انتصارات الأهلي ومسلسلات التليفزيون.. وحالنا

حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 1570 - 2006 / 6 / 3 - 07:28
المحور: الادب والفن

لا تتعجبوا من العنوان، فلم أجمع الشامي مع المغربي ولا عنب الشام مع بلح اليمن، لكنها موضوعات مترابطة شديدة الاتصال، ليست إلا دلالة واضحة علي نمط عام يسود مجتمعنا، حكاما ومحكومين. انتهي زمن إلقاء التهم علي الحكام تنصلا من المسئولية، انفتح العالم علي بعضه وشاعت التجارب، لم يعد هناك عذر بالجهل أو عدم المعرفة أو عدم الاستطاعة، ما أمكن في بقعة يمكن في غيرها اللهم إلا إذا كان العيب في البشر وحدهم.

انتصارات الأهلي في الدوري المحلي دخلت مدونات الأرقام القياسية، لكنها مدونات الأرقام معدومة الانجازات والمضمون، جوفاء لا تستدعي ما تلقاه من طبل وزمر، إنها نسبة 99% الخالدة، المنافسة مع الذات، ابتدعها الرابضون وفرضوها، نمط واحد يتكرر في كل المجالات، أرقام وأرقام وهيصة، للخداع، خداع النفس لا الواقع.. هل الأهلي المصري أفضل من مانشيستر يونيتد الإنجليزي أو ريال مدريد الأسباني؟! لماذا لم يرفق هذا الرقم القياسي الفذ برقم آخر أكثر مصداقية وأبلغ دلالة، أصدرته الفيفا، يضع الدوري المصري في المرتبة التاسعة والخمسين عالميا؟! نخدع أنفسنا، نبالغ في الكذب ونطيل، نصدق أكاذيبنا حتي تلطعنا لطمة تفيقنا مؤقتا وتلقي بنا علي قارعة الطريق، في جو بارد ممطر بلا زاد ولا زواد!! 99% من صنع الحكام، سايرهم فيها الشعب خنوعا وقلد، انتصارات الأهلي القياسية إفراز مناخ مرضي، من صنع العامة، إنها مخدر الوهم اللذيذ، ما أسعد أهل الكرسي!!

مسلسلات التليفزيون حلقات بأعداد خارج الحصر، سيناريوهات تجافي المنطق، أحداث ملفقة مفبركة، قفلات يفرضها الوقت لا التشويق والاثارة، نهايات بلهاء، أبطال بلا بطولة.. نمط سائد، المجيدون قلة، إنه أسلوب حياة مجتمع بأكمله، حياة فيها المط والإطالة واللف والدوران، الفهلوة وتجاوز الحقائق، احتكار الفهم وافتراض انعدامه في الغير. نمط يسلكه أهل الكرسي، لم يأتوا غريبا، لم يبتدعوا، إنه موروث متداول، تصريحات بلا معني ولا مصداقية، ممارسات عشوائية يسمونها خططا، يسيرون حسبما تحطهم الريح، تجاهل متواصل للرأي العام، لا يعتبر موجودا، وإن وجد فبلا إدراك.

نمط التفكير السائد في أي مجتمع يفرض نفسه علي سائر المعاملات، بين الأفراد والأفراد، بين أهل الكرسي والأفراد؛ إذا غلبت الهرجلة والفتاكة وخداع الذات ستبدو الهزائم وكأنها انتصارات كاسحة أو هزائم بطعم الفوز، ستكون الظلمة شمس الشموسة، ما أكربنا ما أتوهنا.

#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات