هيثم نافل والي
الحوار المتمدن-العدد: 6436 - 2019 / 12 / 13 - 19:28
المحور:
الادب والفن
فجأة، وجدتُ نفسي تائهاً، وحيداً مثل قمر في السماء لا أجيد غير التطلع! أخرساً كالأفكار، والأفكار حيرى ومعذبة، مطوقة بالأسى، تطن في رأسي مثل أسراب النحل المرعوب، فتولد فيَّ ألف سؤال وسؤال، لماذا نحن العراقيون هكذا وكأن أقدامنا أذكى من عقولنا؟! عندها تذكرت قول الأديب الثوري مكسيم جوركي" الشعب سيد الأرض وصانع المعجزات، الشعب هو الإله، ذلك الجبار العظيم الذي يملك القوة والإرادة في تحقيق التغير"..
وقتما رأيت الفلم الذي عرضته شاشة قناة العربية تحت عنوان" صنع في إيران " تغيرت مفاهيمي نحو الشباب العراقي، فجأة اكتشفت ما كان عني غائباً ومضمورا؛ عرفت مقدار نخوته تجاه أخواته وأخوته، قوته، ذكائه، وطنيته التي حاولت السلطة القمعية منذ ثمانينيات القرن المنصرم أن تقتلها فينا. نعم، اغتالت السلطة وطنيتنا، أبعدتنا عنها، أجبرتنا على أن لا نعترف بها، بل لا نشعر بعراقيتنا، فتغربنا عن أرض ميلادنا قبل أن نغترب.
كان شعورنا ونحن نهم بالفرار والهروب من بلدنا عظيم المرارة، كثير القسوة، مفرطاً بالإحباط والخيبة لإحساسنا بأن الوطن لم يحمنا، ولم يلبِ مطالبنا الإنسانية المشروعة بصيانة الكرامة والتمتع بالحرية، وبالتالي تخلى عنا فتخلينا عنه بحكم القصاص العادل والضرورة! حتى حدثت الصدمة في مشاهدة واقع الشباب الغريب البعيد عني، الذي لا أعرفه ولم يتسن لي معايشته بحكم الغربة المفروضة طبعاً، لم أكن أتصور مطلقاً بأنه هكذا مثل ألسنة اللهب، تبتهج وهي ترتفع عاليا، وقتها عرفت بأن من لا يرى الله لا يمكن له أن يعيش، والقوة لا تأتي من الماضي بل بمعرفة الحقيقة! وكلما تراجع الخوف تقدمت الحقيقة، وإيماناً مني بأن خوف الإنسان ينتج من ضعف إيمانه بمقدراته ولمن هو حوله، وفي ساحة التحرير والاعتصام اختفت هذه العلة، ظهر الشباب" أولاداً وبنات " كتلة واحدة من المشاعر، خلية متكاملة، فعالة من العمل، والإبداع، والتحدي والصمود؛ كانوا كالنجوم في الليل، يتألقون كطيور من نار، متوهجة، متحركة وكأنهم يداعبون بدلال حضن السماء؛ صادقوا أنفسهم، وتعلقوا بالمقولة التي تقول" طالما هناك يأس توجد حياة، والمشاكل لا تبدأ إلا مع الأمل"! نعم، اليأس جبر الشباب على العمل، والعمل أستاذ العقل، والأخير شيطان الكون وسيده!
https://www.youtube.com/watch?v=JPwPqn2Siqk
#هيثم_نافل_والي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟