|
عندما يعتذرُ الإستعمار من الصغار ..ماكرون صادقاً ام مجاملاً ام شعبوياً..
عصام محمد جميل مروة
الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 24 - 22:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بمناسبة الاعياد الميلادية المجيدة قرر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إتخاذ قرارات لم يتعود عليها الشعب الفرنسي. لكنهُ وبصورةٍ إستثنائية سافر خارج البلاد لكي يمضي عطلة الاعياد مع الجنود في القارة الافريقية التي لها صولات وجولات في الاستعمار منذ أوائل تحديد الخطوط للجمهورية الفرنسية غداة الثورة الفرنسية التي رفعت الشعارات في العدالة والحرية والمساوات. لكن ايمانويل ماكرون منذ الشطحات الاولى لهٰ في نزوله الى معترك التنافس السياسي كانت ملامحهُ تتجه نحو المستقبل وذلك حسب إعترافهِ المتكرر بإنني من الجيل المتجدد الذي يؤمن بالحداثة والتطور الإجتماعي والسياسي وصولاً الى تصريحاتهِ التي احدثت إنفجاراً لم يزال الى الساعة نزولهِ كالصاعقة على رؤوس السياسيين الفرنسيين الذين يتطلعون نحو جعل فرنسا لها اثارتها الداخلية وتأثيراتها حتى في رسم الخطط السياسية للدول التي عاشت تحت استعمارها . عند اللقاء في مطار ابيدجان في دولة ساحل العاج كان الإجتماع مع الرئيس الإيفواري العاجى "حسنا واتارا" الذي رسم سياسة جديدة منذ وصوله الى السلطة بعد إنقلابات متكررة في دولة "الكوت ديفوار" حيث جسد الرئيس العاجي علاقاتهِ مع دولة فرنسا من أبواب متعددة اولها الوضع الإقتصادي. ومن ثم محاولة العزم على تحييّد دولة ساحل العاج عن الصراعات التي ادتّ مي معظم دول افريقيا الغربية الناطقة بالللغة الفرنسية بعد إستشراء وتغلغل القوى الظلامية الى وصولها في تنفيذ عمليات إرهابية في كل من مالي ونيجيريا والنيجر وبوركينا فاسو. حيث هناك تنظيم معادى وكبير وضخم يحمل اسم "بوكو حرام" وإن دل ذلك الاسم التابع من مشتقات القاعدة وداعش واخواتها ألا انها فرنسا نفسها لم تنجو من العمليات الإرهابية على اراضيها وفي العاصمة باريس منذ خمسة أعوام .لكنها الحرية للتعبير وللصحافة وللكتابة كانت خطراً شعر بها النظام الفرنسي بعد "تجاوز مجلة شارلي إيبدو وساتير ماغازين"في رسم الصور المسيئة الكاريكاتورية للرسول محمد !؟مما اثارت بلبلة وفوضى دفعت وتدفع وسوف تدفع فرنسا ثمناً باهظاً كونها او اتهامها من منظمات إسلامية وأصولية ساهمت وسمحت للإهانة الغير مقبولة لدى كل من يرفع صوت "الشهادتين" ناهيك عن المشاركة والتمويل المادي واللوجستي الذي تقدمهُ فرنسا لحلفاؤها في مناطق الحروب وخاصة في الشرق الاوسط وتأييدها الكامل لدولة الصهاينة. لكن موضوع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عندما يعتذر عن الأخطاء السوداء للأستعمار الفرنسي الى تلك الدول الفقيرة والمعدومة على كافة أصعدتها ومطلعها الدور الإقتصادي المتجه نحو الهاوية .لكنها فرنسا منذ تأسيسها ومنذ خروجها ومنحها للدول ومستعمراتها الإستقلال الحقيقي وكان انسحابها بعد تواقيع مواثيق جمة واخطرها ان تكون العملة المتداولة "الفرنك الأفريقي المركزي""السي أف أ cfa " المرتبط كلياً بما تمليه الخطط التجارية للدول تلك مع دولتهم الأم فرنسا. لكن قول الرئيس الفرنسي في ذلك الأعتذار لم يأتي من فراغ لربما قوله ذلك لرش الماء في العيون ولقول ما لا يستطيع قولهِ اسلافهِ من الرؤوساء الذين تابعوا على مدار عقود طويلة وتحملهم تبعيات ومسؤليات خروجهم من القارة الافريقية تحديداً بعد حرب الثورة الجزائرية التي كبدت الجمهورية الفرنسية إتخاذ إجراءات خطيرة ونهجا جديدا في الإستعمار والإستبداد والإستعباد من خلال ترك رجالاتهم وخدامهم تحت تصرفهم وهذا ما حصل مع كبار رؤساء الافارقة منهم الرئيس الزائيري موبوتو سيسي كو ،وبوكاسا ،وسنغور ،والرئيس الإيفواري الراحل "فيليكس هوفويت بوانيي" الذي خدم فرنسا الى اخر رمق في حياته بعد الاستقلال مطلع الستينيات من القرن الماضي مما ادى الى إزدهار للبلد الأفريقي الوحيد والمدلل طيلة فترة الحكم اياها مع إرشادات وصداقات تاريخية مع الجميع إبتداءا من "الجنرال ديغول، وصولاً الى الرئيس جورج بومبيدو و فاليري جيسكار ديستان وفرنسوا ميتيران وجاك شيراك ونيقولاي ساركوزي وفرانسوا هولاند وصولاً الى ايمانويل ماكرون ،الذي قدم إعتذاراً مبطناً لربما لن يُفصِحُ عن نواياه الإستعمارية اللاحقة . برغم الخطط الجديدة نحو التغيير المفاجئ للعملة الافريقية والفرنك الذي سوف يتحول الى اسم جديد للعملة التي سوف يتم التداول بها مع مطلع العام الجديد"2020". (الإيكو) الاسم الحديث للعملة تتشارك بها ثمانية دول أفريقية مواليه معظمها ومرتبطة بكامل شؤونها السياسية التي تتناسب مع دور فرنسا ومع إطالة الآمد الإستعماري المتجدد في القارة السمراء او الجزء الأكبر منها الناطق باللغة الفرنسية. لكن المثير فعلاً للتصريحات التي عبر عنها ماكرون في عدم تحملهُ المسؤلية كاملةً عن تاريخ فرنسا واستعمارها وقولهِ قولاً وفعلاً عن ان القارة الافريقية جديرة وتتمتع بمجتمع شاب ومنفتح وأشبه بالذي يسعى الى تذليل العقوبات ونسيان المآسي والإستغلال للثروات .لكنه عبر كذلك عن انه من نفس الجيل للشباب المتطلع نحو الافضل ويدعو الشعوب كافة عن التسامح والعمل على ترسيم البرامج الإقتصادية الناجحة التي تؤدي الى الازدهار والإنتعاش من جديد محددا التواصل الحضاري وإعتمادهِ على العقلية المدنية المتطورة ونبذ التطرف ومحاربة الاٍرهاب . لكن اعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة هي التي ساقت الرئيس ايمانويل ماكرون الى زيارة "الف جندي فرنسي "مرابط في قواعد عسكرية متأهبة للدفاع عن وصاياتها التاريخية لكى تبقى فرنسا صاحبة "الأقواس للنصر " متواجدة حتى خارج الحدود. وهناك اكثر من "4500" جنديُ فرنسي متوزعون على أراضي أفريقية هي"ساحل العاج.البينين.بوركينا فاسو.النيجر.التوغو. مالي .السنغال.افريقيا الوسطي.ونيحيريا"ودول اخرى لها معسكرات منذ قرنين من الزمن والجزائر اكبر شاهدة على تلك الغزوات والحروب .بالرغم من تحول العالم الى قرية صغيرة الا ان دول الإستعمار وفرنسا منهم لها اطماع في داخل عقول من هم قبل واثناء وبعد التصريحات هنا او هناك لكنها فرنسا دولة حرة وعادلة ومتساوية ،شعارات و أقوال ماكرون الأخيرة. هذا ما سوف نواجههُ مع الإيام.
اوسلو في/24/كانون الاول/2019/..
#عصام_محمد_جميل_مروة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صِدام الحضارات وأدلجة الثقافة..تحت تأثير النظرية والتطبيق في
...
-
هل الدين أفيوناً حقيقياً للشعوب يُقلِلُ من اهميةً الثورات ..
-
نجيب محفوظ يعود من جديد..اليقظة والأحلام معاً..
-
حقوق الطبقات المسحوقة في المجتمع وإعادة إحياء دور الإنسان كك
...
-
إستعادة الثروات المنهوبة مطلب شعبي هل يتحقق ام بعيد المنال..
-
رسالة الى رئيس مجلس النواب اللبناني الإستقالة سريعاً صوناً ل
...
-
رِقة فيروز في اغانيها تنبعثُ كألحان روحية الى اخر المدى..
-
ممنوع تصفية القضية الفلسطينية بالإغتيالات للقادة الميدانيين
...
-
اعتراض مرشد ثورةً ايران على فقراء العراق ولبنان انانية غير م
...
-
الحراك المدني والتظاهرات في مواجهة الطائفية السياسية قبل الف
...
-
غارات إرهابية على جُحر ابو بكر البغدادي الدموى
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|