أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم القطبي - -الفن و المقدس، نحو إنتماء جمالي إلى العالم- كإمكانية جديدة -لإعادة إختراع الواقع-















المزيد.....

-الفن و المقدس، نحو إنتماء جمالي إلى العالم- كإمكانية جديدة -لإعادة إختراع الواقع-


مريم القطبي

الحوار المتمدن-العدد: 6488 - 2020 / 2 / 10 - 00:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مريم القطبي (*)

"قافلة الماضي لن تصل بك إلى أي مكان". مكسيم غوركي

بمقر جمعية الدراسات الفكرية و الإجتماعية بتونس "مؤمنون بلا حدود" بتاريخ 5 فيفري 2020، قدمت الفيلسوفة و الباحثة في الفلسفة المعاصرة بالجامعة التونسية أم الزين بنشيخة المسكيني مشروعها الفلسفي الجديد الذي وَسَمَتْهُ بـ"الفن و المقدس ، نحو انتماء جمالي إلى العالم".

و قد مثّل هذا المولود الفلسفي الخيط الفكري الناظم لكل أعمال الفيلسوفة في مجال "الجماليات" ، نذكر منها : "الفن يخرج عن طوره" (2011) ، "تحرير المحسوس"(2014) ، "الفن في زمن الارهاب" (2016)...

إنّ الطّريف في هذا الكتاب هو التّآلف الذي أحدثته أم الزين بنشيخة مابين "الفن" و "المقدس" ..
فنتساءل إذن : أي علاقة ممكنة بينهما ؟ و هل بوسع الفن أن يحتضن المقدس و يغيّر من عناوينه ؟ و لماذا التّغيير في عنوان المقدس ؟ ألأنه يتم استغلاله لممارسة ضروب مريعة من الإستيلاء على ذاكرتنا أم لأن الله اليوم قد خُطِفَ من طرف الارهابيين ؟ و لماذا الانتماء الجمالي إلى العالم ؟ ألئنّ عالمنا فقد كلّ ألوانه البهيجة و صار يَسْدُل عليه اللون الرمادي للإشارة إلى فضاعته ؟ و أن نتحدّث عن الانتماءات ألا يعني ذلك وجود طرق انتماءات مختلفة في هذا العالم ؟ و حديثنا عن العالم ألا يعني أنه ثمة عديد العوالم أو أنه ليس ثمّة عالم أبدا ، فيكون إلتحام الفن بالمقدس نوع من اختراع عالم ممكن العيش فيه؟

إنّ شكل الانتماء الذي تقترحه علينا الفيلسوفة ام الزين بنشيخة هو انتماء "جماليٌ" ، "ايجابيّ" أساسا ..
لأنه قادر على أن يَعْبُر بنا هذا القحط المريع للعالم نحو اكتشاف سردية أخرى تكون بهيجة وبديلة في الآن ذاته عن سردية الماضي الأليم .. فنحن حسب قول الفيلسوفة "نريد إسلام سياسي بهيج، لا أن يكون نكديّا"، طامسا لامكانات الفرح".

مالمهم حسب المفكرّة هو أن نخترع معا ذاكرة حرة ، ضد الذاكرة الجاهزة التي يستولي عليها المشعوذون ..
فالترحال عن هذا العالم من وجهة نظرها يكون في شكل جموع أساسا.. حتى نتعانق والسعادة التي ستصير جزءا من المقدس أو هي كلّ مقدس ، في ضرب من "مقدس من نمط جمالي" حسب عبارة رشيقة لأم الزين بنشيخة.
و هذا الترحال لا يكون الا بتوقيع مختلف عن التوقيع السيء لموت الاه في الحضارة العربية ..

يبدو في هذا الخصوص أنه ثمة تشابه ما بين كتب نيتشه التي توقّع موت الاه المسيحي في الحضارة الغربية و كتابنا هذا لاّم الزين بنشيخة .. فكلاهما يخترعان انماط مغايرة من الانتماء إلى هذا العالم، للتصالح مع الحياة ..

إنّ الرهان من دمج المقدّس بالفن هو أن يصاحبنا في عالم العنف القائم على الحقد والكراهية وعدم الاعتراف بالآخر ..
فيعيش المقدس اذن تحت أنامل الفيلسوفة ضربا من التجديد الجذري في دلالته .. فنجده "يستعيد شبابه" ..
حيث أن هذا الكتاب يوقّع نهاية الدين في معناه التقليدي و يفكّر في نوع مغاير من المقدّس ..
من خلال التقسيم ما بين " المقدس الديني" و المقدس الغير ديني" ..
و الذي يهمنا في هذا الأفق هو "مقدس مابعد ديني"؛ أي الذي يوجد"خارج حدود الدين" ، "جمالي" ، "علماني" ، "مقدس للحياة اليومية" ...
و ذلك لأن المقدس الديني المنحصر في المعنى التقليدي، والمرتبط بالقرابين والذبيحة و الطقوس ومعارك الماضي لم يعد يسعفنا اليوم ..
ثمّة ضرب من سيلان الزمن.. الذي أحدث معه تغيّرا مريعا في طرق تفكيرنا.. و ظهور مشاكل من نوع مغاير هي معارك الهويات، و "صدام الحضارات"..
نحن اليوم نعيش وقع الحداثة التكنولوجية، التي لا يستقيم معها قطّ طريقة التفكير القديمة..
ثمة مشاكل أخرى لا بدّ للعقل البشري أن ينتبه اليها.. هكذا تحدثت المؤلفة في قراءة لكتابها..
فالخطير هو أن هذا العالم قد طغى عليه "الارهاب المعولم"، "فقر المخيال"، "سياسات الإنعاش الكلبية و العدميّة".. و جعل البشر مثل البقرة المذبوحة التي تتكاثر سكاكين قتلها.. فهُم الضحايا الذين يتم التنكيل بأجسادهم بأبشع الطرق ..
لقد صارت ديارنا ملوّنة بدماء الشهداء ، تكسوها ألوان الحداد في كلّ بقاع الوطن..
إنه "إنطباع المقبرة" حسب عبارة رشيقة لنيغري .

و ما يحدث ايضا حسب قول الفيلسوفة هو " الاستثمار الخطير للالاه الإسلامي من أجل الإرهاب المعولم" ، إنه الإتّجار بالالاه.. الذي يتم السطو عليه و افتكاك مكانته من أجل العبث بهذه الشعوب ..
لقد صار الاسلام السياسي يمارس ضربا من التحكم في "هيمنة العقول و الأجساد و الأمكنة " ..
و كأنما يتم رسم قواعد شرعية لكيفية بناء المساجد و إن لم يتطابق البناء و الهندسة الشرعية يتم الإطاحة به ..
أجسادنا أيضا إن تمردت و ظهرت بشكل ما في عمل مسرحي فإن ذلك انتهاك لما هو مقدس ..
عقولنا و إن فكرت بطريقة مغايرة .. يعتبر ذلك كفرا ..
كيف الخلاص من كل هذا ؟ كيف يعطون لأنفسهم الحق بأن يكونوا أشباه الاه على ظهر هذا العالم؟ و من قال لهم أساسا بأن الله يزعجه ما نفعل .. !

إن تقدم الزمن كان من الممكن أن يحملنا نحو دروب مغايرة من التفكير ، لكنه كان يعود بالتاريخ إلى الماضي .. عِوَضَ أن نهتم بمعاركنا الحقيقية التي هي معارك الحاضر و خاصة المستقبل ..

هذا الأمر هو ما يجعلنا حبيسي فكر ظلامي ، يرسم لنا "مايجب" أن نفعله و ما "لا يجب" أن نقوم به ..
و بالتالي التحرر من هيمنة تحكم الاسلام السياسي في الامكنة و العقول و الأجساد ..
إن هذا سطو في الاساس على مساحة الابداع التي يتمتّع بها الفرد .. إنه قتل للخلق و الابتكار..
وإنه الشكل الخطير الذي يبرز لنا عدم المصالحة ما بين الانسان و الاه ..

إنّ الدمج ما بين الفن و المقدس إذن، هو المراهنة بالفن على جعلنا نحب مقدساتنا التي هي أساسا ليست مقدسات دينية.. و أن نحترم فكرة أن يكون المقدس ممكن الاختراع.. لا أنه ذلك المتعالي ..
إن هذا فيه تنشيط لمفهوم المقدس الذي يخوّل لنا الحديث اليوم عن الألعاب المقدسة و عديد الاشياء الأخرى التي صارت طاغية على العقول بدل الاه ..

إنّ المقدس إذن يمكن أن يُفهم على أنه نوع من التجديد لكل أشكال السعادة التي غادرتنا .. إنه تحقيق و نضال من أجل الحرية .. و استقبال ايجابي و جمالي لهذا العالم ..
تحت راية البهجة و قبول الآخر يبرز لنا" التسامح بوصفه باحة جمالية" لأول مرة في هذا الكتاب ..
فأم الزين بنشيخة تصور لنا "المقدس" في صورة طبيب للعالم .. إنه"يداوي" كل أشكال الخراب التي لحقت بنا و بهذا العالم ..
فتؤكد الفيلسوفة دوما على هذا الترحال الإيجابي الذي ينقذ علاقتنا بالعالم و على اختراع ألعاب مقدسة جديدة تجعل الحياة ممكنة مرة أخرى ، فتقول "نحتاج إلى اختراع ممرّ آخر " ..
إنّ أم الزين بنشيخة تدفع بنا لنؤسس سردية جديدة لنبني العالم الذي تزعزعت فكرته لدينا، حتى نعود ذات يوم محمّلين بكلّ " ألوان المستقبل".

(*) طالبة باحثة - ماجستير فلسفة - تونس



#مريم_القطبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الفن و المقدس، نحو إنتماء جمالي إلى العالم- كإمكانية جديدة ...


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم القطبي - -الفن و المقدس، نحو إنتماء جمالي إلى العالم- كإمكانية جديدة -لإعادة إختراع الواقع-