توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية
(Tawfiktemimy)
الحوار المتمدن-العدد: 1570 - 2006 / 6 / 3 - 08:33
المحور:
الادب والفن
هدأ الليل وانا استعد للهدنة المسائية في يوم حافل بأنباء الانفجارات واحصاء الشهداء اليوميين لجرائم الاصولية وبقايا الظلامية.في
ينقض عليّ الزميل والصديق احمد المظفر بخبر كالصاعقة وببساطة هكذا مات (عوني كرومي) قبل ساعات في غربته التي اختارها منذ الهجمة الاولى والضارية للدكتاتورية على المبدعين ومعلمي للرفض واساتذة الجمال لان عوني كرومي كان معلما للرفض واستاذا للجمال بجدارة لم ابك ولم اولول كالعادة في مثل هذه الحالات لان غياب كرومي فاجعة ونكبة ثقافية لا يعادلها كل( صراخنا الاخرس) في علبةالفوضى والخراب وتعميم الجريمة المنظمة لا يعادلها كل نواحنا على رموزنا وقاماتنا الكبيرة التي ظلت سامقة باغماضتها الاخيرة تبكي وطنا لن تبلغه بسبب دوران المحن وسطو الغزاة ومرتزقة الموت اغماضة اخيرة تطبق على كل الاحلام المؤجلة والمسرحيات التي تطلق زمن الرفض والمواجهة لترى مسرحا جديدا له طعم الحرية التي بشر بها عوني كرومي في زمن المحضورات والممنوعات.. لم ابكِ عوني كرومي في استراحته الاخيرة ولكن اذرف دمعا على ذكريات أليمة لمسرح لايسع الا لستين كرسيا كان يصدر افواجا من الطلاب وهم يتخرجون من مدرسته دعاة للجمال ودعاة للحرية ما لم نستطع ان نتعلمه من مدارسنا والقادة الحزبيين ومعلمينا الكبار، وداعا عوني كرومي وانت تلتحق بقافلة لن تنتهي من اعلام الثقافة العراقية وروادها الاوائل في تلقين دروس الاحتجاج في زمن الرداءة والخنوع والاستسلام.
وفاء لدرسك الجمالي الاول الذي تلقيته في غرفة منسية بعمارة مجهولة في شارع السعدون اسميتها (60 كرسيا).
وفاء لتمارينك المسرحية التي يتوحد فيها الجمال والاحتجاج.
وفاء لشجاعتك التي لم تقايضها بكل المغريات ولم تتنازل عنها ازاء كل التهديدات.. وفاء لافواج من تلاميذك الذين يدرسون الان دروسك في الفن الملتزم والجمال الأخاذ لمسرح عراقي اسهمت كثيرا في ان يبقى صرحا للشجاعة والالتزام والرصانة.
لم تكن استاذاً اكاديميا ومخرجا مبدعا وتاجرا للدواجن وباحثا في فضاءات المسرح، بل كنت رمزا كبيرا من رموز ثقافتنا العراقية واحد ابرز تجلياتها.
غيابك المهيب اسيترك امانة كبيرة في اعناق التلاميذ النجباءللمواصلة في درب الالتزام بالمسؤولية الثقافية لمسرح ينتصر للانسان ويصدح بقضاياه الكبيرة وهو مايشغلك دوما حتى موتك شامخا وانت ترنو لشارع بغداد التي غادرتها مكرها.
ذلك هو الطريق الوحيد لحضورك الابدي في بستان الثقافة العراقية الزاهر وسط حقول الالغام والمفخخات وتوجسات الرعب التي تصدرها مدارس الظلامية والاصولية والجريمة.
وداعا ايها النبيل.. وداعا ايها المعلم
#توفيق_التميمي (هاشتاغ)
Tawfiktemimy#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟