|
النموذج الامريكي لتحررالمرأة العراقية؟
طه معروف
الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 12:46
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
احدى الأدعائات الامريكية حول الاصلاح ونشر الديمقراطية ،هو مشاركة المرأة في الحياة السياسية في دول الشرق الاوسط والعالم العربي ولكن الانظمة الاستبدادية التي تستند على سلسلة من المعايير والضوابط القانونية المستندة على الافكارالقومية العشائرية والشريعة الاسلامية ، تجعل من حرية المرأة ومشاركتها الفعلية في الحكم أمرا مستحيلا وفق تلك التصورات الرجولية السائدة في المجتمع. ان التجارب التأريخية العالمية لنضال المرأة في مسار تحقيق مساواتها بالرجل لم تبدأ يوما بالمشاركة في الحكومة وإنما بنقد وتكنيس النظم والقوانين الرجعية المعادية لتحررها والتي تستند عليها انظمة الحكم لفرض العبودية عليها. ولكن هذا( الموديل الامريكي )حول المشاركة السياسية للمراة في ظل سيادة الشريعة الاسلامية والافكار القومية والعشائرية لا تمت بصلة لتحرير المرأة و المشاركة الفعلية في الحياة السياسية والاجتماعية وإنما خدعة مفبركة امريكية لإنتاج موديل من الانظمة حسب النموذج الخليجي ((اي إضفاء الشرعية على عبودية المرأة من خلال المرأة نفسها وتحويلها الى وسيلة للوقوف خلف الرجال كقوة احتياطية لمحاربة حرية المرأة )). المشاركة في الحكم ، أي حكم، يشكل محتوى تحرر المرأة وفق النظرية الأمريكية، فقد اصبح خضوع المرأة للشريعة الأسلامية والمجتمع الرجولي ثمنا لمشاركتها في الحكومةالأفغانية وحصول ،شيرين عبادي ،على جائزة نوبل هو ثمن لتقديسها الرموز الدينية ، وهي ترتدي الملابس الاسلامية امام الاسلاميين وغيرها امام الغربيين. وفي العراق دخلت هذه النظرية الهوجاء واستقبلتها التيارات الاسلامية والقومية وفجرت مسألة إشتراك المرأة في الحياة السياسية وقررهؤلاء بشأنها وحددوا نسبة مشاركتها في الحكومة ،ولكن،إشترطوا عليها الخضوع لما جاء في القرآن والسنة ثمنا لذلك وقدموا مجموعة من المنظمات النسوية " المؤمنة" بهذه الاطروحة الرجعية منحرفين بذلك عن مسارتحرر المرأة، فبدل النضال ضد القوانين والشريعة والافكار القومية العشائرية التي تشكل عصب هذه الحكومة ، اعلنت تلك المظمات " النسوية" التضامن معها وزعمت بان حرياتهن مرهون بمشاركتهن في الحكومة الطائفية المعادية حتى النخاع لتحرر المرأة ومساواتها بالرجل.إن تعميم هذا التوجه الامريكي في هذا العصر هو بحد ذاتها اكبر ضربة للحركات النسوية بل هو تسليم والقاء السلاح امام اعداء حرية المراة .إن التحريض على مشاركة المرأة في الحكم في ظل سيادة قوانين المجتمع الرجولي هو بمثابة تسليح قطاع من المرأة ضد حريتها بالذات وايران مثل حي على ما نقول حيث استفاد النظام الاسلامي بشكل جلي من مشاركة المرأة في حملته العدائية على الحركات النسائية المساواتية وعن طريقهن تمكن النظام ان ينقل للمرأة رسالة الرجم بالحجارة وفرض الزي الاسلامي وتحريم العشق والحب ...الخ .إنتشرعدوى هذا الداء بسرعة قصوى ايضا في كردستان العراق وشملت معظم المنظمات النسوية التابعة للحركات القومية الكردية والاسلامية وخلال تشكيل الكابينة الخامسة لحكومة الاقليم فجرت تلك المنظمات النسوية مسألة تهميشهن في وزارات حكومة الاقليم حيث لم تحصل المرأة منها سوى على ثلاث وزارات من مجموع 42 وزارة ،وهذا أمر طبيعي جدا ولا ينتظرالمرء منهم اكثر من ذلك ،ولكن غير الطبيعي في الامرهو شكوى تلك المنظمات النسوية التي تحاول تغطية الماهية العدائية لحكومة الاقليم للمرأة واقتصار نقدها على تهميش النساء فقط ، اي أن القوانين والشريعة والافكار الرجولية التي تستند عليها الحكومة المذكورة ليست العائق الاساسي امام تحررهن و سببا مباشرا لسلب ابسط حرياتهن وإنما"القصور لدى الحكومة" ادى الى هذه الحال(( وبتوجيه))من حكومة الاقليم نظموا حركة تحت اسم "اسبوع الموقف" احتجاجا على هذه النتيجة، التي فضحت الحكومة وكشفت عدائها للمرأة وحركاتها المساواتية ،وان اسبوع الموقف لن يكتب له النجاح و ستكشف في محاولتها لإخفاء الطبيعة المنتناقضة لهذه الحكومة التي تتمسك بحزمة من القوانين والافكار المعادية لتحرير المرأة. إن الحركات الاحتجاجية للمرأة هي بحد ذاتها ظاهرة إيجابية بشرط ان تسير وفق مسار تحررها المتمثلة اليوم في كردستان بتغير النظم والقوانين الاسلامية والقومية العشائرية ،ولكن اسبوع الموقف في وادي، وتحرر المرأة في وادي آخر. إما النضال من اجل تثبيت النظم والقوانين المدنية التي تكفل مساواة المرأة ،وإما التنازل عن هذه الحقوق بثمن رخيص اي الحصول على بعض المقاعد الوزارية خلف الرجال، و هذا ما اتخذت منه المنظمات النسوية شعارها في اسبوع الموقف .ومن جانب آخر تتوسل بعض الشخصيات النسائية من قيادات حكومة الاقليم انقاذ الموقف و إعادة تجميل وجهها المعادي لحرية المرأة وإلا ماذا يمكن التوقع من الطالباني والبارزاني اللذان يتمسكان بالشريعة والافكار القومية والعشائرية وتعدد الزوجات في صفوف اتباعهم و يصران على العمل بالقوانين البعثية السابقة المتروكة لهم . هناك سؤال يطرح نفسه بقوة وهو :أين هي تلك المنظمات النسوية خلال 15سنة من الانتهاكات بحق المرأة في كردستان ؟ هل هي مقتنعة بقتل الشرف وغسل العار ؟وهل تلتزم بعدم تجاوز الخط الحمراء المرسومة لها . واخيرا فان نضال المرأة على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي جزء من نضال جميع الاحرار في المجتمع صوب التغير والقضاء على القوانين والافكار القومية العشائرية المتخلفة وإرساء القوانين والمؤسسات المدنية التي تضمن حقوق المرأة ومن ضمنها المشاركة الفعلية في الحياة السياسية والاجتماعية وإلا فإن الحديث عن مشاركتها في مثل هذه الحكومة التي تستند على سلسلة من النظم والقوانين الرجعية ، ليس سوى هباء وصب الماء في طاحونة المجتمع الرجولي في كردستان الذي تتحكم حكومة اقليم .
#طه_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيان هيرسي علي في ميزان الديمقراطية الغربية
-
مخاطر الأحزاب القومية الكردية على نضال و حقوق جماهير كردستان
...
-
حتمية الخيار العسكري الامريكي ضد ايران
-
من الذي يقرر مصير العراق؟
-
حول دراسة معهد كارينغي الامريكي؛ المطالبة بمحاورة الاسلاميين
-
هل تنحي ابراهيم الجعفري عن الرئاسة هو الحل ؟
-
بصدد التصريحات الديماغوجية للائمة الشيعة في العراق
-
معارك الجثث هي معارك لكسب الجماهير بأبشع الطرق البربرية
-
!هذا ما كان ينقص العراق
-
اوضاع المرأة في ظل افغنة العراق
-
مأزق تشكيل الحكومة العراقية
-
مريوان حلبجيي امام تهديد الاسلاميين في كردستان
-
الاسلام السياسي يعبرالحدود لمواجهة حرية الرأي والتعبير
-
النكسة الثالثة للقضية الفلسطينية :على هامش فوز حماس في الانت
...
-
الطالباني يشترط صلاحيات اوسع للرئاسة
-
بصدد مؤامرة الانتخابات الامريكية الاخيرة في العراق
-
ضحايا الحزب -الشيوعي-العراقي بطلاقات الاسلاميين وبنادق الحزب
...
-
حثالة المجتمع ام منتفضون ضد التهميش
-
فتوى جلال طالباني ضد المتشردين الكرد في كركوك
-
احمدي نجاد يهدد بإزالة اسرائيل ،خوفا من إزالة نظامه
المزيد.....
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|