فتحي مهذب
الحوار المتمدن-العدد: 6451 - 2019 / 12 / 30 - 13:21
المحور:
الادب والفن
ماتوا قبل قليل
سقطوا جميعا في الهوة السوداء..
سقط الرب من أعلى الجبل بالميكروباص..
لم تبق غير أسنانه الصدئة في جبة المتصوفة..
مات البهلوان في غابة السافانا..
ماتت عصافير الدوري في مفترق شراييني الهشة..
مات أخي مختنقا في مبولة الهامش..
ماتت الوردة في كتاب الأغاني..
مات نوح بحمى التيفويد في عرض البحر..
مات الحب بعضة أفعى المامبا.
ماتت الشجرة الوحيدة في صحن البيت المظلم..
ماتت قطتي المكفهرة بأعراض البلهارسيا..
مات آخر نبي غرقا في محيط المعاني..
ماتت العاهرة تحت صدري مثل شاة ضريرة..
مخلفة كدمات حمراء على عضوي الحجري ..
نصا سرديا طويلا في مدح الخيول الأصيلة..
ماتت أمي مثل كلبة مقززة في المستشفى..
رغم هيئة القوس التي تكون عليها بعد العاشرة ليلا..
رغم صلاتها اليومية لم تظفر بجنازة مهيبة ..
كسرت كرسيها المتحرك بفأس
لأنسى صرير العجلات التي تقرص
مخيلتي طوال الليل..
مشية الفالج العبثي على قارعة جنبها الأيسر..
مات كل شيء جميل في قلبي..
مت مرارا شاتما السماء والأرض
وكل ألهة العالم..
أموت ألف مرة في اليوم..
بلت على رأس ملك سفسطائي..
بلت على كل دساتير العالم..
بلت على برلمانات الإوز العبثي..
بلت على مؤخرة الواقع الزنخة..
بلت على وجوه الساسة المثليين..
فجرت كاتدرائية واحدة ..
وجامعت قديسة بجوار تمثال المسيح..
كان المسيح يضحك مثل أب طيب للغاية..
والدم يزرب من عينيه شبه الغائمتين..
العذراء تستمني بصمت ..
فاغرة فمها الكرزي ويداها مرفوعتان إلى الأعلى..
مات الممرض المتعفن برصاصتين
من نهدي جثة طازجة..
مات حصان العائلة أمام البنك
متأثرا بجروحه..
ماتت الملائكة في مجزرة جماعية..
مات جارنا الضرير بركلة قطار جامح..
مات النقاد في رحلة صيد عبثية..
مات جرو الفرح الصغير بالسل..
مات البلبل الضحوك في البلكونة..
مات كل شيء جميل
أطفالي ماتوا في الشتات..
أنا مت ألف مليون مرة في اليوم..
الله مات من قرون
لم أشهد جنازته..
ماتت رغبتي في الحياة
مثل قحبة مفلسة .
لكن لم تمت الثعابين السوداء
التي تسحب البلاد إلى الهاوية .
لم يمت اللصوص والعيارون وقاطعو الطريق.
#فتحي_مهذب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟