|
أسرى عميروش .... أو قانون العينُ بالعين .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 6433 - 2019 / 12 / 9 - 00:45
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يحرصُ الكولونيل عميروش على إعطاء أمر السجناء بُعدا دوليا عبر إشراك منظمات دولية (1) في أمر تبادلهم مع سجناء وطنيين لدى الجيش الفرنسي ، وهو ما ترفضه فرنسا حتى يبقى شأن جبهة التحرير شأنا داخليا خاص بفرنسا وحدها تتصرف فيه بهواها ، وكأن الثوار فئة ضالة خارجة عن القانون ، لا يجب أن يطلع العالم الخارجي على حجم الإضهاد الذي يتعرض له المقاوم الجزائري بالنظر إليه وكأنه مجرم ، وهو ما صرح به العقيد بوصوف لجريدة united- press بتونس في 23 جوان 1958 قائلا [ ... على فرنسا أن تعاملنا كخصوم عسكريين عاديين ، وليس كخارجين عن القانون يجوز قتلهم وتصفيتهم كالكلاب ، فلتتوقف فرنسا عن تعذيب السجناء للحصول على معلومات وقتل المجاهدين وكأنهم من مجرمي الحق العام .] (2) . °° كثير ما ينتج العمل الحربي بخدعه سجناءٌ من الطرفين ، وهو ما حدث في كثير من الواقعات ، كمعركة محرس الحوران poste miltaire d’EL HORANE يوم 4 فيفري 1958 . °° محرس ( الحواران ) هو قاعدة فرنسية لحراسة وتخزين السلاح والعتاد الحربي لتوزيعه على نقاط المراقبة في تلك الجهة ، يقع ليس بعيدا عن حمام الضلعة وبعيدا عن مدينة المسيلة ب25 كلم نحو غربها ، وهو يقع ضمن أقليم الولاية الثالثة التاريخية ، محروس بقوة كبيرة مشكلة من ست مجنزرات مصفحة مزودة برشاشات 12/7 ومخازن للسلاح و المؤن ، يتولى أمر الحراسة فيه قوة عسكرية من السبايس SPAHIS قوامها 33 جندي بقيادة اليوتنان [ دوبوس le lieutnant DUBOS] °° خطورة الموقع وتأثيراته على حركية جيش التحرير حفز العقيد عميروش على أمر الهجوم عليه ، حيث نفذت العملية بنجاح كبير وتم قتل عساكر فرنسا في الموقع وأسر 17 عسكريا فرنسيا على رأسهم اليوطنان دوبوس dubos ، ونقلت الأسلحة والذخيرة المستولى عليها على ظهور الدواب في اتجاه الشمال حيث أخفي الكثيرمنها في مخابيء معدة مسبقا لستغلالها فيما بعد ، خاصة في (غابات بني وقاق ) جهة بن داود وحرازة ، ونقل السجناء إلى مقر القيادة بأكفادو . هذه الحادثة أحدثت هلعا كبيرا في وسط الجيس الفرنسي . °° سجناؤنا وسجناؤهم ....
كثرة السجناء الفرنسيين في المناطق المحررة الذين هم في قبضة الجبهة كان حافزا لعميروش لتبادلهم بسجناء مجاهدين تم القبض عليهم ، فكان عميروش يصرُّ ويدعوا إلى تبادل أسرى الحرب مستغلا وسائل الإعلام الفرنسية نفسها ، شرطه الوحيد هو أن يكون التبادل علنيا وعبر منظمات دولية حسب ما تمليه بنود اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب ، وهو ما لا تريده فرنسا ، لأن ذلك يعني إقرار لها واعتراف بجبهة التحرير وقوتها . أمام هذا الإصرار الفرنسي راسل عميروش أسرة القبطان دوبوس ، في رسالة نشرتها وسائل الإعلام أنذاك نصها : [ ... نعلمكم بأن إبنكم اليوتنان دوبوس DUBOS وقع أسيرا بين أيدينا منذ 4 فيفري 1958 ، نتمنى أن تساهموا في تحريره وإنهاء سجنه لأننا على استعداد لإطلاق سراحه مقابل تحرير سجناء لنا ، واجبكم إعطاء الأهمية القصوى لمراسلتنا لكم . ابنكم حاليا يُعامل معاملة جيدة ، لكن لا نخفيكم حقيقة أن لصبرنا حدودا ، وأن حياة ابنكم والذين معه لها علاقة بحالة سجنائنا وحالة أختنا المجاهدة جميلة بوحيرد الذين يعاملون بقسوة والتصفية عند جنودكم . هذه الرسالة عبارة عن صرخة وتنبيه لكم ، واجبكم الإستماع إليها حتى لا تفقدوا ابنكم . الكومندان عميروش . ] رسالة عميروش فيها إعذار صريح النبرة للسلطات العسكرية الفرنسية ، بأحقية الجبهة في تطبيق الإتفاق الدولي بشأن اسرى الحرب ، فكان عميروش يريد تبادل الأسير دوبوس بالمجاهد حسين ساحلي (3) لكن السلطات العسرية بتعنتها سارعت إلى إعدام المجاهد حسين ساحلي في بلدته ( القصر) يوم 5ماي ، فما كان من عميروش سوى أن أمر إعدام اليوتنان دوبوس في نفس المكان الذي أعدم فيه المجاهد حسين ساحلي ووضعت على جثه ورقة مكتوب عليها : ( العين بالعين ، والسن بالسن ، والجروح قصاص العقيد عميروش ).
وبعدها أبرق رسالة مفتوحة لوالدي اليوتنان دوبوس المقتول قائلا فيها :
( .. من عميروش قائد الولاية الثالثة إلى السيدة والسيد دوبوس DUBOS 65 بو دي أنفاليد باريس 7 سيدتي .. سيدي .
[ يؤسفنا أن نعلمكم وفاة إبنكم الذي نفذنا فيه حكم الإعدام على يد وحداتنا المسلحة ردًّا على إعدام واحد من ضباطنا من قبل جيشكم . تأكدوا بأن ما قمنا به ليس له علاقة بالقصاص المكلوب ، وإنما جاء على تصرفات جندكم اللانسانية تجاه مقاومينا ومجاهدينا النظاميين المسجونين المقبوض عليهم أثناء المعارك بيننا ، مثلما وقع لضابط جيش التحرير حسين صالحي المسجون منذ 4 فيفري 58 ، تاريخ القبض عليه . إبنكم يحظى عندنا - من قبل قواتنا- بمعاملة حسنة ، سُمح له بمراسلتكم مرارا ، نتمنى أن تكون مراسلاته قد بلغتكم، لعلها ستزيل الغشاوة وتحكمون على حسن معاملاتنا له وللأسرى الذين كانوا معه . وبالمقابل فإن ضابطنا ( حسين صالحي ) قد تعرض لصنوف من التعذيب والإهانة توجت بإعدامه بلا رحمة وبكل برودة دم لأنه رفض الإستسلام . الإختلاف في التعامل مع الأسرى أملته القيم التي نتحلى بها ، وفي المستقبل نحن مجبرون على معاملة أسراكم بمثل ما تعاملونا أسرانا ] . جمعية الولانية (عنهم / العقيد عميروش) .
°°معضلة تبادل الأسرى بين عميروش و ضباط فرنسا شابها الكثير من العراقيل أملتها روح الدعاية التي رافقت أخبار السجناء ، فعميروش اتخذ من أمر السجناء نضالا لإعطاء بعد دولي لثورة الجزائر عبر منظمات دولية لحقوق مساجين الحرب . __________________________________________
(1) تطبيق قرارات اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب ـ وتبادل الأسرى عبر قنوات الصليب ألأحمر الدولي . (2) منشور في جريدة temoignage chretien بتارخ 31 أوت 1858 , (3) صالحي حسين salhi hocine [ 1928/1958 ] ابن القصر (بجاية)، بدأ مشواره النضالي مبكرا ، رفيقا ( لمحمد بوقرة ) الذي غدا رئيسا للولاية الرابعة ، مشارك في الكشافة الإسلامية ، كان قائدا في صفوف الجيش مكلف بجلب المنخرطين وتنظيم صفوفهم ، يقدره عميروش كثيرا ، دبرت له مكيدة وقبض عليه القبطان ( بول ألان ليجي ) في كمين في الناحية الرابعة من تراب الولاية الثالثة نفذه كومندوس من الحركى و عساكر فرنسا بدعوى أنهم يريدون الإنتقال لتونس . أعدمته فرنسا في مسقط رأسه في 5ماي 1958 .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوكينغ soolking والحراك الشعبي الجزائري .
-
يريدُونها دولة عسكرية ؟؟؟ !.
-
الدولة السعودية الوهابية .
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى . [ج4]
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى [ ج3]
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى [ ج2]
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى . [ج1]
-
مظاهرات الجزائر ....إنه الطُّوفان الذي لا يُقهر !
-
العقيد عميروش ... والقس الأمريكي [1]
-
المازُونيات .... المازيغيات .
-
عندما ترد ( مسكيانة ) على ( قرطاج)؟ !.
-
كرنفال الجزائر بمناسبة يناير .
-
خيمة الإسلام أم خيمة العروبة ؟ ! .
-
[عين بوشريط ] وسقوط الوهم العروبي في شمال افريقيا.
-
الجزائر من قبلة للثوار ... إلى قُبلة لصاحب المنشار .
-
خرافة العرُوبية ؟!
-
الدولة الوطنية الجزائرية مشروع مؤجل .
-
الفنيقيون الجدد !
-
عربُ الجزائر .
-
الشيخ المولود بن الصديق الحافظي الفلكي الأزهري.
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|