|
اعتراف امريكا بمغربية الصحراء ، مقابل تطبيع النظام المغربي العلاقات مع اسرائيل
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6482 - 2020 / 2 / 4 - 22:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تروج اخبار تفيد بان الولايات المتحدة الامريكية مقبلة على الاعتراف بمغربية الصحراء ، مقابل تطبيع النظام المغربي ، وليس الشعب المغربي ، العلاقات مع إسرائيل . فهل هذه العملية هي نوع من الابتزاز من قبل الطرفين ، اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء ، وإعادة النظام المغربي العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع إسرائيل ، ام ان العملية هي تبادل مصالح بين الطرفين ، واذا كانت العملية تبادل مصالح ، فأية المصلحتين المستفيد من الصفقة ؟ قد نعتبر العملية ابتزازا ، وقد نعتبرها مصلحة متبادلة . هي ابتزاز واضح من الجانب الأمريكي ، عندما جاء كوشنير مستشار الرئيس الأمريكي ، وصهره الى المغرب ، يحثه على تأييد مؤتمر المنامة الذي خطط لصفقة القرن ، وهي ابتزاز من النظام المغربي ، عندما ربط تأييده للمؤتمر ، باعتراف الجانب الأمريكي بمغربية الصحراء ، وهو الطلب الذي رفضته واشنطن ، لاعتبارها ان قضية الصحراء ليست قضية أمريكية ، ولكنها قضية اممية بيد الأمم المتحدة ، وبيد مجلس الامن ، وواشنطن لا تملك الشرعية للتدخل في اختصاصات الأمم المتحدة ، وهو نفس الابتزاز تمت ملاحظته عند زيارة كاتب الدولة في الخارجية الامريكية السيد ( مايك بمبيو ) Maik Pompeo الى المغرب ، الذي رفض الاعتراف بمغربية الصحراء ، بدعوى ان القضية بأيدي الأمم المتحدة ، فغادر في نفس اليوم الذي حل فيه بالمغرب ، مع العلم ان الزيارة كانت مبرمجة ليومين كاملين . فالبيت الأبيض يريد توريط النظام المغربي في التطبيع مع الدولة العبرية ، لكن في المقابل لا تريد الإدارة الامريكية الاعتراف للنظام بمغربية الصحراء ، وهو ما تسبب في فشل جميع اللقاءات التي حصلت دون جدوى . لكن هل الصفقة التي تم التلويح بها ، اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء ، يقابله ربط النظام المغربي ، وليس الشعب المغربي ، العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الصهيونية ، هي تبادل مصلحة بين النظام المغربي وبين واشنطن ؟ وإذا كان الامر كذلك ، فمن هي المصلحة المستفيدة من الصفقة ؟ هل مصلحة النظام المغربي ، ام انها مصلحة الولايات المتحدة الامريكية ، ومعها إسرائيل ؟ للإجابة عن هذه التساؤلات يجب التمييز بين ، التخطيط للاستراتيجية الجيو/بوليتيكية ، وهي المخطط الأمريكي الإسرائيلي ، وبين التكتيك ، وهو ميكانيزم النظام المغربي للحصول على اعتراف امريكي بمغربية الصحراء . فعند الاخذ بالاستراتيجية في معالجة القضية الصحراوية ، فالسؤال هنا ، لماذا رفضت واشنطن الاذعان لمحاولات النظام المغربي عند زيارة كوشنير ، وزيارة Pompeo التي فشلت ، عندما رفضت الاعتراف بمغربية الصحراء ، رغم ان النظام المغربي وفي مقابل هذا الاعتراف ، كان مستعدا لربط العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الصهيونية ؟ ورغم هذا الرفض الأمريكي في السابق ، لماذا انقلب كل شيء رأسا على عقب ، وأصبحت الإدارة الامريكية هي من تقترح مبادرة الاعتراف بمغربية الصحراء ، مقابل تطبيع النظام المغربي لكل علاقاته مع تل ابيب ؟ ان ما يجب حقه ، ان صفقة القرن التي خرجت من البيت الأبيض ، ليست حديثة التفكير والابداع ، بل تم التخطيط لها قبل سنة 1982 التي تُوّجت بمؤتمر مدريد ، وزاد التعمق في التفكير بمؤتمر أسلو في سنة 1993 ، وبعد مراهنات على طول عامل الزمن ، الذي افرغ قيادة منظمة التحرير من كل الشعارات التثويرية ( الثورية ) التي خالجت الفكر الفلسطيني منذ سنة 1965 ، وبعد التحولات التي فرضها طول الوقت التي استغرقته العملية ، سواء بالنسبة لتغيير نفسية قيادة منظمة التحرير ، او المراهنة على الأنظمة العربية التي أصبحت تنظر في القضية الفلسطينية بعبعاً يهدد عروشها ، وكراسي حكمها ، وبعد ان عوّدوهم على حياة البذخ بفعل اغراقهم في اوساخ الدولار ، والكماليات الغالية ، حتى انفرط من حولهم الجميع ، وتنكر لهم الكل ، وتركوهم يواجهون مصيرهم لوحدهم ، والمصيبة انهم ضعاف ضعف عش العنكبوت ، فلا يستطيعون العودة الى تاريخ الكفاح المسلح الذي طبع العمل الفلسطيني حتى سنة 1982 . فلكي تنجح الإدارة الامريكية صفقة القرن ، وتقضي نهائيا على حل الدولتين ، واقبار مطلب حق العودة ، ونسيان القدس ، وشرعنة السيطرة على غور الأردن حيث المياه ، والامتداد الجغرافي حتى البحر الأحمر ، فعليها ان توسع من قاعدة الاختراق بضم دول عربية متعددة ، لا تخجل ، ولا تخفي وجهها ، بانخراطها في المشاريع الصهيو / أمريكية ، ما دام هذا الانخراط يخدم عروشها وكراسي حكمها ، وسيظهر هذا التخندق المصلحي اللاّ مبدئي ، والانتهازي لهذه الأنظمة ، في اللغة والأسلوب المستعملة لتفسير صفقة القرن الامريكية ، حيث كلها اثنت على الرئيس دونالد ترامب ، وبدوره الإيجابي في حل وخدمة القضية الفلسطينية ، في حين ان صفقة القرن هي الخنجر الحافي الذي ذبح من الوريد الى الوريد القضية الفلسطينية . لذا ، وتماشيا مع القناعة الامريكية بالمخططات التي تعطي نتائجها على الأمد المتوسط قبل الأمد البعيد ، فهي قد تضحي بالقضايا الثانوية ، في مقابل خدمة القضايا الاستراتيجية . في هذا المنوال سنجد كاتب الدولة في الخارجية الامريكية ، والرئيس دونالد ترامب ، يشكران عبدالفتاح برهان رئيس المجلس السيادي ، على لقائه بأوغندا بعنتيبة ، الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، ويتفقا على الشروع في تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين السودان وبين إسرائيل ، ومن يتذكر مطار المدينة ، عليه ان يتذكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي اختطفت طائرة إسرائيلية ، وهنا هل مكان اللقاء بعنتيبة له دلالة على انتصار الحلول التوفيقة الاستسلامية على الحلول الثورية ( الجبهة الشعبية ) ، ام ان اللقاء بالمدينة كان مجرد صدفة . وفي هذا الاطار دائما ، لابد من الإشارة الى الدور الأمريكي لتعطيل أي حل في سورية ، في العراق ، في ليبيا وباليمن ، حتى تبقى دول الرفض غارقة في مشاكلها ، ودون ان تحشر نفسها كدول معارضة للمخططات الامريكية ، وابرزها صفقة القرن المشؤومة . في هذا المضمار تم طرح إمكانية اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء ، مقابل دفع النظام المغربي ليطبع دبلوماسيا وسياسيا مع الدولة الصهيونية ، ومن غير المستبعد هنا ان تكون هناك دول اوربية ، قد تشجع على هذا المخرج ، خاصة فرنسا واسبانيا ، لان الأهم ليس التأكيد والاعتراف بمغربية الصحراء ، لكن الأهم هو التطبيع بربط العلاقات الدبلوماسية بين النظام المغربي وبين الدولة العبرية . ان السؤال الذي نطرح هنا . هل اذا اعترفت أمريكا بمغربية الصحراء ، يعني اعتراف الأمم المتحدة ، ومجلس الامن بمغربتها كذلك ؟ وهل اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء إنْ حصل ، يكفي لإثبات مغربيتها دوليا ؟ وهل اذا تحقق هذا الاعتراف ، يكون قد انتهى شيء يسمى بنزاع الصحراء الغربية ؟ ان اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء ، اإْ حصل ، وبدون أنْ يكون ابتزازا ، او مصلحة متبادلة ، لهو شيء مفيد ، وجميل ، واساسي لتحصين وحدة المغرب ، ووحدة الشعب ، لكن اين موقف الأمم المتحدة ، وموقف مجلس الامن ، والاتحاد الأوربي ، وروسيا الاتحادية ، والاتحاد الافريقي ، ودول أمريكا اللاتينية ، والجنوبية التي تعترف بالجمهورية الصحراوية ، والصين الشعبية التي يغزوها فيروس كورونا ، وهي مناسبة كان على النظام استغلالها لإرسال مليون واقية يضعها الناس فوق انفهم تجنبا لخطر الفيروس ، لاستمالة الموقف الصيني لصالح أطروحة مغربية الصحراء . ان الظروف التي تم فيها طرح الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ، لا تخدم في شيء مغربيتها ، عند ربطها بتطبيع النظام المغربي للعلاقات الدبلوماسية في الدولة العبرية . ان تبادل العلاقات الدبلوماسية بين النظام المغربي المتهافت على الحلول الامريكية الغير بريئة ، وهي حلول لا تعطى بالمجان ، لا يسدي خدمة لمغربية الصحراء ، بل ان التطبيع سيضر بها على الام المتوسط ، لان المبادرة الإسرائيلية / الامريكية ليست سليمة . فهل يستقيم التطبيع الدبلوماسي مع دولة احتلال ، مع رئيس لجنة ( القدس ) التي ماتت منذ انْ الم المرض الخطير L’emphysème بصاحبها ؟ وهل التمادي في التطبيع رغم الاخطار المنتظرة منه ، هو اعتراف من الملك شخصيا ، ورسميا بموت لجنة ( القدس ) ، رغم عدم تشييع جنازتها أيام الحسن الثاني ؟ بالرجوع قليلا الى الوراء ، نتذكر ما صرح به الرئيس الأمريكي مع بعض مسؤوليه ، ومستشاريه ، عندما طرح عليه احدهم سؤالاً عن موقفه من قضية الصحراء الغربية . وهنا يجب ان نستحضر ما قاله ، وقوله هذا له شأن خطير ، يترجم المخططات الامريكية التي يحضر لها كبار أساتذة الجامعات ، ومعاهد الدارسات ، والبحوث الجامعية ، والثقافية ، والاعلامية ، الذين لا يَنْظُرون الى أصابع أقدامهم ، بل يُنظّرون لعشرات السنين ، حتى حين يحين وقت التنفيذ ، فحينها تضرب الأجهزة الامريكية ضربتها القاضية التي لا رجعة فيها . ان ما قاله الرئيس الأمريكي عن نزاع الصحراء الغربية ، انه اعتبره نزاعا ثانويا ، بل اعتبره اقل من ثانوي ، والح على ان الموضوع الأساسي الذي تعمل عليه الولايات المتحدة الامريكية ، وتعمل عليه كل الدول المسيحية الغربية ، هو تشجيع ودعم النعرة الاثنية ، والعنصرية ، باسم الدفاع عن الحقوق البربرية / الامازيغية المهضومة بشمال افريقيا . واضح إذن من خلال هذا الجواب ، ما تحضر له الإدارة الامريكية ، ومعها الغرب المسيحي / كاثوليكي / بروتستاني / يهودي / ماسوني ، لشعوب ، ولدول شمال افريقيا ، الذي هو النعرة القبلية ، والعرقية ، والاثنية على شاكلة الظهير الفرنسي ( البربري ) . ان النجاح في زرع التفرقة ، والاختلاف الجذري بين شعوب المنطقة ، هو المدخل الأساسي الناجع لتقسيم المقسم ، واضعاف الضعيف ، وبتشريع مؤامرة التشتيت ، اوتوماتيكيا ستنفصل الصحراء عن المغرب ، ضمن الانفجار الذي سيضرب وحدة الأرض ، ووحدة الشعب ، أي ستنفصل من تلقاء نفسها ، وبدون ضغط او حرب . فاذا كان المخطط واضحا ، والمشروع التأمري أوضح ، فما الجدوى من اعتراف امريكي انتهازي بمغربية الصحراء ، إذا كانت هذه الصحراء محكوم عليها في المخطط ، والمشروع الأمريكي بالانفصال ؟ وان نحن قارنا بين مصلحة الأطراف المتبادلة ، لاستنتجنا ان المصلحة الأنجع ، هي مصلحة الولايات المتحدة الامريكية التي ستنتزع تطبيعا للعلاقات الدبلوماسية بين النظام المغربي وبين إسرائيل ، في حين سيكون الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء تكتيكا لتوريط النظام المغربي في مستنقع الخيانة العظمى لقضايا الشعب المغربي الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية . ان أي تطبيع في ظل الاحتلال ، هو خيانة عظمى لقضايا الامة المصيرية .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يخضع نزاع الصحراء الغربية لصفقة قرن فرنسية .
-
الظواهر
-
الدكتور هشام بن عبدالله العلوي
-
صفقة القرن
-
المحكمة الإيطالية
-
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
-
هل النظام المغربي معزول ؟
-
جريمة / Crime
-
المجتمع الاسباني والعنصرية / La société espagnole et le raci
...
-
سنة وثلاثين سنة مرت على انتفاضة يناير 1984
-
قطر / اسرائيل ضالعتان في اغتيال الجنرال قاسم سليمان
-
كلمة أمازيغ
-
نفس المسرح // Le même théâtre
-
المغرب -- اسبانيا // Maroc -- Espagne
-
الحكومة الاسبانية
-
ايران - امريكا // Iran - SA
-
تعطيل تنفيذ احكام ( القضاء ) في حق الاملاك العامة للدولة
-
قصيدة شعرية / المغرب المنسي .
المزيد.....
-
شاهد التسلسل الزمني للحظات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ف
...
-
لماذا يتعجل الشرع الزمن نحو الرئاسة؟
-
الادعاء الألماني يوجّه اتهامات ضد مشتبهين بالانتماء إلى داعش
...
-
ما أهمية إعلان الجيش السوداني تحرير الخرطوم بحري؟
-
شهيد بنابلس ومقتل جندي إسرائيلي وإصابة 5 بجنين
-
السعودية تهنئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
-
شاهد ما كشفته صور حطام طائرة ركاب ومروحية في نهر شبه متجمد ب
...
-
حماس تعلن مقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف ونائبه مروان ع
...
-
ترامب: -لا ناجين- من حادث اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية ف
...
-
أبو عبيدة يُعلن مقتل محمد الضيف وعدد من القيادات العسكرية لـ
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|