|
مع إدوارد سعيد في رحلة علاجي 2/3
عبد الرحمن البيطار
الحوار المتمدن-العدد: 6479 - 2020 / 2 / 1 - 16:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لنَعُد الآن لتغطية فَصٍل آخر من فصول مُقدمة ” إدوارد سعيد ” لكتابه ” مسألة فلسطين ” والتي خَطّها في العام ١٩٩٢ ، وهوالعام الذي إكتشف فيه” إدوارد” أنه يُعاني من لوكيميا الدم الحاد ، أي ذات اللوكيميا التي عَصَفَت بي في العام ٢٠١٧ ، ومؤخراً بفايز أيضاً . ماذا كتبَ إدوارد في مقدمته عن “العلاقات الأمريكية الفلسطينية ” ، والتي يَعتبر أنَّ فَهمها بعُمق ، وإقتحام وَعْي المجتمع الأمريكي ، بمنطق سليم ، هو ضَرورة لازمة ، لمُواجَهة المَشروع الصهيوني العُنصري ، لكنها ليست الوحيدة ، من أجل دَحْر هذا المشروع ، وتحقيق الإنتصار للقضية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، وتخليص الإنسانية ويهود فلسطين ويهود الولايات المتحدة ويهود العالم من شرور الصهيونية العنصرية . يقول إدوارد ، ” لأنَّ الرّاعي الرئيسي لإسرائيل وحَليفها الإستراتيجي هو الولايات المتحدة ، ولأن الولايات المتحدة ، بخِلاف أوروبا ، هي القُوّة الوحيدة الخارِجيّة التي تَرْغب في لَعْب دَوْر مْباشر في الشرق الأوسط ، فإنَّ ذلك يُمْلي علينا الحاجة للنّظر في وَضعية عَلاقة الولايات المتحدة بفلسطين في الوقت الراهن “. وحول تقييمه للعلاقات مع الولايات المتحدة يوم كتابته لمقدمة كتابه ، أي في العام ١٩٩٢، يقول إدوارد؛ ” إن العلاقات الأمريكية الفلسطينية هي علاقات مُعَقَّدة على نَحوٍ غير عادي ، كما أنْ أوضاعها غير مُرْضِيَة. وهذا يَعود بِشَكْل ٍكبير الى ما يُمكن رَدَّه في نهاية الأمر الى كَوْنِها نُتاج لسياسات داخلية أمريكية باهِتة نوعاً ما” . يعود إدوارد الى التاريخ الحديث لفلسطين بعد حرب حزيران ١٩٦٧، ويَقول ؛ ” في العام ١٩٧٥ ، حَقَّقَ ‘هِنْري كِيسنْجر ‘ ( ما أسماه إدوارد ) إنجازاً ( للصهيونية ) مَنَعَ بموجبه إجراء أي تَعامُلات أو صَفَقات مع مُنَظَّمة التحرير ، وذلك في ذات اللحظة التي كانَتْ فيها مُنَظَّمِة التحرير قد بَدَأت في تعديل وضَبْط مكانتها الدولية عَبْر تأكيد إهتمامها بالأُمم المتحدة( والتي كَرَّستها زيارة عَرَفات الوحيدة للأُمم المتحدة في العام ١٩٧٤ — تم مَنْع عَرَفات من العودة في العام ١٩٨٨ من قبل وزير الخارجية الأمريكي ‘شُولتزْ’ بضَغْط من قبل المُنظمات اليهودية الأمريكية في إنتهاك لإتفاقية الأُمم المتحدة مع حكومة الدولة المضيفة للمنظمة الدولية )” . يقول إدوارد ؛” تَمَّ الحَظْر ، وَمِنْ وُجوه مُختلفة مِنْ مُنْطَلَق رَفْض مُنَظّمة التحرير قبول القرار ٢٤٢، ومَزاعِم إشتراكها المُتَكَرّر في الإرهاب ، ومن مُنْطَلَق إشتراطات مُسبقة مُتنوعة من النوع الذي لم يتم إخضاع إسرائيل له مُطلقاً في السّابق ، وقد عمل الحَظْر على الحيلولة دون السماح لأعضاء مُنَظَّمة التحرير من دخول الولايات المتحدة الأمريكية ؛ في العام ١٩٨٨ ، التشريع الأمريكي المَعْروف بِـ Grassley Amendment سَعى من خلال جُهْدِ أعضاء في الكونغرس Congressional fiat لمَنْع مُنَظَّمة التحرير من أنْ يَكونَ لها أي تعامُلات في الولايات المتحدة ، واٌقتضى إغلاق مكتب معلومات فلسطين Palestine Information Office في واشنطون ، وكذلك بِعْثَة فلسطين لدى الأُمم المتحدة من المراقبين PLO’s Observer Mission( وقد تم دَحْر المحاولة الأخيرة في مَحْكَمة المُقاطعة في الولايات المتحدة U.S. District Court , وبالنتيجة بَقِيَ مكان الأُمم المتحدة مَفتوحاً ) . وفِي صيف عام ١٩٧٩، أُرْغِمَ سَفير الولايات المتحدة لدى الأُمم المتحدة، “أندريه يونغ” Andrew Young على الإستقالة ، بِسَبَب ما كان بالفعل لِقاءً إجتماعياً قَصيراً مع “زهدي الطّرزي “، وهو عُضو وَفْد مُنَظَّمة التحرير لدى الأُمم المتحدة” . ويِضيف إدوارد قائلاً؛ “حتى وقت مُتَأَخِّر من العام ١٩٨٨ ، فإنَّ هذا الحَظْر الشَّال crippling inhibition لأَيِّ إتصال على الإطلاق فيما بين ممثلين للولايات المتحدة والشّعب الفلسطيني بَقِيَ سارِيَ المَفعول ، لأسباب تَعود الى نحو واسع لتأثير اللوبي الصهيوني ، وذلك في جُهْدٍ مُتَّسِقٍ مع حكومات اليَمين الاسرائيلية ” . وفي هذا يقول إدوارد : “لا يجب على المَرْء أنْ يُخطىء حول الطابع الحقيقي لهذا الحَظْر true character of this inhibition ، والذي كان في حَقيقة الأمر إمتداداً لسياسة إسرائيلية رَسْمِيّة طويلة الأمد مُتزايدة العُنْف تَقوم على العَداء الكلي للشعب الفلسطيني ، كَشَعْب ، ولمُمَثِّليه” . وتوصيفاً لذلك يقول إدوارد أنه (أي ، حتى الوقت الذي كَتبَ فيه مقدمته في العام ١٩٩٢)؛ ” ( في الضِّفة الغربية وقِطاع غزة) ، مِنَ المَحْظور ذِكْر كَلِمة ‘ فلسطين ‘ ، و رَفْع العَلَم الفلسطيني ، أوْ حتى إستعمال ألوان العَلَم ، والذي يَسِمَه بَعْض المُعَلِّقين الأمريكيين على أنه ‘ عَلَم مُنَظَّمة التحرير ‘، هذا على الرَّغم من حقيقة أنَّ كل من العَلَم وألوانه كانوا سابقين لوجود منظمة التحرير)”. مع كل ذلك nonetheless – وهُنا يقول إدوارد أن علينا أن نَتْرك عالَم النّوايا ونَدْخل من جَديد الى عالَم الحقيقة – “فقد كان هناك إتصالات فلسطينية أمريكية ، كان لِمُعظمها فائدة فَوْرية ، ويا للسُّخْرِيَة ، ironically enough للولايات المتحدة “. ويقدم إدوارد أمْثِلة على ذلك النوع من الإتصالات الأمريكية الفلسطينية، فيقول : ” …في الفترة الواقِعة ما بين مَطْلَع ومُنْتصفَّ عقد السبعينيات من القرن الماضي ، وَفَّرَت مُنَظمة التحرير الحماية للسفارة الأمريكية في بيروت ، وفِي الوقت الذي تمَّ فيه إجلاء عدد كبير من حَمَلِة التّابعية الأمريكية من بيروت عَبْر البحر في العام ١٩٧٦ ، فإنَّ هذه العملية تَمَّ تنفيذها تحت إشراف ورعاية الحُرّاس الفلسطينيين . وفِي العام ١٩٧٩، تَمَّ إطلاق سراح (١٣) رَهينة من الأمريكيين من السّفارة الأمريكية في طَهْران ، من خلال المَساعي الطّيِّبّة فقط التي بَذَلَها ياسر عرفات Arafat Intercession . لقد حَصَلَت إتصالات عَديدة ما بين مُنَظّمة التحرير والولايات المتحدة ، جميعها كانت من خلال أطراف ثالثة ، وأغلبها تَمَّتْ بصورة سِرِّيّة “. ويستطرد إدوارد ، ويقول ؛ “وعلى أي حال ، فمن النّادِر أن كانت تلك الإتصالات لفائِدة الفلسطينيين “. ويَذكر إدوارد بأنَّه ولمدة لا تَقِل عن عِشرين عاماً ، فإن المَرْء راوَده الشّعور بأن الولايات المتحدة والفلسطينيين وكأنهما بالتزامن عالمان يتحركان بالتوازي ، لكن لكل له أجندته الخاصة مع إيقاعات مختلفة ، تَستجيب لضغوط مختلفة . ويِضيف بأنّه ” في الولايات المتحدة ، كانت مسألة فلسطين على الدوام ثانوية ، مقارَنةً بالمَصالح الأمريكية الجوهرية في البلدان العربية ، وهذا بالطبع يَنْسَحِب على إسرائيل ؛ بالفعل، فإنَّ بوسع المَرْء أنَّ يقول بأنَّ فلسطين كانت مسألة أمريكية داخلية وذلك منذ العام ١٩٤٨، وعلى الأغلب بدون أي إحتجاج في أيِّ مكان في المجتمع ، من قبل اللوبي الإسرائيلي. ومن الصّحيح القَوْل، كما تمَّ ذِكْره ، فإنَّه ، ومع بروز حركة فلسطين الوطنية ، فإنَّ الفلسطينيين بدأوا يَدُسُّون أنفسهم في الوَعْي الأمريكي ، ومع ذلك ، ليس بالقَدْر الشّاسع الذي تمكنوا فيه من إختراق الوَعي في بلدان العالم الثالث أو في أوروبا الشرقية أو الغربية . إنَّ المُفارقة المُحْبِطة تَكْمُن في أنَّ جُهْداً قليلاً جداً صافياً قدْ تَمَّ بَذْله من قِبَل مُنَظّمة التحرير في سِياق العَمَل على تَحسين مَكانتها في الولايات المتحدة .لا بل وعلى نحو أدق ، فإنَّ فلسطين أصبحتْ مَسألة مُستقلة في الولايات المتحدة ، بَسَبَب أولا جُهود الفلسطينيين المَحليين والعَرَب الأمريكيين المَشكورة ، وثانياً فإن على المرء أنْ يَذْكُر العمل الذي قام به أصحاب الرأي الليبرالي أو اليساري ، والمُنظمات والأفراد المُعارضين للحرب ، وللتّوسع الإمبريالي في الولايات المتحدة ، وثالثاً ، فإنه يَجدر أن يُذْكَر تأثير عدد قليل من اليهود الأمريكيين والأوروبيين ، مثل جماعة Breira التي لم تَعِش طويلا،ً أو المجموعات المُتنوعة الداعمة لحركة السلام الآن Peace Now ، ومُقاومي الحروب ، وما شابه ذلك داخل إسرائيل. وبكلمات اخرى ، فإنَّ المعركة في الولايات المتحدة كانت وبدون إستثناء أمريكية الطابع ، وهي مَعركة وَيَا للأسف ، بدا أنها لَمْ تَحْظَ باٌهتمام كافي من قبل منظمة التحرير – بخلاف الآداء الإجمالي الأفضل بشكل عام للمنظمة في أوروبا الغربية – ويعود ذلك إما للإفتقاد لدرجة الإهتمام اللازم ، أو كما بدا في وقت لاحق ، بسبب اللامبالاة عندما تُصبح هي المهيمنة بدون مُنازِع ، أو بسبب الإفتقاد للمَعرفة ؛ وجميع هذه الأسباب لا يمكن قبولها كأعذار” . ويقول أيضاً “…وبالرّغم مِنْ تَغييراتٍ مَحدودة في المواقف الأمريكية تجاه مسألة فلسطين ، فإنَّه من الخَطأ أنْ نَنْظُر إلى الحِوار قَصير الأَمَد الذي تَمَّ فيما بين مُنَظَّمة التحرير والولايات المتحدة على مُستوى السُّفراء في تونس ، والذي كان قد بدأ في كانون أوَّل من العام ١٩٨٨ ، واٌنتهى في مُنْتَصَف عام ١٩٩٠ أكثر من كَوْنه، وَيَا للمُفارَقة ، قِطٍعة من طَلاء فِضّي إنْقَبَعَتْ من الجدار الواسع للرَّفْضِيَّة الأمريكية “، وتم تقديمها على أنها مُساهَمة مُعْتَبَرة مُسْتَمِرة للولايات المتحدة في “عملية السّلام ” . وفي ذلك ، يقول إدوارد ” إنَّ أي قيمة ، عادَت للفلسطينيين نَتيجة مَنْح الولايات المتحدة الفُرصة لإجراء ذلك النوع من الحِوَار ، قد تَبَدَّدَت عِنْدما يَعي أكثر المُتفائلين تلك الطّقوس المُهينة التي فُرِضَتْ على الفلسطينيين قبل أنْ يَأذَنْ ‘جورج شولتز ‘بالبِدْء بذلك الحوار ( ولا يَجِب أنْ يُفَوِّتْ المَرْء الفُرْصة ليقول بأن ‘جورج شولتز ‘ قَبْل أنْ يَسْتَلِم مَنْصِبَه ، مِن، غير المأسوف عليه، ‘ألكسندر هيج’ في تموز من العام ١٩٧٢، بأنَّ ‘شولتزْ’ كان يُعتبر مُحابِياً على نَحو ٍغامِض للعرب؛ من خلال سَنوات عَمَلِه والصَّفَقَات التي عَقَدَها أثناء عَمَلِه في شركة ‘بَكْتِل’ (Bechtel) ، وإتصالاته الصَدَاقِيّة مع عَدَدٍ من رِجال الأعمال العَرَب، وحتى الفلسطينيين، مِمّا جَعَلَ الكثيرين يعتَقِدون أنه بِتَوَلّيه وزارة الخارجية سَيكون مُتعاطِفاً مع المَصالح العربية . لكن ، ومع مُرور الوقت، فقد أصبح ‘شولتز’ أكثر وزراء الخارجية الأمريكيين مُحاباةً لإسرائيل ، وهي مَسأَلة وَإِنْ كانَتْ مُحَيِّرَة ، فهي مُحْرِجة جداً لأصدقائه السابقين من العَرَب)” . يُضيفُ إدوارد: ” لقد طَلَبَ ‘شُولتزْ’ من ‘عَرَفات’ أنْ يُعيدَ تَرديد عَدَدٍ من البيانات التي صاغتها وزارة الخارجية( الأمريكية ) ، تُدين (فيها) الاٍرهاب ، وتَقْبَل (من خلاها) (وُجود) إسرائيل ،وتَقْبَل القرار ٢٤٢ – والتي كانت جَميعها في ذلك الوقت تُشَكِّل عَناصِر في السياسة الفلسطينية — كما لو أنَّ عَرْضا ً أمام النّاس للنَّدَم الفلسطيني Palestinian penance ، وتعهداً رَسمياً بالإلتزام بحُسْن السُّلوك ( وهذه أمور لا يُمْكِن تَصَوُّر حُصولها في عالم السياسة والدبلوماسية ) هو فقط ما يَكْفي ” . لَمْ تَقِف الأُمور عند هذا الحد ، يقول إدوارد ، بَلْ أنه : ” وفِي الحوار الذي تلى ذلك ، فإنَّ الولايات المتحدة لَمْ تَقْبَل على الإطلاق مُصطلحات تقرير مَصير الفلسطينيين ، ولا الحَق في حُصولهم على دَوْلة ، أو في تَبَنّي redress مُطالبات الفلسطينيين إزاءَ إسرائيل . وعِندَما تم ‘تعليق’ الحوار من قبل ‘جيمس بيكر’ ، فإنَّ الذّريعة التي تم تقديمها تَمَثَّلَتْ في الغارة المجنونة ، والعَبَثِيّة pointless التي شَنّها أبو العبّاس على شواطىء تل أبيب ( والتي إنحصَرَت فيها الإصابات في صفوف الفلسطينيبن فقط) . أما السبب الأكثر واقعية لتعليق الحوار فكانت تتمثل في الضَّغط الذي مارسه اللوبي الإسرائيلي ، وذلك الروتين الذي تم الأخذ به في ذلك الوقت والمتمثل في افتقاد أَيِّ قَدْر من النُبل الأمريكي الرَسْمي تِجاه أكثر شُعوب الشرق الاوسط إرهاقاً على نحوٍ مُؤلم وأكثرها تعرضاً للايذاء “. أنهى إدوارد سعيد ، تقديم رؤيته للعلاقات المُعَقَّدة فيما بين الولايات المتحدة وفلسطين ، بالقول : ” بالرغم من كل ذلك، فإن العَدالة تَقْضي بأنْ يتم أيضاً إخضاع الجانب الفلسطيني من هذه الحكاية المُؤسِفة للتحليل المُعَمَّق rigorous analysis . وفي هذا الخصوص ، يقول إدوارد سعيد ، ، فإنَّ ما يَبدو أنه وَسَمَ طريقة منظمة التحرير في التعامل مع ما هو في الحقيقة الحقل الرئيسي لمنظمة التحرير خارج حقل منطقة الشرق الأوسط ، كان في واقع الأمر مَوقفاً ينطوي على عدم الإكتراث غير المعقول incredible insouciance ، المُصاحَب بسُوء التوقيت وسُوء الحِسابات ، وكذلك على الرَّفْض الصَّريح لتركيز الجهود الدبلوماسية والسياسية في داخل الولايات المتحدة” . ويقول ؛ ” في الفترة التي تَلَتْ كامب ديڤيد ، فإنَّ عَدَداً من المُبادرات الخاصة ، أبْقَتْ حِواراً سِرِّياً قائِماً فيما بين إدارة الرئيس كارتر ومنظمة التحرير في بيروت. في العام ١٩٧٩، على سَبيل المِثال ، فقد كان من المُمْكِن ، بل حتى من المُؤكد ، أن يَحصل حِوار سَريع ومُفيد ما بين الولايات المتحدة ومُنَظّمة التحرير لو قَبِلَت مُنَظَّمة التحرير في حِينِها القرار ٢٤٢، مع إبداءها لتَحَفُّظات طَويلة ، أي بمَعنى آخر ، بإدخال فَقَرة تَتعلَّق بمُعارَضة الفلسطينيين للقرار ٢٤٢ من حيث أنَّ القرار ٢٤٢ بنَصِّه الصادر في العام ١٩٦٧، لا يَنْطُق بأي شيء حول الحقوق الفلسطينية. إنَّ هذه المُبادرة قد تمَّ إحباطها على نحو مُحَيُّر ، مع أنَّ ‘جيمي كارتر’ بِنَفسه كان هو الرئيس الأمريكي الأول الذي نَطَقَ في مطلع عام ١٩٧٧ بمُصْطَلح ‘ وَطَن فلسطيني ‘ a Palestinian homeland ” . ويعود إدوارد سعيد الى تجربته الشخصية ، فيقول ؛ “… وإذا كان لي أن أعتمد على تجربتي الشّخصية ، فأنا أستطيع أن أشْهَد عن مُحاولات عَديدة من قِبَل فلسطينيين ، وغيرهم من الأصدقاء مُقيمون في الولايات المتحدة للإستحواذ على التزام من القيادة الفلسطينية لفِكْرة تقوم على إيلاء الحساسية المرهفة والتفصيلية والشاملة لما يجري في الولايات المُتحدة وضرورة أن تَوَلي القيادة الفلسطينية إهتمامها والتزامها بذلك ، وإبقاءه وتنميته وتطويره ؛ لَمْ يحصل ذلك ولَو على قَدْر يسير ، هذا على الرغم من أنه في بلدان مثل بريطانيا ، فرنسا ، السويد ، إيطاليا ، وفِي الواقع في بلدان الإتحاد الأُوروبي ككل ، فإنَّ الجهود السياسية والإعلامية الفِلسطينية كان مؤثرة وفعالة. إنَّ التمثيل الفلسطيني الرّسمي في الولايات المتحدة بَقِيَ هيكليا ؛حيث بَقِيَت مَواقِف مُنظمة التّحرير وتعاملاتها مع الولايات المتحدة ( كُلّها ما عد القليل جدا منها ) خارج نطاق اطلاع التيارات العميقة التي تَجري في جِسْم المجتمع الأمريكي ،وفِي مؤسساته وتسري في تاريخه، وخارج نطاق التأثير عليها او تَوجيه مسارها ” . ويُضيف إدوارد ، فيقول: “إنَّ جُزْءاً كبيراً من المُشكلة تأتي من الحقيقة الصّارِخة بأنَّ السياسة الفلسطينية هي في الجوهر سياسة عربية ، في حين تَسْكُن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية في عالَم مُختلف كلياً ، من حيث أنه وعلى سبيل المثال ، فإنَّ الإعلام ، والجامعات ،ومراكز الأبحاث ، والكنائس ، والجمعيات المهنية ، وإتحادات العُمّال في المُجتمع المَدَني ، يلعب كل منها دوراً مُهِمّاً في معظم الأحيان بُضاهي في أهميته الدور الذي تلعبه الحكومات المَرْكَزية في المُجتمع السياسي. أما الفرق ما بين هذين العالمين ، فبالكاد يتم إظهاره عندما يظهر ياسر عرفات على شاشات التلفزيون . إنَّ صُعوبات ياسر عرفات ليس فقط في التّعبير عن نَفْسِه بلُغة إنجليزية ، ولكن في تقديمه الكُلّي لنفسه ولصُورَته ، كان يُسْتَعْمَل باٌنتظام لغير صَالِحه؛ وهذا الأمر كان يتم على نحو مُختلف قَليلاً عندما يتم إظهار أيٍ من مُعاوِنيه على شاشة التلفزيون . أمَّا النتيجة الصافية لهذا الظُّهور أو الإظهار ، فهي في تَمثيل وتَقديم فلسطين عُموماً على نحو غير مُناسب underrepresentation of Palestine ، وهو أمر يحمل تأثيرا أقل بكثير من النتائج التي تحققت في الوعي الغربي الذي أوقدته الإنتفاضة. ويُثير هذا الإختلاف الكثير من الغيظ عندما نَتَذَكَّر أنه وخِلال العُقود السابقة فقد كان قد إرتفع مُستوى الوعي بثبات لدى الرأي العام الغربي والأمريكي على الأخص فيما يتعلق بفلسطين بما هو في صالح الفلسطينيين وفِي صالح إنهاء الإحتلال”. بهذا ، أُنهي هذا الفَصْل من فصول مقدمة ادوارد سعيد عن ما اسميته القضايا المسكوت عنها في استراتيجية النضال الوطني الفلسطيني . ويبقى ، من المُقدمة فصل أخير عنونه ادوارد سعيد بـ ” في معرض التقييم ” يُلخص به ما خَلُص اليه في مقدمته . عبد الرحمن البيطار – هايدلبيرغ 
#عبد_الرحمن_البيطار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع إدوارد سعيد في رحلة علاجي
-
قضايا مسكوت عنها في النضال الفلسطيني
-
مسودة أولية حول -مشروع الحل الديمقراطي للمسألتين اليهودية وا
...
-
حول شعار - أعيدوا الجنسية الأردنية للمقدسيين-
-
رد على الصديق فهد .. وتأكيداً على قرار التقسيم رقم 181
-
الحلقة العاشرة : إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموق
...
-
الحلقة التاسِعة : إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق المو
...
-
الحلقة الثامِنة : ما هي التطورات المتعلقة بقرار تقسيم فلسطين
...
-
الحلقة السابعة : إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموق
...
-
الحلقة السادسة : إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموق
...
-
إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموقف الأمريكي من قرا
...
-
عن الموقف البريطاني من قرار التقسيم وتفاصيل اجتماع توفيق ابو
...
-
المطلوب بخصوص قضية اللجوء الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين
-
الحلقة الثانية : قراءة في تفاصيل الموقف الامريكي من قرار الت
...
-
- كَلَّات - مَلِك البلاد ، و -الغد- وصفقة القرن ....!؟ هكذا
...
-
قراءة في تفاصيل الموقف الأمريكي من قرار التقسيم رقم ١&
...
-
رسالة الى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
-
وقائع استجواب -بومبيو-: لا حل دولتين.. وضم الضفة الغربية -لإ
...
-
الحل الديمقراطي في فلسطين
-
في الهمِّ الوطني والقومي الراهن : رسالة الى والدي( وهيب البي
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|