|
صناعة داعش وأخواتها
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6486 - 2020 / 2 / 8 - 18:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذا الملف شائك ، وفيه بحوث كثيرة ، وكلما أردت أن أتناولها من زاوية ، تفتح علي زاوية أخرى ، وقدر المستطاع علي أن أقدم قرائتي لصناعة داعش وأخواتها ، وكل قراءة سياسية قابلة للصواب والخطأ ، لكنها خاطئة إذا قفزت على الواقع الذي يكشف لنا المخططات المشبوهة . عام 1850 قررت بريطانية العظمى أن يكون الاسلام راعيا لمصالحها في العالم والمنطقة العربية ، ومشكلة الغرب الرأسمالي ومعه إسرائيل ، ليست مع الاسلام برجاله ( فقهاء ومراجع دين ) ولا مع الحركات الدينية ( الاسلام السياسي ) لان هذا الاسلام مفخخ ، ومسيطر عليه ، بل موجه حسب ما تقتضي المصالح الغربية ، العداء الحقيقي للغرب هو عروبة المنطقة وشعوبها . أمريكا عندما جاءت لتحتل العراق ، ليست هي حرب الكويت ، ولا الخلاف السعودي القطري ، ولا هو غزو من أجل حيز أمني أو نفوذ إقتصادي ، بل مشروع إبادات جماعية ، فهي أي أمريكا إستعدت ولديها مشروعها الكامل ( من رجال دين ومرجعيات دينية وأحزاب وشيوخ عشائر ، وماكنة إعلامية خطيرة ) . ومن هذه الادوات هي القاعدة بزعامة إبن لادن والظواهري والزرقاوي الذي أصيب بغارة أمريكية على مدينة هيرات الافغانية ، ودخل مستشفى في طهران ، لان التعاون بين إيران وأمريكا على أساس المصالح ، لا أسس دينية كما تصور طهران للسذج من الشيعة ، هذا بالنسبة للطرف السني ، والطرف الشيعي ( بدر الايرانية بزعامة هادي العامري والبيت الشيعي الذي أسسه أحمد الجلبي رجل البنتاكون ) . في مقابلة لهلاري كلنتن ( وزير الخارجية الامريكية في عهد أوباما ) إعترفت بأن القاعدة وداعش صناعة أمريكية ، وتحدث دونالد ترامب عن دور أوباما في صناعة داعش ، وتمشى أحد المحافظين الجدد إلى البيت الابيض ( هنكتن ) ونصح أوباما بأنه إذا أراد حماية المصالح الامريكية ، عليه أن يغذي حركات التطرف في المنطقة العربية والعراق خصوصا ، لتتقاتل فيما بينها حتى تنقرض تلك البلدان . دخول إيران على الخط ليس جديدا ، بل أن صناعة حركات التطرف الديني في المنطقة يخدم مصالحها ، ولا يستيطيع مرشد طهران ( خامنائي ) أن يستمر بدون الطرف الاخر ( نقضيه السني ) فوجد الفرصة ذهبية لتغذية حركات التطرف الشيعي والسني معا . المعادلة في العراق طائفية بدعم أمريكي وإيراني وسيستاني ، ولإبعاد الشيعة عن الوطنية ، لابد من خلق المشاكل الطائفية ، وعلاجها بطائفية أخرى ، تشكيل مليشيات إيرانية في العراق ، وهو مخطط قديم ( بريطاني أمريكي ) رسمت ملامحه في الجامعة الامريكية في بيروت ، حسب ما ورد في مذكرات ( أودنيس ) علي أحمد سعيد ، أحد أهم كتاب مجلة حوار أنذاك ، وكذلك كتابه ( الثابت والمتحول في السياسة ) . بعد إحتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانية وإيران بمباركة محمد علي السيستاني ، شعر الشيعة بأن هناك وصمة عار تلاحقهم بسبب رقصهم للمحتل الامريكي ، وفي المقابل كانت هناك مقاومة وطنية عراقية في غرب العراق ( حاولوا تشويه صورتها بأوصاف طائفية منها المثلث السني وحزب البعث ) ، مقاومة أحرجت الامريكي والايراني ومرجعيات النجف المستوردة من الخارج ، وبدأ ابناء الوسط والجنوب يسألون الاسئلة التي تقلق مرجعيات الفرس التي تحتل العراق منذ ألف سنة ، وهو إحتلال إقتصادي لا علاقة له ( بإستنباط الحكم الشرعي من مصادره الاربعة ) كما يزعمون ، فذهبت إيران إلى تبني الخيارات الطائفية ، والتصعيد على الميدان ، لإبقاء الشيعة تحت عباءة ما يسمى المرجع الاعلى للشيعة ، ولإدامة الصراع الطائفي الشاذ ، تبنت إيران المعادلة الطائفية في العراق ، وهو صراع عمره الف سنة . تفجير القبة في سامراء ، يصب في مصلحة الفاعل الحقيقي وهو الطرف الايراني ، لإنهاء المقاومة الوطنية في غرب العراق ، حيث ثأر الشيعة للإمامين في سامراء بعد تفجيرهما من قبل المخابرات الايرانية ، وقتلوا مئات الالاف من السنة الابرياء ، ومع ذلك بدأ الشيعي العراقي ، يتحسس حجم الجروح الغائرة على جسده وهويته الوطنية ، وهذا قلق كبير لإيران . في ولاية ( مختار البيت لابيض القجقجي جواد نوري المالكي الثانية ) أدار الشيعة ظهورهم للإنتخابات لمجالس المحافظات ، فإزداد القلق الايراني ، بسبب عزوف الناس عن العملية السياسية الفاسدة ، فتحرك قاسم سليماني ونوري المالكي ، وجندوا شباب شيعة صغار السن ، وبدون سلاح ، ووضعوهم في معسكر في المناطق الحساسة ، وقدموا لذبحهم جهات منها داعش وبإشراف قاسم سليماني وإطلاعات الايرانية ، ذبحوهم جميعا ، ورفضت إيران وقيادات الشيعة الكشف من ملابسات جريمة سبايكر ، وأعلن قاسم عطا في البرلمان أن الذين قتلوا ما بعد سبايكر هم 90 الف من الشاب . لإدامة الصراع الطائفي الشاذ في المنطقة ، وللحفاظ على مشروع إيران في العراق ، خلقوا مشكلة داعش ، حتى يعود الشيعي إلى حضن السيستاني ، الشيعي الذي بدأ يسأل الاسئلة المحرجة عقائديا وسياسيا ، والتي تشكك بروايات كانت تمرر كالسموم للشيعة ، أن دولتهم هي دولة المهدي المنتظر . شعرت إيران ومرجعيات الفرس في النجف وكربلاء ، بخطر إبتعاد الشيعة عن عباءة المرجع الاعلى ، وخصوصا بعد رفضهم المشاركة في الانتخابات في ولاية المالكي الثانية ، والتي تديم سلطة إيران بواسطة ( مجالس المحافظات ) ، ففكروا بأن تخرج عمائم تشتم نوري المالكي على أنه منحرف بعيد عن خط المرجعية وهو خيار وطني ، حتى ينتخب لانه خيار إيران والسيستاني . وفعلا ذهب الشيعة في الاتجاه الذي يعاكس توجيهات المرجعية الدينية ، فوقعوا في مشكلة أكبر ، فقرروا الذهاب الى خيار داعش ، وقتل أعداد كبيرة من الشيعة ، حتى يتهيأوا للجهاد تحت راية السيستاني ، وهم يبحثون عما يخلصهم من عار عدم مقاومة المحتل الامريكي . المخططات الغربية والايرانية ، تقدم المبررات لأي عمل يريدونه ، حتى لايشكك فيه أحد ، ففي قضية داعش التي رفعت شعارات ( الموت للشيعة الروافض أولاد المتعة ، وتهديم القبور وهي مقدسات عند الشيعة ، اضرحة أهل البيت ع ) من يستطيع ان يقول للشيعي : لاتذهب للقتال ضد داعش وهي العدو الاخطر على وجود الشيعة ، وهم يحملون فتوى الجهاد ؟. في قضية داعش ، لاوجود للدفاع عن وطن ولا عقيدة ولا شرف ، هذه مخططات للمحتلين ، منها تقليل سقف سكان العراق ، وإلهاءهم عما ينهب من ثرواتهم إلى حين ، وتصفية حسابات مع مدينة الموصل التي أنجبت وأنتجت كبار ضباط المؤسسة العسكرية العراقية ، الذين شاركوا في صد العدوان الفارسي على العراق في حرب الثمانيات ، تشكيل ميلشيات تعلن الحكم الايراني في العراق بواسطة ما يسمى فتوى الجهاد المنسوبة للسيستاني كذبا وزورا ، لان الرجل لم يختص بفقه الجهاد ، ولايؤمن بنظرية ولاية الفقيه . وهناك أمر مهم وهو : وجود مليشيات تابعة للحرس الثوري الايراني شكلت قبل صدور فتوى الجهاد ضد داعش بسنوات ، وهي بحاجة الى تشريع لتدخل العملية السياسية الفاسدة ، فوجدت طريقها بعد الفتوى ودخلت البرلمان . هناك مجاملة وخوف وترسبات طائفية وعدم معرفة في موضوع داعش والجهاد ضدها ، فأجد من يردح للجهاد والنصر المزعوم في الموصل ، بعيد عن تفاصيلها بعد السماء عن الارض . بعد صدور فتوى سيستاني التي كتبها قاسم سليماني ، كانت شروط الجهاد في تدمير الموصل ، أوسخ من الحديث عن شرف المومس ، فأي جهاد ذاك الذي تغطي للمجاهدين الطائرات الامريكية ، وكوشنر صهر ترامب يحلق بطائرة هليكوبتر فوق الموصل ؟. وأي جهاد الذي ترك خلفه 200 الف جثة تحت الانقاض ؟. داعش لازالت موجودة ، وبرعاية أمريكية وإيرانية ، وهي دولة متنقلة في حقيبة ، يعيد إنتاج جغرافتها الامريكي متى ماشاء في أي مكان ، وحاجة ايران والمرجعية الدينية في النجف لداعش أكثر من حاجة الاخيرة إليهم . ومع ذلك إكتشف شيعة العراق ( الجيل الجديد ) أبطال التكتك والبوجي أن أخطر الاحتلالات المركبة في العراق هي إيران والمرجعيات الدينية الشيعية ، فثاروا ضد المقدس الذي يشتغل على قتلهم وتهشيم الدولة الوطنية العراقية . كل العناوين التي رفعت في زمن الاحتلالين الامريكي والايراني كاذبة ، مثل إكذوبة العملية السياسية والدستور ، وإكذوبة المرجع الاعلى والتشييع . نحن اليوم أمام ثورة مذهلة ، مشابهة لثورة الشعوب الاوربية التي أسقطت سلطة الدين ، ومن يتحث عن فخر ونصر في قتال داعش ، أقول له : الحشد الشعبي مرتزقة لايقلون وساخة عن عصابات داعش ، لان حركات التطرف الديني هي هي ، سواء كانت سنية أو شيعية ، لاتؤمن بوطن ولا حريات ولاتعدد ، تؤمن بثقافة الموت والمقبرة ، وعلينا أن نتعلم من تجربة الشعوب الغربية التي نجحت بعد التخلص من الدين .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إستبدال الدين بالتكنلوجيا
-
الاسلام السياسي والثقافة
-
البصرة المنكوبة
-
معركة الدجاجة ( المقدسة ) في القادسية
-
خصخصة المظاهرات في العراق
-
جامعة الكفيل وتفريس العراق
-
تشريعات برلمان النكاح
-
مقتدى الصدر و إصلاح الاحتلال
-
النزاعات العشائرية في العراق
-
متى يتحرر العقل العراقي ؟
-
الترحم على الحصة التموينية
-
بشراء الاصوات والذمم سقطت الدولة العراقية
-
ظاهرة دونالد ترامب
-
ثورة السحل في العراق قادمة
-
إعلان ولاية فقيه في العراق
-
من القدس إلى النجف هدم المنازل
-
نهاية زمن الدولة الوطنية
-
خطورة حكم رجال الدين على الانسانية
-
حلم أحفاد كسرى في العراق
-
حج كربلاء محو لذنوب الساسة
المزيد.....
-
الحوثيون يعلنون استهداف 3 مدمرات أمريكية في البحر الأحمر بـ2
...
-
رئيس وزراء باكستان للعالم: ما يجري في غزة -إبادة منهجية للشع
...
-
أسبوع البيئة: حلول السوق المبتكرة لمواجهة تغير المناخ
-
وزير الصحة اللبناني: مبان استهدفتها إسرائيل في الضاحية الجنو
...
-
محافظة نينوى شمال العراق تحتضن معرض الكتاب الدولي تحت شعار -
...
-
هولندا ترسل طائرات إف-16 التي أخرجتها من الخدمة إلى أوكرانيا
...
-
مسؤول دفاعي أمريكي يزعم غرق غواصة هجومية نووية صينية جديدة ف
...
-
الفصل الواحد والسبعون - علي عسكر
-
نتنياهو يطلب الانتظار لمعرفة ما إذا كانت عملية اغتيال نصر ال
...
-
ضربات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ووسائل إعلام تقو
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|