أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - اليربوع الذي إبتلع عينا آدمية.














المزيد.....


اليربوع الذي إبتلع عينا آدمية.


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 6465 - 2020 / 1 / 15 - 22:01
المحور: الادب والفن
    


ثلاثون سنة ونيف
كل سنة حزمة من المسامير التي صنعت في ورشة الشيطان..
صار يتقن لغة المرايا المتحولة ذات اللغة الزئبقية المشفرة..
لقد شهدت المرآة تحولاته الفيزيولوجية والروحية والعصبية على مر عقود ثلاثة وهذا يعزى إلى العدسة اللاصقة التي أساء إستعمالها طوال شهرين محدثة ضررا فادحا في عينيه الكستنائيتن المشبعتين بخضرة خفيفة.. مخلفة آثارا جانبية مزمنة..
تعرت شجرة أهدابه وامتلأت حواف عينيه بالقذى الذي ما فتئ يتجدد باستمرار مذهل كما لو أنه خلية سرطانية خبيثة..
لم يجد بدا من اللجوء إلى مرآته ليتأمل هذا العراء الذي خلفته العدسة اللعينة ..
عبثا كان يزيل القذى المتجوهر في أطراف عينيه..ليتجدد بعد سويعات..
اختلف إلى أمهر الأطباء النطاسيين
في هذا الاختصاص لكن لم يتغير
شيئ .. باءت كل الأدوية بالفشل..
العدسة كانت وراء هروبه من معتقلات الجسد إلى جسد شفاف خارق مليئ بالأسرار يسمى مرآة..
وقد تعمقت علاقته الأيقونية الأثيرة بها .. إغتدى كائنا مرآويا مهجوسا بالتحديق في تفاصيل عينيه اللتين صارتا موضع فضول الآخرين ..
كان يتوسل للمرآة أن تحول عينيه إلى عيني إلاه أسطوري خاليتين من الشوائب والمثالب ليقاوم خفافيش النهار التي تهاجمه حتى في غابة النوم المترامية الأطراف..
صار مولعا بالنظر إلى كل شيئ ذي عينين..حتى الذبابة المهملة القميئة كانت مثار تأملاته العميقة..
-لماذا لا أملك نظرا ثاقبا مثلها..
وجناحين مدهشين يساعدانها على استفزاز أرنبة أنف الملك أو لسعة شحمة أذن المومس..
كان يرى استعمال النظارات ضربا من الحوب والمعرة وطفق بصره يغور مثل شمة في النزع الأخير..
كان لسوء إستعمال هذه العدسة اللعينة التي غيرت مجرى حياته
وقلبت مفاهيمه رأسا على عقب..
ٱنهالت على عقله طوابير من النيازك الهائلة محدثة تشققات فظيعة لا فكاك له منها..
هل ثمة حفرة عميقة داخل روحه?
كان يردد دائما أن روحه الهرمة كانت فيما مضى تسكن جسد يربوع أعمى لما دهسته شاحنة مجنونة ذات ليلة شتائية مرعبة
انتقلت إلى حيز جسده الملعون
لما قذفته أمه مثل غوريلا متعفن في أحد المستشفيات ..
لكن لماذا يراوده احساس كابوسي بأن شيئاما ما عتم يجذبه إلى سلالة اليرابيع صار يكره الأماكن العمومية ويأنف من معاشرة البشر
ويختلي في غالب الأحايين في المرحاض ..إنه يجد راحة غريبة
داخل هذا المكان الشبيه بقبر متعطن .. يخرج مرآته.. يتأمل عينيه المتآمرتين اللتين دمرتهما
العدسة اللاصقة .. يمضي ردحا من الزمن مثل يربوع ضخم تلاحقه هراوات جحيمية وأشباح
هشة لأموات المذابح الطائفية..
ثم يدس المرآة في جيبه وينصرف
ثلاثون سنة مضت..
-ماذا فعل أطباء العيون ..
-لا شيئ..
لم تفلح وصفاتهم في تقليص هوة
الحزن التي خلفتها هذه العدسة الملعونة..
البائسة أمه نهرته مرارا ليستنكف من هذا الكائن الدخيل في عيني الجميلتين بيد أنه أصر على إيذاءهما بأصابعه التي تشبه مخالب يربوع هجين..
بعد زمن غير قصير اشتد حنينه إلى استعمال هذه العدسة الكابوسية فتح عينيه المتهدلتين ثم أدخل هذا الكائن الغريب في حدقتيه ..
أحس بوخز شديد أضطر إلى نزعهما بسرعة جنونية لكن هذه المرة لم ينزع العدسة بل قلع عينه
التي سقطت من بين أصابعه مثل
جرم زئبقي شفاف ليلتقطها يربوع
يترصد حركاته بدهاء مفرط متجها نحو المرحاض بسرعة نيزك .



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يهمني العالم في شيء
- البيت الملعون
- شذرات
- النهار حبل طويل بيد الرب
- غيمة تحاول الدخول من زجاج النافذة
- أوقفوا الحرب أيها القتلة
- قلقامش الصغير
- من دفاتر بهلول
- دعاء الأرمل
- العائد من جبل الموت
- الساحر في خلوته
- نهايات غير منتظرة
- تغريدة الصباح٣
- عطور نادرة
- عذابات إرميا المهذب
- قطار ينبح في حديقة ألأرملة
- الشاعر في عوده الأبدي
- لنتفاوض يا الله
- المجد لجميزة حتحور
- متسول سيميائيات


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - اليربوع الذي إبتلع عينا آدمية.