|
كلمة : بلير والنفاق السياسي بين المزرعة الخضراء والبيت الأبيض
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 10:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لايملك الرئيس الأمريكي بوش وتابعة بلير غير خطاب مستهلك ومحدد ومكرر ، بإعتباره إنعكاس للواقع الذي يعيشه مشروع الاحتلال في بلادنا ، إذ لم تحصل تطورات سارة وهامة على الأرض العراقية المحتلة منذ البداية الى الان ، ( ويبدو إنها لن تحصل أبداً ) ، يمكن لهما الإعتداد والتباهي بها وتعدادها وشرحها ، فالمأزق كبير وواضح ، والإستعصاء حقيقي ، هذا ينعكس مباشرة على الآخرين التابعين بالتبعية المكشوفة ، وهكذا فالخطاب ينطوي على تمنيات ورغبات لاتتفق مع الوقائع الجارية على الأرض ، وهذا السلوك الطبيعي و( التلقائي ) بالنسبة لهم جزء من الاستمرار بالدفع في الإستراتيجية الأمريكية الى مدياتها القصوى المتخيلة ، بكل الأساليب المتاحة بإنتظار النتائج النهائية ، رغم ظهور دلائل ومؤشرات عديدة وكبيرة غير مريحة ولا تتفق مع مخطط الاحتلال الأصلي ، الذي يسعى للسيطرة العسكرية والسياسية والإقتصادية والثقافية ، بأرخص الأثمان وبأقل الخسائر وبأسرع زمن ممكن . عندما تسلل بليرخلسةً من الكويت المحروسة الى المنطقة أو ( المزرعة ) الخضراء ، لم يكن الطالباني أو المالكي يعرف بقدوم الضيف أو ( المضيف ) أو السيد أو ... ، بل تفاجأ به المالكي وهو يطرق ( ربما لم يطرق ) باب غرفته ، وربما أيضاً كان ذلك لدواعي أمنية كما سيصرخ البعض ( قابل نترك الضيف العزيز والكبير ..... كذا لل.... كذا ... ) . لكن المزرعة الخضراء على سعتها ، والسفارتان الأمريكية والبريطانية ، وجميع القواعد العسكرية والمطارات والفنادق المحتلة والإستراحات وبيوت العملاء المحصنة ( أحمد وأياد ومثال وغيرهم على سبيل المثال لا الحصر) وبيوت الماء وبيوت ال ..... وجميع الأماكن والغرف السرية لم تتسع لبليرلكي يبيت ليلته اليتمية تلك في بغداد ، فغادرها بطائرة الهلكوبتر قافلاً الى الجارة المحروسة الكويت ، ثم عاد في اليوم التالي من جديد ليفاجأ جلال الطالباني ( ربما من دون أن يطرق باب غرفته أيضاً ) ... وربما سيصرخ البعض أيضاً ويبرر هذه الإجراءات المعقدة وغير اللائقة ، ويقول هل ....؟؟ ونقول له لا... ، لكنها تكشف عدم الثقة التامة بالجميع ، وكذلك بالوضع الحالي وبكل الإجراءات الموجودة في ظل الاحتلال ، فمثلاً ، إلا يستطيع جلال الطالباني إصطحابه الى ( قله جولان ) المنطقة المحصنة والمعزولة خلف جبل أزمر في مدينة السليمانية ؟؟ أو يذهب الى مصيف ( سره رش ) القريب من مصيف صلاح الدين المعروف في أربيل ، وقد بدء الربيع منذ حين ؟؟ او يصطحبه المالكي الى مضارب العائلة الآمنة في مدينة طويريج قرية جنانه ( الهندية قبل الاحتلال ) ؟؟ لاأريد أن أطيل في هذه النقطة الكاريكتيرية ، لكنها تعكس أزمة ثقة حقيقية بالجميع ، وهي نقطة هامة كشفها صحفي بريطاني مرافق لبلير ، ربما من باب ليبرالي راسخ وطبيعي ، أو من باب السبق الصحافي ، عن مستوى العقل الاحتلالي الخائف من ظله وفي بيته النفطي الثاني او الثالث او الأول ، من يدري بالخطط السرية !! . لقد أستمعت بإمعان الى النفاق السياسي والإعلامي للسيد بلير وهو يطلق أكاذيب سريعة ومسبقة تعود عليها ، اكاذيب بالجملة وليس بالمفرق ، عن الحرية والتطور والمستقبل ، وكأن قدر الشعب العراقي يقع ويتجسد بين مساحتين وخيارين لابديل لهما ، أما الفاشية الحقيرة المجرمة أو الاحتلال الحقير المجرم ؟؟ أو أن يموت بين سجنيين وزنزانتين أو إغتيالين ، لا أكثرولا أقل !! عجيب هذا العقل المحدود والخرب ، عجيب هذا العقل المعادي والعدواني ، عجيب هذا الفكر الاستعماري المشين !! عجيب هذا السقف الإجباري الممنوح لنا ، عجيبة هذه الوصاية التافة علينا ، وهو يطلقها من زاوية محصورة ومعزولة في مدينتنا المدمرة والمحتلة بغداد . هل نحن قاصرون الى هذه الدرجة المعيبة ؟؟ مادام قد سقطت الفاشية الكريهة ، فلنسقط الاحتلال الكريه . في خطوة مكملة لزيارة المزرعة الخضراء وليس الى بغداد ، أنتقل بلير الى واشنطن كي يقدم آخر تقاريره الى سيده بوش ، وهي مهمة قريبة الى مهمة شرطي دولي تابع ، وقد قالت السي أن أن ما نصه ( وكان بلير زار بغداد في بداية هذا الأسبوع ، فيما يتوقع أن يكون قد أطلع بوش على نتائج محادثاته مع المسؤوليين العراقيين ) ، إذن قدم تقريره !! وهل يحتاج الأمر الى تحليل أوتعليق ومتابعة . ومن ثم طرحا مشروع عالمي لدعم الاحتلال في العراق ، في نفس اللحظة التي ينفض ويهرب الجميع من المستنقع العراقي ، ومن التجربة الحزينة والدامية فيه ، كما في النموذج الإيطالي خاصةً ، ولكن هل هذه خطوة على طريق تدويل القضية العراقية ، ومقدمة وبداية لنقل الملف الى الأمم المتحدة ، ثم إعلان مخفف للهروب الكبير ؟؟ أم إن الوقت لم يزل مبكراً ، علينا ان نرصد ونتابع الوضع بدقة ، وأن نقرأ كل الإشارات والرسائل والتطورات . على بلير اليوم أن يواجه الرفض الداخلي المتصاعد ضد الحرب والاحتلال ، فأسر الضحايا لن تصمت ، وهي تطالب بمراجعة قضائية حقيقية حول الحرب وأسبابها ونتائجها . وبريطانيا مجتمع ديمقراطي عريق ، وهولا يستكين ولايقبل بمقولة ( الأمر الواقع ) كما يفعل البعض في بلادنا من دون نقاش أو مراجعات أو مقاربات للواقع نفسه ، رغم النتائج البينة والمرعبة ، فبلير مسؤول عن إرسال المئات من الجنود للموت الرهيب ، وهؤلاء لديهم عوائل ورأي عام مؤثر وحقيقي ، الى جانب آلاف العراقيين المنسيين والمسكوت عنهم الى حين . لن يستمر النفاق الساذج لبلير وبوش الى النهاية ، فبدايات المأزق الحقيقي واضحة وكاملة ، وبلير لايملك علاج سحري له ، والوضع العراقي يتفاقم بسرعة لم يتوقعها احد كما قال بلير نفسه ، ولاتوجد حلول عملية للمأزق القائم ، كما أن خطوة تشكيل السلطة المحلية سوف يكون مصيرها مثل مصير مجلس الحكم وملحقاته ومحاصصاته البغيضة ، بل ربما اسوء بسبب تفاقم الأوضاع ، وبيننا الستة أشهر الممده الى سنة قادمة وسنرى ، على إننا سنحصي ما جرى من جرائم وكوارث وأخطاء في ظل السلطة المحلية السابقة التابعة للإحتلال على جميع الأصعدة ونظيفها الى الجرائم والكوارث والأخطاء الجديدة ، التي ستشكل إستمرار طبيعي لسياسة المحتل ومخططه الرئيسي والأصلي ، والذي يجري تنفيذه في بلادنا على قدم وساق ؟؟ لم أسمع شيء جديد في كلمات بوش أو بلير ، سوى الدوران والتحدث عن منجز غامض وخاص بالنسبة لهما ، أو للمشروع الإستعماري الجديد ، وليس لشعبنا العراقي المضطهد والمدمر ، وهما لايعتبران كل ماجرى من كوارث وجرائم في ظل الإحتلال غير أخطاء تكتيكية بسيطة وإجبارية وإضطرارية ، سيقع بها كل من يريد أن يعمل هكذا عمل تاريخي تغييري كبير، لأن من يعمل يخطأ بالضرورة !! لكن هذا التبرير الساذج والمبسط لايحل المشكلة ، لا في بلدنا العراق المحتل والمدمر ، ولا في أمريكا أو بريطانيا . وتذكروا فقط تجربة ودرس الجرائر وفرنسا !! حيث إن الشعوب لا تنسى . لم يبق في بلادي غير الرفض المتصاعد لهذا المشروع الأهوج بعد إن سقط الديكور الصناعي والمفتعل عنه بسرعة قياسية نادرة ، وهاهو الوجه الحقيقي للإستعمار يظهر كما هو في نسخته الأصلية التقليدية من دون مكياج وأقنعة ، وبلير بإعتباره سياسي فاشل وغير ماهر يساهم في هذا الكشف السريع والمبين . إن معادلة الاحتلال والموقف الوطني المقابل ، هي المعادلة الرئيسية ، الى جانب إستمرار الجرائم العسكرية ضد المدنيين ، وسقوط الدولة ، ومشكلة الملف الأمني وتداخله مع الإرهاب الجبان ، ونهب النفط ، ومشكلة الفساد الرهيب ، والمحاصصة الطائفية ، وتفاقم البطالة ، وإنعدام وتردي الخدمات .
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الحرب والحب . أو كيف نرتق الجرح ؟؟
-
رسائل واستغاثات من الوطن ، وقضية أخرى .
-
حكمت السبتي : صوت مغسول بالماء وممزوج بالحنين والطقوس الجنوب
...
-
كلمة : هل سقط الاحتلال ؟؟
-
تنوية وتصحيح وإعتذار - عن الشهيد منتصر
-
كلمة : الاتجاه الرئيسي للوضع السياسي في بلادنا وتعمق مأزق ال
...
-
بشتآشان : مكان خالد في الذاكرة الوطنية
-
حال المدن العربية البائسة كإنعكاس للوضع العربي المتردي
-
تهنئة وتحية وسلام الى محسن الخفاجي
-
رسالة جوابية الى الأخ والصديق حسقيل قوجمان .. الستالينية باع
...
-
دفاعاً عن حياة وحرية الدكتور أحمد الموسوي
-
في ذكرى تأسيس الحركة الشيوعية العراقية .. بعض التجارب والدرو
...
-
خففوا ولا تحضروا ، لعنة الشعوب والحياة والتاريخ عليكم .
-
ما تحت الرماد أشد إشتعالاً !!
-
.منتصر في ذكراه الخالدة ، بين جريمة القتل وجريمة الصمت
-
كلمة : أهمية كشف ملفات وإتصالات وعلاقات الجميع
-
عزة تحترق ......... بغداد تحترق .
-
رسالة من بعيد الى شهيد جميل آخر
-
كلمة : الأربعاء الدامي ، ما قيمة الكلمات والحبر أمام الدم ال
...
-
تعليقات سريعة حول بعض الأحداث الجارية اليوم
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|