|
هل ستستثمر إسرائيل صمت العرب في إعلان قيام مشروع دولتها الكبرى؟
المهدي فكري
كاتب وباحث
(Elmehdi Fikri)
الحوار المتمدن-العدد: 6455 - 2020 / 1 / 4 - 19:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ظلت القضية الفلسطينية ضمن أولويات القضايا العربية والإسلامية منذ نكبة عام 1948، وكان الاهتمام بهما كقضية محورية ومركزية تمثل الهم المشترك للعرب والمسلمين ماثلًا لدهرٍ طويل، ولكن أسباب دولية وإقليمية عربية ومحلية فلسطينية أدت إلى تراجعها بشكل كبير وانحسارها في ميادين الإعلام ومحافل السياسة، وخروجها من دائرة الاهتمام الأولى التي عهدتها على مر 7 عقود. فماهي أسباب هذا الصمت الرسمي العربي الإسلامي في مقابل الدفاع اللامشروط من طرف الدول غير العربية كتركيا وإيران... ؟ و هل سيبصم الصمت العربي على شهادة ميلاد إسرائيل الكبرى مع تصفية حق الفلسطينيين في دولتهم؟
قد عملت إسرائيل منذ أول لحظة من إعلانها قيام دولتها تكميم أفواه المتكلمين العرب سواء عسكريا "من خلال التوسع في حرب1967" أو سياسيا "من خلال اتفاقية كامب ديفيد" أو ، وقد ظلت تكابد السنين في ذلك إلى أن اقتربت من بلوغ مرادها بعد أن عم الصمت جل دول العرب إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القدس عاصمة إسرائيل.
ومن أسباب هذا الصمت العربي نجد أسبابا داخلية وخارجية:
الأسباب الداخلية
· الربيع العربي: انشغال الدول العربية بأزماتها الداخلية ومن ذلك انتفاضات الربيع العربي، التي كانت الشعوب تراهن على دورها في خدمة القضية الفلسطينية إلا أنها شغلت الدول العربية بانقسامات و حروب طائفية مدمرة مثل؛ الحرب الأهلية في كل من ليبيا بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي و سوريا بعد فشل الانتفاضة الشعبية و دخول أطراف إقليمية مما أدخل البلاد في حرب أهلية طائفية و كذلك مصر بعد إطاحة الجيش بأول رئيس مدني منتخب حيث دخلت في مرحلة قمع الحريات في مقابل تحالف السيسي رئيس مصر ما بعد الانقلاب مع قادة اسرائيل الذين دعموا الانقلاب العسكري في مصر.
الأسباب الخارجية
· التوتر بين دول الخليج وإيران: تخوف معظم بلدان الخليج العربي في مقدمتها المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة من قوة إيران جعلها تهرول إلى التحالف مع إسرائيل وذلك بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية.
· تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل: لم ينكر أحد من ذي قبل أن بعض الدول العربية تتعامل مع إسرائيل في شكل سري، وقد أكد وزير الطاقة الإسرائيلي في تصريح له “لدينا علاقات مع دول إسلامية وعربية جانب منها سري بالفعل ولسنا عادة الطرف الذي يخجل منها، الطرف الآخر هو المهتم بالتكتم على العلاقات. أما بالنسبة لنا فلا توجد مشكلة عادة ولكننا نحترم رغبة الطرف الآخر عندما تتطور العلاقات سواء مع السعودية أو مع دول عربية أو إسلامية أخرى، وهناك (علاقات) أكبر كثيرا...(لكننا) نبقيها سرا” كانت هذه تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 لإذاعة الجيش الإسرائيلي حول اتصالات سرية مع السعودية إثر مخاوف مشتركة بشأن إيران. وهي تصريحات لم يخرج أي رد فعل خليجي تجاهها.ولكن الأمر تجاوز ذلك حين انتقل من السري إلى التطبيع العلني حيث أنشأت دولة الإمارات ما أسمته بـ"بيت العائلة الإبراهيمية"، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه تطبيع علني بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، كما أن المملكة العربية السعودية لم تبخل بدورها في التطبيع العلني بعد أن صرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة له مع جريدة Atlantic The بحق إسرائيل في الوجود وأنها لم تعد العدو الأول للعرب،.
· الضغط الأمريكي على الدول العربية: تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على الدول التي تتلقى الدعم المالي السنوي من أجل الرضوخ للشروط الأمريكية، و منها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وحسب تقرير للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) فإن المغرب تراجع حجم المساعدات التي يتلقاها من الولايات المتحدة من 82 مليون دولار سنة 2016 إلى 34 مليون دولار سنة 2017، وهذا يعود لرفض المغرب للقرارات التي اتخذها ترامب اتجاه القدس.
وقد عملت كل هذه الأسباب على تقييد الدول العربية بعد أن أصبح حكامها يفضلون الصمت الذي يحمي عروشهم من التحرك الذي قد يستبدل قوما غيرهم، في المقابل من ذلك نجد دولا إسلامية غير عربية مثل تركيا وإيران اللتان لازالتا تدافعان على أحقية الشعب الفلسطيني و مقدساته الإسلامية ولم تبخل بتحركاتها السياسية والدبلوماسية و الخرجات الإعلامية للمسؤولين الرسميين للدولتين، حيث عقدت تركيا مؤتمرا بإسطنبول حول القدس غداة إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل شاركت فيه إيران و تخلفت كل من دول التطبيع السعودية و الإمارات وكذلك مصر.
تستغل إسرائيل الصمت العربي في تعزيز نقاط مشروعها الذي يروم إعلان ما يسمى بإسرائيل الكبرى مع نفي وجود حق الفلسطينيين، مستندة في ذلك على سياسيات منها؛ العمليات الاستيطانية و تهويد مدينة القدس بطمس الهوية العربية فيها، و الأخطر من ذلك هو تهيئ الشعوب العربية للقبول بالأمر الواقع والذي يخدم مصالح إسرائيل في التوسع على حساب حق الفلسطينيين في أرضهم.
وهكذا فإن صمت الدول العربية وإن كانت رهينة بأسباب داخلية وخارجية فإنه لا يخدم سوى مصالح إسرائيل بالتوسع فوق أرض الفلسطينيين.
الكلمات المفاتيح: صمت العرب، فلسطين، إسرائيل، الضغط الأمريكي على الدول العربية، التطبيع مع إسرائيل، إيران وتركيا، السعودية و الإمارات
#المهدي_فكري (هاشتاغ)
Elmehdi_Fikri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بكاء الريح
-
ميكيافيلة العولمة -الغاية تبرر الوسيلة-
-
شمس الظلام
المزيد.....
-
بعد تصريحاته عن -التهجير-.. الملك عبدالله سيلتقي ترامب بواشن
...
-
جورجيا: احتجاجات في تبليسي بعد تشديد العقوبات على عرقلة الطر
...
-
بدل نقل الأسماك.. تحقيق يفضح تهريب بقايا النمور المهددة بالا
...
-
الكبد الدهني.. خضار وفاكهة تساعد في العلاج والوقاية من الإصا
...
-
تحديد هوية المسؤول عن جريمة سودجا
-
غزة.. إسرائيل تخلف معدات عسكرية مدمرة
-
بيان من الرئيس السوري أحمد الشرع بعد لقائه ولي العهد السعود
...
-
أسير إسرائيلي أمريكي محرر يوجه رسالة شكر إلى مقاتلين في -الق
...
-
النيابة الإسرائيلية تفتح تحقيقا جنائيا ضد سارة نتنياهو في أع
...
-
خامنئي: الشعب الإيراني لديه الشجاعة ليقول -الموت لأمريكا-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|