايتشاكا ، بدعوى مؤشرات الانحياز الواضحة ، وبدعوى انّ قرار الأمين العام باقتراح السلوفاكي ميروسلاف ، لم يكن قرارا مستقلا ولا سليما ، بل كان قرارا تحت الضغط ، وقرار محاباة لا طراف لها مواقف معادية لأطروحة مغربية الصحراء . ان رفض النظام المغربي لاقتراح التعيين ، سيتفادى الفشل الذي أصاب كل خرجات المبعوثين السابقين ، كما سينجح بوضع قاطرة الصراع في سكتها الحقيقية ، وبما ان الجميع مكبل باتفاق 1991 ، الذي يرتب حقوقا وواجبات على موقعيه ، فأن أي خرق للاتفاق ، سيرتب مسؤولية جنائية ودولية على مخترقه ، ومن ثم ، فهناك ضمانات أساسية تجعل شرعية السيطرة على الأرض ، اقوى من الشرعية القانونية التي تحمل في طياتها استحالة التطبيق . فما دام انّ النزاع مرشح للتطور حسب ميزان القوة في الساحة ، شرعية الأرض في مواجهة الشرعية القانونية القابلة للتغيير ، فان التمسك بخيار الأمم المتحدة ، ينبغي ان يكون لإطالة أي حل لا لتقريبه ، اذا كان سيكون كارثة على وحدة المغرب ارضا وشعبا . لذا فان التعامل مع الأمم المتحدة ، ينبغي ان يكون تكتيكيا ، لا استراتيجيا ، والاّ فان رمي كل البيض بيد الأمم المتحدة ، وفقط التمسك بقراراتها المتناقضة ، يعني ان النظام المغربي يكون قد تخلى نهائيا عن حل الحكم الذاتي ، ويكون بذلك قد قرب الحسم بما سيضر بالوحدة العامة للمغرب . ان رفض اقتراح ترشيح السلوفاكي ميروسلاف لايتشكا ، الذي سيكون نسخة لسابقيه المناوئين لأطروحة مغربية الصحراء ، سيكون قرارا حكيما ، لأنه سيوظف عامل الزمن في جرجرة الملف الى حين التأكد من حتمية حسمه . هناك جملة معطيات تخدم الحفاظ على أطروحة الصحراء المغربية : 1 ) شرعية الأرض . والمغرب يسيطر على الأرض ، وشريعة الأرض اقوى من الشرعية القانونية ، التي تحمل في جوهرها استحالة تطبيقها . 2 ) الدفاع الذاتي ، وهنا نستحضر الجدار الحِصْن ، ونستحضر ملايين الألغام المزروعة خارج الجدار . 3 ) المواقف المتناقضة لدول الفيتو داخل مجلس الامن بخصوص نزاع الصحراء الغربية . 4 ) اتفاق 1991 المكبل للجميع . 5 ) افراغ جبهة البوليساريو منذ تسعة وعشرين سنة من شعارات الكفاح المسلح ، ومرور أجيال لم يعد لها نفس حماس صقور الجبهة عند اندلاع الحرب في سنة 1975 . 6 ) الجيش المغربي اليوم من حيث التسليح ، والجنود ، وضباط الصف ، والضباط ، ليس هو نفس الجيش في سنة 1975 . 7 ) تحول جبهة البوليساريو الى منظمة سياسية تستهويها نضالات الصور الفتوغرافية والسلفي ، في لقاءات الاتحادات الدولية ، بحيث طلقت الكفاح المسلح الذي اصبح متجاوزا ، بل عديما ، وعوضته بالصراع الدبلوماسي الرّاشي في المحافل الدولية . 8 ) انتظار ما سينتهي اليه حراك الشعب الجزائري الذي لا يزال متواصلا ، وكل المؤشرات تفيد ان الحراك لن يتوقف ، الاّ بعد بناء الجمهورية الجزائرية الجديدة ، التي لن يكون لها أي اثر مع نزاع الصحراء المفترض . يجب رفض اقتراح تعيين السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك لمنصب المبعوث الشخص للأمين العام للأمم المتحدة ، لأنه سيكون نسخة لسابقيه أمثال : جوهانس مانس ، إيريك جينسن ، جميس بيكر ، كرستوفر رووس ، هانس كهلر .... وتعيين مثل هذا الشخص سيكون مضرا بأطروحة مغربية الصحراء ، ولن ينتج عن تعيينه غير الفشل .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة / اضطهاد
-
لماذا يلوم العرب دونالد ترامب على صفقة القرن ؟
-
ناصر بوريطة برتبة مُتصهْينْ صُغيّرْ
-
الوقفات الاحتجاجية
-
اعتراف امريكا بمغربية الصحراء ، مقابل تطبيع النظام المغربي ا
...
-
هل يخضع نزاع الصحراء الغربية لصفقة قرن فرنسية .
-
الظواهر
-
الدكتور هشام بن عبدالله العلوي
-
صفقة القرن
-
المحكمة الإيطالية
-
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
-
هل النظام المغربي معزول ؟
-
جريمة / Crime
-
المجتمع الاسباني والعنصرية / La société espagnole et le raci
...
-
سنة وثلاثين سنة مرت على انتفاضة يناير 1984
-
قطر / اسرائيل ضالعتان في اغتيال الجنرال قاسم سليمان
-
كلمة أمازيغ
-
نفس المسرح // Le même théâtre
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|