باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 1570 - 2006 / 6 / 3 - 08:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما أتناوله في أدناه ليس ألا قراءة سريعة في فقرات الورقة الحكومية لحكومة السيد نوري المالكي، التي أقرها البرلمان في جلسة منح الثقة بالحكومة العراقية الدائمة، والتي أصطلح على تسميتها ب(البرنامج الحكومي)، الغاية منها هو مجرد ألقاء الضوء على طبيعة تركيب هذه الورقة ، وليس الخوض في محتويات نصوصها، أملا في العودة لذلك من خلال قراءة لاحقة لنصوص الدستور.
• يتكون برنامج الحكومة الجديدة من اربع وثلاثين فقرة سطرت وفق نظام غير مترابط، وغير متجانس من حيث المحتوى أو المضمون.
• غالبية الفقرات التي أحتوتها الورقة، كانت أنتقائية ولا ترتبط مع بعضها بأواصر معينة، ولا تقع تحت تبويب محدد يفهم منه أهداف وخطط الحكومة في المجالات المختلفة؛ على سبيل المثال؛ الجانب ألأمني، الجانب السياسي، الجانب ألأقتصادي، ألجانب ألأجتماعي، الجانب ألثقافي، الجانب الخدمي ...الخ مما جعل من الصعوبة ألأهتداء الى معالم سياسة الحكومة في المجالات المختلفة، مما ترك الباب مفتوحا للتخمين والتكهن بسياسة الحكومة للفترة القادمة..! وكتابة برنامج بهذه الصيغة المختلطة للأولويات يفقده صفة البرنامج، بقدر ما يربك المراقب أو المواطن بمعنى أدق، في التعرف وألأهتداء على خطة الحكومة في أي مجال من المجالات ، وهذا ما اسدل ستارا من الضبابية على طبيعة مكونات برنامج الحكومة بصيغته الحالية، في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون برنامجا متكاملا في كل أجزاءه ومكوناته لحكومة دائمة لفترة أربع سنين، وليس مجرد فقرات غير مترابطة منتقاة من الدستور أو من مقولات عامة ..!
• على صعيد المحتوى؛ فأنه لا يغير من الهدف لبرنامج ولحكومة دائمة، ويكتب لفترة أستثنائية، أن يكون برنامجا متكاملا في جميع ألأتجاهات، وألا فما الحاجة الى حكومة بهذا الحجم غير الطبيعي وهذا الترهل في عدد الوزارات، لدرجة ضمت فيها الحكومة الجديدة سبع وزارات دولة عاطلة عن العمل، مكبدة الدولة أنفاقا طائلا من الرواتب والمخصصات والتخصيصات المختلفة للنقل والسكن والحماية وغيرها من نفقات المكاتب، خاصة أذا ما علمنا بأن حماية الوزير الواحد تكلف راتب ثلاثين شخصا وبمعدل ثلاثة آلاف دولار للشخص الواحد شهريا..!
• الفقرة (1) من البرنامج؛ تتحدث عن حكومة الوحدة الوطنية، وتربط تشكيلها بألأستحقاق ألأنتخابي وبمقتضيات المصلحة الوطنية، وبذلك فهي تدخل في تناقض تأسيسي، حيث أن ألألتزام بألأستحقاق ألأنتخابي أولاّ يضعف من أهمية ألأخذ بمقتضيات المصلحة الوطنية، بل ويغلب عيها ، ناهيك عن عمومية مصطلح (المصلحة الوطنية) الذي غلبت عليه صفة التقديرية، في الوقت الذي يفترض فيه، أعطاء ألأولوية في ألأختيار لمتطلبات (الحالة ألأستثنائية) التي تمر بها البلاد ، وألا فما هي الحاجة الى عملية التطعيم بهذا الشكل الذي جرى في تشكيل الحكومة، أذا كانت مقتضيات ألأستحقاق ألأنتخابي لها ألأولوية في بناء حكومة الوحدة الوطنية..؟ وتأسيسا على هذا التشكيل الذي بنيت عليه حكومة السيد المالكي، يصبح من غير الممكن أضفاء صفة حكومة (الوحدة الوطنية) على الحكومة الجديدة..! فهي في الواقع أقرب الى (حكومة أئتلافية) منها الى (حكومة للوحدة الوطنية)، أما أضفاء هذه الصفة ألأخيرة عليها والواردة في "البرنامج" ، فلا أرى فيه ألا حرفا للأنظار عن طبيعة التشكيل وأهدافه الحقيقية، وما يؤكد ذلك تحفظ بعض الكتل البرلمانية على وثيقة البرنامج الحكومي ورفضها وأنسحاب بعضها من ألأشتراك في الحكومة، ناهيك عن طابع المحاصصة الذي بنيت عليه التشكيلة الوزارية..!
• الفقرة (2) من البرنامج، لا تقدم شيئا يمت بصلة لبرنامج حكومي، وهي بمثابة تحصيل حاصل، فالحكومة سبق وأن أقرها البرلمان وفقا للدستور وهي ملزمة بالتقيد ببنوده. أما ما يتعلق بالتعديلات الدستورية ، فهي من مهام البرلمان قبل أن تكون مهمة للحكومة، وبالتالي فلا أرى ما يستدعي حشرها في "برنامج" حكومي..!
•
• الفقرة (3) من البرنامج؛ جاءت تكرارا لما جاء في الفقرة (1)، والغاية كما يبدو هي ترك الباب مفتوحا أمام الكتل الرافضة للمشاركة في الحكومة، وطبقا للأسس المشار اليها في تلك الفقرة..! ولا أرى فيها ما يستوجبه برنامج أو خطة حكومية للمستقبل، وبأمكان الحكومة الجديدة ورئيسها القيام بهذا النشاط من خلال الأتصالات واللقاءات التي يمكنه أن يجريها مع تلك ألأطراف..!
•
• الفقرة (4) من البرنامج؛ لا يمكن النظر اليها كفقرة برنامجية، بقدر ما هي الا ممارسة يومية وسلوك أخلاقي وألتزام سياسي، يفترض أن يكون من ثوابت العمل الحكومي اليومي. خاصة ما يتعلق بمباديء حقوق الأنسان التي كفلتها نصوص ميثاق ألأمم المتحدة، ولا يكفي مجرد ألأحترام لتلك النصوص، ضمن نص عمومي، وانما ألأعلان عن ألألتزام بتلك النصوص، دعما للحق والعدالة ..!
•
• الفقرة (5) من البرنامج؛ العمل على صيانة العراق وتعزيز وحدته وأستقلاله، فهي أقرب الى أعتبارها ألتزام حكومي تعهدي وواجب وطني، قد أقسمت عليه الحكومة ورئيسها أمام البرلمان، ولا يوجد مسوغ في تثبيها كفقرة برنامجية. أما ما يتعلق بوجود القوات ألأجنبية في البلاد وآفاق أنسحابها، وربط تواجدها ببناء القوات المسلحة الوطنية كشرط لذلك، فبقدر ما في هذه الفقرة من ضعف وعدم وضوح في الأهداف، فأنه كان من الموجبات على الحكومة الدائمة، أن تحدد سقفا واضحا وجدولة تقريبية لأنسحاب تلك القوات، وعدم ربط ذلك ألأنسحاب بشرط بناء القوات المسلحة الوطنية وقدرتها على القيام بمهامها ألأمنية، حيث أن تلك القدرة هي مسألة نسبية تقديرية..! وكان يجدر بواضعي البرنامج أن يعطوا لهذه الفقرة أولوية على غيرها من الفقرات، وأن يفرد لها نصا خاصا بها كألتزام حكومي ذي طبيعة أستثنائية، وأن يكون له نفس القدر من ألأهمية كما هو ألأمر بالنسبة للملف ألأمني ، ألذي هو ألآخر لم يحض بألأهمية المطلوبة وألأستثنائية..!
• الفقرة (6) والفقرة (7) من البرنامج؛ يمكن ألأستعاضة عنهما من خلال التوجيهات العامة والتعليمات التي تصدرها رئاسة مجلس الوزراء الى الوزارات المختلفة، ولا تملكان أية صفة برنامجية، ويقعان ضمن صلب صلاحيات الحكومة المنصوص عليها دستوريا..!
• الفقرة (8) والفقر (9) من البرنامج؛ رغم أنهما اقرب الى نصوص الدستور منهما الى برنامج حكومي وبالتزامات محددة ومحدودة في الوقت والمكان، فقد أخفقت الحكومة الجديدة ومنذ اللحظة ألأولى لتشكيلها في وضع مباديء الدستور موضع التطبيق، خاصة ما يتعلق بتطبيق روح النص للمادة الدستورية 48/الفقرة /رابعا؛ المتعلقة بنسبة تمثيل النساء في البرلمان، فجاء تمثيل المرأة في الحكومة الجديدة ضئيلا ولا يتعدى نسبة 10%. ولا تتضمن الفقرتان معالم واضحة عن خطتها في هذين المجالين..!
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟