أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد السعدنى - باغت الأشياء ودع الأسباب تأتى لاحقاً














المزيد.....

باغت الأشياء ودع الأسباب تأتى لاحقاً


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6450 - 2019 / 12 / 29 - 17:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


“تكلّم مع مَن تحب بلا سبب، أرسل رسالة لصديقك بلا سبب، اِبتع هدية لأمك بلا سبب، ولا تسألني عن السبب، باغت الأشياء من حولك ودع الأسباب تأتي لاحقاً” – نجيب محفوظ.
قد تشكّل هذه الكلمات حلاً لمشكلة القلق المستمر وهاجس التوتر الدائم الذي يعاني منه الإنسان المُعاصر، خصوصاً أن أغلبنا يعيش أزمات خانقة على مختلف الأصعدة، ما يجعل الحياة تقع على حافة الموت، حافة الإفلاس، حافة الجوع، حافة اللاأمان.. وكل شيء يصبح ضيقاً ليقوم بإرباك حياتنا. لا أبالغ إن قلت أنّ القلق هو سرطان هذا العصر ولعنته، لكن المُثير حقاً أن لا أحد يخاف ويقلق من أجل شيء ما بعينه بقدر ما يخاف ويقلق لأجل سبب هو لا يعرفه. هكذا كتب "عبد الرحمن عرفه" فى مدونته، والنقل هنا بتصرف. ولا أعرف لمَ يهتم الجميع بالأسباب بشكل مُبالغ فيه وينسى كل ماعداها، رغم أن مشيئة القدر ماضية مهما حدث.
عبد الرحمن عرفة كما يعرف نفسه، طبيب أسنان ومُبرمج كمبيوتر قديم الطراز، مُهتم بالتاريخ لفهم الماضي، والعلوم من أجل اقتحام المستقبل بعيدًا عن عالم البشر، لأنه يحب عالم الأرقام. باغتتنى كلماته فوجدتنى أباغته بالكتابة عنه، ولم لا؟ هل لابد لعبد الرحمن، وآلاف الشباب النابهين غيره أن يكونوا فلاسفة وكتاباً غربيين حتى نهتم بكلماتهم ورؤاهم؟ الحقيقة أنا لا أرى سبباً يمنعنى الإهتمام بما يكتب، أو لعلى أترك الأسباب تأتى لاحقاً. لم يتركنا عبد الرحمن للتفكير فى مقولاته وراح يؤكدها بمناقشة فيلم " فورست جامب" للنجم الأمريكى "توم هانكس" والذى حاز شهرة عالمية واسعة، فيقول: على الرغم من أن الفيلم يحمل العديد من المعاني المُهمة والمُلهمة في الحياة، إلا أن أكثر شيء لفت نظري فيه وتعلمته منه هو أن الأسباب غير مُهمة أبداً. فالبطل يعيش حياته وفقاً لهذا القانون البسيط، قانون العفوية في كل شيء، يذهب للمدرسة وبعدها الجامعة ومن ثمّ يُشارك في الحرب، ويكوّن الصداقات ويُصبح غنيّاً بدون أي سبب، فقط لأن الأشياء كانت تظهر في طريقه ويرى نفسه مُنساقاً لها، لدرجة أنه في أحد الأيام يبدأ بالمشي ويستمر فيه بلا سبب، فيقضي ثلاثة أشهر وهو يمشي ويمشي ويهرول ليصبح بعدها من أفضل العدائين في العالم. المثير للسخرية أنه أثناء مشيه ودورانه الطويل حول العالم اعترضه المئات من الصحفيين الذين كانوا يسألونه لماذا تمشي؟ هل من أجل السلام العالمي؟ أم من أجل مرضى الإيدز؟ هل تمشي تضامناً مع حقوق الحيوانات والجمادات والبشر؟ هو لم يكن يعرف شيئاً مما يقولون، فقط يمشي ويمشي. البديع في الأمر أن كل شيء كان يسير معه بتناسق، وكأن الحياة تقول له كن عفوياً وعلى طبيعتك وامشِ! ويراجع عبد الرحمن نفسه: أؤمن بأن الأسباب مُهمة والأخذ بها واجب، لكن لا أؤمن بدرجة الخوف والقلق التي يعيش البعض بسببها ورهبةً منها، أو انتظاراً لها لكي تكون دافعاً لفعل شيء أو تنفيذ أمر ما. قد يراك البعض تبتسم، فيسألونك لماذا تبتسم؟ هل أنت مجنون أو فاقد للعقل؟ ذلك أن كل شيء لديهم يجب أن يكون له سبب، ولهذا فالقلق دائماً ما يكون رفيقهم في مختلف الأمور. تشتري هدية لصديقك وتقدمها له فيسألك، وما مناسبة هذه الهدية؟ ويالك من صديق، وهل يجب أن يكون للهدية سبب أيضاً؟
الأسباب قد تكون حافزاً ودافعاً، وقد تكون لعنة حقيقية تلوكها ألسنة الجميع وتشعر بها في قلوبهم. خُذ بالأسباب قدر المستطاع، لكن لا تجعلها قضيّة كل شيء، بعض الأمور لا تحتاج لأسباب، بعض الأمور عفويّة لا تحتاج كثيراً حتى تشعر بها أو تمر بظروفها، ولعل هذا هو قيمة الجمال فى اللحظة وسر الإحساس بروعة الحياة والطبيعة حولك.
هكذا جاءت رؤية طبيب الأسنان الذى لم أكن أعرفه، ولعلها فلسفته التى توافق فيها مع نجيب محفوظ، و كان قادراً حد المفاجأة والدهشة على استخراجها من بين سيل مؤلفاته والوعى بقيمتها وتمثل معانيها.
وحتى لاتنزلق الحياة منك إلى حافة الخوف والإفلاس واللا أمان، لا تنتظر أكثر، باغت الأشياء من حولك، ودع الأسباب تأتي لاحقاً.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهراء المعادى: هل من نهاية للفوضى والمخالفات؟
- الهيئة الإنجيلية: نحو مجتمع عابر للصيغ التقليدية
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- -بول آردن-.. هذه هى الفكرة والطريق
- إيكهارت تول و-قوة اللحظة - الآن-
- إفتح صندوقك يغمرك النور
- أنت وحدك من يصنع الفارق
- الطموح وحده لا يصنع الفارق
- فى مديح -مايكفى-- لا تقرءوا القشور
- الصيد والطموح: قصة مخاتلة
- صدمة الأفكار فى عالم الأعمال
- عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء
- ثورة يوليو: فكرة استعصت على الاغتيال
- لا تسرقوا فرحة أحد
- الليبرالية الجديدة نظام شمولى - فلسفة معقدة لقارئ عابر
- الواشنطون بوست: عن مصر والخليج وترامب
- تفجيرات سيريلانكا ولعبة الأمم
- د.عثمان الخشت: عندما تسقط القيم الجامعية
- توماس فريدمان وقراءة خاطئة للشرق الأوسط
- فانتازيا السرد فى لاحكاية فتاة أحبها ولامسها


المزيد.....




- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...
- زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
- خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا ...
- الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد ...
- ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا ...
- وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا ...
- -فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد السعدنى - باغت الأشياء ودع الأسباب تأتى لاحقاً