أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ الحلقة 3














المزيد.....

سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ الحلقة 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6463 - 2020 / 1 / 12 - 21:33
المحور: الادب والفن
    


شهران على أثر إطلاق سراح الشاب الأرمل، شيخي، وكان قد قضى عامين في السجن، وإذا بموسي يجد نفسه في مواجهة مع والده. كان ذلك بسبب قرار مفاجئ، لاقى استغراب واستنكار الابن الشديدين، يتعلق بالعمة. زَري من ناحيتها، لم يلح عليها نفس العلامات في اليوم السابق، لما تعيّن على سارة استشارتها في أمر ملح: " شيخي، طلبك اليوم من شقيقك وهما بانتظار ردك ". دهمتها صدمةٌ للوهلة الأولى، دونَ أن تدري هيَ نفسها ما لو كانت تتعلق بشخص طالب القرب أو كونها لم تتوقع إطلاقاً تقدم أحدهم لخطبتها وهيَ في منتصف الحلقة الرابعة من عُمرها. بقيت صامتة، تحلق فوق رأسها مختلفُ الهواجس، المفعمة بالقلق والأمل في آنٍ معاً. أخيراً حادت عن جادة أحاسيسها وأفكارها، لتجيب وكأنما تكلم ذاتها: " إذا شقيقي رأى أنه شخص مناسب، فلن أخالفه في الرأي ".
برغم علم موسي بقرار عمته، عوّل على تغيير رأي أبيه: " بأخلاقه وسمعته السيئة، سيجلب العار لنا لو أنك قبلته صهراً ". مع تأثر الأب بقول موسي، المفصح عنه شحوب سحنته نوعاً ما، لكنه تكلّف الابتسام حين رد قائلاً: " لو أن زَري تأمل بزوج أفضل، لما كنتُ أصلاً أتكلم معك في هذا الأمر "
" أن تبقى في بيتها، خيرٌ لها من العيش مع شخص على شاكلة شيخي. ثم هل لديه سقف يأوي إليه، هوَ مَن يقيم عالةً على أرملة العم أوسمان؟ "
" شيخي مع كل مساوئه، يتمتع بالذكاء والرجولة. سنعينه على الوقوف على قدميه مجدداً، بالأخص لأن السجن كان تجربة ناجعة كي يتبصر طريقه على هدى الخير والفضيلة "
" أرجوك، يا أبي، ألا تعتمد على النيّة الحسنة مع أمثاله "
" في حالة أنه خيّب ظني، لا أسهل من إعادة زَري إلى بيتنا "، قالها الأب بنبرة قاطعة ولو أنها تفتقد الجدية والحرارة. ثم أردفَ، كاسٍ لهجته شيئاً من اللين: " سنكسب ثواباً أيضاً، بتخليص امرأة عمك من وجوده تحت سقف بيتها. على ذلك، من الضروري أن نتدبر لشيخي عملاً وبأسرع وقت ممكن. لا أرغب أن يعيش صهري عالة على أحد، أو أن تحتاج شقيقتي لمساعدة حتى من أسرتها. أعتمد عليك في الأمر، بأن تكلم عمر آغا كي يعطيه عملاً ما ". بدَوره، أثيرت مشاعر موسي غبَّ سماعه كلام أبيه ومعاينته ما في ملامحه من قنوط واستسلام. آثر عندئذٍ ألا يبدي المزيد من المعارضة، فقال مطيّباً خاطر الأب: " سأفعل ما بوسعي كي تعيش عمتي بكرامة، وأتمنى أن يتكلل بالتوفيق مسعاي لدى الآغا ". ترك موسي مجلس أبيه، ثم ما عتمَ أن خرجَ إلى الزقاق الغارق في العتمة. حدث نفسه في حيرة وكرب: " والدي يبغي الانتقام لكرامته من عليكي آغا الصغير، وذلك بأن يزوّج أرملَ ابنته من زَري. هذا مع أن الرجل ترك له الشام ورحل، علاوة على أن السيد نيّو تصالح معه ".

***
في الصباح التالي، توجه موسي مع صهر المستقبل إلى المنزل الصيفيّ، الذي يقضي فيه عمر آغا جانباً من فصول الدفء. جاز لوكيل أعمال الآغا التفكير ملياً بأمر المهمة، ثم قرر أن من الأفضل اصطحاب شيخي معه لعل مظهره يعطي نتيجة إيجابية. إن هذا الأخير، كان فضلاً عن بنيته الرياضية لا يخلو من الذوق والأناقة في اختيار ملابسه. أما كيفَ يتدبر النقود لذلك، فلا أحد يُمكنه التكهن بالأمر سوى بربطه مع رفاق طريق السوء: لقد فتحَ لإحدى حجرات النوم باباً على الزقاق، بحجة تجهيزها كدكان، لكنها ما لبثت أن صارت مقمرة. كان شيخي يحصل على نسبة من الأرباح من مرتادي المكان، علاوة على بيعه الحشيش لهم.
وجدا الآغا في مكتب أعماله، يختفي جرمه الصغير وراء فازة مترعة بالورد الجوري. استمع لوكيل أعماله، بينما يرمق طالبَ العامل بعينين متناعستين. بعد ذلك طرح بضعة أسئلة على شيخي، وكان في كل مرة يبدي رضاه عن الإجابة. قال وهوَ ينهض بقامته القصيرة، ليتمطى قليلاً: " المزارعون هنا، يفيضون عن حاجتي، وكذلك بالنسبة للحراس والعمال الآخرين ". ثم استدرك، متوجهاً بالكلام مباشرةً لوكيله: " لكن لديّ أراضٍ في حوران، بحاجةٍ لمشرف على مزارعيها، وأظن أنّ قريبك يصلح لهذه الوظيفة ". فحّ عندئذٍ شيخي مع انحناءة على يد الرجل لتقبيلها: " الشكر لكم يا سيدي، وأرجو أن أكون عند حسن ظنكم ". سحب الآغا يده بتثاقل، ثم أعطى إشارة لوكيله كي يتبعه إلى خارج الحجرة.
بعد نحو أسبوع، أقيم عرسٌ حافل لزَري بناءً على رغبة شقيقها وفي منزله. إلا أن الرجال احتفلوا بالعريس في منزل السيد نيّو، وذلك بحَسَب الطريقة الشامية المألوفة. إضافة لرجال العشيرة والجيرة والحارة، غشيَ المكانَ وجوهٌ جديدة؛ هم في حقيقة الحال من رفاق السوء، الملتفين حول العريس فيما سبق؛ ولعلهم حضروا الليلة كي يودعوه. إذ تقرر سفر العروسين إلى حوران بعد العرس مباشرةً: لم يرغب زعيمُ الحي لشقيقته المكوثَ ولو يوماً واحداً في منزل المرحوم أوسمان، الذي آوى عريسها في أوان بطالته مذ خروجه من السجن.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ 1
- سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل العاشر
- سارة في توراة السفح: الفصل العاشر/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل العاشر/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل العاشر/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل التاسع
- سارة في توراة السفح: الفصل التاسع/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل التاسع/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل الثامن
- سارة في توراة السفح: الفصل الثامن/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الثامن/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل السابع
- سارة في توراة السفح: الفصل السابع/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل السابع/ 1


المزيد.....




- مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا ...
- مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر ...
- عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا ...
- بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
- وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
- فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..‏إما أن نَنتَصر أو ن ...
- مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...
- -من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا ...
- إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الثاني عشر/ الحلقة 3