أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - ظرفاء البخلاء














المزيد.....

ظرفاء البخلاء


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 6465 - 2020 / 1 / 15 - 04:13
المحور: الادب والفن
    


قال أحد الشعراء، الظرفاء (البخلاء)، أحمد بن أمين بن محمد سعيد، المتوفى في مكة، عام 1905 لصديقٍ له يعتزمُ استضافته على وجبة من الحلوى اللذيذة، أي الكيكة، باسمها العربي القديم؛ (العصيدة): بعد أن اقتسم مكونات الوجبة مع صديقه:
إنْ شئتَ مني (عصيدا) مالَهُ مثَلُ.... لها شروطٌ بها قد يَحسُنُ العملُ.
منكَ الدقيقُ، ومني النارُ أُضرمها..... والماءُ مني، ومنكَ السَّمْنُ والعسلُ.
الغرفُ منكَ، ومني الأكلُ أمضُغُهُ..... والشكرُ مني، إذا واصلتَ يا رجلُ.
من طرائف البخلاء الظرفاء: أنَّ جماعةً من أصدقاء بخيلٍ علموا بأنه مريضٌ بمرض الحُمَّى، فأرادوا أن يزوروه، فاقترحَ أحدُهم اقتراحا ظريفا، قال لهم: إذا رغبتم في إشفاء صديقِكم من الحُمى، أكثروا من الأكلِ في بيته، لأنه سيعرقُ، لشدة بُخله ثم، يشفيه العرقُ من الحُمى!!
من طرائف أشعار البُخلاء، أن شاعرا قال عن قومٍ اشتُهروا بالبخل:
تراهم خِشيةَ الضيفان خُرسا..... يُقيمون الصلاة، بلا أذانِ.
ما أروع الشعرَ حين يتحول من مفرداتٍ جامدة، وعباراتٍ تقليدية محفوظة إلى صورةٍ شائقة، إلى لقطةٍ سينمائية، تبعث على الابتسام والغرابة، كما قال هذا الشاعرُ في بخيلٍ، ضنَّ على الضيوف بالطعام وأخَّره، قال الشاعرُ الضيفُ، في وصف حالة الضيوف الجوعى:
يا قائما في داره قاعدا ... من غير معنى ولا فائدة
قد مات أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائدة
هذا البُخلُ حرض إبداع شاعرٍ عربيٍ آخرَ، فرسم هذا الشاعرُ صورة طريفة فريدة، لهذا البخيل، في لوحة فنية، ليست بالريشة والألوان، بل بالحروف، صوَّرَهُ وهو يعبر البحر، في عزِّ برد الشتاء، يحمل في قبضة يده حفنةً من الخردل، وهو، بذورٌ صغيرة جدا كانت تستعمل غذاءً ودواءً، ، هي أصغر من السمسم، قال:
لو عبر البحرَ بأمواجِه ... في ليلةٍ مظلــــــــــــــــــــــــــــــــــــمةٍ باردة.
وكفُّهُ مملوءةٌ خردلا ... ما سَقطتْ من كفِّهِ واحدة !!
أما قصةُ عميد كُلية البخل عند العرب، فهي من الإبداعات العربية النادرة، لأن هذا البخيل، كان يُعلم أبناءه الثلاثة فنَّ البُخل والشح، يُخضعهم لدورة تدريبة عملية، وفق هذه القصة الطريفة:
أمر بخيلٌ أولاده بشراءِ لحم، فاشترَوه، فأنضجَهُ، وأكلَه كلَّه، لم يُبقِ لهم سوى عظْمَةٍ في يده، وعيونُ أطفالِه ترمُقُهُ بحسرة الجوع، قال لهم الأبُ البخيل: لن أعطيكم هذه العظمة، حتى تصفوا كيف تأكلونها! قال المتدرب الأولُ، وهو الابن الأكبر: أمصمِصُها، حتى لا أترك فيها أثرا للنمل! قال الأب: هي ليست لك، قال الابن الأوسط: ألوكُها، وألحسها، حتى لا يعرف مَن رآها، أهي تعودُ لعامٍ، أم عامين، قال الأبُ: هي أيضا ليست لك!
قال الأصغر: ألحسُها، ثم أمصُّها، ثم أدقُّها، ثم أسفُّها سفَّا!
قال الأب، للابن الأصغر الناجح بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى في فنَّ البخل، مع نوط الشرف: هي لك!!
في تراثنا العربي الشعري والنثري دُررٌ، تستحقُّ أن تُستعادَ ، لما فيها من مرحٍ وجمالٍ، وفصاحة، وطرافة، وأن يُعادَ سبكُها من جديد لتصبح كالعملة المُتداولة، ليس فقط لأجل عُيون المحافظة على لُغتنا العربية، ولكن لتعزيز مخزونات أبنائنا الثقافية، وإثارة شغفهم بتراث أجدادهم، لكي يتحول هذا التراث من عبءٍ دراسي ثقيل، صعبٍ، مكروهٍ، إلى وجباتٍ تحتوي على بروتينات القوة، وأملاح الصحة، وفيتامينات المناعة ضد حالة الاغتراب، التي يُعاني منها كثيرٌ من أبنائنا، هم يحاولون التخلص من تراثهم، ليعيشوا على هامش العالم، أعدادا، وأرقاما، وعبئا ثقيلا على أسرهم وأوطانهم!!
قررتُ أن أكتبَ هذه اللقطات من التراث ردا على شابٍ قال لي: أدبُنا العربيُ صعبٌ، مُستغلق، ليس فيه سوى المدحٍ، والتجهُّم، و الفذلكة الشاقة، غير المفهومة!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال سليماني
- سفرٌ على حصان
- المخدرات أفضل من المتفجرات!!
- إلى منقبي العقول !!
- نتنياهو في خطابه الأخير
- السلفية السياسية
- برامج التعليم تنشر الجهل !
- حقائق وعد بلفور !
- اختراع الأبطال
- حصار رقمي على فلسطين !
- السنة العبرية الجديدة
- جمعة الكاوتشوك، وجمعة البيئة
- أثرياؤنا، وأثرياؤهم !
- غزة المقدسية !
- بكتيريا سامة في غزة !!ّ
- غزوة المياه
- نطبق نظرية إسحق نيوتن سياسيا !
- مطاردة كتاب
- كشاجم !!
- مظاهرات عنصرية في إسرائيل !


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - ظرفاء البخلاء