أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - نظرية المؤامرة بين التفكير التآمري والتفسير التأمري














المزيد.....

نظرية المؤامرة بين التفكير التآمري والتفسير التأمري


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 04:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تبريرها لبؤس الواقع العربي يطفو على سطح مشهد الحياة السياسية العربية، سواء بين النخب المثقفة والأحزاب السياسية وحتى صناع القرار وصولا إلى المواطنين المتابعين للشأن السياسي، تحضر "نظرية المؤامرة وبشكل يقيني، كي يسهل رد هذا الواقع المجافي في تجلياته بالغة السوء؛ والمحمل بهذا الكم من الفوضى والإخفاقات والمصاعب والكوارث التي تعيشها شعوب المنطقة إلى نظرية المؤامرة.
وتخبرنا التجربة التاريخية الممتدة إن هذا النوع من التفسير للواقع؛ بات للأسف نمطا للتفكير عند العرب، بل إنه استشرى كالوباء في كل الأوساط، سواء في قطاعات المثقفين أو بين أقسام الرأي العام.
وعلى ضوء هذا التقرير يجري تفسير تلك الأحداث التي تعيشها المنطقة في صورة عامة، وفي كل دولة بشكل خاص، بحيث تحتل العقل السياسي العربي؛ (والعروبة هنا هي: بمعناها الحضاري والثقافي ) الذي أدمن نتيجة العجز المستمر تحميل هذا العجز للآخر، فعِوضا عن قراءة وتفسير الواقع بشكل موضوعي علمي صارم؛ ومن ثم البحث في أسبابه وكيفية مواجهته، يجري إلقاء سبب خيباته وعجزه المزمن على العامل الخارجي، بالاتكاء على نظرية المؤامرة من الموقع السلبي للمعادلة، وهو اتكاء سهل ومريح للذات العاجزة ابتداء.
وهذا النوع من السلوك السلبي يجب أن لا يجعلنا نتجاهل أن هناك من يستخدم نظرية المؤامرة في تفسير المواقف والأحداث وربما التاريخ أيضا؛ وهنا يجب التميز بين التفسير التآمري والتفكير التآمري، ذلك أن التفكير التآمري ؛هو ذلك الجهد الذهني الذي يصنع المؤامرة ويحيكها، ولا ينصرف بحال إلي جهد هؤلاء الذين يأستخدمونها في تفسير الأحداث. فما يفعلونه هو "تفسير تآمري" وليس "تفكيرا تآمريا" وهناك فرق بين المعنيين.
ولفهم طبيعة هذه الثنائية يجب البحث في تفكيك مفهوم نظرية المؤامرة بردها إلى أبعادها المعرفية، ولعل أول شروط ذلك هو التعاطي الإيجابي، أي تجاهل الأحكام المسبقة، لكن مع التسليم بأن هناك تضارب، والكثير من التناقض في مصالح الدول، يجري تفسيرها حسب موقع كل طرف في المعادلة السياسية التي تحكم تلك العلاقات ارتباطا بميزان القوى القائم حينها، ففي حين تراها القوى القادرة على أنها ضمن حدود مصالحها المشروعة؛ تراها دول وقوى أخرى أنها مؤامرة، ولذلك يذهب بعض المفكرين إلى اعتبار أن التآمر هو قلب السياسة.
لأنه حسب بعض الباحثين فإن كل مطلع وملم بعلم السياسة يعرف أن السياسة هي سعي لتحقيق المصالح، كون المصلحة هي الهدف الأول الذي تسعى إليه الدول والأنظمة في سلوكها السياسي الداخلي والخارجي، وتحقيق المصلحة الوطنية لدولة ما، يجري عبر إحدى الطريقتين، إما بالسلم وحسب قواعد القانون والأعراف الدولية. أو بالحرب والصراع وما يصاحبهما من خداع ومناورة وتآمر.. والوسيلتان معا هما السياسة أو هما وجهان لعملة واحدة، هي السياسة، .. والقول إن السياسة لا تعرف الصراع والتآمر لا يستقيم مع فهم السياسة على حقيقتها كفعل بشري.
هذا التوصيف القاسي يعيدنا إلى القراءة التي تقول بأن الدول تعمد إلى الخداع والمناورة وحتى الحرب، إذا لم تستطع تحقيق مصالحها السياسة بالمكشوف وعن طريق القانون والاتفاقيات؛ ووفق هذا التفسير فإن لكل دولة من دول العالم سياستان: سياسة معلنة مزينة بشعارات ومبادئ أخلاقية وقانونية، وسياسة سرية أو خفية يرسمها استراتيجيون وأجهزة المخابرات يطبقونها بالخفاء، أو يلجأون إليها وقت الحاجة.
وإذا كان ذلك من أبجديات العلاقات السياسية، على قاعدة أنه ما من سياسية تخلو من تآمر، غير أن المشكلة تكمن في عدم إدراك البعض لذلك، ومن ثم الركون السلبي لفعل المؤامرة في حال وجدت، لأن السؤال عندها هل يمكن لأي مؤامرة أن تخترق جدران القلعة الحصينة بالمعني السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني؟ لا أعتقد ذلك، ولهذا فإن عوامل الضعف الذاتي هي من تعطي للمؤامرة حضورها في الواقع، لأنه من الصعب على أي مؤامرة أن تخترق شعبا محصنا بالحرية والديمقراطية والعدالة، لكل أبنائه.
ونتيجة هذا العجز يجري استحضار المؤامرة والتهويل بها باعتبارها عملا عدائيا خارجيا، وهو الذي يقف وراء كل ما تعانيه تلك الدول، وذلك بهدف تهويل القول بالمؤامرة الخارجية بهدف توظيفها سياسيا لخدمة مصالح وأهداف محددة، وهذا يجعلنا ندقق في ملابسات استخدام هذا المصطلح، أي هل هناك مؤامرة حقيقية؟ أم إنها لا تعدو أن تكون محاوله للهروب إلى الأمام من أجل التغطية على عجز ذاتي، له أساسه الموضوعي؟ وكأن التخفي خلف نظرية المؤامرة يمكن أن يجنب القائلين بها، المسؤولية عما وصلت إليه الأمور.
وللأسف يكاد المشهد العربي يمتلئ صخبا بضجيج المؤامرة من بعض القوى والأنظمة السياسية التي تحاول رد الواقع المتردي إلى مؤامرة خارجية لتخفي عجزها وفشلها ولتتهرب من تحمل المسؤولية عن تلك الأوضاع المتردية التي تعيشها شعوبها، وهي بذلك تسعى لإبعاد الأنظار عنها باعتبارها مسؤولة عن احتجاز تطور شعوبها على كل المستويات بإلقاء تبعة كل هذا الخراب على الخارج، وهي محاولة بائسة لاستخدام نظرية المؤامرة كمشجب تعلق عليه كل الأخطاء والتجاوزات وأوجه القصور والخلل في المجتمع العربي.
وأعتقد أننا لا نجافي الواقع عندما نقول إن العقل العربي استراح إلى مقولة المؤامرة الخارجية، من أجل تبرئة الذات من خطاياه كونه اعتبر على الدوام أن كل ما أصابه هو نتاج مؤامرة لا قبل له على ردها، وهذا فيما نعتقد هو مكمن الداء.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكسات أحلام الشاطئ الرابع ... بين الحماقة والمراهقة..!
- -حب ترامب -...جعل حل الدولتين -مستحلا-
- مشاكسات أي حق عودة..؟!.. تصفية حسابات
- تماهي أمريكا في الكيان الصهيوني!
- مشاكسات (شرعية أخلاقية...! خطوط أمريكا الحمراء..!)
- فلسطين: تشريع أمريكا للاستيطان اغتيال متعمد للقانون الدولي
- مشاكسات مغالطات حمساوية ... الاحتلال.. ورعاية الفساد
- بيانان المقاومة الفلسطينية: بين النوايا والتباس اللغة والمفا ...
- مشاكسات أمن مصر...خليجي! -نكتة- خلط الأوراق..!
- التحالف مع الكيان الصهيوني..نفي للحقوق الفلسطينية والعربية!
- حماس... تتلون لكنها لا تتغير
- مشاكسات -إسرائيل- ليست عدوا..! استفزاز...!
- في تصويب المفاهيم ...الوطن هو الحزب... الوطن هو القبيلة
- خان شيخون .. عندما يصبح الكذب حالة -أيديولوجية-
- تركيا عملية -الكي مستمرة-.. ولكن..
- مشاكسات
- في الديمقراطية وطاعة ولي الأمر
- الديمقراطية بين -الوظيفة- و-التوظيف؟-
- التنظيم الدولي : و إديولوجيا النفي والعنف
- الأنفاق : بين الذريعة والنقمة


المزيد.....




- بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من ...
- -روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي ...
- منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا ...
- كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
- هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
- منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد ...
- وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن ...
- أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
- سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك ...
- حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - نظرية المؤامرة بين التفكير التآمري والتفسير التأمري