أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -منثور فلفل على توج وردة- (هايكو عربي) للشاعر محمد حلمي الريشة















المزيد.....

-منثور فلفل على توج وردة- (هايكو عربي) للشاعر محمد حلمي الريشة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6449 - 2019 / 12 / 28 - 00:36
المحور: الادب والفن
    


تعدد القراءات والحذف

رائد محمد الحواري

استحضار شكل أدبي/ فني خارجي، وتقديمه بصورة محلية، فهذا ليس بالأمر اليسير، فهو يتعدى فكرة المماثلة في الشكل، فطبيعة اللغة يمكن أن تكون حائلاً من دون إتقان هذا النوع من الأدب، كما يمكن أن تكون الفكرة/ دوافع هذا الشكل الأدبي متباينة، لكن الشاعر محمد حلمي الريشة دخل وأدخلنا إلى شكل أدبي جديد (الهايكو) في ديوانه "منثور فلفل على تويج وردة"، وسأحاول تبيان قدرة الشاعر على استخدام أشكال متعددة ومتنوعة في هذا النوع من الشعر.
ننوه إلى أن المقاطع القصيرة للهايكو تتماثل في الشكل مع قصيدة الومضة، والتي تحتاج إلى اختزال وتكثيف:
"تَتَفَتَّحُ أَزْهَارُهَا
فِي مُخَيَّلَةِ الْقَارِئِ-
أَعْشَابُ الشِّعْرِ." (ص19)
إذا توقفنا عند الألفاظ المجردة سنجدها متعلقة بالطبيعة: "تتفتح، أزهارها، أعشاب"، وبالكتابة: "تتفتح، القارئ، الشعر"، واللافت أن فعل "تتفتح" متعلق بالطبيعة: "تتفتح أزهارها"، وبالكتابة: "تتفتح مخيلة القارئ/ تتفتح أعشاب الشعر"، وكلنا يعلم أن أدوات التخفيف/ الفرح تكمن في المرأة، الطبيعة، الكتابة، التمرد، وهنا يكون الشاعر قد استحضر عنصرين من عناصر التخفيف/ الفرح، ويمكننا أن نقرأ المقطع السابق بهذا الشكل:
تَتَفَتَّحُ أَزْهَارُهَا/ فِي مُخَيَّلَةِ الْقَارِئِ-/ أَعْشَابُ الشِّعْرِ
ويمكن أن تقرأ أيضاً بهذا الشكل:
أَعْشَابُ الشِّعْرِ/ تَتَفَتَّحُ أَزْهَارُهَا/ فِي مُخَيَّلَةِ الْقَارِئِ
وهناك القراءة الأخرى:
فِي مُخَيَّلَةِ الْقَارِئِ/ تَتَفَتَّحُ أَزْهَارُهَا/ أَعْشَابُ الشِّعْرِ
ويمكن أن تكون قراءة بعد حذف مقطع الوسط:
تَتَفَتَّحُ أَزْهَارُهَا/ أَعْشَابُ الشِّعْرِ، "أَعْشَابُ الشِّعْرِ/ تَتَفَتَّحُ أَزْهَارُهَا
تعدد القراءات يعكس قدرة الشاعر وتمكنه من رسم الصورة الشعرية وارتباطها الوثيق بالفكرة المطروحة، من هنا يمكننا أن نقول إن عنصر التخفيف/ الفرح، والمتمثل بالتمرد على شكل الكتابة وطريقة القراءة، جاء ضمن الشكل/ طريقة التقديم، وقدمه الشاعر بطريقة غير مباشرة، فيكون الشاعر قد استخدم ثلاثة عناصر من عناصر التخفيف الفرح، الطبيعة والكتابة والتمرد.
وتنوع القراءة نجدها في هذا المقطع:
"مُنْدَفِعَةً بِأَنَاقَةٍ
تَتَخَطَّى أَقْرَانَهَا-
زَهْرَتِي المَقْمُورَةُ." (ص20)
والتي يمكن قراءتها بأكثر من طريقة، منها:
مُنْدَفِعَةً بِأَنَاقَةٍ/ زَهْرَتِي المَقْمُورَةُ/ تَتَخَطَّى أَقْرَانَهَا
و: زَهْرَتِي المَقْمُورَةُ/ مُنْدَفِعَةً بِأَنَاقَةٍ/ تَتَخَطَّى أَقْرَانَهَا
و: تَتَخَطَّى أَقْرَانَهَا/ زَهْرَتِي المَقْمُورَةُ/ مُنْدَفِعَةً بِأَنَاقَةٍ
ويمكننا أن نقرأها حتى إذا ما حذفنا المقطع المتوسط:
مُنْدَفِعَةً بِأَنَاقَةٍ/ زَهْرَتِي المَقْمُورَةُ، تَتَخَطَّى أَقْرَانَهَا/ زَهْرَتِي المَقْمُورَةُ
وتعدد القراءة نجده في:
"تُغَرِّبُ نَحْوَ شُرْفَتِكِ..
تَسْبِقُ وُصُولِي إِلَيْكِ-
طُيُورُ حَنِينِي." (ص23)
والتي يمكن أن تقرأ بهذا الشكل:
طُيُورُ حَنِينِي/ تُغَرِّبُ نَحْوَ شُرْفَتِكِ/ تَسْبِقُ وُصُولِي إِلَيْكِ
و: تَسْبِقُ وُصُولِي إِلَيْكِ/ تُغَرِّبُ نَحْوَ شُرْفَتِكِ/ طُيُورُ حَنِينِي
والقراءة بعد الحذف تكون:
تُغَرِّبُ نَحْوَ شُرْفَتِكِ/ طُيُورُ حَنِينِي
و: تَسْبِقُ وُصُولِي إِلَيْكِ/ طُيُورُ حَنِينِي
و: طُيُورُ حَنِينِي/ تَسْبِقُ وُصُولِي إِلَيْكِ
ويمكننا عكس المقطعين السابقين فنحصل على أربع قراءات، كل هذا يجعلنا نقول إن تمكن الشاعر من الألفاظ المستخدمة، وتشربه للفكرة، جعل القراءة تأخذ أكثر من شكل/ وجه، لكن الفكرة تبقى حاضرة، ومحافظة على المعنى الذي أراده الشاعر، وإن ضعفت قليلاً بعد عملية الحذف الذي افترضناه.
عندما يتم استخدام شكل أدبي جديد/ من الخارج لا بد من إضفاء لسمة محلية عليه، وهذا ما فعله الشاعر محمد حلمي الريشة عندما استحضر القرآن الكريم في الهايكو:
"يُضِيءُ نَدَاهَا،
وَلَوْ لَمْ يَمْسَسْهُ بَرْقٌ-
وَرْدَةُ الْقَلْبِ." (ص30)
وهنا يأخذنا الشاعر إلى سورة النور التي جاء فيها:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
فالشاعر يحثنا- بصورة غير مباشرة- لنتقدم من القرآن الكريم والاستمتاع بالصور الأدبية والتعبيرات الموجودة فيه، كما أن الشاعر من خلال عملية (التغريب) "لم يمسسه برق" يثير المتلقي ويجعله يتوقف عند الهدف من وراء هذا التغريب.
ويمكننا أن نقرأ المقطع السابق بأكثر من قراءة:
وَرْدَةُ الْقَلْبِ/ يُضِيءُ نَدَاهَا/ وَلَوْ لَمْ يَمْسَسْهُ بَرْقٌ
و: وَلَوْ لَمْ يَمْسَسْهُ بَرْقٌ/ يُضِيءُ نَدَاهَا/ وَرْدَةُ الْقَلْبِ
و: وَرْدَةُ الْقَلْبِ/ وَلَوْ لَمْ يَمْسَسْهُ بَرْقٌ/ يُضِيءُ نَدَاهَا
والقراءة بعد الحذف تكون كالآتي:
يُضِيءُ نَدَاهَا/ وَرْدَةُ الْقَلْبِ
و: يُضِيءُ نَدَاهَا/ وَلَوْ لَمْ يَمْسَسْهُ بَرْقٌ
يمكن عكس المقطعين فنكون أمام أربع قراءات.
الشاعر يتأثر بالألفاظ والمعاني التي يستخدمها، من هنا نجده يركز على الفكرة حتى من خلال الألفاظ المجردة:
أَرَى بِعَيْنَيْهِ..
يَرَانِي بِقَلْبِهِ-
طَائِرُنَا يَحْرُسُ نَظْرَتِنَا بِبَرَاعَةٍ. (ص39)
فهنا أكثر من لفظ متعلق بالنظر: "أرى، بعينه، يراني، نظرتنا"، كما أننا نجد "يحرس وببراعة" متعلق بالنظر، وبهذا يكون المقطع متوحداً ومنسجماً في الألفاظ والمعانى، وإذا أخذنا القراءات المتعددة لهذا المقطع:
يَرَانِي بِقَلْبِهِ/ أَرَى بِعَيْنَيْهِ/ طَائِرُنَا يَحْرُسُ نَظْرَتِنَا بِبَرَاعَةٍ
و: طَائِرُنَا يَحْرُسُ نَظْرَتِنَا بِبَرَاعَةٍ/ يَرَانِي بِقَلْبِهِ/ أَرَى بِعَيْنَيْهِ
ويمكن أن نقرأ المقطع بعد الحذف:
أَرَى بِعَيْنَيْهِ/ طَائِرُنَا يَحْرُسُ نَظْرَتِنَا بِبَرَاعَةٍ
و: يَرَانِي بِقَلْبِهِ/ طَائِرُنَا يَحْرُسُ نَظْرَتِنَا بِبَرَاعَةٍ
ويمكن عكس المقطعين فنكون أمام أربع قراءات/ نكون أمام حالة من التكامل المطلق.
من خلال هذه الشواهد السالفة نقول إننا أمام شكل شعري جديد، والتجديد هنا لم يكن في الشكل فحسب، بل في الجمالية التي استخدمها الشاعر، فقد منحنا عدة قراءات في المقطع الواحد، وهذا ما جعلنا نقول: شكل شعري جديد؛ فهو ليس تقليداً، أو استنساخ، بل فكرة عالمية تم تطويرها لتكون عربية خالصة، وهنا تمكن الحداثة والتجديد.

* الديوان من منشورات الأمنية للنشر والتوزيع، تونس، القيروان، الطبعة الأولى، 2019.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات مقهى المغتربين سعادة أبو عراق
- مناقشة رواية خريف يطاول الشمس
- عبود الجابري والومضة
- جهاد عواملة -هي أنت-
- قصيدة -سِرُ الشِفاءِ من الحنين-- كميل أبو حنيش
- رواية -زمن الخراب- لمحمود شاهين 3
- محمد علوش ديوان هتافات حنجرة حالمة
- رواية زمن الخراب 2 لمحمود شاهين الملف الثاني
- رواية زمن الخراب لمحمود شاهين الملف الأول
- إبراهيم نوفل قصيدة مطر
- الأحواز أرض عربية سليبة إبراهيم خلف العبيدي
- مناقشة كتاب امرأتان في دار الفاروق
- قراءة في قصيدة مازن دويكات -سلام عليك.. على أرضنا-
- الومضة السوداء عند سمير التميمي
- رضوان قاسم -نأي على وجع الفراق-
- التجميل في مجموعة -حارة الياسمينة- طلعت شناعة
- أدب الحرب في -ذاكرة الغد- شهادات ورؤى وتجارب
- الشاعر والمكان سامح أبو هنود
- علاقة الكاتب ببطله جربت أن أموت جمعة الفاخري
- مناقشة ديوان على بعد عمرين للشاعر عمار دويكات في دار الفاروق


المزيد.....




- محمد نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة الفنان المغربي الأصيل الرا ...
- على هامش زيارة السلطان.. RT Arabic توقع مذكرة تفاهم مع وزارة ...
- كيف تنبّأ فيلم أمريكي بعصر الهوس بالمظهر قبل 25 عامًا؟
- مهرجان -المواسم الروسية في الدار البيضاء- يجمع بين المواهب م ...
- شم النسيم: ما هي قصة أقدم -عيد ربيع- يحتفل به المصريون منذ آ ...
- فنانة أرجنتينية تستذكر ردة فعل البابا الراحل على لوحة بورتري ...
- لوحات تتحرك.. شاهد كيف بدت هذه الأعمال الفنية التفاعلية في د ...
- سعيد البقالي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ضيف ...
- جورج كلوني يثير الجدل باعتراف حول زواجه من أمل علم الدين
- الأديب نزيه أبو نضال.. أيقونة أدبية وسياسية أثرت المشهد العر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -منثور فلفل على توج وردة- (هايكو عربي) للشاعر محمد حلمي الريشة