|
ماذا يريد أردوغان ؟
فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 6455 - 2020 / 1 / 4 - 19:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حل الرئيس التركي بتونس فجأة يوم 25 ديسمبر 2019 ، مصحوبا بوفد غلب عليه الطابع الأمني والعسكري ، وألقى خطابا مثيرا للجدل ، بما تضمنه أولا من تنبيه الى رائحة دخان سجائر منبعث من القاعة ، بما يحتمل تعريضه بتونسيين يثيرون العوائق في وجه سياساته ، فنصحهم بالكف عن ذلك ، و هو ما يعني التهديد المبطن . وما لحقه ثانيا من تأكيد اتفاقه مع الرئيس التونسي على دعم حكومة السراج في ليبيا ضد قوات المشير خليفة حفتر ، وهو ما نفاه قيس سعيد جملة وتفصيلا فأوقعه في حرج لا يُحسد عليه. وفي الأثناء أعلن عن قرب ارسال بلاده قوات عسكرية إلى ليبيا ، وأنه ينتظر فقط موافقة البرلمان على ذلك . وكان قد وقع في 27 نوفمبر الماضي على مذكرتي تفاهم مع السراج ، تخص الأولى التعاون العسكري والأمني، بينما تخص الثانية رسم الحدود البحرية ، بما يُهدد بإشعال منطقة شرق المتوسط برمتها ، فالنزعة العسكرية غير خافية لديه ، وهو الذي استعمل الهاتف خلال الاحتفال بالعام الجديد ، مُخاطبا الجنود عبر مكبرات الصوت ، وهم في ثكناتهم ، مُشيدا ببطولاتهم في البر والبحر والجو ، مُذكرا بحملاته العسكرية ضد الكرد والعرب في سوريا ، ومنبها الى الاستعداد لخوض الحرب في ليبيا وشرق المتوسط ، مُتمنيا احراز انتصارات ملحمية كتلك التي حققها خير الدين باربروس بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر في البحر الأبيض المتوسط ، الذي يحلم بجعله بحيرة تركية . وزاد أردوغان بهذه الخطوات الأوضاع في البلاد العربية ارتباكا ، وهي التي تتجمع فيها تناقضات العالم كله ، لموقعها الاستراتيجي والثروات التي تزخر بها وكانت الانتفاضات الأخيرة فرصة للطامعين لتتجدد آمالهم في السيطرة المباشرة عليها ، فحث هؤلاء الخطى لتقاسمها فيما بينهم . ولم يتوقف الأمر عند دول كبرى مثل أمريكا وفرنسا وانجلترا ، فقد دخلت حلبة الصراع دول إقليمية أقل قوة أيضا مُصممة على الحصول على نصيبها ، بالنظر الى قربها الجغرافي من العرب وصلتها الثقافية بهم ، خاصة من جهة الدين ، وكانت تركيا في صدارتها ، وهى التي تدق الآن طبول الحرب وتستعد لإرسال قواتها الى ليبيا واغراقها في المزيد من برك الدم كما ذكرنا ، في تكرار لما حدث في سوريا ، التي كانت الحرب فيها مناسبة تجلت خلالها سياسات تركيا العدوانية تجاه العرب ، حيث لم تقف عند حد دعم الجماعات الإرهابية التكفيرية المسلحة وانما أرسلت أيضا جنودها . وسرعان ما استعادت ذاكرة العرب الجرائم العثمانية الممتدة طيلة قرون ، والأراضي العربية المحتلة من قبل الدولة التركية ،مثل لواء الاسكندرون ، والأحلاف المعادية ، مثل حلف بغداد الذي كانت تركيا من بين أعمدته الأساسية ، واعترافها المبكر بالكيان الصهيوني، واستضافتها القواعد العسكرية الأمريكية ، وعضويتها حلف الناتو، الضالع في العدوان عليهم في مناسبات عديدة . لقد اتجهت تركيا على مدى سنوات طويلة غربا ، أملا في الانضمام الى الاتحاد الأوربي ، وعندما فشلت توجهت الى العرب لتجعل منهم مجالها الحيوي ، وللغرض تخفت السلطة التركية في عهد أرد وغان وراء الإسلام السياسي لتحقيق ما تريده من منافع اقتصادية ، فقد وجدت فيه وسيلة مُثلى لمخاتلة ضحاياها ، الذين أبهرتهم شعارات من قبيل : القباب خوذاتنا والمساجد ثكناتنا والمؤمنون جنودنا . وفي خضم هذا الوضع يجري شحن شعوب المنطقة بالعداوة والكراهية ،غير أن العرب والترك ليسوا الحكام المتناحرين الطامعين، وانما يؤلفون أمتين عريقتين من الأمم الشرقية ، ويمثلون الى جانب الفرس والكرد وغيرهم ، خزانا بشريا مهما للكفاح ضد الاستعمار والجهل والفقر والمرض ، ومتى تكاتفوا واتحدوا بإمكانهم تحقيق تقدمهم ، أما إغراقهم في الحروب فإنه لا ينفعهم مجتمعين ، ولن يجني أصحابه منه غير الخسران والخيبة .
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تونس : حكومة المخاتلة .
-
تونس : حكومة مرتقبة .
-
تونسوخطر الحرب الأهلية .
-
التونسيون ومدرسة التاريخ.
-
تونس : اشتدي أزمة تنفرجي.
-
وادي الدمُوع وقصر القُبل .
-
اتحاد الشغل والغول .
-
حكومة الرئيس وبرلمان الشعب.
-
لمن تُشحذ السيوف ؟
-
الانتخابات التونسية : هزائم وانتصارات .
-
ظاهرة قيس سعيد .
-
مُؤامرات تونسية .
-
السياسة والعدل.
-
تونس : فضيحة التزكيات .
-
فوضى انتخابية .
-
صديقي الفلسطيني وطريق جهنم .
-
تونس والرئيس القادم .
-
تونس : في عيدها الجمهورية تفقد رئيسها.
-
تونس : تصدعات حركة النهضة .
-
الديمقراطية التونسية.
المزيد.....
-
الملكة رانيا تعايد الأميرة إيمان والأمير الحسين يعايدها بصور
...
-
رصدها -صائد أعاصير-.. شاهد منازل تطفو بعيدًا في مياه جراء عا
...
-
تفجير -البيجر- في لبنان.. مسؤولون يكشفون التفاصيل: إسرائيل ز
...
-
مصر.. ضجة وغضب بسبب فيديو لأطباء يتحرشون بفتيات مريضات والدا
...
-
هجوم صاروخي وبالمسيرات: روسيا تستهدف مدينة إزميل الأوكرانية
...
-
سوريا تتحول إلى ملاذ للفرار من الحرب!
-
شاهد.. تفاعل كبير مع فيديو لهاريس تبدو في -حالة سكر-.. فما
...
-
قائد الحرس الثوري الإيراني: لو اجتمع كل شياطين العالم لما تم
...
-
صواريخ الخنجر الروسية دمرت طائرات F-16 الأمريكية وماذا أيضًا
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير 4 بلدات جديدة في دونيتسك والقضاء ع
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|