أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 1














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6481 - 2020 / 2 / 3 - 03:59
المحور: الادب والفن
    


في سنة تحرير دمشق من الأتراك، أكملَ خلّو الثلاثين، وفي الوقت نفسه، شعرَ بالحرية أكثر من غيره. لقد عَلِمنا مبلغَ معاناته في خلال العقد الأخير، بالنظر لملاحقة السلطات له بعدة تهم، كان من الممكن أن تسلّم عنقه لحبل المشنقة لو وقع بيدها. تجربته في الاختفاء بكهوف الجبل، ستساعده فيما بعد عندما حمل السلاح هذه المرة بوجه المستعمرين الجدد. مع أنهم الانكليز، مَن دخلوا دمشق مع أعراب الحجاز، لكن الفرنسيين ضمنوا سلفاً الكعكة السورية؛ وذلك بحسَب اتفاقية سايكس بيكو، التي أبرمت بين هذين البلدين الاستعماريين قبل نحو عامين. الوعي بهذه الأمور، استمده خلّو من شاب يكبره بالعُمر، اسمه " أحمد الملا ": كان هذا من المنضوين في العصابة كأحد أفرادها، برغم ما تميّز به من تحصيل علميّ فضلاً عن ثقافة عالية. وسيكون له لاحقاً إسهامٌ بالصحافة، تحريراً وكتابة، قبل أن يستبدل بدَوره القلمَ بالبندقية.
بينما المدينة تحتفل بانتهاء الكابوس العثمانيّ، الذي جثمَ أربعة قرون كاملة على أنفاسها، كان خلّو يستعيدُ في منزل أبيه عقداً من المشاق دونَ أن يرى، في المقابل، النهاية السعيدة. حقاً إنه فرحٌ بخلاصه الشخصيّ، معتبراً إياه جزءاً من الخلاص الشعبيّ، بيد أنّ الأفق ما فتئ مسدوداً لناحية الحظوة بالعيش الكريم لأسرته وأمه. في تلك الأعوام المنصرمة، كان مقبولاً لكرامته أن تعيش امرأته في بيت أبيها، كونه بنظر الجميع محارباً ضد الاستبداد وساعد بتخليص العديد من الشباب من مصير مجهول لو سيقوا إلى جبهات الحرب. اليوم، كان خجلاً من طلب زوجته إلى بيت أبيه، فيما هوَ عاجزٌ عن تأمين لقمة العيش لها ولبنتيهما. الشقيق الكبير، حسّو، دأب في السنين الأخيرة على نفح والدتهما بالمال، بالأخص وأنها تؤوي تحت سقف المنزل امرأة، هيَ خاني، وكانت إلى الأمس القريب زوجته بكتابٍ مُلتبَس. عندما مر خلّو على مضافة حميه، زعيم الحي، شدد هذا على تلك المسألة الأخيرة بقوله: " ليسَ مقبولاً لكرامة ابنتي أن تعيش في منزلكم، ولما تزل فيه امرأة مشبوهة السمعة. عليك أن تحل هذه المشكلة أولاً، ولن يضر لو ظلت عيشو في دار أبيها مدة أخرى ".

***

الرجلُ الملول، كان قد سرّحَ أفرادَ عصابته وآبَ إلى حياته العادية بعد حياة شاقة في الكهوف صُحبة الأفاعي والعقارب وبجسدٍ عشش فيه القمل. لكن خلّو وجد حشرة آدمية، تتطفّل على حياة المنزل. كان على يقينٍ، بأن الأم بطبعها العنيد لن تسمح برمي خاني إلى الطريق. عند ذلك، جاءته فكرة؛ وهيَ أن يبني حجرة للضيفة، يُفتح بابها على الجادة، وهكذا تبدو مستقلة عنهم بحياتها: " ولا تثريبَ لو بقيت تحصل على قوتها من الإحسان، لأنه مالُ زوج شقيقتها في آخر المطاف! "، هكذا انتهى تفكيره. في الحال، غادر حجرة الضيوف ثم دخل على أمه، وكانت في حجرة نومها تقلّب حبّات المسبحة. أدلى لها برأيه في حل مشكلة الضيفة، بلا حاجةٍ لتنميق أو تزويق. بانَ الاهتمامُ على وجه المرأة العجوز، وكانت متفهّمة قبلاً مشكلةَ الابن مع حميه بهذا الشأن.
" سليمان داوو، يعمل بالفاعل، وهوَ على قرابة بحميك. اسأله عنه. وفيما يتعلق بالتكاليف، سأتولاها من مالي "، ردت الوالدة على اقتراحه. خاني، كانت حتى ذلك الحين تنام في حجرة النوم الأخرى، المفصولة عن حجرة الأم بالإيوان. هكذا سيكون لخلّو حجرة نوم خاصة، تكفيه مع امرأته والبنتين الصغيرتين. عقّبَ على كلام الأم، بأن شكرها وهوَ يقبل يدها. قالت رامية بصرها عبرَ النافذة الوحيدة، المطلة على أرض الديار، وكأنما تخاطبُ تلك المرأة العاثرة الفأل، " نكسب ثواباً بإيوائها، لحين أن يعطف عليها أحد الرجال ويتزوجها ". هكذا رجل، كان موجوداً فعلاً؛ ولكنه ما يفتأ في مكان قصيّ بسبب سوقه إلى جبهة الحرب: إنه " آكو "، الابن البكر لعليكي آغا الصغير، الذي سيعود إلى الحارة بعد أشهر أخرى كي يبلّغ أبناء العشيرة بخبرٍ فاجع، كان عمه قد طواه في جنبه بحرص، إنما بمرارة وألم ولوعة.

***
عيشو، سرعان ما عرفت، سعيدةً ولا غرو، عزمَ خلّو على حل مشكلة الضيفة الثقيلة. فلم تتأخر أيضاً عن التشمير عن ساعد الجد، لمشاركة الزوج في العيش تحت سقف منزل أسرته. فبادرت إلى جمع متاعها ضمن صندوق جهاز العرس، المحلّى بالصدف، والمعبق بعطر أزهار الخزامى المجففة. أضافت إليه ثيابَ الابنتين، فيما كانت والدتها وجدتها تحضّران علبة خشبية كي تتسع لمرطبانات الأغذية المخللة، كالزيتون والباذنجان المحشو بالجوز.
تلك النعم، وكانت نادرة في زمن المجاعة، أمكن تأمينها بفضل الأبناء، العاملين في البساتين؛ كلّ باختصاصه: موسي، كان ما زال وكيل أعمال عمر آغا؛ سلو، بقيَ في وظيفته بمحل الماشية بناءً على طلب السيد عليكي الكبير؛ وأخيراً حسينو، وكان قد انضم للنواطير على خلاف رغبة والده.

* مستهل الفصل الخامس/ الكتاب الرابع، من سيرة سلالية ـ روائية، بعنوان " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 4
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الرابع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثالث
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثالث
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثاني
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الأول
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الأول
- سارة في توراة السفح: الخاتمة
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع عشر/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع عشر/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع عشر/ 3
- سارة في توراة السفح: مستهل الفصل الرابع عشر
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل الثالث عشر
- سارة في توراة السفح: مستهل الفصل الثالث عشر
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ الحلقة 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ 2


المزيد.....




- بقفزات على المسرح.. ماسك يظهر بتجمع انتخابي لترامب في -موقع ...
- مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا ...
- مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر ...
- عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا ...
- قصيدة عاميةمصرية (بلحة نخيلنا طرق)الشاعر مصطفى الطحان.مصر.
- بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
- وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
- فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..‏إما أن نَنتَصر أو ن ...
- مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 1