كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 6459 - 2020 / 1 / 8 - 19:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كانت هناك مقولة تقول: ״يفقد الوزير نصف عقله يوم دخوله للوزارة و يفقد النصف الآخر يوم خروجه منها״.
ربّما كان هذا القول صحيحا عندما كان لكلمة وزير وقعٌ في قلوب أهل المطامح و المطامع و لكن اليوم لا أرى أحدا من هؤلاء الوزراء سيفقد شيئا من عقله إن فرحا يوم الدخول أو قهرا يوم الخروج. فلا وزير اليوم مازال كما كان الوزير و لا وزراء اليوم يملكون عقولا ليفقدوها، و لو ملكوها ما كانوا ليقبلوا بهذه الهديّة الملغومة التي اسمها الوزارة بعد أن صار أوّلها كآخرها إذلال شديد و مهانة.
كان الوزير إذا سمّي وزير ينطلق من غده في مهامه الجسيمة و قدره محفوظ و كرامته مُصانة.
أمّا اليوم فيُعلنون ترشيحه قبل مدّة من تعيينه فيكون مروره الأوّل عبر بوّابة ״الفايسبوك״ التي تقوم- متطوّعة- بتعريته للعموم حتى لا يبقى منه شيئا مستورا و حينها يباح لكل من له عليه ملف أو ضغينة أو حتى شيء من الغيرة و عدم الاستلطاف أن يقوم بنهشه و السخرية من شكله و التعريض به و بزوجه و بأهله.
ثمّ و بعد أن تلوكه الألسن لفترة قد تطول و قد تقصر و إذا ما تمسّك بحلم الوزارة و تمسّك به من عيَّنهُ رغم هول ما قيل فيه و ما كُتب فانه يستجمع همّته و يرتدي بدلته و يذهب ليجلس في مجلس قيل أنه لنواب الشعب و فيه يمنحون الثقة للمقبلين على الوزارة فان كان ذو شبكة مالية و اتصالية نافذة فسيشترى أصوات النوّاب بنفس الطريقة التي اشتروا بها أصوات ناخبيهم و سيضمن بكل يسر سكوتهم عن فضائحه و لو كانت مُدويّة و إن كان جديدا في مجال الفسق السياسي فانه لن يسلم منهم و لو كان نقيا تقيا بلا عيوب و لا سوابق و سيكون يوم مروره بالبرلمان يوم المذبحة فكلّ مشروع وزير هو مشروع صيد ثمين لكل نائب و نائبة ممّن احترفوا إهانة الوزراء و التعريض بهم على الملأ من أجل إغواء جمهور الناخبين لضمان أبدية وجودهم البرلماني.
هذه هي علاقة النّائب (البرلمان) بالوزير (الحكومة): مقايضة للتسهيل أو مسائلة للتّعطيل.
هذا هو –يا سادة- نظام الحكم المفروض علينا اليوم و الحصيلة كما ترون: حكومة عاجزة...برلمان كسيح و دولة تضيع في مهب الرّيح.
و تريدون لتونس أن تنجح و للنّاس أن تفرح.
غيّروا نظام الحكم – يرحمكم الله - حتى لا يقال فقد شعب تونس كلّ عقله يوم أدخل رأسه -بكلّ براءة- في وكر السياسة.
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟