|
إنتقاد الملك // Le critique du Roi
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6451 - 2019 / 12 / 30 - 20:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يحق للشعب ان ينتقد الملك ؟ في الأنظمة الديمقراطية ، رغم ان الملك/ باستثناء ملك اسبانيا ، وملكة إنجلترا اللذين يمارسان سلطات محددة ، عندما يتعلق الامر بوحدة الدولة الترابي والاثني / ، لا يمارس الحكم ، ويحتفظ بالشكل الرمزي ، لان الانتخابات هي من تقرر الأغلبية التي تحكم ، والاقلية التي تعارض..... ، فان الشعوب الاوربية لا تتواني في توجيه انتقادات مختلفة الدرجات الى الملك (ة ) ، بمناسبة او غير مناسبة ، وهؤلاء ، وبصدر رحب يتقبلونها ، بل يحثون عليها ، لأنها هي أساس الديمقراطية الحقيقية ، وحين يصل انتقادٌ الى درجة قصوى ، فان هذا يزيد حب الملك للمنتقدين ، دون حساسية مكرهة ، ودون حقد ، ولا غضبة ملكية من الغضبات الكثيرة المعروفة ، والكل اعتقد يتذكر العلاقة التي كانت تجمع بين الجنرال دوگول ، وبين الجريدة الساخرة " Le canard enchainer " . فالجنرال دوگول كان ينتظر يوميا ان تخرج الجريدة بمقال يسخر منه ، لأن هذا كان يسعده . لكن الأمور عندنا في المغرب ( الديمقراطي ) ، تختلف عن الأمور في الملكيات الاوربية ( الدكتاتورية ) . في المغرب الملك يحتكر لوحده كل السلطات ، لأنه هو وحده الدولة ، فهو المنفذ ، والمشرع ، والقاضي الإمام ، الأمير ، والراعي ، وما عدا الملك مما يُسمى حكومة ، وأحزاب ، ونقابات ، وبرلمان ، ومؤسسات ... لخ ، تبقى مجرد تفاصيل ، يُتلاعب بها حسب الدوق ( الرفيع ) ، الذي تمليه ظرفية من الظرفيات . فالملك في المغرب يمارس الشأن العام لوحده ، لكنه ممنوع انتقاده ، او اتهامه ، او توجيه الاصبع اليه ، رغم انه لا توجد نصوص صريحة في القانون ، تمنع من انتقاد الملك ، ولا من انتقاد عائلته ، لأنه هناك فرق بين الانتقاد الموضوعي الجاد ، وبين السب ، والقدف ، او التقول بألفاظ غير مقبولة على الاطلاق . وإذا كان الملك هو المسؤول الأول والأخير عن الشأن العام ، ومع ذلك فهو محجوب عن الانتقاد ، والمساءلة ، فعند حصول خلل ، او تعسف ، او تصرف خارج القانون ، ومتعارض مع الأعراف ، او عند حصول ازمة .... لخ ، فمن المسؤول الذي يجب ان يتحمل النتائج عمّا حصل ؟ وإذا لم يكن المسؤول هو الملك ، فهل يجوز توجيه التهمة ، او مسائلة جهة تُستعمل كمِعوْل لتنفيذ برامج الملك ، في حين انها ليست المسؤولة عن القرار الذي احدث ازمة ، او تسبب في كارثة ؟ فهل نحن نعيش في دولة بها سلطات ، تتمتع بالاختصاصات المحددة لكل سلطة ، لترتيب المسؤوليات ، من سياسية ، ومدنية ، وحقوقية ، وجنائية ، ام اننا نعيش في شَبَهِ دولة افتراضية ، لا احد فيها مسؤولا عن الضرر ، حتى ولو أصاب الرعايا الذين يبْقون مجردين من صفة المواطنة ، وصفة المواطنين ؟ فهل يعقل في الأنظمة الديمقراطية ، ان يكون المسؤول لوحده عن كل السلطات ، غير مسؤول عن نتائج حكمه ؟ وعندما أقول المسؤول لوحده ، ففي اوربة لا توجد دساتير الأشخاص التي تجمع الحكم في يدها ، بل توجد دساتير الشعوب التي هي من تحدد طرق الوصول الى الحكم ، وطرق مغادرة الحكم . فكيف يعقل ان يستولي ملك المغرب لوحده على الحكم ، لكنه يمنع على المواطنين ، او الشعب انتقاده ؟ شيء غير منطقي ، وغير مفهوم ، وغير مقبول ، لأنه يجسد حالة شاذة معقدة ، لا علاقة لها بالأنظمة الديمقراطية ، وتتعارض مع شعارات ( العهد الجديد ) ، و( المفهوم الجديد للسلطة ) ، وملك الشعب .. بل ان هذه الممارسة الغير عادية تسيء للملك ، وتسيء لنظامه ، امام الأنظمة الديمقراطية بأوربة ، وبأمريكا ، وتجعل منه مادة دسمة لأ قلام الاوربيين ، والامريكان ، خاصة استغلال هذه الثغرة في ضرب أطروحة مغربية الصحراء .. فهل شخص الملك مقدس ، ومنزل من عند الله ، حتى تصبح كل ممارساته مقدسة ، ومنزهة عن أي انتقاد ، ولو بالنصيحة في حدها الأدنى ، وخاصة وان النصيحة ، او الانتقاد يأخذ في جميع الصور التي شاهدنا ، الصورة السلمية ، لا اشكال البلطجة ، والعنف ؟ وإذا كان المغاربة الذين ينتسبون الى هذا البلد منذ ملايين السنين ، ممنوعون من ان يدلوا بوجهة نظرهم في النظام ، وفي ممارسات الملك ، وممنوعون من انتقاده ، ولو ان قراراته في بعض جوانبها تصيب البلد بالزلات ، لأنه بشر غير معصوم من الخطأ ، وهو الذي اعترف بفمه المليان ، ودون ان يجبره احد على ذلك ، بفشل نموذجه التنموي ، الذي هو اعتراف بفشل نموذج حكمه ، لان كل تنمية هي سياسة ، ودون ان يطرح أسباب الفشل ، ولا المتسبب في الفشل ، ولا طرح البديل عن الفشل ، فعن اية ديمقراطية يتحدث دهاقنة الدولة البوليسية المتخصصين في لجم الافواه المنتقدة ، واسكات الأصوات المُعرّية ، والفاضحة للفساد المستشري بالبلد بكل فنونه ؟ فهل ممنوع على المغاربة أصحاب ثروة الفسفاط ، التزام الصمت ، وعدم طرح السؤال عنْ منْ ينهب ، ويسرق ، ويستغل ثروتهم المحرومين منها ؟ هل ممنوع على المغاربة السؤال ، عن الجهة التي تحتكر لوحدها الفسفاط ، والذهب ، والاسماك ، والبحار ، وما فوق الأرض ، وما تحتها ؟ اليس من حق المغاربة السؤال عن غياب الدولة ، حيث لا مدارس ، ولا مستشفيات ، والناس مرضى السرطان ، وكل الامراض الخبيثة ، يقاسون ، ويعانون ، ويتسولون المحسنين للتكلف بأمراضهم المزمنة ؟ اليس من حق المغاربة السؤال ، لماذا يتم ترييب ، وهدم المنازل على ساكنيها ، وفي فصل الشتاء ، وتركهم مع ابناءهم الصغار ، ومسنيهم ، وعجزتهم عرضة للشارع الذي لا يرحم ؟
اليس من حق المغاربة السؤال ، عن حالة الطرقات التي تتحفر مباشرة بعد تزفيتها ، والقناطر التي تتحطم بمجرد الانتهاء من بناءها ؟ اليس من حق المغاربة السؤال ، عن تهريب العملة الصعبة التي هي أموالهم ، من عائدات الفسفاط ، والذهب الى خارج المغرب بطرق ماكرة واحتيالية ؟ اليس من حق المغاربة ، وفي مثل هذه الحالات طرح السؤال : اين الدولة ؟ من يحكم ؟ ولماذا الفشل ؟ من هو المسؤول الذي يُحمّله الدستور المسؤولية كاملة ، من حيث تجميع كل السلطات بيده ؟ هل الملك ؟ هل الوزير الأول الذي ينحصر دوره في تنفيد ما يرد الى الوزارة الأولى ، التي تحولت مع التعديل الدستوري في سنة 2011 ، الى غرفة عمليات للتصديق على كل القرارات التي تأتي من القصر ، وتأتي من وزارة الداخلية ؟ كيف للملك ان يتصور ممارسته للحكم حسب منطوق الدستور ، لكنه غير مسؤول لا جنائيا ، ولا مدنيا ، ولا قانونيا ، ولا شعبيا عن ممارسته لوحده للشأن العام ، ودون ان يتحمل نتائج المترتبة عن حكمه ، حتى ولو كانت ضارة ، او اصابت البلد بضرر ؟ كيف تنسب الإيجابيات الى الملك بمفرده ، لكن لا تنسب له السلبيات التي تبقى معلقة دون تحميلها لجهة ، وربما قد يصل گودو يوما ما ، لكن لن نصل ابدا الى تحديد الجهة المسؤولة عن تصرف ، او اجراء ، او قرار ، حتى ولو اضر برعايا جلالة الملك ، لأنه رغم القهر ، والظلم ، والمعاناة ، وعصى النظام التي تنزل بلا رحمة ، ولا هوادة على الاجسام النحيفة من المرض والجوع ، فالرعايا دائما ترفع شعارها الخالد " عاش الملك / عاش سيدنا / " . ان الانتقاد الذي توجهه العديد من الفعاليات مباشرة الى الملك ، لا يعني هذا انها تعاديه شخصيا ، او انها تتخندق ضده لخدمة اجندات مخالفة ، بل ان الانتقاد والملاحظات هذه ، هي في مصلحة الملك ، وليس في مصلحة البوليس المحيطين به ، الذين يخافون ، ويرتعشون أنْ يفتضح امرهم انْ تجرأت جهة موازية بإخبار الملك بما يجري ويدور حوله ، وهو لا علم له به بسبب الكتمان ، وبسبب الكذب ، وإظهار الواقع على غير حقيقته ، واخفاء الحقيقة التي ستفجرهم يوما عندما يجد الجد ، ويصبح مستقبل الملك ونظامه مهددين ، او في مهب الريح . ان من يمارس النقد وتعرية الحقيقية ، هو وطني حقيقي ، وليس بشخص متزلف ، منافق ، بهلواني يستغل الضعف الحاصل بالدولة ، لتسخيرها لتصفية الحسابات الشخصية ، ومراكمة الثروات بطرق غير مشروعة . ان الانتقاد هو تبيان مكامن الخطأ ، ومكامن الصواب ، فهو يرمي الى اصلاح الاعوجاج ، ويرمي الى الترشيد للسياسات العامة ، ولا يرمي الى الهدم والتخريب . ان من يمارس الانتقاد هم الغيورين على المغرب وعلى شعبه ، وهم الأشخاص الذين يرومون خيرا للبلد ، ولا يرومونه الشر ، كما يفعل دهاقنة الدولة البوليسية التي تخرب وتدمر ، ولا تبني وتعمر . فالملك إن كان فعلا يدعي الديمقراطية ، ويحب نعته بالديمقراطي ، والحداثي ، والعصري ، وانه فعلا ملك المغاربة / الشعب ، قبل ان يكون ملك المغرب الأرض ، عليه ان يتقبل نقد الآخرين كيفما كانت درجة حدته ، لان النقد هنا ، يكون نابعا من الإحساس ، من الضمير ، ومن الوطنية ، وحب الوطن . ان من ينتقدون الملك هم أناس غيورين على الملك ، وعلى المغاربة ، وعلى المغرب ، فهم اشخاص شجعان ، لا يخافون في قول الحق لومة لائم ، ولو لا حبهم للمغرب ، هل كان لهم ان يقوموا بما قاموا به من انتقاد لراس الدولة ، كمسؤول عن الشأن العام ، لا كشخص عادي كغيره من المواطنين المغاربة . فكيف يسمح الملك لنفسه ، بإدخال دعاة التصحيح ، والإصلاح ، والنقد الى السجون بمحاضر بوليسية مزورة ، وكنت واحدا من ضحاياها ، ولا يدخل الى السجن زمرة العصابة البوليسية التي تزور المحاضر ، وتعتدي على الناس ظلما ، وتنهب بلا واخز ضمير ؟ فالملك امّا ان يكون ديمقراطيا ، وعليه ان يتقبل انتقاد المنتقدين مهما بلغت حدته ، او لا يكون ديمقراطيا ، وهنا يساير العصابة البوليسية التي تسرع التفجير العام بالدولة .. من هنا ، على الملك ان يبرهن إنْ كان حقا ديمقراطيا ،ان يأمر بإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي من الصحافيين ، وكل من ثم اعتقاله بسبب تدوينة ، او يوتوب ، او فيسبوك .... كما يجب اطلاق سراح معتقلي الريف وطي الصفحة ، والتفرغ للخطر الذي ينتظر المغرب في اقاليمه الجنوبية .. النقد حق مشروع ، لأنه هو أساس الديمقراطية ، ومن حق الشعب انتقاد الملك ، لا كشخص ، بل كممارس للشأن العام ، ومن واجب الملك قبول الانتقاد كيفما كان ، بل ان الملك هو من يجب ان يدعو المنتقدين ، الى انتقاده لإظهار مكامن الاعوجاج ، والاخطاء ، من اجل التقويم ، والتصحيح ، والترشيد . على الملك ان كان ديمقراطيا ، ان يسترشد بالجنرال شار دوگول الذي رغم انه عسكري ، فهو كان ديمقراطيا فلسفة ، وممارسة . ان الانتقاد حق من حقوق الانسان ، والشيء الممنوع هو السب ، والشتم ، والقدف في اعراض الناس ، فهذا الأسلوب اللاأخلاقي مرفوض بالقوانين الجنائية لجميع الدول الديمقراطية .. اطلقوا سراح الناس ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القادم أخطر و أصعب .
-
الإنتفاضة الشعبية
-
نفس المحاربين // Les mêmes gladiateurs // Le polisario
-
المغرب يتسول // Le Maroc se mendicité
-
الوضع القانوني لتفاريتي // La situation juridique du Tifarit
...
-
الجزائر تطرد المغاربة // LAlgérie extrade les Marocains
-
صفقة القرن
-
تفاريتي // Tifariti
-
الرئيس الجزائري تبون
-
تحليل الانتخابات الرئاسية الجزائرية // Analyse des élections
...
-
تحليل // Analyse --- الاغتيال السياسي في المغرب // Lassassin
...
-
اليسار الملكي // La gauche royale
-
فشل زيارة مايك بومبيو الى المغرب // L’échec de la visite de
...
-
أية جمهورية // Quelle république
-
ثلاثة وستين مرت ، الى متى ؟ Soixante - trois années , jusqua
...
-
المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو // Le quinzième congres
...
-
تحليل / Analyse // الملك يسود ولا يحكم / Le Roi règne mais n
...
-
رايات الاستعمار ترفرف فوق العواصم العربية / Les drapeaux col
...
-
الولايات المتحدة الامريكية / اسرائيل // Les Etats nis d’Amér
...
-
البرلمان المغربي
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|