أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - هادية حسب الله - الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد















المزيد.....



الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد


هادية حسب الله

الحوار المتمدن-العدد: 449 - 2003 / 4 / 8 - 02:41
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


 

التحية لروح جداتنا ولصرخاتهن التى تفزع الروح وهن يتألمن تحت تشويه أجسادهن شلوخاً وخفاضاً.

لرائدات العمل العام وهن يصنعن لنا دروباً بدمع مالح يبتلعنه وهن صامتات معزولات مظلومات يتعرضن لجارح القول.

لكل نساء السودان اللاتى أبتلعتهن مطارات بعيدة، أو هزمهن الإحباط فابتعدن وإلى من لا زلن معنا مستبشرات وفاعلات ومجترحات لطرق جديدة لخير بلادنا.

لكل الأصوات النسائية التى خدشت فضاء صمت فرض علينا فكن عصفورات يغردن رغم حديد الأقفاص.

إليهن جميعاً آلاف التحايا.

 

إذا كانت الكتابة فعلاً من أفعال التحرر، فكتابة المرأة تحرر مضاعف[1]…

 

تحتاج الكتابة لامتلاك وعي يمكن الكاتبة من التعامل به وخلق علاقات إنسانية على أساسه، هذا الوعي أول ما يفرضه على المرأة هو عدم قبول وضعيتها المتدنية ويكسب تفكيرها القدرة على تمييز ما يجعلها تابعة ومقلدة ويكشف لها ذلك التضليل الناعم الذي يساق إليها فيجعلها تجنح عن الفهم والتعقل ويسوقها لطريق حفرته الثقافة الذكورية السائدة منذ آلاف القرون بأن تكون خلف الرجل ولكن بامتلاك الوعي وممارسته تمتلك المرأة أهم شرط– ليس لكتابتها فحسب بل لقيمة وجودها – الحرية.

 

ولأن المرأة مقهورة مقموعة لا صوت سوى أناتها لقرون طوال يصير من غير العدل أن تواجه قهر مضاعف دون أن تنال حرية مضاعفة.. ففي كتابة المرأة تحرر من أغلالها ليست الخارجية بل حتى قيودها الداخلية التي قيدتها بها ثقافة مجتمعاتها فصارت ندباً لا يشفى داخل الروح، وهذا ما ظلت تهدف إليه الثقافة الذكورية طوال العصور الماضية فأنكرت المرأة على الإبداع وحتى التعقل ولخصت المرأة بأنها جسد بلا عقل وإن تسامحت معها فهي بعقل ناقص.. وظلت المرأة في ثقافة العصور الماضية جسد فقط يغرى الرجل ويجذبه ويستدعيه بشرط أن يظل صامتاً.. ويمكن له أن يوحي للكتاب الرجال بالكتابة عنه لكن بوصفه مادة جامدة مثلما اشترط له أن يكون فغالباً ما يتم وصف دقيق للجسد، شكله، تثنياته، تمايله، طريقة مشيه[2]..ولكن يظل متحدث عنه فقط.. أخرس لا يمكنه الحديث ولا حتى يوجه إليه فغالباً ما يكون الحديث موجهاً لرجال آخرين، وهذا الصمت يلازم هذا الجسد حتى في دوره المنصوص له – إمتاع الرجل – فمن المعيب أن تفصح المرأة عن حاجتها الجسدية أو عن شعورها باللذة مع زوجها فجسد المرأة يجب أن يظل صفحة بيضاء يملكها الرجل ويسطر فيها وحده.

 

وعندما تكتب المرأة فذلك يعنى أنها تكتب نفسها بعد أن تسقط كل الحائل من الأفكار والتصورات الموروثة التي تجعل المرأة عدوة لجسدها ولنفسها ولتستر وحدة كيانها ولم يعد هناك ما يفصل بين الكاتبة والموضوع فتهدم المرأة عن خيالها وذاكرتها كل موروث العبودية.

 

وإذا كان الشعر هو فن الرجال الفرسان الذين يجوبون الصحارى والغابات والمحاربين ورجال الدين فإن الحكاية ظهرت ونمت تحت الأغطية الدافئة والليالي المقمرة على ألسنة الجدات والأمهات وليست موهبة المرأة في الحكى عائدة إلى تكوينها البيولوجي بل عائدة إلى الظروف والأوضاع الاجتماعية التي عاشت المرأة في ظلها.. وهي فن الكائن المقهور في سعيه للخروج من القهر للوصول إلى الحرية… فالدفاع عن القيمة الأخلاقية والمعنوية والوقوف بوجه الموت كان هو القيمة الأساسية بحكايات (ألف ليلة وليلة) إذ كانت المرأة تحكى والرجل ينصت.. ولذلك حرصت الثقافة الذكورية التي امتلكت الكتابة والتدوين قبل المرأة على طمس هذا النص الأنثوي فجاء غفلاً من اسم المؤلف الذي ترفع عن كتابة اسمه بل حتى الترجمة كانت غفلاً من اسم المترجم أو المترجمة[3].وتبرز المفارقة بين مؤلف( ألف ليلة وليلة) الذي خجل من وضع قصص على لسان أنثي وبين ابن المقفع الذي وجد الجرأة ليكتب (كليلة ودمنة)[4] دون أدنى شعور بالخجل من كتابة اسمه بكتاب عن قصص الحيوانات. وقد كانت المرأة بذلك الوقت تعتبر مريضة إن كانت فصيحة كثيرة الكلام يتوجب علاجها وكانوا بأوربا بالعصور الوسطى يضعون المرأة سليطة اللسان (أي التي تستخدم لسانها) في كرسي يقيدونها إليه ويقومون بغطسها في مياه النهر[5] مرات متكررة وذلك من أجل إطفاء النار الملتهبة في عضلات لسانها، إذ ليس مطلوباً منها استعمال هذه الآلة المذكرة وقد ناب عنها الذكور في ذلك؟! هذا عن الكلام فقط ناهيك من الكتابة الذي اجتهدت المرأة لتوظف فيه من الحكى وممارسة الخطاب المكتوب بعد عمر مديد من الحكى…لتنتقل بذلك نقلة نوعية في الإفصاح عن ذاتها كأنثي ولم يعد الرجل هو المتكلم عنها والمفصح عن مشاعرها وحقيقتها وهي بذلك الولوج تفلت قيداً ظل مضروباً عليها منذ قرون باستخدام القلم المذكر الذي ظل أداة ذكورية[6] .. فلقد ترسخت العلاقة ما بين اللغة المكتوبة والرجل وصارت بذلك إحدى الوظائف والميزات التي يختص بها الرجل وحده .. بل إنه تم بشكل مخططي إبعاد المرأة عنها فتم التحذير صراحة من تعليم النساء الكتابة ولم يجد خير الدين نعمان ابن أبي الثناء أي تحرج في تأليف كتاب بعنوان (الإصابة في منع النساء من الكتابة)[7]والذي غرضه الأساسي حرمان المرأة ومنعها من الكتابة التي هي مؤسسة ذكورية إن عرفت المرأة أسرار عملها ستسيء إليها كما قال خير الدين نعمان في كتابه: (أما تعليم النساء القراءة والكتابة فأعوذ بالله، إذ لا أرى شيئاً أضر منه بهن، فإنهن لما كن مجلوبات على الغدر كان حصولهن على هذه الملكة من أعظم وسائل الشر والفساد وأما الكتابة فأول ما تقدر المرأة على تأليف الكتابة بها فإنه يكون رسالة إلى زيد ورقعة إلى عمر وبيتاً من الشعر إلى عزب وشيئاً آخر إلى رجل آخر، فمثل النساء والكتب والكتابة كمثل شرير سفيه تهدي إليه سيفاً أو سكير تعطيه زجاجة خمرة، فاللبيب من الرجال من ترك زوجته في حالة من الجهل والعمى فهو أصلح لهن وأنفع) وبهذا يضمن الرجل عدم اقتراب المرأة من قلعته الحصينة للكتابة ويلجأ الرجل للتحايل للدفاع عن هذه القلعة فيتحول أي عمل من صنع المرأة تتحدث فيه المرأة عن نفسها بنفسها لا يوجه إليها خطاب الرجل ولا يتحدث عنها الرجل ولا يعود إليها أي ضمير سوى ضمير المتكلم يحول لاكتساب معانِ تستر المعنى المباشر،  واستيلاء الرجل على الكتابة فهو نتاج لعصور طويلة من الإبعاد للمرأة في كل المستويات الثقافية والوظيفية الحضارية. عندما تتسلل المرأة إلى قلعة الرجل – الكتابة – تثار تساؤلات بوصف إن الثقافة احتكاراً على الرجل هل بيدها أن تجمع أنوثتها ومهنة ذكورية (مهنة – كتابة) وهل كتابة المرأة لإفصاح عن الأنوثة أم هروب عن الأنوثة وتسامى عن صفة الأنثي وترفع عن الجسد المؤنث أم تؤبد المرأة الكاتبة نفسها في الصورة الموضوعة لها كأنثي وتنتصر على الهزيمة بأن تحبها أم تتماهى الأنثي مع العدو وتتحول المرأة لعدوة لأخواتها بدلاً عن عداوة الشرط الذكورى الذي فرض وجوده ؟

 

ان الاجابة عن ذلك لايوفرها أنتاج النساء الكتابى فقط،  والذى اذا تناولناه بمعزل عن السياق العام لاوضاع النساء ولتصوراتهن عن العالم، وعن انفسهن قد نصل لنتائج مضللة، لذا فيجب علينا أولاً ان نتعرف على المناخ الثقافى السائد والذى يشكل رؤى وقيم النساء، لان الكتابة أياً كانت هى محاولة للتواصل مع الواقع برؤية خاصة ، تلك الرؤية الخاصة مرتبطة قطعاًبالمناخ السائد، خصوصاً عند الكتابة الابداعية التى يتدخل فى أنتاجها ماترسبه الثقافة السائدة فى وجدان الكاتبة، لذا دعونى أدلف بكم لنرى أوضاع المرأة فى الثقافة والتى سأكون ساهية ان لم أضف الذكورية لها، فلقد ظلت المرأة طافية على هامش ثقافة هى ملك للذكر،  وأود ان أضيف ولازالت........

 

المرأة = الجسد فى الثقافة الذكورية:

 

يقدم الشيخ النفراوي للباب الثاني عشر من كتابه(الروض العاطر في نزهة الخاطر), وهو كتاب يتعرض للعلاقة الجنسية مع المرأة , بحكاية تقول أن إمرأة يقال لها المعبرة , وكانت احكم اهل زمانها واعرفهم بالامور, سألوها عن أين تجدن العقل معشر النساء ؟ فأجابت(بين الافخاذ). وفي موضع آخر من ذات الكتاب يذكر ان بعض الحكماء قالوا: ألم تعلم ان النساء دينهن فروجهن. ولهذا تظهر المرأة في صورة الجسد الخاوي من العقل ولذلك ينتصر في الكتاب المهابيل والمجانين على النساء . وقد يرد في خاطرنا ان السلطة الذكورية تجرد الجسد الانثوي من العقل لتصفه بالبراءة والسذاجة والخضوع لما يراد منه ولكن الحقيقة ان القصص تشير الى شيطانية الجسد المؤنث ولا نجد اية قصة عن العفاف والحكمة عند النساء فالمرأة (المعبرة) هي الحكيمة الوحيدة في الكتاب وهي التي ابلغتنا موقع العقل عند النساء. ان الجسد الانثوي كائناً محكوماً بالشهوة وخاضعاً لشروط الشبق ومتجرداً  تجرداً تاماً من قيم الدين والعائلة والعقل[8].

 

ان المرأة عقلها بسيط لان هذا ما تحتاجه في وظيفتها الاساسية , يقول العقاد مثلاً , ان المرأة لها تكوين عاطفي خاص , لا يشبه تكوين الرجل لان ملازمة الطفل الوليد تستدعي شيئاً كثيراً من التناسب بين مزاجها ومزاجه , وبين فهمها وفهمه[9].

 

هذه الثقافة ما كان من الممكن ان تري في جسد المرأة غير انه عورة يجب حجبها وبنت السلطة الذكورية موقفها هذا على فهم للنصوص الدينية ينتمي الي سياق اجتماعي محدد في التاريخ الانساني وينكشف هذا الموقف كتأويل فقط ويتضح بانه ليس نصاً قاطعاً عندما نطالع تاويلات اخري نقيضة , مثل تحديد محمد شحرور للعورة وتقسيمه لجسد المرأة/الزينة الي قسمين: الزينة الظاهرة وهي ما ظهر من جسد المرأة بالخلق كالرأس والبطن والظهر والرجلين واليدين. اما الزينة الباطنة فهي غير الظاهرة بالخلق وهي ما بين الثديين وتحت الابطين والفرج والاليتين وهي جيوب يجب على المرأة المؤمنة ان تغطيها ، وهي ما يندرج في مفهوم العورة اما ماعدا ذلك فلا يندرج[10].

 

وإذا نظرنا للسياق القرآني - بمعزل عن السياق التارخي لنزوله- لقلنا ان العورة هي الاعضاء الجنسية فقط بالنسبة للاحياء وهي ايضاً جثة الشخص الميت. كما جاء في قصة آدم وحواء حين بدت لهما سوءاتهما وفي قصة قابيل حين واري سوءة اخيه[11] أما ابن عربي فلا يري في العورة إلا السوءتين كما قال تعالي:( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة)[12].

 

الرجل يفكر في جسده باعتباره علاقة طبيعية ومباشرة مع العالم هي علاقة يعتقد انه يفهمها على نحو موضوعي بينما يعتبر جسد المرأة عائق وسجن وثقل ينحدر بها الى اسفل[13]. ويراه جسداً شيطانياً وشهوانياً ولذلك فهي لا تكون محصنة الا بالزواج[14]. الجسد المذكر يمثل اللغة والتاريخ اما الجسد المؤنث فهو قيمة ذهنية معلقة في فضاء اللغة وفضاء التاريخ. وصور الانثي في التراث هي:الموؤدة ، المعشوقة ، الملكة، الصنم المعبود فهي في صيغة المفعول به والفاعل هنا هو التصور الثقافي عن الجسد المؤنث[15].

 

ان قضية الحجاب تتعلق بالثقافة الذكورية اكثر من تعلقها بالنصوص الدينية ولذلك فالخطاب الدين يدرك رمزية (الحجاب): تغطية العقل بحجبه عن افاق المعرفة وبحبسه داخل اسوار البين وبستر وجودها الفيزيقي ليعبر عن كل معاني الحجب العقلي والاجتماعي.

 

وفي رد هذا الخطاب على الدعوة لنبذ الحجاب يري انها مقدمة تلزم عنها نتائج خطيرة تهدد كل منطلقات الخطاب الديني , يلزم عنها فصل الدين عن الاخلاق وفصل الدين عن الدولة وفصل الدولة عن الدين.[16] وهكذا ينكشف امر الحجاب كايديولوجيا محضة تستهدف اول ما تستهدف السلطة السياسية . وتحجب النساء ليعم الظلام المجتمع وتحقق إغراضها نقيضة النور والتنوير.

 

مرام الثقافة من الجسد المؤنث الا يفعل والا يتكلم. فروايات الحب لا تكون إلا بعد منع زواج المحبوبة من محبوبها . أي ابعاد الجسد المؤنث واقصاؤه ومنعه من الفعل والتفاعل. فهي جسد جميل غض بض ولكن لكي يكتمل جماله في الثقافة الذكورية فعليه الا يفعل فيجب ان تكون صاجبته (نؤوم الضحي) و(ناعسة الطرف) ، وحتى اذا نظرنا لما يقدمه الغرب اليوم من نماذج للنساء الجميلات فنجده لايبتعد عن تلك الرغبة فى جسد صامت، ولايبدو غريباًًًًًًًً أن تكون صور عارضات الازياء الاتى تتراوح أعمارهن بين الحادية عشرة والتاسعة عشر على اقصى تقدير محافظة على مظهر الحيرة والقلق أمام سيدهن،المصور، وهو ذات النموذج الجمالى الذى كان سائداً فى النظام العبودى فى أوربا قبل المسيحية مع أختلاف طفيف تمت معالجته بسهولة وهو ان النساء عادة كن مايكن أقل عمراً ، وأستطاع المجتمع الذكورى أبتداع وسيلة تجعل الصورة متشابهة بشكل مذهل رغم فارق الاثنين وعشرون قرن الزمنى فلقد طوعت مصانع الصور والقوانيين الاعلامية النساء ليكن على نفس صورة الماضى بأن فرضت عليهن نظام يقوم على النفور من الاجساد المكتنزة، رمز نضوج المرأة، فنرى أجساد العارضات اليافعات بهزالها تعطى الشعور بعمر أقل وهشاشة أكثر، فتحت ضغط النساء السياسى وتحررهن المادى الذى يمارسنه منذ السبعينيات لم يكن هناك من وسيلة للمجتمع الذكورى سوى أبتكار حريم ذهنى، أوفضاء متميز وحده الرجل يملك فيه هامشاً كبيراً من الحرية ، هامش المظهر الخارجى. فبطن الرجل يمكن ان يتكور دون مشاكل ، كما يستطيع ان يشيب دون أن يصاب بعقد نفسية لان الشيب على الصدغين يمثل قمة الاغراء. أما المرأة التى تجازف بعدم تخضيب شعرها اوتكتنز وتمتلىء بتقدم العمر هى البشاعة بذاتها[17]، لذا تقف الانوثة بأنتظار ما تمليها عليه رغبات الذكر، الانوثة خرساء والفصاحة والبيان والثقافة عيوب فيها ولذلك تستحسن اللثغة في الحسناء بينما لا تليق بالرجل . وتبرز قصة أبى رمادة الذى طلق أمراته لانها لثغاء فخاف أن تأتيه بولد ألثغ مؤكدة أن القسمة التى أعطت الرجل القلم والمرأة السان تراجعت عن هذه القسمة ورأت ان الاكثر عدلاً ان تحبب للنساء وجود عيب ما فى نطقهن حتى يتطابقن مع هذه الصورة ويسلبن من حق الكلام باللسان ، ولان الرجل أمتلك اللغة وقرر ماهو مجازى فيها وماهو حقيقى فى الخطاب التعبيرى نجده قد أحكم قبضته على الفكر الثافى والتاريخ، وجعل المرأة مجاز رمزى أو مخيال يكتبه الرجل وينسجه حسب دواعيه البيانية والحياتية، فكتب التاريخ بيد من يرى أنه صانعاً للتاريخ، فعندما يصلنا المثل الرائع (قطعت جهيزة قول كل خطيب) فان صاحب مجمع الامثال يفسر هذا المثل ويقول انه يطلق دليلاً على حماقة المرأة , هكذا فقط لانها اتت بفعل حاسم وناجز واختصرت الزمن والحدث،[18] وفى السودان مثلاً تبرز أحكم النساء متمثلة فى البصيرة أم حمد تلك التى أدت بصيرتها المحدودة الى فقدان الزير والبقرة.

 

ان المرأة كائناً غير جوهري وكما جاء في الف ليلة وليلة_ التى برزت ثقافة شهرذاد فيها بمثابة تحول نوعى ، فقد أشارت الى التحول من زمن الجهل والخرس الى زمن الحكى وأستخدام اللسان، ولذلك كان يجب ان تقدم تنازلاً أساسيً لنيل هذا التحول وقد كان ثمنه ان تحولت شهزاد من سيدة وأبنة وزير الى جارية، لذا فالمرأة ترتبط بما يراه الرجل فيها لابجوهرها فما خلقت (النساء الا للرجال). ولذلك فهن يبدون مرةً(شياطين) وأخري (رياحين) . فقد قال احدهم:

 

      أن النساء شياطين خلقن لنا      فكلنا يتقي شر الشياطين

      ونقض آخر قوله:

      إن النساء رياحين خلقن لنا      فكلنا يشتهي شم الرياحين[19]

 

لا يهم ان يتناقض الخطاب الذكوري في فهمه للمرأة ما دام المحصلة النهائية هي قهرها وتغطيتها واخضاعها للرجل فذات الرياحين والشياطين يمكن ان نجدها في استعارات اخري فالخطاب المعتدل يمكن ان يري ان المرأة جوهرة ثمينة يجب حمايتها وهذا يعني تغطيتها . كما ان الخطاب المتطرف يمكن ان يري في المرأة عورة ومصيدة شيطان وهذا يعني تغطيتها أيضاً.[20] ان النتيجة واحدة في كلا الحالتين.

 

وفي الحالتين فان المرأة كائن غير جوهرى يكتسب صفته من الاخر فهي خلقت للرجال. الرجل يستطيع التفكير في نفسه بدون امراة بينما هي لا تستطيع التفكير في نفسها بدون رجل. انها ببساطة ما يقرره الرجل . فهي تدعي الجنس الاخر ، فهي العارض وهو الضروري، وهو الذات وهي الاخر، ان الانسان هو الرجل . والرجل يعرف المرأة ليس في ذاتها وانما بالاشارة اليها ، فهي ليست كائن مستقل[21] وانما هي كما قال ارسطو أمرأة لنقص في الصفات . فهي رجل ناقص.

 

أن المرأة لم تكن مطلقاً الاول الذي تفترضه المقولة الاساسية للوعي التي حين تضع الاخر انما تفترض ان اياً من الطرفين يمكن ان يكون الاول . ان الاخر يتم وضعه كذلك حين يعرف الاول نفسه باعتباره أولاً. واذا لم يستطيع الاخر في نعريف نفسه ان يكتسب وضع الاول فانه يكون خاضعاً بما يكفي لان يقبل وجهة النظر الغريبة عنه , ويقبل ان يكون دائماً آخر.[22] وهذه ما حدث للمرأة.

 

أن الجسد المؤنث لانه نقص وعارض ومقصي عن الفعل والتفاعل ومجرد جسد جميل ، جماله يقتصر على انعدام الحياة فيه ولذلك فان اية اضافة حيوية ليست سوي نقص في الجمال الجسدي . ولذا فان ابوريشة حينما راي فتاة عمياء قال:

      عيونك اجمل ما في الوجود

                        لانك لست ترين بها[23]

هذا الجسد الذي تنعدم فيه الحياة وجماله يكون عدم فاعليته وفعله وقلة صفاته سيكون من الصعب ان تتحدث عنه بغير صفات جسدية ولذلك فانه- كما قال ابن رشيق - من اشد الرثاء صعوبة على الشاعر ان يري طفلاً أو أمرأة , لضيق الكلام فيهما , وقلة الصفات.[24]

 

معضلة النسق الذهني الفحولي انه نسق مغلق لا يبصر ما هو خارج الذات ولا ينتبه الى المغاير والمختلف والمتعالي على الاخر والمغالي في طبقيته ووثوقيته. انه يلغي وينفي ويقصي وينشأ الجسد الذي يريد , هذا الذهن هو مركز الحياة ان لم يكن الحياة ذاتها.

 

يقول الفرزدق كلمات صارت قولاً سائراً ومثلاً يروي: اذا صاحت الدجاجة صياح الديك فاذبحوها. قاله في أمرأة قالت شعراً[25] انه الخلاصة لا ينبغي للمرأة ان تكون لها اية فاعلية وحيوية خاصة وان كانت تتعلق باللغة اذ هي من اكتسابها للوعي ومن ثم الحرية.

 

الكاتبة السودانية.. أين هي من  ذاكرتها ؟!…

 

المجتمع السوداني مجتمع ذكوري يحتفي بالطفل الولد ويحزن لإنجاب البنت متأثراً بالمجتمعات العربية التي ترغب الذكور الذين لهم دور في جلب المال عن طريق التجارة والغزوات فقد كان دعاء الوالد لابنته حينما تغادر بيته لبيت زوجها "أيسرت واذكرت ولا أنثت"[26] وذلك يقابله الترنيمة التي تترنم بها النسوة وهن يقمن "بالجرتق" آخر طقوس الزواج والذي تترنم فيه النسوة بأفضل الدعوات للزوجين فيقولون "يبكر بالوليد والفايدة تملأ الأيد" وبهذا دلالة واضحة للقيمة الاقتصادية وعلاقتها بتفضيل النوع.. من ثم يتجسد هذا التفضيل بوضوح منذ البداية في الطريقة التي يتم بها التعامل مع المشيمة فعند الهدندوة[27] تؤخذ مشيمة المولودة وتدفن قرب الخيمة وذلك ضروري للسيطرة على المرأة حتى لا تتجول بدون رقابة عليها، لكن الأم يختلف مع المولود الذكر إن يتم التخلص من مشيمة المولود بشكل أكثر طقسية حيث تحملها لنساء وهن يغنين بعيداً عن الخيمة. أما عند السكوت في شمال السودان[28] فيأخذ الأب مشيمة المولود الذكر ويدفنها تحت حلق الساقية، لكن مشيمة الأنثي تأخذها المرأة وتدفنها في "التكل" المطبخ، وواضحاً إن هذه القسمة جعلت الرجل بالخارج بمكان العمل والمرأة في المطبخ، أما بالنسبة للوسط وعلى وجه التحديد بأمدرمان[29] التي كانت العاصمة ومركزاً لتلاقح ثقافات فقد كانت مشيمة الرجل تدفن بطقوس كثيفة حيث يتم شراء "دحلوب" (جرة فخارية مخصصة) وتوضع المشيمة داخل هذه الجرة ويوضع معها "زريعة"[30] وبلح وسكر وملح ولكلاً من هذه الأشياء دلالة تفاؤلية ما… كل هذا يتم وضعه وسط الزغاريد والأغنيات "يا عمار البلد إنحلت جابت ولد" ومن ثم يتم تكليف إحدى النساء "المسترقات" والذين كان يطلق عليهم في ذلك الوقت "خدم" وكأنما المجتمع يقول له انه فوق كل النساء وأولهن المرأة التي تحمله فوق رأسها إجلالاً ويكون بذلك الذكر في فضاء واسع كالنهر، أما البنت فيتم في هدوء دفن مشيمتها من قبل نساء المنزل داخل حوش الدار التي يفترض بها ألا تتخطى حدودها عادياً ومعنوياً.

                      

وكانت المرأة ما أن تشب حتى تبدأ سلسلة عقاب المجتمع عليها لكونها أنثي فقديماً كان يتم الختان[31] داخل البيوت ويتم حفر حفرة يوضع عليها "النطع"[32]وتوضع الطفلة بمحاذاتها وتأتي الفتيات ليشغلنها بترديد أهزوجة "الريش حمام يا بت الرجال" وهن يمسكن بأطراف الفركة[33] فوق رأسها … والنساء الأكبر سناً يمسكن ساقيها ويصلحن من وضع الشملة[34] تحت الطفلة التي لا تفقد جزء من جسدها فقط بل يحدث اضطراب ما في موقفها النفسي تجاه جنسها اللاتي شوهنها تشويهاً يظل يلاحقها كنقمة طول حياتها… ومن ثم تأتى الشلوخ[35] التي تعانى منها الطفلة لأكثر من شهر من الألم … المرأة التي أجريت معها المقابلة بخصوص هذا الموضوع هي من مواليد الثلاثينيات أمدرمانية المنشأ عندما سألناها[36] عن مدى تذكرها لتلك الفترة أجابت: (لمن أموت ما بنسي) وإغروقت عيناها دمعاً وهي تتذكر تلك الذكرى الأليمة بحياتها بعد اكثر من خمسين عاماً… ظلت ذكراها لا تفلت أي تفصيلة من تفاصيل تلك الأيام العصيبة.. إنها ذاكرة الأنثي بالسودان محتشدة ألماً وقهراً لا يمكن لأي كاتبة الانفصال عنه وإن أفلتت ذاكرتها من وشم جسدها لصالح رغبات الرجل، لن تفلت ذاكرتها من حكاوي فاطنة السمحة التي هي الأقرب لوجدان كل طفلة سودانية… تلك الحجوة التي تجعل من فاطنة السمحة هاربة من رجل هو أخوها فارس القبيلة الذي وجد خصلة شعر أطول من ذيل حصانه وأقسم أن يتزوج صاحبتها أياً كانت، وعندما اكتشف أن الخصلة تخص فاطنة أخته لم يتراجع عن قسمه فهربت فاطنة بمساعدة صديقاتها من القبيلة وانطلقت بعيدا خوفها من فضيحة زواجها من أخيها… لتتعلم الطفلة أول الدروس من فم الجدة التى تثق بها إن الهرب هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة المشاكل، وليضرب المجتمع بذلك عزلة قاسية على المرأة بأن لا تأمن لأي رجل حتى وإن كان أخيها… ومن ثم تكتشف فاطنة طريقة للتنكر فتخادع رجلاً عجوزاً أعطاها تفاصيل عملية سلخ الجلد،فتغرز برأسه شوكة تجعل الجلد ينسلخ بسهوله لترتديه وتظل متنكرة به وتعيش حياة شبه طبيعية. ومن ثم تدرك الطفلة السودانية إن التعايش مع المجتمع يتطلب أن تشابه المرأة الرجل وأن تكون تحت جلده حتى تعيش بسلام .. وليأتي "ود النمير" ويكتشف إنها امرأة فيشلح عنها جلد الرجل ويتزوجها… لتتعلم الطفلة أن عودتها لطبيعيتها بيد الرجل الذى يحقق دورها الطبيعى كزوجة. كما لا يمكن للمرأة أن تصم آذانها عن لولاي الرجل بأنه "البلال بستر الحال … البلال بفضي البال" لتدرك دورالرجل الاقتصادىوالاثر النفسي لتواجده قرب الام،وتدرك معه ان لا دور لها فسعدها-اى زوجها-هو المحتفى به وليست هى "أم سعداً بان.. وعجب الحبان.."[37]

 

ترى كيف تكتب إمرأة تملك مثل هذه الذاكرة دون أن تعانى .. في مجتمع لم يتباعد عن ماضيه بل أجرى به فقط بعض التحايلات فإن كانت فاطنة قديماً تهرب "فأمل"[38] بالكتب المدرسية لا تملك حتى هذا الحل السلمي فقط تبكي "وود النمير" الجديد" بدر" يجد لها القلم .. إذن لا زالت المرأة السودانية تحت قهر المجتمع الذكوري وعندما تكتب فهي تحمل مبضع الجراح للكشف عن جروح لقرون خلت لم تندمل.

 

االغة: هل من مجال للتأنيث؟

 

  بعد عقود من دخول النساء الى مجالات السياسة والعمل والتعليم فان المرأة مازالت تعاني من القهر والاضطهاد. بل نستطيع ان نقول ان اوضاعها قد ساءت عما حققته من نجاحات في الستينات والسبعينات.ونرى كيف ان المرأة قد اصابت تقدماً في واقعها ولكننا ايضاً نرى كيف ان عمليات القهر والسيطرة عليها قد ازدادت تعقيداً وعمقاً ولم تعد عمليات بسيطة ومباشرة تتمثل في المنع والتضييق المباشر ، بل هي تعتمد على السيطرة على خروج النساء للمجال العام من الحياة وتوجيه نشاطهن بحيث يؤدي الى تهميشهن بدلاً من تعزيز اوضاعهن وتزويدهن بالسلطة . انه امر معقد ولكنه يتم عن طريق الثقافة وسياسات الهوية التي تقيد النساء وتكبلهن في حدود ادوارهن الطبيعية والتقليدية مهما خرجن الى الحياة العامة.

 

وكذلك الامر في الكتابة فان مجرد دخول النساء الى عالم الكتابة لا يعني ان عملية تحررهن قد اكتملت اذ ان نشاطهن قد يؤدي الى تدعيم الثقافة الذكورية وسلطتها وهو ما قد حدث في غالب الاحيان،" فكيف للمرأة ان تتكلم وهى غير موجودة فىالكلام"[39]، هذا السؤال طرحته مى زيادة وهو سؤال يصدر عن وعى صارخ حول علاقة المرأة باللغة.

 

لقد اتت المرأة الى اللغة بعد ان سيطر الرجل على كل الامكانات اللغوية وقرر ما هو حقيقي و ماهو مجازي في الخطاب التعبيري.[40] يقول عبد الحميد الكاتب(خير الكلام ما كان لفظه فحلاً ومعناه بكراً).[41] ان الرجل ياخذ لنفسه اخطر ما في اللغة (الالفاظ) التي تخضع المعني وتوجهه . واللغة العربية تفرق بين الاسم العربي والاسم الاعجمي. فالاسم العربي قابل للتصديق بينما الاعجمي ممنوع من الصرف كذلك يكون حال الاسم العربي المؤنث كحال الاسم الاعجمي تماماً.[42] وفي هذه التسوية بين والاسم المؤنث والاعجمي نلاحظ ان اللغة تمارس نوعاً من التمييز النوعي والطائفي مما يعكس اوضاع المرأة التي ورغم انها تكون نصف الانسانية الا انها تعامل معاملة الاقليات في مجتمعاتها مما يضعها دوماً مع المهمشين. كما تصر اللغة العربية ايضاً على معاملة الجمع اللغوي معاملة (جمع المذكر) حتي ولوكان المشار اليه جمعاً من النساء ولكن يوجد بينهن رجل واحد.[43] التذكير - اذن- هو الاصل وهو الاكثر ، ولن يكون التذكير اصلاً الا اذا صار التأنيث فرعاً . ومن هنا فان الفصاحة ترتبط بالتذكير فتقول عن المرأة انها زوج فلان وليس زوجة فلان ان كنت تتحري الفصاحة والاصالة.[44]وعندما تدرك المرأة الكاتبة ذلك فبدلاً من تأنيث اللغة نشاهد المرأة تندفع وراء مصطلح (انساني) داعية الى انسنة اللغة غير ان الفحص التشريحى لدلالة (الانساني) يكشف عن حقيقته الذكورية اذ لا يمكن ان تكون هنالك دلالة متساوية بين التأنيث والتذكير في مصطلح (إنساني) مع ان الرجل هو الذي سيطر تاريخياً على اللغة وصاغ الثقافة على مثاله. ان المرأة التي تتبني هذا المصطلح تكون الضحية التي تقوى سلطة المستبد فهي تحرص على مساواة هي بالضبط اقتسام (ذكورية) المجتمع وامعان في الغاء الانوثة واجبار للمرأة على (الاسترجال).[45]

 

ان مجئ المرأة أخيراً الى الوجود اللغوي يضعها امام التساؤل عما يمكن ان تصطنعه لنفسها في لغة ليست من صنعها ؟ وليست من انتاجها؟ وليست المرأة فيها سوي مادة لغوية قرر الرجل ابعادها ومراميها وموحياتها؟.[46]

من زمن الحكى الى زمن الكتابة:  

يجب ان تدخل المرأة الكتابة اليوم بوصفها صوتاً مستقلا ًوبوصفها ذاتاًًًًًً تنشىء وتبدع، ليس بواسطة الحكى بل عبر القلم، لتضع( الانوثة) بازاء (الفحولة)لتضيف للغة مجازاً لم يكن من قبل،وهذا يقتضى من الكتابة النسائية دوراً مزدوجا ًفيه تأسيس لخطاب أدبى أنثوى حقيقى الانوثة، والذى لن يتحقق الا بتخليص الغة من فحولتها التاريخية. وهذا  لايتم بأن تكون الكاتبة امرأة فقط، فهناك نساء كثيرات كتبن، ولكن بقلم الرجل ولغته وبعقليته، فكن ضيفات أنيقات على صالون اللغة. أنهن نساء أسترجلن فكان دورهن عكسياً اذعزز قيم الفحولة فى اللغة، وهذا عين ما حدث فى العصور الاولى منذ الخنساء الى عائشة التيمورية، وهذا ضاعف من (غياب) المرأة عن الفعل اللغوى، حيث غابت كمؤلفة وكقارئة أيضاَ، ولم تفعل المرأة فى هذه المرحلة سوى تقوية الفحولة تماماً كما يتعاون المواطن مع المستعمر ويقوى من قبضته على الارض وأهلها.

من هنا تصبح كتابة المرأة اليوم ليست مجرد عمل فردى من حيث التأليف او من حيث النوع. أنها بالضرورة صوت جماعى، فالمؤلفة واللغة هما موجودان ثقافيان فيهما المرأة تظهر بوصفها جنساً بشرياً ويظهر النص بوصفه جنساً لغوياً، وتكون الانوثة حينئذ فعلا من أفعال التأليف  والانشاء ومن أفعال القراءة والتلقى، وكذلك فعلا من أفعال الاستعادة للمسلوب.

 

هذا ما يطمح به لكتابة نسائية لم تتحقق الانادراً  جداً فى ماتكتبه النساء، لأن الذكورة تفرض نفسها فنجد مثلاً أن هدى بركات الكاتبة والروائية المعروفة[47]، تقول ان شخصية الرجل تقدم لها حقلاً اكثر اتساعاً وتعقيداً مما تقدمه شخصية المراًة " ان ماهو مطروح من اشكال وعى وسلوك لدى الرجل العربى اصعب واشمل مما هو مطلوب عموماً من المرأة.... وبتعبير آخر: المرأة فى مجتمعنا مكفوفة عن ان تكون احد أبطال التشكيل الاجتماعى، فكيف تريدنى ان أخترع_ روائياً_ شخصية غير موجودة فى الواقع". هذا كلام تقوله امرأة مثقفة عن بنات جنسها....؟ وفى ذات الاتجاه قالت الروائية السودانية بثينة خضر مكى:" ان الروائيين الرجال كتبوا حتى فيما هو تجارب نسائية كالمخاض مثلا افضل بما لايقاس من النساء لذلك لااجد اى حوجة لكتابة نسائية".[48]

 

ولقد جاءت مجلة الكاتبة فى لندن نافية بأصرار فكرة التأنيث، وقد صرحت أحدى كاتبات المجلة " ان رجالاً مثل أحسان عبد القدوس وسليمان فياض والطاهر وطار عبروا عن المرأة اكثر من ذاتها" كأنها بذلك تقترح ترك اللغة للرجل ليتولى الكلام عن المرأة باالنيابة لانه الامهر اذا كتب مثلما هو الامهر اذا طبخ أو صفف الشعر او صنع أدوات زينة او ابتكر تصاميم ملابس.وقد كتبت مى زيادة لباحثة البادية تقول" نحن فى حاجة الى نساء تتجلى فيهن عبقرية الرجال"، أنها تتطلب عبقرية الرجال لانها لم تجد نموذجاً لشىء يسمى عبقرية النساء. والتماهى مع الرجل هذا يكاد يكون الطابع الاكثر عمومية فى كتابات النساء _ فى العالم العربى تحديداً_ لذلك غالباً ما تتحول الكاتبة لعدوة لنوعها فى أحيان كثيرة دون أن تعى ذلك، فهى تتخذ من الرجل نموذجاً لها ، وان لم تفعل ذلك تجده مفروضا عليها فالحكم على انتاجها وعلى تفوقها يتم قياساً على المنجز الابداعى للرجل. ولهذا تجد المرأة نفسها فى مأزق بين أن تكون كاتبة كاملة فى تميزها الابداعى، وأنثى كاملة الانوثة من جهة ثانية.

 

 وظلت صورة المرأة تبرز وكأنها فى تضاد مع صورة الكاتبة. وتقع فى هذا المأزق كاتبات من أكثر الكاتبات تحريراً للغة ومن أكثرهن كشفاًعن أنوثتها، كالكاتبة "غادة السمان" مثلاً والتى فى قصتها حكاية "الاستاذة طلعت"  فى كتابها عيناك قدرى والذى تجسد به الاستاذة طلعت  الانتقال من عالم الانوثة والخدر الى عالم جديد مارست المرأة فيه أنماطاًمن السلوك لم تكن من تقاليد النساء ولا من وظائفهن ، فالاستاذة طلعت هى امرأة ولدت كأنثى وعاشت وتصرفت كرجل، وظلت ترتدى نظارة سوداء تبعدها عن نوعها الذى طوال النص تزدره وتحتقره ولينتهى هروبها من نوعها هذا بتكسر نظارتها التى وضعتها سداً منيعاً أمام الرجل الذى لم تستطع الصمود أمام عينيه اللتان صارتا قدراً نهائياً لها وعنواناً لكتابها" عيناك قدرى" ، هذه المرأة التى تعالت عن الانثوية التقليدية هزمت، ويتكرر هذا النموذج المهزوم النسوى يتكرر كثيراً عند غادة السمان ، فعندما تفر بطلتها حالمة بحرية مثالية تجد فيها بحراً أسطورياً تراه بخيالها وتحلم به تهزم أيضاً لترتد لنصيحة حبيبها الذى منعها البحث خلف الحلم ونصحها بان لابحر فى بيروت لتصل بعد عناء وأنكارات لان كلمة الرجل وقراره كانت الصواب وان لابحر فى بيروت، أى ان لغة الرجل وفكره وماتتضمنه اللغة من دلالات هى بالتالى لغة المرأةومضامينها التى لايسعها الخروج منها بل تقبل بالهزيمة وتتعايش معها بان تحبها .وذلك ماتفعله كاتباتنا السودانيات أيضاَ، فعفاف حسن أمين مثلاً كاتبة شابة من أكثر الكاتبات ارغبة فى أقتحام عوالم الكتابة الذكورية الصريحة والتى لاتخاف البوح وتفصح بجسارة الا أن كاتبتنا تقع فى ذات المأزق، فنجدها مثلاًفى مقال أرادت فيه تمجيد شجاعة الاستاذة الصحفية" آمال عباس" وضعت له عنواناً " رجالة آمال عباس" اذ يبدو دخول آمال فى المجال العام هو رجالة لايقابلها فى المعجم الانثوى ميعبر عنها ، وتفصم الكاتبة بوضوح علاقة الانثى باالمجال العام فتقول"ليس لها أولاد كعادة النساء" لتقول الكاتبة بأن الشجاعة والجرأة لدى النساء تستدعى قطعهن مع الانوثة، وأضافت لتعزبز ذلك بأن أردفت" ان آمال أول ريئس تحرير امرأة فى مواقف رجل". وبذات المفارقة تبدأ عفاف مقالها بعنوان يضعها فى مواجهة الرقيب المجتمعى،" انا مدمنة علاقات فاشلة" لتتراجع مباشرة بأن تضع كل المقال بضمير الغائب لتتحول( أنا) الجسورة الى (هى) الخجولة ولان المقال يتحدث عن علاقات الحب وهى احدى الموضوعات التى تدخل بقائمة الممنوعات على النساء تحاول الكاتبة ان تضفى شرعية عن العلاقات التى تتحدث عنها "تزوجت مرتين وفشلت مرتين"، وتبدو الكاتبة منزعجة بان تتحدث عن الحب فتردد كلمة الزواج فى سطر واحد أكثر من أربعة مرات،وهذه المفارقة لاتخص عفاف فقط.

 

وفى رواية "الاختيار" للروائية زينب بليل تبدو البطلة كأمراة بصفات ذكورية مترفعة عن سلوك النساء الخانع ولكن تهزمها سلطة الذكور فى عالمها اذ يفض والد حبيبها زواجها من ابنه ويختار اخوها زوجاً لها لتبدو رغم ما قدمته من تضحيات لتتعلم وتختار حياتها بلا معنى أمام تسلط الذكور عليها وتستسلم هى لهذا بل تتعايش مع الدور التقليدى للمرأة كجسد فقط، فتخون زوجها مع حبيبها القديم بعد ان صار يسيىء اليها ويخونها بسفور وتتؤام البطلة مع الخيانة كأنها شىء فطرىء" تستحم مرتين وتضع عطرين مختلفين وتلبس لونين مختلفين وتصفف شعرها بطريقتين ولاشىء غير عادى يحدث..." بل تذهب الكاتبة لابعد من ذلك فتقول" وأيقنت انها داعرة بالوراثة" ، لتنتهى الرواية بأن تحمل البطلة ولاتدرى بأن الحمل لاى من رجليه فتأخذ من حبيبها حبوب مهدئة وتذهب بعد وعد منها بأن يلتقيا مساء لتنتحر ، ليتبدى أن اختيار البطلة كان أختياراً للموت والذى هو أسهل طبعاًمن المواجهة والمطالبة بالحرية، ولذلك يكون الاختيار الوحيد الذى قامت به البطلة أكد عدم حريتها. وغالب بطلات الكاتبة يتخذن نفس المنحى، فرواية كش ملك التى هى صراع بين الخير والشر تلعب غالب البطلات فيه دور الغاويات الشريرات "سعاد" حبيبة "الطيب" رمز الخير بالرواية تغويه ليقتل لها زوجها ومن ثم تتنكر له، "سيدة" التى رسمت الكاتبة لها شخصية عنيدة وقوية " عيرتها احدى زميلاتها فى المدرسة الابتدائية بأنها ترتدى ملابسهم القديمة التى يعطونها لامها الخادمة لديهم وقفت عارية بدون حتى ملابسها الداخلية لم تكسر عنادها قهقهات زميلاتها ولاضرب المعلمة وصراخها، حملوها حملاً لمكتب المديرة دون ان يرمش لها جفن"[49]، لتفاجأنا الكاتبة انه انتقاماً من شر أخيها حولت سيدة لعاهرة صدمت أخاها الذى ظل ينفق عليها بان قامت من بين ذراعيه عارية بعد ان ضاجعها فى الظلام فى بيت دعارة يمتلكه، لتعاقب الكاتبة بطلتها العنيدة بجرم أخاها الذى لوث شرف بنات اخريات لذا كان يجب ان يلوث شرفه، فجسد المرأة تابع يتلقى العقاب على مايقوم به الرجل، ولتضع الكاتبة فى ذهن القارىء مقارنة غير مباشرة بين صورة سيدة الطفلة عارية ناظرة بعناد وسيدة العاهرة عارية ناظرة بوقاحة ، ليتم الربط بين العناد كصفة مقترنة بالانحلال لدى النساء. و"مريم" التى هى النموذج الاخلاقى فى الرواية فهى ذات مبادىء لاتتهاون فيها ورغم قوة شخصيتها نجدها لاتدفع بحبيبها للتغيير بل تتخذ موقف متزمت من اخطاءه رغم حبها الشديد له وتكتفى بدور المتفرج ، وكأنما الكاتبة تقول ان المرأة عندما تكون قوية الشخصية يجب ان تكون بلا عواطف.

 

كذلك الحال فى كتابات الروائية بثينة خضر مكى، تأتى الكتابة تأبيد للقهر وكتابة للتقليد، فالبطلة تعشق قزم لارجلاً بمواصفات البنيئة التقليدية ولكنه يملك صوتاً أسطورياًفى عذوبته يعبر به عن كل مايشعر به من حب وشوق وأشتهاء وحزن ورغم تمايز هذا الحبيب نجد ان البطلة تختار ماهو تقليدى فتتزوج بمغترب طويل القامة " سؤال آثم أقصيته سريعاً....هل كنت سأكون بمثل هذه السعادة مع صديقى القزم". لتبدو السعادة مرتبطة بما هو تقليدى ، فى حادثة طلاق تبدأ الكاتبة القصة بهذه العبارة" عندما على زوجى يمين الطلاق كدت أزغرد من الفرح" ومن فرحة الانعتاق هذى تأخذنا الكاتبة بنهاية القصة لان لامجال من الاستسلام لسيطرة الرجل وتختم القصة" الان فقط تعلمت ان ضل راجل ولا ضل حيطة"وهى نفس النتيجة التى تصل اليها بطلة قصة" رجلان وامرأة"والتى هى قائدة نسوية ومثقفة وعاملة ولكنها تستسلم لعلاقة زوجية دون حب وتتحولل"جسد مملوك مستأجر يؤدى فروض الطاعة". وتواصل الكاتبة تأبيدها لقهر نوعها بأن تجعل من "رجاء" بطلة روايتها "أغنية النار" مجسدة لاحلام واشواق وتناقضات المرأة المثقفة نجدها كالعادة خاضعة لزواج غير مسعد تنهيه الكاتبة لبطلتها بان تقتل لها الحبيب، أما فى الجزء الثانى نجد ان الكاتبة حاولت ان تصنع صلة مع الذاكرة الثقافية للمرأة لتؤكد مدى سيطرة الذكر على عالم الحكايا لدى المرأة، وذلك بأن تعتمد على حكاية "فاطنة السمحة" والتى ترفض الانوثة وتجعل من الذكر المتصرف الاول والاخير فى العالم، ورغم ان بطلة الرواية كاتبة ومتعلمة الا انها نجدها تتقاسم نفس المصير مع بطلات بثينة السلبيات والاتى اما يهربن من معاركهن، او ينتحرن او"كبدرية" يفقدن عقلهن او يستسلمن لما هو منصوص لهن (من لى بفارس مثل"ودنمير" يشلح عن بدنى ملابس الجينز الخشنة الكادحة ويحملنى الى قصره ويتزوجنى)[50] سناء احدى  بطلات( صهيل النهر)مثقفة وسياسية. وهكذا تبدو كل الصورة معتمة كالواقع دون أىنقد لهذه الاوضاع ودون بارقة أمل فى تغيير أوضاع النساء، فبدت القصص والروايتين كوصف مجرد لاوضاعالنساءالمقهورات فى اطار التسليم بمقولات السلطة الذكورية.

 

غالب الكاتبات واجهن ويواجهن القمع فى مما رستهن للكتابة نفيسة شرقاوى:  ظللت أكتب بأسم" ام احمد" لان أسرتى رفضت أن أكتب باسم شرقاوى ولولا تفهم زوجى لتوقفت باكراً ، واخاف ان اكتب شيئاًيحتمل ان يتشابه مع واقع حياتى لان القارىء يقرأ مابين السطور" .([51]) وظل اتهامهن بأنهن متطفلات على دنيا الكتابة وان ماتكتبه يتعرض للتفحيص من قبل الرقيب المجتمعى ويمكن أن يساء تفسيره لذا ظلت هذه الرقابة كابحة لخيالهن محددة لموضعاتهن، " هناك نصوص كثيرة جميلة لم أنشرها لاننى كشخص مسئول عن أسرة ليس من حقى نشرها حتى لو اخذت من اجلها جائزة نوبل" بثينة خضر مكى([52])،" لقد فقدت ديوان،ولااظن ان بامكانى أستعادته ،وقد كان باللغة العربية الفصحى التى ارى اننى اعبر بها افضل من العامية" عفاف الصادق([53]) ، "نوهت فى بداية رواياتى ان اى تشابه مع الواقع صدفة وان روايتى محض خيال لانه يمكن ان يحاسبونى"زينب بليل([54])، " المرأة ان تلفتت بالشارع مدانة، وانتاج المرأة يقرأ بمجهر دائماً لذلك نضطر لمراعاة المجتمع" آمال عباس([55])، وحتى الكاتبات من جيل أحدث تلاحقهن ذات الرقابة ويتهيبنها: " لاأستطيع سوى ان نسر الكلام فقط ، لذلك لاأستطيع وصف رجل بملاح محددة لانه سيتم البحث عن شبه له بعالمى الواقعى وانا بأخر الامر محكومة بمجتمع أسرة وجيران" عفاف حسن أمين([56])، اضطر احياناً كثيرة لان ارضخ لما هو مسموح به اجتماعياً رغم عنى فحرية المرأة محدودة" أروى الربيع([57])، " بالتأكيد يحذف الرقيب الخارجى من كتاباتى واجده معوقاً أساسى." درة مختارقمبو([58])، " أهتم جداً بان ارضى الرقيب المجتمعى فلا احاول أطلاقاً ان اتورط بالحديث عما هو عاطفى لدرجة اننى اتجنب فى كتاباتى اى حوار بين رجل وامرأة وأى موقف يجمعهما لانى أتهيب ان اصارع مجتمعى ولاارى اننى كفؤة لذلك" أميمة عبد الله.([59])

 

نظراً لما تواجهه الكاتبة السودانية من قمع فىكتاباتها من المجتمع الذكورى نجد ان الاعداد المتزايدة من الكاتبات المستخدمات للقلم الذكورى لم يساعدن فى رفع الظلم عن المرأة بل تحولت كتاباتهن لرصيد الذكر، ولعلها ليست مصادفة أن تكون حركة تحرير النساء قد بدأت بالكتابة لأن دلالة فعل الكتابة ترتبط بالحرية والتحرر . ففي عصر التنوير امتد نموذج دعاة الإصلاح الديني والمساواة والحرية ليشمل النساء بعد أن كان مقصورا علي البرجوازية والفلاحين وعمال المدن ، وكتبت ماري ولستونكرافت Wollstonecraft Mary كتابها ( إثبات حقوق النساء ) A Vindication of the Rights of) Women) في إنجلترا في عام 1792م ، الذي تحدت فيه فكرة أن النساء قد وجدن لإسعاد الرجال وطالبت بالمساواة في الفرص والعمل والسياسة مع الرجال[60]وهذا دليل آخر علي أن هذا البحث لا يمكن أن يتناول الكتابة النسائية إلا ابتداءً من علاقتها بحركة تحرر النساء وأدبها خاصة وأن الكتابة النسائية في السودان وكذلك حركة تحررها نشأت وتطور الآن في سياق التغييرات العالمية وضمن مجريات تطور التاريخ الإنساني .

 

 أن الكتابة النسائية حتى ولو كانت ضمن شروط ذكورته تحتاج لامتلاك وعي يمكن الكاتبة من التعامل به ولخلق علاقات إنسانية علي أساسه[61] ولو ضمن السلطة الذكورية فأنه يقودها إلى أول الطريق إلى حريتها.

 

في القرن التاسع عشر تبلور وعي النساء بحاجتهن إلى المساواة في حركة المطالبة بالحقوق السياسية دون أن تتعلق بالقضايا الجوهرية مثل أوضاع النساء الاجتماعية وأدوارهن الاقتصادية . وفي أواخر القرن العاشر بدأت أعداد قليلة من النساء العمل في مهن تخصصية وكسبت النساء الحق في التصويت في النصف الأول من القرن العشرين ولكن كان ما تزال هنالك حدود لمشاركة النساء في أماكن العمل وسيطرة للاعتقادات التي تميل لربط النساء بأدوارهن التقليدية كزوجات وأمهات وربات بيوت .[62] أما في السودان فقد تم افتتاح أول مدرسة أولية للبنات في عام  1907م وكانت مدرسة أهلية ومن ثم افتتحت الإدارة البريطانية أول مدرسة حكومية في عام 1911م[63]ونشأت أول منظمة نسائية في عام 1947م وهي جمعية ثقافية للبنات وكان مركزها أمد رمان[64]وكان تكوين الاتحاد النسائي السوداني في عام 1952م  نقطة تحول في حركة النساء السودانيات  ولعلاقتها مع حركة النساء العالمية والإقليمية.

 

في هذه الأثناء تغيرت الشروط الاجتماعية – بالنسبة إلى النساء في أوربا وبعض المدن في العالم الثالث – التي بسببها تبوأت النساء وضعا ادني من الرجال فتغيرت أوضاع النساء عندما اصبح لديهن أطفالاً اقل وعندما حررتهن الأدوات الكهربائية المنزلية من الكثير من الأعمال المنزلية المرهقة كما أن نمو قطاع الخدمات في الاقتصاد بعد الحرب العالمية الثانية ساعد في خلق وظائف يمكن أن تقوم بها النساء والرجال علي حد سواء كل هذه العوامل جعلت أعدادا متزايدة من النساء  يعين أن الأفكار التقليدية لمجتمعاتهن فشلت في مواكبة سرعة التغييرات التي تحتاج شروط حياتهن الواقعية .كما أن حركة الحقوق المدنية في أمريكا في الستينات ألهمت النساء ليحاولن الحصول علي شروط افضل من خلال النقد الاجتماعي والحملات الجماهيرية المشابهة لما فعلته تلك الحركة.[65]

   

وكان كتاب سيمون دي بوفوار Simone de Beauvoir  ( الجنس الثاني ) في عام 1949م أحد أهم معالم الحركة النسائية الحديثة التي رفعت وعي النساء بتبنيهن لفكرة أن تحرير النساء تحرير للرجال أيضا . والفكرة المركزية في الكتاب إن النساء قد اجبرن علي احتلال وضع ثانوي في العالم قياسا بالرجال. وهو وضع يمكن مقارنته من جوانب عديدة بأوضاع الاقليات العرقية علي الرغم من حقيقة أن النساء يشكلن نصف النوع الإنساني . هذا الوضع الثانوي لم يترتب علي ضرورة أملتها طبيعة الأنثى وإنما أملته عوامل اجتماعية تتعلق بالتربية والتقاليد التي نشأت تحت الهيمنة المقصودة للرجال . نتج عن ذلك فشل النساء في أن تبوأن موضع الكرامة الإنسانية كموجودات مستقلة وحرة في مستوي المساواة المهنية والذهنية مع الرجال مما شكل شروط حياة حدوث منجزات النساء في مختلف المجالات وكانت السبب في كثير من الشرور الاجتماعية وكان لها أيضا تأثيراً كبيراً علي العلاقات الجنسية بين الرجال والنساء.[66]

 

وكذلك كتاب بتي فريدان Betty Friedan  ( الأسطورة الأنثوية ) الذي صدر في عام 1963م ، الذي هاجمت فيه الكاتبة الأمريكية ما أسمته بالمنزلية القاتلة وهي الشروط التي تجعل النساء يقبلن بالأدوار السلبية وبالاعتماد علي هيمنة الرجال.

 

إن أحد أهم المؤشرات علي تعقيد قضية المرأة هو وضعها في مجالي الحياة العام والخاص ، فهي تحاول أن توسع مشاركتها في مجال الحياة العام وفي ذات الوقت تحاول أن تعيد الاعتبار لمجال الحياة الخاص وتجعله ذا أهمية تتساوى مع العام بالنسبة للحياة الإنسانية، لقد أسست الحداثة للتمييز بين مجالي الحياة العام والخاص ، وأول ما نلحظه في أدب الحداثة هو غياب المرأة فيه فقد اهتم بتجربة الرجل رغم أن حركة تحرر المرأة قد بدأت مع عصر التنوير – كما قلنا في بداية الفصل – الذي يشكل الأساس المعرفي للحداثة.

 

لقد اهتم أدب الحداثة بالتحويلات في المجال العام وبالوعي الذي لازمها وشملت التحويلات في المجال العام العمل والسياسة والحياة في المدينة وهو المجال الذي تم إقصاء النساء عنه.

 

وإذا كانت الخاصية الأساسية للحداثة – كما يحددها فيبر – هي تزايد العقلانية فإن المؤسسات الأساسية التي تأثرت بهذه العملية هي المصنع والمكتب والمصالح الحكومية. وبالطبع فأننا لا نقول أن هذا العالم لا توجد به نساء مطلقا وانه حصرا للرجال فهنالك نساء يعملن بالمصانع كما إن تطور البيروقراطية ونموها اعتمد علي قوة عمل جديدة نسائية هي السكرتيرات والكاتبات ومع ذلك فإنه من المناسب أن نتحدث عن هذا العالم باعتباره عالم الرجال وذلك لسببين : أولا هذه المؤسسات يشغلها الرجال ، من اجل الرجال    ( المالكون ، الصناعيون ، المديرون ، الممولون ) ويسيطر عليها الرجال في تشغيلها بهرميتها الإدارية ثانيا أن تطور المصنع ، ولاحقا البيروقراطية قد تطابق مع العملية التي فصلت بين المجالين العام والخاص ، وربطت النساء بالمجال الخاص وهو أمر اصبح ألان موثقا في العديد من الكتابات.[67]

 

نتيجة للفصل بين العام والخاص وحصر النساء في الخاص فقد رسخ اعتقاد عام بأن النساء اللائى يشاركن في المجال العام فأنهن بطريقة ما تكون لهن صفات ذكورية.

 

لقد وصف بودلير إحدى الارامل المشاركات في المجال العام بأنها رجوليه وتمتلك شخصية ذكورية . كما إن إعجاب بودلير بالسحاقيات له صلة أيضا بهذه الرجولة المفترضة.[68] أما في مجتمعاتنا فإن ردود الفعل علي الحداثة ، التي ميزت بين العام والخاص ودفعت ببعض النساء الي العام خارج الخاص الذي تم حصرهن فيه ، جعلت تيارات السلطة الذكورية وهي تري النساء خارج البيوت في الشوارع بالتعليم والعمل المأجور تنسب الي الحداثة فساد المدينة المثالية وتحويلها الي موطن خطر حيث تتحدث النساء الحاسرات والوقحات لغة مجهولة ويطالبن بالمساواة التي هي فكرة أجنبية.مستوردة[69]،  لقد أهمل أدب الحداثة المجال الخاص وصمت عن الموضوع الذي يشكل في تاريخ الجنس البشري المجال الأساسي للمرأة وهو ما حدث للمرأة ليس فقط في أدب الحداثة وانما أيضا تم إخراج المجال  الخاص من الاقتصاد ولم يحسب النشاط والمنزلي باعتباره جزءا من النشاط الاقتصادي.[70]

 

الخاتمة

ان فى العالم العربى محاولات كثيرة باعثة على التفاؤل حول تانيث اللغة والذاكرة، ولعل المرأة أدركت ذلك بعد تجربتها مع الكتابة حيث اكتشفت ان الغة تفرض حسها الذكورى وضميرها المذكرعلى قلم المرأة ، فراحت المرأة تحتال لكسر الطوق الذكورى وتعبئة خزان اللغة بغير الرجال والفحولة، وجاءت كتابات تحفر طريقها بهذا الاتجاه كرضوى  عاشور( غرناطة) حيث يكون سقوط غرناطة مساوياً بين الجميع فى الاضهادلتسقط الفروق التقليدية بين الرجل والمرأة بل برزت المرأة "سليمة" كرمز للعلم والثقافة بالرواية، وتقتل بجرم علاقتها باالكتب التى ترفض ان تتبرىء منها، لتأسس لمشروع الذاكرة الانثوية لتساعد على استجاع التوازن للحضارة البشرية، وهو ماتقوله منيرة الغديرفى قصتها (لنسميها واحدة) :"هذه الذاكرة تنفتح كرمانة تغمرنى حباتها" وفى (رسالة حب بصوت أنثوى):" اصابع المرأة دائما عنوان لوحاته، أصابعهن مقطوعة نازفة......" وهه ذاكرة المرأة عن الرجل تستبطن خوفاًمن أعادتها لزمن الحكى.

 

بدأت المرأة فى التخلص من خطابها الانثوى الرقراق الحالم ودخلت فى خطاب ثاقب يملك عينى زرقاء اليمامة، وهو خطاب لايستر ويغطى بل يكشف ويعرى.  هذا الخروج عن المألوف لابد أن يكون صعباً، كما ان النهار الساطع لن يكون رحيماً على عينىّ المرأة" ليس من الممكن ان نخرج من الظلام الحالك الى النهار الساطع دون ان تبهرنا الاضواء...." مى زيادة.

المراجع:

1.  احمد عبد المعطي حجازي، البنات يكتبن اجسادهن، مجلة ابداع، العدد السابع، يوليو 96.

2.  آسيا عبد الرازق، مقابلة فى امدرمان، بتاريخ 17-2-2001م، الساعة 11-5.

3.  بثينة خضر مكى، صهبل النهر ، الطبعة الاولي ، المطبعة النموذجية ، الشارقة، 2001.

4. د . محمد المهدي بشري ، ابداع الانثي مرآة الداخل ، ورقة قدمت فى سمنار المرأة والإبداع فى مقر منظمة فريدريش ايبرت بالخرطوم، مارس 2001م .

5.  زينب بليل ، كش ملك ، الطبعة الاولي ، المطبعة العسكرية ، الخرطوم ، مارس 2000م.

6. عبد الله محمد الغذامي، المرأة واللغة، الطبعة الثانية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت 1997م.

7. عبد الله محمد الغذامى، ثقافة الوهم: مقاربات حول المرأة والجسد واللغة، الطبعة الاولى المركزالثقافى العربى ، الدار البيضاء بيروت ، 1998م.

8.  فاطمة العجيمي، مقابلة فى امدرمان، بتاريخ 24 – 2 – 2001م، الساعة 5-8 م.

9. فاطمة المرنيسى، الخوف من الحداثة: الاسلام والديمقراطية ، ترجمه دمحمد الدبيان، الطبعة الاولى، دار الجندى دمشق،1992م.

10.     فاطمة المرنيسى، هل أنتم محصنون ضد الحريم؟، ترجمة: نهلة بيضون، الطبعة الأولى، نشر الفنك والمركز الثقافى العربى، بيروت والدار البيضاء، 2000م.

11.     محمد العوض جلال الدين ، مجلة العلوم الاجتماعية العدد الثاني – المجلد الثاني عشر التمييز بين الذكور والاناث وانعكاساته علي وضع المرأة ودورها في المجتمع مثال الاردن والسودان ، خريف 1984م.

12.     مقابلات أجرتها الكاتبة مع الكاتبات بثينة خضر مكى ونفيسة شرقاوى (أم أحمد) وعفاف الصادق وزينب بليل وآمال عباس وعفاف حسن أمين وأميمة عبد الله وأروى الربيع ودرة مختار قمبو فى الفترة بين ديسمبر 1999حتى مارس 2000م.

13.     نصر حامد ابوزيد دائرة الخوف: قراءة فى خطاب المراة ، الطبعة الاولى، المركز الثقافى العربى ، الدار البيضاء،بيروت، 1999م.

 

 

14.                     Encyclopedia Britannica, Women’s Liberation Movement, http://www.Britannica.com.

 

15.                     Janet Wolff, The Invisible Flaneuse: Women and the Literature of Modernity ,in The Problems of Modernity: Adorno and Benjamin, edited by Andrew Benjamin. Routledge, London, 1991.

 

 

16.                     Nafisa Ahmed El Amin , the Democratic Advance and    Women’s Movement in the Sudan, a paper presented at the XVIth World Congress of the International Political Science Association, Berlin, 21-25 August 1994.

 

17.           Simon de Beauvoir, The Second Sex, translated by H,M  Parshley, Penguin Modern Classics, Great Britain, 1987.

 


 الهوامش
--------------------------------------------------------------------------------
 
1 احمد عبد المعطي حجازي، البنات يكتبن اجسادهن، مجلة ابداع، العدد السابع، يوليو 96، ص 4 .

 

2  احمد عبد المعطي حجازى، مرجع سابق ص 5 .

3 عبد الله محمد الغذامي، المرأة واللغة، الطبعة الثانية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت 1997م، ص 61.

4 عبد الله محمد الغذامي ، مرجع سابق ، ص 79 .

5 احمد عبد المعطي حجازي ، مرجع سابق ص 7 .

6 عبد الله محمد الغذامي ، ص 8 .

7 مرجع سابق ، ص 9 .

8 عبد الله محمد الغذامى، ثقافة الوهم: مقاربات حول المرأة والجسد واللغة ، الطبعة الاولى المركزالثقافى العربى ، الدار البيضاء بيروت ، 1998م، ص 13-18.

9 نصر حامد ابوزيد دائرة الخوف: قراءة فى خطاب المراة ، الطبعة الاولى، المركز الثقافى العربى ، الدار البيضاء،بيروت، 1999م ، ص 195.

10 المرجع السابق، ص 237.

 

11 المرجع السابق، نفس الصفحة

12 المرجع السابق ،ص 238.

Simon de Beauvoir, The Second Sex, translated by H,M  Parshley, 13 Penguin Modern Classics, Great Britain, 1987, p. 15

14 فاطمة المرنيسى، الخوف من الحداثة: الاسلام والديمقراطية ، ترجمه دمحمد الدبيان، الطبعة الاولى، دار الجندى دمشق،1992م، ص 198.

15 عبد الله محمد الغذامى، مرجع سابق ص 38.

16 نصر حامد ابو زيد مرجع سابق، ص 120

17فاطمة المرنيسى، هل أنتم محصنون ضد الحريم؟، ترجمة: نهلة بيضون، الطبعة الأولى، نشر الفنك والمركز الثقافى العربى، بيروت والدار البيضاء، 2000م، ص 19-21.

18 عبد الله محمد الغذامى، مرجع سابق ص.40-67

19 المرجع السابق ،ص 73-74

20 نصر حامد أبو زيد ، مرجع سابق ، ص  121  

21 Simon de Beauvoir, p 16

 

22 Ibid.,p.18  

23 عبد الله محمد الغذامى ، مرجع سابق ص 89

24 المرجع السابق ص 97

25 المرجع السابق ، ص 158، 159

26 محمد العوض جلال الدين ، مجلة العلوم الاجتماعية العدد الثاني – المجلد الثاني عشر التمييز بين الذكور والاناث وانعكاساته علي وضع المرأة ودورها في المجتمع مثال الاردن والسودان ، خريف 1984 ، ص 24.

27 د . محمد المهدي بشري ، ابداع الانثي مرآة الداخل ، ورقة قدمت فى سمنار المرأة والإبداع فى مقر منظمة فريدريش ايبرت بالخرطوم، مارس 2001م، ص 2.

 

28 نفس المرجع السابق ، نفس الصفحة .

29 آسيا عبد الرازق، مقابلة فى امدرمان، بتاريخ 17-2-2001م، الساعة 11-5.

30 الذريعة : عيش نابت.

31 المقابلة السابقة بتاريخ 17 – 2 .

32 النطع : سجادة من السعف مفرغة من الوسط .

33 الفركة : قطعة من القماش الاحمر بخطوط ذهبية يستخدم لتغطية العروس

34 الشملة : هي غطاء صوفي تتدثر به المراة المتزوجة وهي جالسة في الدخان ويكون داكن اللون.

35 الشلوخ : وهعي وشم علي الوجه كان يعتبر مظهر جمالي .

36 المقابلة السابقة بتاريخ 17 – 2 .

37 مقابلة بتاريخ 24 – 2 – 2001م امدرمان الساعة 5-8 م فاطمة العجيمي.

38 د. محمد المهدي بشري ، مرجع سابق، ص 4.

39 عبد الله محمد الغذامي، المرأة واللغة، ص 127

40 عبد الله محمد الغذامى، المراة واللغة الطبعة الثانية، المركز الثقافى العربى الدار البيضاء، بيروت، 1997م ، ص7

41 المرجع السابق، نفس الصفحة.

42 نصر حامد ابو زيد مرجع سابق ص 30

43 المرجع السابق نفس الصفحة.

44 عبد الله محمد الغذامى ، المراة واللغة ، مرجع سابق ص 21

45 المرجع السابق ص 50

46 المرجع السابق ص 8.

47 عبد الله محمد الغذامى، المراة واللغة، ص 182

48 مقابلات أجرتها الكاتبة فى الفترة بين ديسمبر 1999حتى مارس 2000م

49 زينب بليل ، كش ملك ، الطبعة الاولي ، المطبعة العسكرية ، الخرطوم ، مارس 2000م، ص 2

 

50 بثينة خضر مكى، صهبل النهر ، الطبعة الاولي ، المطبعة النموذجية ، الشارقة، 2001، ص45.

51 مقابلات أجرتها الكاتبة فى الفترة بين ديمبر 1999حتى مارس 2000م

52 المرجع السابق.

53 المرجع السابق.

54 المرجع السابق

55 المرجع السبق.

56 المرجع السابق.

57 المرجع السابق.

58 المرجع السابق.

59 المرجع السابق.

Encyclopedia Britannica, Women’s Liberation Movement       60

http://www.Britannica.com

 

61 أحمد عبد المعطى حجازى ، الجسد يكتب نفسه، مجلة ابداع، العدد السابع، الهيئة

المصرية العامة للكتاب، يوليو 1996م . ص 4.

62 Opct,  http: // www. Britannica.com

Nafisa Ahmed El Amin , the Democratic Advance and   63 Women’s Movement in the Sudan, a paper presented at the XVIth World Congress of the International Political Science Association, Berlin, 21-25 August 1994, p.3

64 Ibid , p.7        

65 Encyclopedia Britannica, http: //www. Britannica.com    

H.M. Parshley, the Introduction to The Second sex of Simon   66 de Beauvoir, The Second Sex, Penguin Modern Classics, Great Britain, 1987, p. 9

Janet Wolff, The Invisible Flaneuse: Women and the                67                                            Literature of Modernity ,in The Problems of Modernity: Adorno and Benjamin, edited by Andrew Benjamin.

Routledge, London, 1991. p,141

 

68 Ibid.,p. 149          

69 فاطمة المرنيسى، الخوف من الحداثة: الاسلام والديمقراطية ، ترجمه دمحمد الدبيان، الطبعة الاولى، دار الجندى دمشق،1992م، ص 198.

70            Opct,.p 152



#هادية_حسب_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه ...
- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - هادية حسب الله - الكتابة النسائية: حرية أم رقصاً بالقيد