أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مزهر بن مدلول - سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد 3















المزيد.....


سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد 3


مزهر بن مدلول

الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:23
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


سناءُ الانصار .. سنوات ازدحمت بالمجد –3 -
مزهر بن مدلول
تحية الى الشهيد النصير ملازم شيرزاد

للجبل لغة اخرى ، ابجديتها تبدأ بحروف الموت ، كان عليَّ ان اتعلمها ، وإلاّ ...
اهتديت بمشقة الى الخيمة ، التي انحشر فيها خمسة من الانصار .
لا ارى شيئا ، ظلام المكان ، يشبه في شدته عتمة قبر، وكنت اعتمد على ماتحسه قدمي ، فوصلت .
اريد ان انام ، انا متعب جدا ، وعند منتصف الليل سيكون دوري في حراسة الموقع .
اخذت بطانيتي ونمت . قبل ان اغفو ، تقلبت الى اليمين والى اليسار ، محاولا ان اجد طريقة مريحة لجسدي المرهق . لكني كلما تحركت ، شعرت بأن شيئا يتحرك هو الاخر في فراشي ، مرة عند قدمي ، واخرى يقفز بسرعة ، ويجثم فوق صدري . في البداية لم اكن مهتما بالامر ، وظننت بأن احد البراغيث ، الذين تآلفوا معنا قد اقلقته الحرب ، فأخذ يقفز هنا وهناك ، مسرورا ومطمئنا بمجيئي . لكن عندما تكررت الحالة ، تبين لي ، بأن هذه الحركة كبيرة الحجم ، فنهضت من منامي ونفضت البطانية لعدة مرات ، ثم عدت الى النوم .
حاولت ان اطرد كل هواجس الخوف وتركت جسدي مستسلما باسترخاء تام من اجل ان انام ولو لبضع دقائق ، فساعة الحراسة تقترب .
هدوء تام ، لانجموم في السماء ولاقمر ، وليس من اي بصيص لضوء ، من اي مكان ، وهناك بعض من شخير متقطع، لانصار غارقين في التفتيش بين ملفات الذاكرة ، عن شئ جميل باقي في صفحاتها لسنوات من العمر مرت ، و ينتظرون ساعات حراساتهم التي ستاتي تباعا .
هكذا كنت على وشك ان اطبق اجفاني ، واذا بالحركة تعود بقوة ، كانت كمن يبحث عن شئ بين ثيابي ، تقلبت متجاهلا فازدادت الحركة ، عند ذاك قلقت ، ولم استطع ان انام حتى سمعت صوت الحرس وهو يصرخ [ جي زه لم .. راوسته .. راوسته ] .. فأنتعلت حذائي السمسون على عجل وتأبطت سلاحي وخرجت من الخيمة .
وبالرغم من اني لا ارى شيئا لكني رحت انا الاخر اصرخ .. راوسته .. راوسته .
كان هناك سرب من المهربين يقتربون من الحرس ويشعلون المصابيح [ اللايتات ] ليقولوا نحن ليس اعداء ، ومعهم العشرات من البغال المحملة باللوز والفستق الايراني .
[ دولي كوكا ] ، اخر المعاقل ، والوادي ، الذي اقمنا فيه دولتنا المستقلة .
لقد عبروا حدودها ، وعليهم ان يدفعوا [جمركا ] لبضاعتهم المهربة ، كنا نتسلم الضريبة على ضوء عدد البغال ، بغض النظر عما يحمله ذلك الحيوان من بضاعة . بعد نقاش وجدال وشكوى المهربين من كثرة الاحزاب ، التي يدفعون لها ، وشكواهم من الذي ينتظرهم في الجانب الاخر من الجيش والجاش ،الذين سيدفعون لهم ايضا ،حصلنا على مانريد ، من النقود بالعملة الايرانية [ التومان ] ، ثم اطلقنا سراحهم ، بعد ان وعدونا ، بانهم سيجلبون عند عودتهم بعض المعلومات عن تحركات الجيش ونوايا السلطة ، ونحن متيقنون بان السلطة ستطلب منهم ايضا معلومات عن تواجدنا في المنطقة . انهم معنيون بتجارتهم لااكثر . جائت نوبتي بالحراسة ، فودعت الحرس الذي قبلي ، واحتميت بصخرة ، استخدمتها كدرع يقيني رصاصة غادرة من الخلف . ركزت سمعي .. فهي الحاسة الوحيدة في هذه العتمة ، يمكن الاعتماد عليها في اكتشاف الخطر . تلك الساعة كانت طويلة ، لاتريد ان تنتهي ، وما اصعب الحراسة بحاسة واحدة ، فكم من مرة ، تناهى الى سمعي صوتا ،ولكن حين اشدد في التركيز ، لم اسمع شيئا غير صفير الريح وبعض عواء لثعالب جائعة ، يأتي من مكان بعيد ، اظن انها مثلي تشتُمُ الحروب كلها .
قبل ايام قليلة ، وصلت رسالة من صديق ، غادرنا منذ اربعة اشهر الى بودابست ، يقول فيها ، بعد ان حمّلها الكثير من التحايا والمحبة ، انه .. ويقسم باغلظ اليمين .. قد كان مشتاق جدا لساعة حراسة معنا .. كنا فرحين باخباره ، ونحسده على تلك السفرة ، لكننا ضحكنا كثيرا ، لقد كانت مجرد مزحة . انتقلنا الى هذا المكان ، بعد ان ضاقت بنا وديان كردستان ، بواسطة السيارات ، لكني اخذت من الوقت الكثير ، اتمعن بهيكل السيارة واحملق في عجلاتها ، فذلك زمن طويل قد مر دون ان ارى تلك العربة ، حتى كادت ان تغيب من ذاكرتي تماما . حينها تسارعت الصورالى مخيلتي فهاهي مدينة الناصرية ، مزدحمة بمقاهيها ، صاخبة بتمردها وذلك [ عكد الهوا ] بهوائه وهواه ..... إني أراه ...
شعلت اللايت الصغير بطريقة سرية ، مر زمن حراستي ، ايقظت الحرس الذي بعدي ، وكنت اتغلب على نعاسي بصعوبة بالغة ، ولاشك اني حين ارمي بجسدي على الفراش ساروح في [ سابع نومة ]. دسست حذائي تحت الوسادة لتكون مرتفعة قليلا ، وتسللت بهدوء تحت البطانية . عادت الحركة من جديد ..! الطناطل لاتجرأ ان تاتي الى هنا أبدا... هل ان احدا من الانصار يريد ان يمازحني بهذه الطريقة ..؟ نهضت من فراشي ، سحبته الى اخر الخيمة ، وتركت مسافة بيني وبينهم ، لكن الحركة مازالت مستمرة ولم تهدءا ، شعلت اللايت ورحت ابحث عن ذلك الكائن ، اللغز ، الذي ازعجني ، لكني لم اعثر على شئ ، ثم حاولت ان اتجاهله .
استمرت تلك اللعبة لساعات، ولم يبقى لانبلاج الصبح الا القليل، ويأست من اني سانام هذه الليلة . لكني لم انم منذ ليلة البارحة ، حين خرجت من عنق زقاق الموت باعجوبة ، فعند الغروب بدأ الجيش بالتسلق نحونا ، كنا مستعدين للمعركة ، ومطمأنين ، باننا استطعنا ان نبني سياجا من الالغام في طريقهم ، سياج يبعد عن موقعنا بنحو خمسين مترا ، وكانت خطتنا ، بان نمطرهم بالرصاص ، حال اصطدامهم بسياج الالغام . مرت ساعات ونحن ننتظر ، الرؤيا معدومة تماما ، حتى سمعنا حركة اقدامهم وهي تتعثر بالصخور ، التي تملأ منحدر الجبل ، الالغام لم تتفجر، فبادرنا باطلاق النار بطريقة كثيفة ، وكنا نرمي ونصرخ ونشتم ونتحدى ، نحن في قمة الجبل وهم على سفحه ، هؤلاء كانوا اغبياء ، فمن المستحيل ان يقتحموا المكان بهذه الطريقة ، دام الاشتباك لبضعة دقائق ، وولوا هاربين ، سررنا بذلك الانتصار ، الذي سرعان ما تحول الى كابوس مرعب ، فقد كانت القذائف تنهال علينا بشكل لم نراه سابقا ويبدو انه كان انتقاما ، يدل على ان بينهم كان بعض الاصابات ، قفزت كغيري الى قاع الملجأ ، الذي كان لايتسع لاكثر من شخص واحد ، فتكومت على جسد الشهيد شيرزاد الذي سبقني اليه ، قال لي لاتذهب ، لنموت سوية . رفست الارض دون ارادة مني ، فازعجت ذلك الكائن الذي يقاسمني اريكتي الترابية ، غضب مني .. ولدغني في ساعدي الايسر ، كان متشبثا بي ، لايريد افلاتي ، فنفضت يدي بقوة وطلبت من الانصار النجدة ، استيقضوا حين صرخت بصوت مرتفع . . اخ ... حتى الحرس ترك مكانه وجاء راكضا ، فتح الجميع مصابيحهم ، فتشنا في كل انحاء الخيمة وفي كل فراشي ، ولم نعثر على شئ . كانت اللدغة قد سببت لي ألما ، كأن حريق شب في هشيم جسدي ، وانتفخت يدي متورمة على طول ذراعي . جلسنا ندخن ، ورغم الالام التي اشعر بها والتعاطف الذي حضيت به ، فقد كنت مثارا للضحك والسخرية ولتعليقات الانصار الجميلة ، حتى انقشع الظلام ، ذهبنا الى الفراش ، فوجدنا [ ام السبعة والسبعين ] وفي فمها قطعة من لحم جسدي ، اخذتها واختفت تحت حجر !! .



#مزهر_بن_مدلول (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد
- ثلاثون يوما في سجن المطلاع
- العودة
- سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد
- سيدي الحاكم .. إسأل المتهم
- كل الحب الى الحزب الشيوعي العراقي
- قُبَّرةٌ
- تعالي معي ...!
- لكنه سيأتي
- اللوحة السومرية..... الى الشهيدة الشيوعية المنى ليزا - انسام


المزيد.....




- الشيوعي السوداني يعبر عن تضامنه الكامل مع الشعب السوري وقواه ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 595
- اشتباكات عنيفة في بوينس آيرس بين قوات الأمن والمتظاهرين احتج ...
- رائد فهمي: المنظومة الحاكمة تقف على أرض مهزوزة والتغيير الشا ...
- نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
- تزايد أعداد التكايا في الضفة الغربية.. ملاذ الفقراء والنازحي ...
- م.م.ن.ص// مرة أخرى منطقة صفرو تبرز في واجهة محاربة الغلاء
- بدء مفاوضات تشكيل حكومة المحافظين والاشتراكيين في ألمانيا
- عن جدوى المقاومة والبكاء على أطلال أوسلو
- تجديد حبس أشرف عمر 45 يومًا


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مزهر بن مدلول - سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد 3