أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - نكبة عائلة أم نكبة وطن














المزيد.....

نكبة عائلة أم نكبة وطن


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 1570 - 2006 / 6 / 3 - 08:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ياسر محلم مرة أخرى

في نهاية ثمانينيات القرن العشرين كان هنالك خمسة أخوة من نفس العائلة وبنفس التهمة ـ حزب العمل الشيوعي في سوريا ـ وهم منيف ملحم ضابط مسرح وياسر مهندس زراعي ومنذرمعهد متوسط فني ونبيل مهندس مدني والخامس وهو برتبة مقدم مهندس في الجيش السوري عندما اعتقل.. وبعدها بفترة جاؤوا ليأخذوا السادس لفترة قصيرة !! فقال والدهم للمخابرات السورية: وهو يرمي عكازه السبعينية خذوا هذه أيضا معكم إلى السجن !! وبقي الخمسة في السجن حتى خرجوا بعد سنوات الواحد تلو الآخر.. وأقلهم هو من نام في السجن ست سنوات ومنيف أكثر من سبعة عشر عاما وياسر أكثر من أربعة عشر عاما ومنذر ونبيل ثماني سنوات ونصف لكل واحد منهما.. ليس هنا المأساة أبدا بل المأساة والتي لاتخجل هذه السلطة منها أبدا: أن هؤلاء الخمسة يجب أن يصرف عليهم أهلهم والدهم ووالدتهم وزوجاتهم وأخوتهم البقية على مدار كل هذه السنين ولوجمعناها لخرجنا أن العائلة قد اعتقلت لأكثر من خمس وخمسين عاما..من أين سيجلب الأهل كل تكاليف السجن من ملابس وتبغ وأكل وخلافه لخمسة رجال إضافة إلى أن الأهل سيأتون من حمص ـ قرية أبو حقفة إذا لم تخني ذاكرتي الضعيفة ـ إلى دمشق ثم إلى صيدنايا لكم أن تتخيلوا هذا المشوار الشهري لتقف الأم أمام أبناءها الخمسة وهم خلف شبك معدني كل هذه السنين ـ لأن أكل السجن الله لا يفرجيكم سيئ وقليل جدا لأنه مسروق سلفا ـ رغم أن الشباب ـ أكيلة لأنهم ذو بنى جسمانية ماشاء الله كما يقول الناس في مثل هذه الحالة وخصوصا ياسر الذي كان يمارس رياضة يومية في السجن لأكثر من أربع ساعات وهذه تحتاج إلى غذاء وأي غذاء !! رغم أنني خرجت قبله من السجن بسنة ونصف تقريبا دون أن يكون بيننا علاقة ودية بل لم يودعني وانا خارج من باب الجناح.. ولم نكن نتكلم مع بعضنا لأنه ـ حيوان.. كما كنت أقول مازحا وهي خلافات مساجين تافهة تتضخم عند السجناء ـ ومنذ فترة ثلاثة أشهر تحدثنا مع بعضنا على الهاتف وسألني فورا هل أنت في حمص لآتي وأخذك إلى البيت لتنام عندي معتقدا أنني عدت إلى سوريا نتيجة لوضوح الصوت في التلفون..أطمأنيت عليه ودون أن نتحدث بأي شيء له علاقة بالسياسة أبدا وإنما كان حديثا وجدانيا خالصا سألني عن أوضاعي الشخصية وسألته عن عمله وأسرته..
مرة أخرى وبعد كل هذا تأتي المخابرات السورية لتصادره من عائلته مرة أخرى وبلا سبب قانوني ولا إنساني من ابنه سامر وزوجته.. سامر الذي ولد بعد دخول والده السجن بأشهر 1987 على ما أذكر أيضا..ومنذ تلك الفترة وهذه الزوجة تأتي كل شهر إلى زيارة زوجها في السجن وكان عندما يعود فرحا بسامر وهو يراه يترعرع من خلف القضبان.. ـ قبضاي طالع لبيو ـ
هل يمكن أن نسمي هذا نكبة عائلة أم أنها تراجيديا من الصعب أن تكتب كما حدثت في فضاءاتها اللاإنسانية واللا أخلاقية..والسؤال لماذا ياسر..فقط لأنه لازال ناشطا سياسيا أم أن وراء الأكمة ماورائها وهو أنهم: يريدون أن يبقوا هذه العائلة في حالة مأساة متحركة..؟!
هذه العائلة بنكبتها المتحركة هذه تصلح لأن تكون عنوانا لتاريخ سوريا في العقود الأربعة الأخيرة.. ليس اعتقالا وحسب بل ويدفع أهل المعتقل تكاليف اعتقال أبنائهم..إنها سرقة موصوفة للأموال وللأرواح..أليس هذا ما يحدث في سوريا منذ التصحيح المجيد..؟ في قراءة تاريخ هذه العائلة يمكن لنا أن نقرأ تاريخ سوريا المعاصر بدء من الوحدة الوطنية وانتهاء بدولة ـ سوريا الله حاميها ـ مرورا بسوريا التوازن الاستراتيجي مع العدو الإسرائيلي..وللقارئ أن يشغل حاسة الخيال لديه في استنباط المأساوي للوضع السوري وله أيضا حقا في ألآ يقف خياله هذا عند أي حد إنساني..ليتعداه كثيرا بلا حدود..عندها يمكن له أن يشعر بمأساة الوضع السوري..
حملة الاعتقالات هذه إذن ليس لها علاقة مباشرة فقط بإعلان بيروت دمشق أو دمشق بيروت.. يجب أن نراها في عدة عوامل بات من الصعب على النظام أن ينسى طبيعته القمعية لكل رأي مخالف ومهما كان مصدره وموقعه حتى لو كان تنظيما معاد للسياسة الأمريكية كحزب العمل الشيوعي..!!وهذا تأكيد مهم على أن ـ سوريا الله حاميها ـ شعارا بناء لمرحلة من هدم آخر آمال الإنسان السوري بالخروج من مأساته بأقل الخسائر..
لديه قرارات من مجلس الأمن صدرت وعليه تنفيذها ولديه قرارات ستصدر ربما تخيفه ولديه جهاز أمن ومخابرات لايستطيع أن يبقى فترة طويلة بلا عمل..يريد أن يسترزق الشباب..! في الفروع والسجون..الخ
لا أتحدث هنا نتيجة لموقف سياسي أبدا بل نتيجة لأني عايشت مأساة عائلة يشكل تاريخ مأساتها عنوانا لسورية التي باتت فيها قيمة الإنسان في بدايات القرن الواحد والعشرين أرخص ما يكون وهذه هي اللفتة التراجيدية في السياسية السورية والتي يجب أن تبرز للسطح في كل فترة لا تتعدى أشهرا..!
بقي أن يقال شيئا للذكرى:
ياسر أكل بطيخة هو ورفيقة لنا تزن 22 كيلو غرام في وقعة واحدة وأنا أنظر مشدوها..لأن علاقة هذه العائلة في أبو حقفة بالجبن والبطيخ والشنكلش لا توصف..! وكان يقول دائما مازحا أنه أكثر ما يحب البطيخ وـ البازركان وهي عبارة عن سلطة خضر مع شنكليش وزيت زيتون ـ ونحن علوية حمص لدينا شنكليش أصلي مو قريشة مسحوب دسمها مثل أهل اللاذقية..!
في نهاية هذه العجالة لا أستطيع القول سوى: الله يفك أسر الجميع..!!!!



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على أسئلة صامتة لا تدفنونا أحياء
- إعلان دمشق وجبهة الخلاص
- رسالة من الخارج
- الديمقراطية في سوريا والرسملة
- رسائل من دمشق
- تصحيح معلومات فقط للقارئ العزيز وللمناضل نزار نيوف
- أخطاء في العراق صفقة مع ليبيا إنني على خطأ
- حكم التاريخ
- الديمقراطية والاستبدالية مأزق السلطة والمعارضة
- من ربيع دمشق إلى ربيع طهران قصص وحكايا
- اعتقالات بالجملة والمفرق
- حول مقالة ميشيل كيلو نعوات سورية
- ميشيل كيلو يغيب في السجن بعد أن نعى الوطن
- أعدموه وخلصونا من نقه!!
- إيران النظام العربي إسرائيل
- الغزو اللاثقافي إرهاب المرسل وديمقراطية المتلقي
- الأشقاء في لبنان عضوا على جراحكم
- زيارة وفد الإخوان المسلمين في سورية إلى لبنان: بداية مرحلة أ ...
- السلف وصي على الخلف
- إشكالية الحجاب المرأة المسلمة مغيبة بين جاهزيتين إلى الدكت ...


المزيد.....




- -ضربته بالعصا ووضعته بصندوق وغطت وجه-.. الداخلية السعودية تع ...
- كيف يعيش النازحون في غزة في ظل درجات الحرارة المرتفعة؟
- فانس: في حال فوزه سيبحث ترامب تسوية الأزمة الأوكرانية مع روس ...
- 3 قتلى بغارة إسرائيلية على بنت جبيل (فيديو)
- -يمكن تناولها ليلا-.. أطعمة مثالية لا تسبب زيادة الوزن
- Honor تكشف عن هاتف متطور قابل للطي (فيديو)
- العلماء يكشفون عن زيادة في طول النهار ويطرحون الأسباب
- لماذا نبدو أكثر جاذبية في المرآة مقارنة بصور كاميرا الهاتف؟ ...
- العراق.. انفجارات وتطاير ألعاب نارية في بغداد (فيديو)
- مصر.. محافظ الدقهلية الجديد يثير جدلا بعد مصادرته أكياس خبز ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - نكبة عائلة أم نكبة وطن