أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - كش ... وداعا يا حمامه ؟















المزيد.....


كش ... وداعا يا حمامه ؟


احمد مصارع

الحوار المتمدن-العدد: 1561 - 2006 / 5 / 25 - 12:03
المحور: الادب والفن
    


أحن إليك ما بقيت حمامه ...
الحمام ليس حرا ليحط كما يشاء حيثما يشاء ...
أينما كان ؟ لا... فعليه أن يطلب الاستئذان في المكان والزمان في كل لحظات الطيران ؟!...
ليلتقط الحب , ويستمتع بسيمفونية الهدوء , فمن كان قد قرر في جهل مقيت بأن الحمام السلام يحط إلا على الأبراج الخاوية , مخطئ جدا .
الحياة الافتراضية في التصور الذهني أقوى بما لا يقاس من الواقع الفعلي الحاضر , الذي أعيشه حاليا لحظة بلحظة , وهو منقرض حقا , اليوم أو غدا , وفقا لحسابات موت كل من أعرفه يوميا , لااستطيع نكران حقيقة احتراق أجسادهم , تحت أكوام من التراب البليد , يهيله عليهم مجموعة من الممثلين البلهاء , والأهم , حين يكون الذكاء والغباء في الحياة الوقتية المنقرضة , جميعا سواء ..
لو أبكي أو أضحك , سيان ..
كما يتساوى الحين مع بعض الأحيان ؟
كنت حزينا تقليديا , بل ومرغما على التعايش مع ضيق الأفق , وضرورة الاستسلام بقدرية تامة لل( غوانين ) البليدة , القديمة منها والجديدة , والانتظار السلبي للحظة هداية قد لا تأتي أبدا , من الله وحده , فهو وحده الباقي بعد أن نموت جميعا , نعم , جميعا ...
تذكرت حياة سابقة , وحينها , كنت أذوب لحظة بلحظة متفاعلا مع الطبيعة , في حديقة مجهولة للغاية , ولكنها كانت قد وجدت على سطح الأرض , وكان فيها الماء والبركة والشلال واخضرار زاه عتيق , يضج سلاما من هديل الحمام, بحيث لا صلة وصل للغافي الساهم والشارد في بؤرة العيش النكد في حياة ليست افتراضية وليست واقعية ؟!.
لقد كانت الحمائم من شتى الألوان , تتنافس بروح طائرية عجيبة لكي تردم الحفر بالهديل بدل النحيب والزغاريد المتباعدة , حتى تلتحم الحياة من أي نوع كان وتتواصل ؟.
رغم سوء النقل والبريد , فستبقى الحمامة خير من يصل الأحبة من قريب بعيد .
أنا مجرد إنسان , وكمثل الشرفة الخفية , المجهولة وغير المطلة على الضوضاء , التي أعيش فيها مصادفة , ليس إلا ؟
ما ا لعمل ؟
لابد من حياة ولو كانت من درجة المتحول الزحاري أو البارامسيوم مثلا , فيها الهواء والماء , وأفياء النبات والأزهار , وهي لوحة لن تكتمل أبدا بدون تغريد الطيور , هكذا خبرت الحياة فيما مضى وقد لا اذكره , من زمن سابق .
الحمام ليس حرا ليحط كما يشاء حيثما يشاء ...
أينما كان ؟ لا... فعليه أن يطلب الاستئذان في المكان والزمان في كل لحظات الطيران ؟!...
ليلتقط الحب , ويستمتع بسيمفونية الهدوء , فمن كان قد قرر في جهل مقيت بأن الحمام السلام يحط على الأبراج الخاوية , مخطئ جدا...
لقد عرفت قيمة السكون , بدون طنين الصمت , فالوحي مجرد طائر يصفق في علياء السماء فرحا ,لاصمت فيه وحي من غير طيور , والهديل كما عرفت وخبرت فيه السكينة والاطمئنان , والشرفة المنعزلة عندي لن تكون أبدا , هدوء يتبعه الهدوء , بدون تغريد الطيور, لكن الشرفة المنعزلة لم تزل بعد تبحث عن مجرد حياة غير منقرضة , ولكنني أنا الكائن اللحظي المنقرض حتما في لحظة ما , ومن حقي أن أعيد كل شكل يعيد سيرة حياة , مجرد حياة ؟
الآن أجلس منعزلا هاربا من الصخب الموتور طيلة النهار , ومن الحلم المبتور طيلة الليل والظلام ...
كيف أحس بطبيعة الأشياء , ولماذا سأبقى فيها مستغرقا بلا حدود ؟!..
خلال فترة قصيرة من بضع جلسات , تمكنت كالعادة , من الانتصار على كل موحش وقاتل , فمن السهل جدا علي تنفيذ بعض وهم أو حلم مما عشته من ذكريات تمر بصعوبة بالغة بدون وحي وهديل جميل ؟!.
الأمر بسيط للغاية , مجرد بركة ماء , يسمع خريرها , واخضرار ندي , وصمت فلسفي عميق يشحذ الحواس في صلاة التأمل ؟!..
وفجأة حطت حمامة ؟!...
كانت الحمامة ببيضاء فوق كلمة جدا , أسلس من غيمة بيضاء , بل وأكثر ضوءا من نيون أبيض , بل وأكثر ازدهاءا من الزئبق الحي المتلامع , وذات ملمس بض طري , كالقطن المندوف , تتهادى في مشيتها بهدوء واثق , وحين تتعجل تلقي بجناحيها أمام رأسها وكأنها تتمرخ , وبالضبط كما يفعل السباح عند الغطس من عل , ويحتضن رأسه بيديه .
ظلت الحمامة البيضاء ولعدة اشهر خلت خليلة الشرفة المنعزلة , تمضي عدة ساعات يوميا ضيفة عزيزة وخفيفة الظل ؟ وحين أغيب عن الوعي , تعود الى منزلها القريب المجاور .
كنت وحيدا معها في الشرفة المنعزلة أتأملها مليا , هائما مع سحرها وجمالها الأخاذ ..
اللحظات الطويلة تمر , فلا تحس بذاتها بدون صدمة اللقاء المجهول ..
من يقرع الجرس ؟!.
حين فتحت الباب الموصد من العهد القديم , من حياة الوحدة والتوحد ..!.
قال - مرحبا جار ؟
أعرفه حقا , وهو كما قال وادعى , تأملت نظرته الطفولية المتضرعة وغير المفهومة .
قلت له : تفضل .
وحين أدرت ظهري لدخوله وجدته قد تسمر في ذات المكان , تأدبا , أم استعدادا لمطلب صعب من يدري ؟ !.. كل شئ يتغير ويجري , حتى أنا ؟ نعم حتى أنا ؟!..
قلت له : ليس بالدار أحد , تفضل بالجلوس ؟ .. ماذا تشرب ؟
فرك رأسه , ونظر باستحياء ,ثم قال : جئت إليك مشتكيا عليك ؟
قلت له : شكايتك مقبولة , وأنت الحكم , وليس هناك من حكم سواك ..
قال : بل هو عتب على جار ..
قلت: اعتب كما تشاء لأنك محق في طلبك .
سال : هل تحب الحمام ؟
أجبت : نعم وكل الطيور ..
سأل : هل تحب تربية الحمام ؟..
أجبت : لا, بل أحب مشاهدتها عن كثب .
سال : ولكن على ما يبدو فأنت تطعمها حبا ؟..
أجبت : نعم , من باب إكرام الضيف .
ضحك كطفل صغير, وسأل : أين هي الآن ؟
سالت : تقصد الحمامة البيضاء ؟
قال : نعم , حمامتي البيضاء , الغالية علي , والغالية الثمن , والنادرة ..
قلت له : هل تبيعها ؟
أجاب على الفور: لا أفكر ببيعها هذه الأيام ..
قلت : هي في الشرفة المنعزلة , ألا تسمع هديلها وسرورها في اللعب ؟!.
قال : تلك حمامة نادرة الوجود , لأنها غريبة الطباع , وهي تساوي الملايين ..
قلت له مرحبا : أنا متأكد أنها ستكون مسرورة بلقائك هنا في الشرفة المنعزلة ..
ابتسم وقال : إنني أصبحت أشتاق لرؤيتها في النهار , وهي تغيب عني طويلا ..
سألته : هل تريدها أن تعود الآن للمنزل ؟
قال بدون تردد : يا ليت..
سألني بود : هل ستكشها من الشرفة ؟
قلت بحزم : لاابدا .. تفضل أنت وقم بذلك فهو من حقك ..بعد أن تكتمل ضيافتك ..
قدرت انه ينتظر بحرقة لحظة اللقاء بحمامته البيضاء , وحين سمعته يعاتبها بأدب بالغ , خرجت من الشرفة المنعزلة ولم تعد إليها أبدا , بينما ظلت طيور أخرى تملأ الشرفة تغريدا , وطمأنينة ساحرة , بدون الحمامة البيضاء الغالية والنادرة الوجود ..؟.



#احمد_مصارع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيطان الخطابة ؟
- يا وطني الحقير
- الغرق في أبحر الشعر ؟
- هل توجد بحور في الشعر العربي ؟
- اللغمطة : المخادعة هي الأهم ؟!.
- الاضطرار في التنظير للاستعمار ؟
- الشيوعية تحوم حول الجيفة الصفرية ؟
- الإنسان ودالة النسيان ؟
- أسئلة عن رمزية الحياة ؟
- باسم الديمقراطية , أنا أخون إسرائيل ؟
- هل أكبر متعة : اعرف نفسك ؟
- العلاقة الرمزية بين الإنسان والحية ؟
- كان كالحلم البعيد ؟
- أتماهى بالحب كي لا أموت ..الى الشهيد الشاعر : كمال السبتي
- بلسم سام أم ديمقراطية العم سام ؟
- ذات يوم من الجحيم
- عراق القمة يستنكف عن القمامة العربية ؟
- هل الدخان حرام ؟
- كالوا لهم بمكيالين وكالو لنا بمكاييل ؟
- ثنائية الهمجية والحضارة ؟


المزيد.....




- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - كش ... وداعا يا حمامه ؟