أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جاسم الاسدي - ثمن كاتم الحياة














المزيد.....


ثمن كاتم الحياة


محمد جاسم الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 6440 - 2019 / 12 / 17 - 17:46
المحور: الادب والفن
    


عُمري -الآن- ثلاثة وعشرون عاماً، تركت الدراسة في السنة الرابعة من الكلية الإنسانية، لأسباب تتعلق بفقدان الإنسانية وأخرى اقتصادية قد تتصل بقوة الذاكرة، وانشدادها نحو قسوة الماضي اليتيم..
حصلت على أكثر من تذكرة لجوء أممية، لأسباب أُسرية غامضة، ولا زلت أُصلي صلاة الوحشة صوب القِبلة نعياً للبشرية المتوحشة، لا زلت رافضية إلى درجة عدم موافقتي بالاقتران بعد أن أشفق لخطبتي أكثر من زوج يعدني أن سيكون أباً لي وأماً؛ لكن بنيتي ظلت ضعيفة، وأعاني من فقر الوطن، فقد عاهدتني خالتي -التي ترملت أحلامها بسبب تفضيلها رعايتي على الزواج- بِعودة أهلي المسافرين قريباً، كان يمكنها ألا تخبرني بصوت الجريمة المكتوم، لكن الكحل الذي يسيل من عينيها مالحٌ يشبه إلى حدٍ موجع ماء البصرة الذي لا يعرف الكذب على شاربه..
أنا الآن صوتُ الضمير الذي يتنكره المأجورون.. فوهةُ الوجع الذي لا يفارق الجرح.. تَسير روحي في تقاطع الشارع الذي يفصل القِبلة عن الأمن الداخلي في البصرة، لا أمتلك ثمن رصاصة أخرى، إذ لم أبع علبة كلينكس واحدة منذ الصباح الحارق، ولم أمسح زجاج سيارة المسؤولين والمتنعمين للآن، تجاعيد ذاكرتي الأنثى لا زالت طفلة تثغو، وقلبي ينبض بالوحدة المدنسة بالوطن الذي اقتصت ظفيرته الأوهام القدرية..
هو: نعم، لا يهم، سيعم الأمن الداخلي
هي: عن أي جادة تُحدثني؟!
هو: عن الرجوع، أترغبين بالأمن الداخلي أم القِبلة؟
هي: أينما أولي وجعي فالقبلة في روحي؟؟
حينما كُنتُ مُدللة دافئة في أضحية الشتاء الآخير، كُنتُ أُميّز جيداً بِينَ رائحة ثديي أمي ورائحة سواها من المربيات اللائي يشفقن عليّ، أتلهف لأرتمي بأحضان أبي حينما يعود من العمل، أتحسس لحيته التي تبدو ناعمةً كأحلامنا المتواضعة، أبعثر سجائره وأتقلب على صدرهِ، وأتشمم الإرهاق في وجههِ والحلوى في كفيه، كان ينام -سريعاً-ويتركني من شدة التعب، لكنه يوم تعلمتُ الجلوس وبدأت أزحف بين الوسائد أشعل لحظة التنوير وعمّت البهجة جدران المنزل، و كالعادة لم أشبع من وجهه الذي كنت أنتظره طوال اليوم..
الأبواب: كاذبة، والرياح كاذبة، لا أحباب يطرقون؛ الوقت مُتأخر جداً، إنهم يتحسسون مقبض الفناء، عيونهم مأجورة تُجيد الوضوء بنار البرقيات البراقة، والفتاوى الفتية، والعبث البعثي، تُحدق إلى قائمة بأسماء المسافرين، حينما سقطت ورقة المسافرين كان والدي في أول القائمة، وآخرون لم أكن أحسن معرفة آثامهم البريئة ..
خالتي: كاذبة، فأنا أميز رائحة أمي ولحية أبي وضحكات أخوتي، وصوت الباب، وعتاب النافذة، وملمس أغطيتي، وأعرف القاتل المُهدد..لقد شاهدته وهو يرخي زناد سلاحهِ الملثم بيدهِ ذاتها التي قبضت ثمن التنفيذ..
سأبقى في القِبلة، لكني لا أمتلك ثمن رصاصة خانقة أهديها للمسؤول عن مكافحة الصوت فأنا ميتة على قيد الحياة..
هو: والأمن الداخلي، سنختار تقاطعاته لبيع الكلنكس..
هي: لا بأس، لكن الأمن الداخلي خدعة صدقتها القِبلة!



#محمد_جاسم_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جاسم الاسدي - ثمن كاتم الحياة