احمد كانون
كاتب عقلاني حر
(Ahmed Kanoun)
الحوار المتمدن-العدد: 6481 - 2020 / 2 / 3 - 19:13
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
((في مناخ دافيء، اول من غطى أعضائهم التناسلية هم الذكور، عندما ظنوا ان الرجولة هي بكبر قضبانهم، و بالتحديد بدأ في التغطية الرجال التي أعضائهم صغيرة!، و غطوا كل الرجال اعضائهم بأمر من رئيس القبيلة عندما وجد قضيبه أصغر من المتعارف عليه مقارنةً بقضبان رجال القبيلة، و هكذا اصبح جميع رجال القبيلة يغطون أعضائهم التناسلية و من تم أصبحت عادة و عرف و تطورت و تداخلت مع عوامل أخرى حرارية و ثقافية و فنية لتعطي الهوية الجنادرية الذكرية)).
في الحقيقة انهم لم يظنوا!، ولكن النساء كن يخترن الرجال ذوي القضبان الكبيرة، طبعًا بالإضافة إلى صفات اخرى كطول و عرض الاكتاف و الوسامة. كما نود التذكير ان الرجال أيضًا كان لهم معايير في التفضيل الجنسي، فكانوا يفضلون النساء ذوي الثديان الكبيرة و الأحواض الكبيرة و الشعر الطويل الصحي، و لن نخوض في الابتكار النسائي في التغطية و الملابس و لكن التصور يقول ان نمط التطور سيكون بمثابة عالم موجب يناظر عالم الرجال السالب لكي يتحقق التجاذب الجنسي في النهاية.
في نقطة من التاريخ و الزمن و في مناخ دافيء كرس البشر هوية النوع، في هذا المقال سيتضح من المسؤول، متى و أين و لماذا تكرست الهوية الجنسية (الجنادرية)(gender)؟.
كان النوع النياندرتالي؛ يعيشون في قطعان صغيرة و لم يكن هناك اختلاف جندري في الملابس حيث كان السبب الرئيسي في ارتدائها هو لغرض التدفئة. كما بينت الدرسات ان الدور الوظيفي للذكر و الأنثى يكاد ان يكون متشابه بين الجنسين عدا الدور الفسيولوجيا طبعًا. كما ساهم افتقار النياندرتال للملابس المتطورة في انقراضهم. لن نخوض كثيرًا في تفاصيل حياة النياندرتال لكن انتشار 20% من جيناتهم في البشر الحاليين جعلنا نبتدي بهم لنضع بين ايديكم نظريتنا في بداية ظهور شكل اللباس الذي ميز الجنس الذكري عن الجنس الأنثوي. وثم نترك لكم تخيل المراحل و العوامل التى أوصلت و عمقت الهوية الجنادرية في شكل الملابس اليوم.
ظهر البشر الحاليين بدون شعر!. لماذا فقدنا شعر جسمنا؟، إحدى النظريات الرائدة هي أن طفرة فقده سمح لنا بإلقاء قمل ما قبل الملابس وغيرها من الطفيليات القاتلة التي تمتص الدم ، والتي تصيب فراء أجدادنا. نظرية أخرى هي أنه عندما خرجنا من الغابة إلى السافانا الحارقة ، كنا بحاجة إلى تبريد درجة حرارة الجسم وتعرق الجلد المكشوف و هذا ما وفرته هذه الطفرة ذكية الحظ.
على أي حال ، كما يقول (Ian Gilligan)، عالم الأنثروبولوجيا الحيوية في الجامعة الوطنية الأسترالية ، وهو خبير في تطور ما قبل التاريخ للملابس ، فإن تاريخ 170،000 عام كان منطقيًا ، لأنه يتزامن تقريبًا مع العصر الجليدي قبل الأخير ، قبل 180،000 عام. يقول: "بدأ البشر فقط في ارتداء الملابس عندما يحتاجون للتدفئة". يقول جيليجان إن الدرجات القليلة تحت الصفر المئوي تمثل "الحد الأدنى لتحمل البشر البرد دون حماية الملابس".
نظرًا لعدم وجود قصاصات من ملابس ما قبل التاريخ ، فقد اضطر العلماء إلى البحث في سعيهم لتحديد النقطة التي بدأ عندها البشر في ارتداء الملابس، بدأوا في التفكير وأدركوا أن أحد الأساليب و الحلول قد يكون بتحليل للقمل. و فعلًا كان قمل الجسم المتكيف مع الملابس هو المفتاح.
في الواقع ، توصل تحليل أخير للحمض النووي للقمل الذي أجراه (David Reid)، المنسق المساعد في متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي للثدييات، إلى أن البشر ربما ارتدوا ملابسهم الأولى، منذ حوالي 170،000 عام ، بعد حوالي 830،000 عام من فقد أسلافنا لشعر الجسم!.
حتى قبل ظهور الملابس على نطاق واسع للتدفئة ، قام البشر الأوائل بتزيين أجسادهم. تقول (Nina Jablonsky)، عالمة الأحياء القديمة بجامعة ولاية بنسلفانيا ومؤلفة كتاب "Skin: A Natural History": "من المرجح جدًا أننا كنا نزين أنفسنا بدهانات الجسم والمواد النباتية والجلود الحيوانية لكامل تاريخ جنسنا". وتقول: تخلق الزينة اختصارًا بصريًا يخبر الآخرين على الفور من نحن ومن نريد أن ننضم إليه ومن نريد أن نكون".
في السجل الأحفوري ، بدأت الزخرفة تظهر منذ حوالي 75000 عام. يعتقد علماء الآثار أن براز االنعام كانت تستخدم كحبات ، وربما استخدم الدم لصنع صبغة حمراء كطلاء للجسم. بحلول وقت العصر الحجري القديم في أوروبا ، قبل 35000 عامًا ، تشير الأدلة على الإبر العظمية إلى أن الناس كانوا يصنعون ملابس متطورة مصممة بطبقات متعددة تحميهم من البرد.
خلال العصر الحجري، سكب أسلافنا قدرا كبيرا من الوقت لتزيين ملابسهم. في (Sungir )، و هو موقع أثري شرقي موسكو منذ 26000 عام ، تم العثور على حوالي 12000 من خرز الماموث العاجي المثقوب في قبور ثلاثة أفراد - ذكور بالغين وطفلين - تم خياطتها على أجزاء من ملابسهم.قدّر علماء الآثار أن الأمر سيستغرق ساعة لجعل كل حبة مزودة بأدوات حجرية - آلاف ساعات العمل. يقول (Robert Boyd)، عالم الأنثروبولوجيا ، مؤلف كتاب (It is not a gene alone)؛ كيف غيرت الثقافة تطور الإنسان، "إنها ليست مجرد زخرفة صغيرة، إنه استثمار كبير. "هذا عرض للثروة ". أنه يحقق معايير للظفر الجنسي بالشريك!.
عندما واجهت مهمة اختيار قطعة ملابس للدراسة ، أصبحت مهتمًا على الفور بغمد القضيب (koteka )، و الزينة التي تغطي القضيب (phallocrypt)، على إعتبار إنها ربما تكون اول قطعة استعملها البشر للتغطية بعد تحييد أسباب التغطية لغرض التدفئة . في البداية ، افترضت أن ال(koteka) نوع من القرن أو شيء كهذا، سأشرح ماهو غمد القضيب ، وكيفية التفنن في صناعته، و ان كيف شيء كهذا بُنت عليه إيديولوجيات ثقافية و سياسية و إجتماعية في المناطق المنتشر بها!؟. بفهم الموضوع ، سأنتقل إلى شرح السيناريو المحتمل لتطور و تعزيز الهوية الجنادرية في الملابس.
من المثير للاهتمام أن غمد القضيب المستخدم في غينيا الجديدة يشبه الموجود في أنحاء إفريقيا و أمريكا و آسيا ومناطق المحيط الهادئ الأخرى. و بما ان غينيا الجديدة هي موطن لكثير من الثقافات. و نظرًا لوجود أكثر من 700 من القبائل البدائية المختلفة في الثقافات، فتعتبر ارض خصبة للدراسة.
في عام 2016 ، سافر المصور (Teh Han Lin) إلى بابوا غينيا الجديدة لقضاء أربعة أيام في العيش مع قبائل بدائية و تصويرها. تُظهر الصور رجال القبائل الذين يرتدون ملابس تقليدية تُعرف باسم "كوتيكا"(غمد القضيب)، بمختلف الأشكال و الألوان. و عادة ما تكون هذه الأغمدة مصنوعة من القرع المجفف ، (فاكهة محلية) ، كان يعتقد أن ارتدائه هو كعرض للبراعة الجنسية. ومع ذلك ، فإن استخدامه كان ببساطة لتغطية أنفسهم و لكن ليس لتغطية كامل العضو التناسلي، حيث يتم ترك كيس الصفن مرئيًا!.
في أوائل سبعينيات القرن الماضي ، أطلقت الحكومة الإندونيسية حملة اسمها "Operasi Koteka" ، أي عملية غمد القضيب " ، لمحاولة تشجيعهم على ارتداء سراويل قصيرة بدلاً من ذلك الغمد،
لكن الخطة فشلت ، وما زالوا يرتدونه إلى الان. إذًا لم تكن التغطية لمجرد التغطية و لكن الغمد اصبح هوية و رمزية.
يمكن التعرف على العديد من القبائل بالطريقة التي يرتدون بها ال (koteka). حيث يرتديها البعض منهم بشكل مستقيم أو مستقيمًا بزاوية أو في عدة أشكال و احجام أخرى. يمكن أن يكون قطر ال(koteka) أيضا مختلف، خلافًا للاعتقاد السائد ، لا يوجد ارتباط كبير بين حجم أو طول (koteka ) والوضع الاجتماعي لمرتديها و هذا قد يرجع لعدم وجود طبقية حقيقية ناضجة عند هذه القبائل البدائية. و الأحجام المختلفة تخدم أغراضاً مختلفة: يتم ارتداء ال(kotekas) القصيرة جدًا عند العمل ويتم ارتداء أشكال معينة منها في المناسبات الاحتفالية.
تتم صناعة الغمد من القرع حيث تربط به الأوزان الحجرية لتمتد بها أثناء نموها. يمكن صنع المنحنيات فيه باستخدام خيوط لتقييد نموها في أي اتجاه يرغب فيه الزارع، حيث يمكن تشكيلها بشكل متقن بهذه الطريقة. عند الحصاد ، يتم إفراغ وتجفيف القرع. وفي بعض الأحيان تشمع بشمع العسل أو يمكن الرسم عليها أو تزيينها بأصداف وريش وزخارف أخرى.
من الناحية الاجتماعية اللغوية والسياسية اليوم ، يستخدم مصطلح (koteka )كاسم للمجموعات القبلية عبر المرتفعات في غينيا الجديدة ، و في كل من بابوا الغربية وبابوا غينيا الجديدة. على سبيل المثال ، في غرب بابوا اليوم ، هناك جمعية من قبائل كوتيكا.
يمكن أن يكون (phallocrypt )أيضًا زخرفة بسيطة معلقة و تغطي الأعضاء التناسلية الذكرية كجزء من التعبير الثقافي ، للاستخدام الاحتفالي ، بين عدد من المجموعات البشرية القديمة في أنحاء متفرقة من، أفريقيا وأجزاء من الأمريكتين ، كانت (ولا تزال في بعض الأماكن) شكلاً شائعًا من الفلكلور. ارتدى بعض السكان الأصليين في أستراليا نوعًا من قواقع اللؤلؤ المنحوت المزخرف والمسمى (Lonka Lonka). يتم تعليقه ب الأعضاء التناسلية الذكرية بواسطة حزمة ملتوية مصنوعة من شعر الإنسان. غالبًا ما تكون محفورة بشكل مزخرف بأشكال هندسية بشكل رئيسي وكانت الأخاديد ملونة بلون غراء حمراء. علقت بعض القبائل في أمريكا الجنوبية بشكل رئيسي في البرازيل ومنطقة غابات الأمازون المطيرة اليشم(حجر كريم)المنحوت وغيره من الحلي المصنوعة من الأحجار الصلبة من ثقب عبر جلد القضيب والصفن.
ونحن الان كبشر ذو ثقافة متطورة و اكثر تعقيدًا من شعوب الكوتيكا، نختار الملابس التي نشتريها ونرتديها وفقًا للمعنى الذي نعتقد به ، أو الرسائل التي نعتقد أننا نرسلها. ولكننا نعي من غير وعي !الآثار النفسية العميقة التطورية للملابس ، وكيف تعبر الملابس عن شيء ما عند المستخدم في التأثير الاجتماعي. و هنا سؤل يطرح نفسه؛ هل الملابس تخفي تفضيلات معايير الجذب الجنسي ؟،ام انها تخفي معايير دنيا و تظهرها كمعايير عليا للتفضيل و الجذب الجنسي؟. و كيف من تم جودة الملابس اضافت تمييز على المستوى الاجتماعي الذي يعتبر سوق جنسي غير صريح و مقنع. ربما تكون الإجابة بسيطة و ذلك بفهم مساهمة دور تغطية الأعضاء التناسلية بغطاء مميز على الحفاظ على التمييز الجنسي و اضفاء خيال تفضيلي للمعايير الجنسية.
يقول عالم النفس التطوري(Jeffrey Miller)، وهو أستاذ مشارك في علم النفس بجامعة نيو مكسيكو ، إن الموضة كانت "حاسمة لظهور الإنسان الحديث مثل الموسيقى والرقص والفن والفكاهة واللغة". "إنه جزء مشروع من الطبيعة الإنسانية". هذا و للعلم نقول للرجل والمرأة الأنيقين. أن الفخر والإثارة اللذين تشعر بهما عندما ترتدي بدلة أرماني أو زوج من مانولو بلانيكز هو امتداد و نفس الفخر الذي يشعر به مرتدي غمد القضيب عندما يرتدي ال (koteka) الأطول و الأكثر زخرفة و تمويه و الأكثر خيالًا، و دعونا نعود إلى ماضينا التطوري، لنقول؛ أننا ولدنا لنفتخر. و ان الموضة تستغل في فطرتنا و غرائزنا.
.
مع خيارات الأزياء التي لا نهاية لها ، لدينا قوة أكثر من أي وقت مضى لصياغة هوياتنا الخاصة والإشارة إلى المجموعات والثقافات الفرعية التي نربطها. "مع الأزياء ذات الإنتاج الضخم ، أنت لا تعرض نوع الأزياء التي يمكنك شرائها ، ولكن ما نوع شخصيتك وما سماتك الشخصية وما هي اهتماماتك وقيمك.."
من المعروف ان كل ما هو غير واعي و شبه واعي في عقل البشر يصعب زعزعته لانه ببساطة مراكم حتى اصبح نمط عرفي ومن منا لم يعارض ارتداء النساء البناطيل في فترة ما ، حيث أروبا أيضًا شهدت هذه المعارضة، هل هو تهديد للkoteka! الكامن عميقًا في عقلنا اللاواعي؟. والآن اصبح... من المقبول عمومًا أن ترتدي المرأة ملابس يُنظر إليها على أنها ذكورية ، بينما يُعتبر العكس غير عادي.
في بعض الثقافات ، تنظم القوانين ما يجب على الرجال والنساء ارتداءه. هل هي قوانين رجل الكوكيتا التي بداخلنا!؟. ولماذا المرأة اذا حلقت شعرها يسبب هذا استهجان و معارضة الرجال؟،،ببساطة الجواب لان هذا يسبب في اخفاء او طمس احد معايير الجذب الجنسي و هي ان يكون الشعر صحي اي طويل و يبدو علي الصحة التي تعكس صحة جسد المراة و قدرتها على الإنجاب و إرضاع الجنين.
إذًا ؛… (نحن كبشر صممنا ملابسنا بحيث نستمر كبشر).
References:
1. "Cover up.(modernization programs in Iran Jaya province in Indonesia)". The Economist (US). 29 July 1995. Archived from the original on 5 November 2012.
2. ^ Advances in the Study of Behavior. Academic Press. 26 March 1979. ISBN 9780080582702 – via Google Books.
3. ^ Advances in the Study of Behavior. 1979-03-26. ISBN 9780080582702.
4. ^ Heiser CB (1979) The Gourd Book. University of Oklahoma Press, p. 145-160
5. ^ Heiser CB (1973). The penis gourd of New Guinea. Annals of the Association of American Geographers 63: 312–318.
6. ^ Inventing Ancient Culture: Historicism, Periodization and the Ancient World. 1997. ISBN 9780415099608.
7. Cobb, Jodi. Papua New Guinea. http://travel.nationalgeographic.com/travel/
countries/papua-new- guinea-guide/
8. Collet, Michele. Penis Sheaths Worn by the Tribes of New Guinea. http://www.environmentalgraffiti.com/news-penis-sheaths-casse-sexe
9. Heiser, Charles B JR. “The Penis Gourd of New Guinea,” Annals of the Association of American Geographers 63, no. 3 (1973): 312- 318
10. Howard, Michael C. “Dress and Ethnic Identity in Irian Jaya,” Journal of Social Issues in Southeast Asia, Vol. 15, No. 1 (2000). 1-29
11. Ucko, Peter J. “Penis Sheath: A Comparative Study,” Proceedings of the Royal Anthropological Institute of Great Britain and Ireland. (1969) 27-61
12. Webster, David. “Already Sovereign as a People: A Foundational Moment in West Papuan Nationalism,” Pacific Affairs, Vol. 74, No. 4 (2001): 507-528
13. Welch, Nancy. "Mud, Feathers and Penis Gourds." Ornament 24, no. 3 (Spring2001 2001): 35. Academic Search Complete, EBSCOhost (accessed November 15, 20
14. cup, Judy. Papua New Guinea. http://travel.nationalgeographic.com/travel/countries/papua-new-guinea-guide/
15. Peter J. Ocko, “Penile Covers: A Comparative Study,” Proceedings of the Royal
Institute of Anthropology in Great Britain and Ireland. (1969). 29
16. Nancy Welch, “Mud, Blades, and Penis Pumpkin,” Ornament 24, No. 3 (2001): 35, EBSCOhost.
17. Charles B. Hesser, Jr., "Penis Ring in New Guinea", Annals of the American
Geographic Association 63, No. 3 (1973): 312
#احمد_كانون (هاشتاغ)
Ahmed_Kanoun#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟