نورد نديم
الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:15
المحور:
الادب والفن
إلى تلك الموجة التي أيقظت هذا الإغواء الخامد
قال جيفارا : " من السخافة أن يموت الإنسان غرقاً "
وأنا أقول : " ما أجمل أن يموت الإنسان غرقاً "
غارقاً في هذا البحر الذي اختار يوماً السباحة فيه رغم كل تحذيرات الأوصياء الخائفين
المحافظين على ملابسهم جافة ..
وأرواحهم أيضاً .. جافة إلى حد التشقق
يرتعبون إن ابتلت أصابع قدميهم
لم يعرفوا يوماً نشوة الطفل حين تقذف موجة بنفسها في حضنه
يقوى عليها مرة ويظل واقفاً ..
وفي المرة التالية تأخذه معها رأساً على عقب ..
ليقوم ضاحكاً لروعة المغامرة
ألم يتألم ؟
لا يبالي .. يضحك ويقف في مواجهة موجة أخرى
يتعلم أن عليه أن يقفز كي تظل مغامرته في البحر مرحة
تربطه بهذا البحر علاقة من نوع خاص
يكبر الطفل .. أمازالت الأمواج تصيبه بالنشوة ؟
أمازال اختياره بالقفز والوقوف في مواجهتها لم يتغير ؟
لا .. بل تغير
لم يعد يقوى على الوقوف في مكانه منتظراً أن تأتيه موجة
يدخل .. يسبح .. يسبح
لا يدري كم مر من الوقت
لكنه ينتبه فجأة .. يلتفت للخلف
لم يعد هناك شاطيء ..
ألهذا الحد ابتعد ..
أم أن الشاطيء لم يكن سوى سراب طفولة ؟؟
ولكن الكبار يقضون ما تبقى من سنين عمرهم في هذا البحر ..
يقطعونه مجيئاً وذهاباً ..
محاولين محاولة يائسة لملامسة سماء بلون إغوائيِ أزرق
لكنه لا يجد البحر حوله مزدحماً ..
بل بالعكس يكاد لا يرى سوى بعض الأفراد
السابحين بشكل عشوائي .. لا يعرف كيف يحلله
تتسارع الأفكار في رأسه بلا هوادة
يلامس جسده الماء .. تزداد النشوة
لماذا يبتهج ؟
هل هي السباحة ؟
أم أن الماء يمده بهذا الإحساس أنه أول من يعرفه ويأتي لتلك المنطقة ؟
أم هو تمرده على تحذيرات الكبار الجالسين على شاطيء آمن في مكان ما ؟
يتبادلون الأحاديث المكررة .. تلامس أقدامهم نفس الأرض
أم بحثه عن شاطيء جديد هو ما يدفع به للسباحة ؟
أم تلك العلاقة التي ربطت بينه وبين الموج منذ زمن طويل جداً ؟
يلقي بأسئلته جانباً .. ويضحك مثلما كان يفعل وهو طفل
ويستمر سابحاً نحو تلك السماء التي تراوده عن نفسها .
#نورد_نديم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟