أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الرغبة فى عبادة وتقديس السلطة الفردية.. مرض مزمن عالمى ومحلى














المزيد.....


الرغبة فى عبادة وتقديس السلطة الفردية.. مرض مزمن عالمى ومحلى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6426 - 2019 / 12 / 2 - 08:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لماذا نشعر بالحنين إلى حكم الفرد فى الدولة أو الدين أو العائلة أو المدرسة أو العمل، فى أى شىء؟. لماذا تفشل الثقافة العامة والإعلام والفنون والآداب، فى تحرير العقل المصرى من الخضوع للسلطة الفردية؟ هل هذا الخضوع مرض سياسى، يتحول مع مرور الزمن إلى مرض نفسى؟. بمعنى عدم رغبة الإنسان فى الشفاء من وضع الدونية التى تتلقى الأوامر والنواهى، دون تساؤل أو نقاش أو حوار؟ أيكون هذا الخضوع إلى سلطة عليا تتولى زمام الأمور فى كل شىء، خوفًا من الحرية، وتحمل المسؤولية؟ أيكون هذا الخضوع نتيجة تربية الطفل على الطاعة وقبول الإهانة من المدرس أو الناظر؟ هل تعشق

لقد استطاعت الثورة المصرية فى يناير 2011 أن تتخلص من رأس الدولة السابق، ومن بعض أعوانه. لكنها لم تتخلص من القيم الموروثة التى تكرس الرغبة فى الخضوع للسلطة المطلقة فى حياتنا الخاصة والعامة، فى بيوتنا ومدارسنا، وجامعاتنا، ومعاهدنا العلمية والدينية والأحزاب السياسية وجميع الكيانات الثقافية والفكرية والتعليمية والإعلامية والصحفية وغيرها.

الرغبة فى تقديس السلطة الفردية، مرض مزمن فى النفوس والعقول البشرية، لا يمكن لأى ثورة مهما عظمت أن تقتلعه. إنه يحتاج إلى ثورات وثورات، ليست سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، بل ثورات فكرية ونفسية، تقتلع جذور الخضوع للسلطة الفردية، من أجساد وعقول البشر، رجالا ونساء وأطفالا.

ما هذا التقديس للفرد الواحد الجالس على قمة أى شىء، حتى لو كان الجلوس على «كوم من القمامة»؟. فى أعماقنا نكرهه، أو لا نعترف به وبما يفعله، لكننا نطيعه، ونستمر فى ترسيخ أحكامه، وتفوقه.

منذ طفولتى وحتى الآن، وأنا أحلم بالثورة الحقيقية التى تبنى المساواة بين أفراد الشعب.

فى بلادنا، هل يحكم الشعب فى المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية، التى هى أكثر المؤسسات تشكيلا للعقل المصرى؟ هل يحكم الشعب فى المؤسسات الدينية، أم أن هناك دائمًا طبقة من الوسطاء، بين الشعب وبين فهمه وتفسيراته للأديان، والعبادات، والطقوس الدينية والتراث الدينى؟

ثورة يناير 2011 أطاحت ببعض الوجوه القديمة فى مؤسسسات الدولة. وجوه عاشت وتضخمت واكتنزت الأموال، من تقديس الحاكم الفرد، وتدعيم سلطته الفردية المطلقة، وجاءت بوجوه جديدة، على رأس المؤسسات العامة، لكن متابعة الأحوال فى بلادنا تدل على أن أغلبية القرارات التى تصدرها المؤسسات فى الدولة، أيًّا كانت، لا تزال تعمل بالآلية القديمة نفسها. وهذا أشبه بالمرأة التى تغير ألوان الماكياج التى تضعها على وجهها، أو الرجل الذى يصبغ لون شعره. فى الحالتين، وجه المرأة هو هو، لم تتغير ملامحه أو نوع النظرة فى العيون، والرجل هو هو، لم تتغير أخلاقه أو أفكاره، لمجرد أن شَعره قد تحول من اللون الأبيض إلى اللون الأسود.

منذ ولادتنا، بدءا بالبيت حتى أعلى المناصب، لم نتعلم على القيادة الجماعية. ننتظر العائل الواحد والكاتب الواحد والمفكر الواحد والمناضل الواحد، لكى يحكم قيادتنا، ونمشى من خلفه، ونطيع أوامره، ونسير على نهجه.

شاهدت فى عيادتى النفسية الكثير من هذه الشخصيات: رجل ضخم الشاربين يشكو من رئيسته، لأنها طيبة، تراعى مشاعر المرؤوسن، وليست متسلطة، تريد أن تنفرد بالقرار. زوجة تشكو زوجها لأنه لا يشكمها، ولا يعنفها، ولا يقيد حريتها، وتصفه

بأنه «رخو»، «عديم النخوة»، «قليل الرجولة». تلميذ لا يحترم مدرسه لأنه لا يضربه، أو يهينه. هذه بعض النماذج التى توضح كيف تترسب قيم العبودية، فى العقول، والنفوس، إلى درجة أنها تكاد تصبح طبيعة ثانية للإنسان، أو صفة يتم توارثها مثل لون العينين، أو طول القامة، أو الاستعداد لمرض معين. قال لى أحد الأشخاص: «تصورى يا دكتورة أحيانا أشعر بالحنين إلى مبارك، رغم أنه وضعنى فى السجن وخلع عين ابنى فى ميدان التحرير».

إن الرغبة فى تقديس وعبادة الفرد، ليست فقط فى بلادنا. لكنها مرض مزمن عالمى، ومحلى، شرقًا وغربًا جنوبًا وشمالًا. وإن اختلف الأمر فى الدرجات والأشكال التى تظهر بها أعراض المرض.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحاسيس دنسة تسللت إلى جسدها غير الطاهر
- الكاتب الكبير والكاتب الحر
- كيف تتحقق ديمقراطية المجتمع فى ظل ديكتاتورية الأسرة؟
- قانون واحد للأسرة المصرية
- أعطونا كتاب الله وأخذوا أرضنا وأموالنا
- من يكون الهومو ديوس؟
- مع صديقة العمر فى هدوء الليل
- حينما تتلاشى المسافة بين «البيت الأبيض» وغرفة نومى فى شبرا
- حين تكون القراءة النقدية إبداعًا
- فتاة الليل تقتحم عالم الكتابة
- أنوثة الفلاحة في الحقل.. وأنوثة الطبيبة في المدينة
- الكاتبة ورئيسة الحكومة
- حملة شعبية ضد التجارة بالطب
- وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس
- مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري
- شهادة الزوج الثاني في المحكمة
- نوال السعداويأمر الله والانفجار السكاني
- الصراع الدامي التاريخي بين الآلهة والبشر
- مذكرات طبيبة بعد 63 عامًا من القهر
- أنت مختلفة.. أنت مختلف موسيقى أو نشاز؟


المزيد.....




- -كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد ...
- فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط ...
- عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في ...
- السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت ...
- ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
- زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي ...
- إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة ...
- لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال ...
- -واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
- -ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الرغبة فى عبادة وتقديس السلطة الفردية.. مرض مزمن عالمى ومحلى