|
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6472 - 2020 / 1 / 25 - 01:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل قضية نزاع الصحراء الغربية ، تشرف على خاتمتها النهائية بمحاولات تحلل النظام الجزائري منها ، وتخلص الشعب الجزائري من نزاع فرضته ظروف الحرب الباردة ، وعندما انتهت الحرب ، وجد النظام الجزائري نفسه متورطا في قضية اكبر منه ، وخاصه ، وانها كلفته الملايير من الدولارات كان اجدى ، واولى ان يستفيد منها الجزائريون الذين رغم البترول والغاز ، يعيشون ضنك العيش . منذ ان فتح نزاع الصحراء الغربية في سنة 1975 ، بتورط النظام الجزائري الذي كان يبحث له عن قدم يلامس المياه الباردة للمحيط الأطلسي ، يكون قد مر على النزاع ما يزيد عن خمسة وأربعين سنة مضت ، والى الآن لا يزال يراوح مكانه ، وكأننا لا نزال في سنة 1975 . عندما اعتمد النظام الجزائري قضية الصحراء الغربية ، فهو اعتمدها كقضية جزائرية بالأساس ، ولم يعتمدها كقضية صحراويين ، يطالبون بالاستفتاء وتقرير المصير . ان النظام الجزائري حين يشهر ورقة الاستفتاء في وجه المغرب ، فذلك لتبرير حالة شاذة مصطنعة ، لا علاقة لها بحق الاستفتاء ، ولا بتقرير المصير ، كحق كان المغرب من وراءه ، لان السؤال هنا ، كيف يمكن فهم تشبث الجزائر بالاستفتاء الذي نص عليه القرار 1514 الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1960 ، حيث كان النزاع يقتصر على دولتين ، من جهة اسبانيا ، ومن جهة المغرب الذي كان وراء القرار المذكور ، والسؤال الذي كان سيطرح على الاستفتاء تقتصر الإجابة عنه في محورين : المحور الأول العودة الى المغرب . المحور الثاني الاستمرار مع الاتحاد الاسباني . ولم يكن هناك محور ثالث ينص على انشاء دولة جديدة بالمنطقة ، كما حصل منذ 1975 عندما تورطت الجزائر في الحرب . وهنا نطرح السؤال : اين كانت الجزائر في سنة 1960 الذي أصدرت فيها الجمعية العامة القرار 1514 ؟ كانت لا تزال تستعمرها فرنسا ، ولم تستقل الا في سنة 1962 . ونفس السؤال : اين كانت جبهة البوليساريو في سنة 1960 ، مع العلم انها تأسست في سنة 1973 ، وتأسست الجمهورية الصحراوية في سنة 1976 . وإذا عدنا الى جميع قرارات الجمعية العامة ، التي كانت تتخذها بناء على توصية اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، فهي أي القرارات ، كانت تستعمل مصطلح سكان ، ولم يسبق ان استعملت مصطلح شعب ، ونفس الشيء بالنسبة لقرارات مجلس الامن منذ 1975 ، فكيف سيظهر على عين غرة ، وبغثة مصطلح الشعب الصحراوي في آخر سنة 1977 ؟ النظام الجزائري عندما تورط في نزاع الصحراء الغربية ، فذلك لأنه اعتبرها منذ اليوم الأول ، قضية جزائرية ، ولم يعتبرها قضية صحراوية ، فاستعمل بذلك الصحراويين ككمبراس ، واكباشا لخدمة اجندات جزائرية مبنية عل التوسع والهيمنة ، وليس على حقوق الانسان ، كالحق في الاستفتاء ، وتقرير المصير كما ينص عليهما ميثاق الأمم المتحدة ، والقانون الدولي . ولنا ان نتساءل هنا ، لان القضية هي جزائرية ، كم التكلفة التي اغدقتها ، وصرفتها الجزائر على قضية وهمية باسم تقرير المصير منذ سنة 1975 ؟ كم مليار دولار تم صرفها في نزاع فاشل منذ يومه الاول ، لان الحرب الباردة انتهت ، وحرمت منهم الشعب الجزائري أولى بتلك المليارات ؟ منذ تأسيس الجمهورية الصحراوية وقبلها منذ سنة 1975 ، الجزائر هي من تتكفل بجميع مصاريف تدبير نفقات الصحراويين ، من التكفل بتأدية أجور السفراء ، وسفارات الصحراويين ، أجور القناصل ، والقنصليات الصحراوية ، أجور المتعاونين الصحراويين المندمجين في المهجر بالمخابرات الجزائرية ، بفرنسا ، واسبانيا ، وهولندا ، وألمانيا ... لخ الجزائر هي من تؤدي أجور الوزراء الصحراويين ، والاطر المختلفة من مدنية عسكرية ، كما انّ من أموال الشعب الجزائري ، يتم الانفاق على تسليح الصحراويين ، وتدريبهم ، واستعمالهم استعمالات مختلفة ، لتبرير الانفاق الذي جزء مهم منه ، يذهب الى جيوب ضباط الجيش الجزائري الكبار . لكن انّ اكبر انفاق يخرج من أموال الشعب الجزائري ، هو تلك الأموال التي تدفع كرشوة للدول الافريقية التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية ، والاستمرار في دفعها ، حتى تستمر في الاعتراف بجمهورية ليس لها ارض ، ولا سيادة ، ولا شعب . فكم مليار دولار انفقت الجزائر على حرب خاسرة ، وفاشلة ، منذ ان تورطت الجزائر في حرب الصحراء في 1975 ؟ والسؤال هل نجحت الجزائر في توظيف نزاع الصحراء الغربية ، للاستمرار في بسط الهيمنة على الشعب الجزائري ، الذي ضاق درعا بمشكلة لا تخصه في شيء ، وهل نجحت الجزائر ، ورغم جميع محاولاتها التي باءت بالفشل ، من الوصول الى مياه المحيط الأطلسي ؟ وهل استطاعت كما كان عليه الحال في السبعينات ، من النجاح في اقناع المجتمع الدولي المدرك بحقيقة النزاع ، من الاستمرار في تأييد قضية لم يعد لها من القضية غير الاسم ؟ وامام هذا الإفلاس الذي ابانت عنه النتائج الهزيلة للمؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو ، والذي زكى استمرار نفس القيادة ، ونفس الاختيارات الفاشلة لقيادة إبراهيم غالي ، أي زكى الفشل ، يخرج السيد إبراهيم غالي بتشكيل حكومة على غرار حكومات الدول الحقيقية ، وليس الوهمية ، حيث نجد الوزراء كما يلي : 1 ) وزير النقل . ونتساءل عن الجدوى من انشاء هذه الوزارة . هل هناك طرق سيار ، طرق سريعة ، طرق ثانوية ، طرق معبدة ، محطات نقل المسافرين ، سكك حديدية ... ، وأين يوجد عنوان الوزارة بالنسبة للذين يريدون مراسلتها ؟ هل العنوان في الرّابوني ، في تفاريتي ، في تندوف ، او بالجزائر العاصمة ؟ 2 ) وزارة الأراضي المحررة . اين توجد هذه الأراضي المحررة ؟ هل في تفاريتي ، والنظام الجزائري سيرحلكم اليها ليتخلص منكم كمشكل يهدده بالسقوط ؟ ام في تندوف ام في الرابوني ، او في وهران ... لخ .
3 ) وزارة الافراد والوظيفة العمومية وترقية الإدارة . وهذه الوزارة قمة البؤس المنذر بالفشل . 4 ) وزارة التنمية الاقتصادية . والسؤال عن اية تنمية اقتصادية تتحدثون ، واموال الشعب الجزائري التي ينفقها عليكم نظامه الذي سيتخلص مكنهم بتفريتي ، بها تعيشون وتكابدون .. فعن اية تنمية اقتصادية اللهم الرداءة . 5 ) وزارة التجارة ... وهنا مع من تتاجرون وانتم تعيشون بالصدقات التي تهبها لكم المنظمات الإنسانية الدولية .. ......الخ للأسف انكم مستعملون من طرف الجزائر ، لخدمة اجندة جزائرية ، لا علاقة لها لا بتقرير المصير ، ولا بالاستفتاء ، ولا بحقوق الشعب الصحراوي التي تزيدون عليها بعض الملح ، الغير قابلة للتصرف . المشكل ليس مشكلتهم ، بل هو مشكل جزائري صرف ، ولو لم يكن المشكل جزائري ، كيف تبررون خروج وزارة الخارجية الجزائرية ، ببيان استنكار وتنديد ، لقرار ( الكافْ ) بتنظيم دورة رياضية بمدينة العيون ؟ ما دخل الجزائر هنا ، انْ لم يكن النزاع ، والقضية هما نزاع وقضية جزائرية . ثم كيف تفهمون خروج الرئيس الجزائري مرشح الجنرالات ، عندما فتحت العديد من الدول الافريقية ، قنصليات لها بالأراضي المغربية الجنوبية بتصريح يقول فيه " .. ان الجزائر لن تخضع لسياسة الامر الواقع ، وتعطيل مسارات تصفية الاستعمار .. " فما دخل الرئيس في قضية انْ لم تكن قضيته بالأساس . ومرة أخرى . كيف تفهمون اقصاءكم من حضور لقاء روسيا والاتحاد الافريقي ؟ ولماذا لم تحتج الجزائر على ذاك الاقصاء ، وهي ( الصديقة ) الزبونة الحميمة لموسكو ؟ بل كيف تفهمون اقصائكم من طرف النظام الجزائري ، وتجاهله لكم في المحكمة الدولية لتسوية المنازعات ، لو كان النظام الجزائري حقا يعتبركم دولة ضمن الاتحاد المغاربي ؟ اكيد ان النظام الجزائري ، وتحت ضغط الشارع / الشعب الجزائري سيتخلى عنكم ، لان النزاع فشل ، وحقيقة الصراع توضحت كثيرا عندما بدأت دول افريقية بفتح قنصليات دبلوماسية بالأراضي المغربية الجنوبية ، وهو اجراء يعترف بمغربية الصحراء ، ناهيك عن التراجع المهم بدول امريكا اللاتينية كبوليفيا التي سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية . فمنذ 1975 ، لأول مرة سينتفض الشعب الجزائري في حراكه ، الذي لا يزال متواصلا ، مطالبا بإغلاق قواعد البوليساريو ، واخراجهم من الجزائر ، والمطالب الشعبية لا تزال مطروحة كشعارات في المسيرات التي لا تزال تجوب الجزائر كل يوم جمعة . ان تراجع القيادة الجزائرية واضح منذ المرحلة الانتقالية التي قادها القايد صالح . فبعد ان اتضح وبالأذلة ، شروع جماعة بوتفليقة في استعمال جبهة البوليساريو في الصراع الجزائري / الجزائري ، لم يتسنى القايد صالح في ضبط الانقلاب الذي كان سيوظف فيه البوليساريو ، ضد حراك الشعب ، فكان ان اسرع القايد صالح في اخضاع المخيمات لحصار صارم من قبل الجيش الجزائري ، كما قيد حركة الصحراويين بالمخيمات ، وفرض ضبط صارم على أبواب المخيمات ، ليضبط حركة الدخول والخروج منها ، وحتى يحد من الأنشطة المشبوهة للبوليساريو ، قنن المساعدات الاجتماعية التي كانت تتوصل بها المخيمات ، ووضع سقفا للمحروقات التي يخصصها الجيش الجزائري للمخيمات ، إضافة الى الرسائل المشفرة والواضحة التي كانت تنشرها المواقع الالكترونية الجزائرية ، وتصريحات جزائرية لقادة ومواطنين . القيادة الجزائرية ، وبعد ان اعتبرت قضية الصحراء الغربية قضية جزائرية ، وكلفتها الملايير من الدولارات التي تبخرت مع الريح ، فهي مجبرة تحت ضغط الشارع ، بتغيير أسلوب تعاطيها مع قضية ، فشلت فشلا ذريعا منذ خمسة أربعين سنة من بدايتها . فعندما يرفع الشعب الجزائري شعارات مناوئة في وجه البوليساريو ، ويطالبه بالرحيل ، وبالخروج من الجزائر ، ويطالب النظام في عدم الاستمرار في تبذير أموال الشعب في قضية خاسرة ، وعندما يكشف النظام في اطار صراع بين عناصر النظام ، بتوظيف البوليساريو في الصراع كطابور خامس ، اكيد ان القيادة ، وما دام الحراك مستمرا ، ستفكر في حل جهنمي سيكون الاستمرار في تبني القضية الصحراوية ، لكن ليس من الجزائر ، بل من المناطق التي يدعي البوليساريو انها أراضي محررة ، أي ابعاد البوليساريو الى تفاريتي في الخلاء . هكذا سيستمر النظام الجزائري من بعيد ، في اعتبار قضية الصحراء الغربية قضية جزائرية ، لكن اكيد سيتخلص منها ، كما سيتخلص منها الشعب الجزائري ، بإبعاد الجبهة الى تفاريتي بتقديم وعود معسولة ، من قبيل وجود البترول والغاز ، والمياه الجوفية التي ستجعل من صحراء قاحلة ، جنة من جنات الله في الأرض . ومرة أخرى ماذا تنتظر القيادة الفاشلة لجبهة البوليساريو ؟ منذ سنة 1991 ، أي منذ تسعة وعشرين سنة وهي تنتظر الاستفتاء ، كما انها تراهن على الأمم المتحدة التي لا تعير أهمية للمشكل ، لأنه غير مؤثر في الامن الدولي . الاستفتاء لم ينظم ، واصبح لا غيا امميا ، والأمم المتحدة لم تزغ عن قراراتها الاعتيادية منذ 1975 . الآن الصحراء بيد المغرب ، وحملات التشويش التي يقوم بها انفصاليون الداخل تبقى هامشية غير مؤثرة ، والسيادة المغربية اكتملت ببسط السيادة المغربية على مياه الأقاليم الجنوبية لمسافة المائة ميل ، وهي رسالة ليست مشفرة ، بل انها رسالة ناطقة بما تحمله من حمولات لعدة جهات لزمن الصمت .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
-
هل النظام المغربي معزول ؟
-
جريمة / Crime
-
المجتمع الاسباني والعنصرية / La société espagnole et le raci
...
-
سنة وثلاثين سنة مرت على انتفاضة يناير 1984
-
قطر / اسرائيل ضالعتان في اغتيال الجنرال قاسم سليمان
-
كلمة أمازيغ
-
نفس المسرح // Le même théâtre
-
المغرب -- اسبانيا // Maroc -- Espagne
-
الحكومة الاسبانية
-
ايران - امريكا // Iran - SA
-
تعطيل تنفيذ احكام ( القضاء ) في حق الاملاك العامة للدولة
-
قصيدة شعرية / المغرب المنسي .
-
الرئيس دونالد ترامب
-
فخ المشكل الليبي : هل ستسقط فيه تركيا ، ام هو فخ منصوب لمصر
...
-
هل ستندلع حرب نظامية بين امريكا وايران ؟
-
كيف استطاعت الولايات المتحدة الامريكية من الوصول الى قاسم سل
...
-
الجنرال قاسم سليمان
-
الحوار المتمدن // Ahewar.org
المزيد.....
-
الشرع: الرياض ستدعم سوريا لبناء مستقبلها
-
الاتحاد الأوروبي والرد على واشنطن
-
واشنطن تجمد ملياري دولار من أموال روسيا المخصصة لمحطة -أكويو
...
-
- الجدعان الرجالة-.. مشهد بطولي لشباب ينقذون أطفالا بشجاعة م
...
-
مفاجأة غير سارة تنتظر أوكرانيا من أحد حلفائها
-
زيلينسكي لا يعرف أين ذهبت الـ200 مليار دولار التي خصصتها أمر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في ثماني مقاطعات أوكرانية
-
قطر: مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة يفترض أن تبدأ غدا
...
-
مصر والكويت توقعان اتفاقية عسكرية
-
نائبة رئيس الوزراء الكندية السابقة تتهم الولايات المتحدة بال
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|