|
الفارق بين من يستجدي تصريح يتيم وآخر يستجدونه لمشاركته باحتفالاته الحزينة وانتصاراته المقدسة الرنانة ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6477 - 2020 / 1 / 30 - 21:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مروان صباح / بادئ ذي بدء ، قال الله تعالى في سورة يوسف ( اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخلُ لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين ) تماماً بهذا المنطق يتعامل الإسرائيلي مع الفلسطيني ويعتمده كأسلوب مرن بإلغائه ومن ثم يتوب بعد اقتراف ذنبه وبالتالي يحقق هدفين معاً ، الإلغاء والصلاح، ابداً لم يمرً الرئيس الفرنسي ماكرون في القدس دون أن يسجل على جدرانها موقفين الأول النزاع الشكلي الذي دار بينه وبين افراد الجهاز الاستخبارات وحراس حكومة إسرائيل وبالتالي تكفل الرجل خلال زيارته داخل القدس القديمة بالمحافظة على القوانيين المتبعة في الكنيسة التابعة للأراضي الفرنسية ، لكن وقوفه أمام حائط ( البراق / المبكى ) ووضع يديه على جدرانه ومن ثم كتابة فقرة في سجل كبار الباكين ، شيء مختلف ويفسر لماذا العالم الغربي أجتمع في القدس ، كأن المحتفلون بذكرى المحرقة وايضاً هو احتفال بالقدس كعاصمة للدولة العبرية ، يقولون بصمت وأمام الحائط ، إلى متى ستبقى تحمل أسم المبكى ، ألم يأتي اليوم لتدخل الفرحة إلى قلوب من يؤمن بهيكلة الهيكل وبالتالي آن الأوان أن يتحول البكاء إلى سرور ، ولأن الإسرائيلي أو اليهودي بصفة عامة ، يتمتع عبر العصور بصفة التاجر ، إذن جميع الأمور لديه تخضع إلى العرض والطلب وطالما العروض متنوعة يوجد طوابير من الطلاب .
يبقى السؤال ، وهو سؤال افتراضي ، لو أقدم الفلسطيني على دعوة من جاؤوا إلى القدس لزيارة مدينة رام الله من أجل التباكي على الأرض المحروقة التى يتبعوها المختارون من الرب ، هل سيلبون الدعوة ، ابداً لأن ببساطة الفلسطين لا يملك ما يعرضه دولياً ، لقد احتلت القدس والمنطقة بالكامل في التاريخ وتمكن صلاح الدين تحريرها وأعادها من أيدي الصلبيين بعد اسقاط الدولة العبيدية في مصر 909 / 1171م التى اتخذت مذهب الشيعي من الفرع الإسماعيلي مذهباً رسمياً للدولة ، وبالتالي في مراجعة أوليه سيجد المقلب لكتب التاريخ بأن الحاضر يتشابه مع الماضي ، فبعد تقسيم المستعمر للجغرافيا العربية الذي اندرج تحت مسمى سايكس بيكو ، تمكن التقسيم من تفتيت القوة الكامنة في الإتحاد ومن ثم جاءت الخطوة التالية التى ساهمت في تمكين طبقة سياسية معينة ، حرصت اثناء حكمها على إنشاء مجتمعات متخلفة التى تحولت إلى أكبر ملتهم للأسواق الخارجية ، أما الخطوة الأهم هي تغذية الخلاف الأساسي في الأمة ، وبالتالي اليوم تعيد الدول الغربية تمكين الدولة العبيدية بفرعها الجعفري الآخر من جغرافيات رئيسية في كل من العراق وسوريا وجزء من اليمن الذي خلق صراعات متنوعة أفقد الأمة ما تبقى لها من تماسك ، وهذا يتيح للقوى الكبرى صنع ما يحلو لهم في فلسطين أو أي مكان آخر .
مازال العرب لا يعوا حجم الخسائر التى تكبدوها منذ الاستعمار إلي يومهم هذا ، ما جرى في كل من سوريا والعراق على وجه التحديد ، شيء يشابه لما صنعه هولاكو ، ولأن الأغلبية لا تجيد دراسة محتلها ، الذي يجعلها تتنقل من إخفاق لآخر ، فالفلسطيني والعربي عامةً يتعاملا مع مجموعة تعتقد بأن العرب قد اغتصبوا أرض الميعاد التى كان الرب قد أخصها لبني إسرائيل وحدهم دون الآخرين وبالتالي عندما يشير نتنياهو وغيره من قيادة الكيان الصهيوني بأن القدس موحده لدولة إسرائيل ولا تقبل التقسيم ، يؤكدون على إلتزامهم الديني وهذا الالتزام عابر لا يقف عند عتابات الديانة اليهودية ، بل الأمر لا يتوقف هنا فحسب ، لأن أرض الميعاد لا تقتصر على الجغرافيا الفلسطينية بقدر أنها تشمل إسرائيل الكبرى وبالتالي ، فلسطين ليست سوى خطوة أولى في مشروع الصهيوني المسيحي ، وكل ما يطرح خلاف ذلك فهو بعيد عن الذاكرة الممتدة وسيتضح مع الزمن بأنه فاقد للأسس التكوينية للصراع ، ولكي لا يقع المرء في اختزالات طفولية ، لا بد من إقرار دروس طويلة في العصر الحديث ، لا تتوقف عند النكبة والنكسة وبينهما بل لم تكن جميعها خواتيم المآسي العربية ، ففي واحدة من كبرى الأحزان ، أرسل الرئيس الأسبق للحكومة الإسرائيلية مناحم بيغن رسالة أخوية إلى الرئيس الأمريكي رونالد ريغان أثناء اجتياح لبنان وحصار جيشه للعاصمة بيروت عام 1982م ، قال فيها ، أنني أشعر أنني مُخول بإرسال جيش صنديد لكي يضرب حصار حول مدينة أسمها برلين ويجثم في داخلها وبين العُزل رجل اسمه هتلر .
يحمل الجيش الإسرائيلي عقيدة واحدة لا تقبل للتغير أو التدخل ، في المقابل ، لا يوجد في الطبقة السياسية الإسرائيلية شخص يمكن له التنطح للمشروع الصهيوني ، لهذا عملت أركان الجيش على محاصرة الفلسطينيون داخل الجدار الفصل ، وبالتالي جوهر بناءه هو نوع من الانتقام ، يرغب التاجر اليهودي مشاهدة الفلسطيني يبكي على الحائط بأثر رجعي ، لكن هنا البكاء سيكون مضاعف لأنه يشمل القدس وفلسطين التاريخية والقرى المترامية هنا وهناك ، وسيرسل أحد جهابذة حزب الليكود إلى الرئيس الامريكي في البيت الأبيض يبلغه بأن الجيش المقدام يحاصر من سولت لهم أنفسهم بأحتلال أرض الميعاد وهاهو الجيش الباسل نيابةً عن من يؤمن ببناء الهيكل يتولى محاصرتهم حتى إشعار آخر ، وبالتالي البكاء لم يعد علامة فلسطينية خاصة بقدر أن عرب العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا يبكون ليلاً نهاراً من حصار مفروض من دولتين ، العبيدية والصهيونية .
اخيراً ، كلمة الرئيس ابومازن التى جاءت بعد إعلان الخطة الأمريكية والتى تتكفل بإعطاء المهزومين دولة بقياس هزيمتهم ، خلاصتها ، تشير إلى حنين عميق للكرامة والحرية ، وبالطبع ، ولأن الفلسطيني كما العربي ، لم يحسن التصرف عندما جاءته الفرص ، اضاع فرصة تلو الآخر ، يضطر الآن استخدام عبارة الكاتب الروسي تشيخوف ، ( لا أملك انتصارات مدهشة لكنني أستطيع ادهاشك بهزائم خرجت منها حياً ) . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قناة الجزيرة والأمير محمد بن سلمان ...
-
تكّلِفة الرد وتكلفة السكوت ...
-
تواصل الحركة الصهيونية تفكيكاتها ، التحالف الجديد للصهيونية
...
-
الفارق بين من يسوق البحر وأخر يجدف في البانيو ..
-
الانعطافات الكبرى لخروج الامريكي من العراق قبل تحقيق الدولة
...
-
فلسفة رياض سلامة للذباب والدبابير ...
-
سلطان قابوس أعتمد نظرية رأس النبعة ...
-
الفارق بين بناء نظام حداثي وآخر يريده نظام ابتلاعي فقط ...
-
سقوط الطائرة وسقوط الاستثناء ...
-
خلطة من الجعفرية والغفارية والرداكالية ...
-
القوة أمام من يريد حفظ ماء وجهه / ماء الوجه لا يقدر بثمن ..
-
رفاق السلاح يختلفون على العراق / مآلات تجميد أو إلغاء الاتفا
...
-
اللعبة انتهت حان وقت العمل ...
-
المهمة الوحيدة ...
-
الذكرى بين الماضي المجيد والحاضر المتعثر ..
-
الضربات الجوية تحول الحمقى إلى حلماء ، سبحان الله ...
-
على حين غرة تم إسقاط البروفيسور
-
جينيفر كراوت الصوت الذي كان يكافح للظهور في موقع آخر ...
-
بناء الجدار خطوة أولى لبناء الهيكل ...
-
إخوان فلسطين يسيرون نحو ترسيخ معالم الهوية الخاصة ...
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|