|
البصرة … الدمعة المحبوسة !
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6419 - 2019 / 11 / 25 - 08:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البصرة المدينة الهادئة الحالمة الطيبة ذات الملامح الابدية ، والانوار الجميلة ، والتي تغفو على اكتاف شط العرب هذا النهر الخالد الذي تضئ اساريره ملامح صامتة … الان تحولت الى مدينة موجوعة تبكي اهلها وحالها … تترنح بعيداً عن تيار الزمن … مزيحةً وقارها جانباً ، وتذوب في الاهمال واللامبالات من النظام السابق وامتد ليصل الى هؤلاء اللصوص الغرباء عن المدينة واهلها ! فابتلعتها الظلمة بعد ان كانت تسيل بشاشة ورقة ، وتحول جمالها الى جمال ملقى في سلة المهملات ! من يصدق ان البصرة في الستينات والسبعينات قبل قادسية صدام المشؤومة كانت تسمى فينيسيا الشرق ، وكان الاخوة في الخليج لا يحلوا لهم السهر وقضاء العطل والسياحة الا في هذه المدينة الطيبة باهلها ونخيلها وشطئآنها ومثقفيها ، واماكن اللهو والمتعة من حدائق ومنتزهات ونوادي وكازينوهات وملاهي وغيرها ، وكانت الحياة جميلة … من يريد الدين فالجوامع باشكالها متوفرة ومن يريد الكنائس ايضا موجودة ومن يريد المتعة فهي الاخرى موجودة … وهكذا ، وكان النسيج العراقي يزهو بالوانه : المسلم بلونيه والمسيحي والصابئي والعرب والاعاجم والكل تعيش وتتعايش بسلام تحت سمائها المسالمة ! وتدور الايام ويتحرك الزمن وياليته لم يتحرك ! مثقلاً بالاحداث وتتوقف الحياة فجأةً … حروب حروب حروب وحصار امتد لعقد ونصف مات فيه مليونان ربعهم من الاطفال ، واهلها يأكلون الحصرم ، تمزقت امعائهم كما كرامتهم وانسانيتهم ، وباعت الناس اعز ما تملك واخترق الالم والمعاناة العظام حتى النخاع ، والحكام الاوغاد واولادهم السفلة يطعمون احصنتهم الهيل وقردتهم الموز والفستق ، وصبر اهلها الطيبون باحمالهم التي لو وزعوها على رتل من الجمال لبركت جميعهاً ونائت بحمل لاتطيقه حتى الجبال ! وتحول كل شئ للمعركة … اي معركة ؟ معارك رجل مريض يريد ان يكون بطلاً اسطورياً يخلده التاريخ القذر المنافق الذي خلد غيره من اوغاد هذه الامة الفاشلة المجرمة بحق الشعوب المغلوبة على امرها على مر التاريخ … واستمر الموت والقهر … كل حاكم يأتي حاملا معه كل عقده النفسية وامراض اهله الموروثة يريد الثأر من اناس لم يفعلوا له ولا لغيره شئ الا انهم رفضوا عبادته كما يشتهي ويريد ! وسقط النظام الفاشي الظالم واستبشرنا خيراً بالقادمين الجدد ، وقلنا بانهم كانوا يعيشون في دول غربية متحضرة ولنا فيهم نفس المعاناة من النظام السابق ، ولعله وعسى ان يأتونا بالخير والعمران والسلام والحياة الادمية التي تليق بهذا الشعب المقهور المظلوم … ثم قالوا انهم من اهل الله ويعرفون الدين والعدل ، وقلنا لابأس ! ولو توجست قلوبنا خيفةً فنحن لا نريد انتماءً حزبياً من اي مكان حتى لو كان من الله ! جزعنا نريد انسان عراقي شريف نزيه ، وهل هذا كثير علينا او عسير ؟ لايحكمنا وانما يدير البلد كأي موظف آخر ولايهمنا ان كان مؤمناً او كافراً ! جزعنا سئمنا … نريد حياة كريمة لنا ولاولادنا واحفادنا بعيدا عن حملة جينات الشياطين وعلي بابا ! واستمر الاهمال على ماهو عليه بل ساء اكثر وبقيت هذه المدينة المسكينة تتمرغل بالاتربة والقاذورات واهلها يعيشون سكرة الذكريات يتذكرون ايامهم الجميلة كما يتذكر السقيم عهد الصحة والعافية … لاعمران لاترميم لا تصليح وساءت الامور اكثر ، وقلنا شر على اي حال خير من شرور كثيرة … وكشر القادمون من بعيد عن امراضهم النفسية وحقدهم كغيرهم ممن سبقوهم ، وكانك يا بو زيد ماغزيت ! وعدنا الى بداية السطر وكأن الايام ليست ايام ولا السنين سنين … وتغير شكل المدينة من بعثي الى اسلامي على النموذج الايراني … فهاجر اهلها ولم يعد هناك مسيحيون ولا صابئة بل حتى اهلها الاصليون غادروها وتمزقت اللحمة … وصبرنا وهم يوغلون بغيهم … يسرقون ينهبون خيرات البلد وكانهم اعداء وليسوا عراقيين وهذا بلدهم وهذا شعبهم او ما تبقى منه … ولابد للفيضان من جريان … وهكذا كان فانتفض الجياع والمقهورون ، فاحذروا صولة الكريم اذا جاع ! وتحركت الحناجر والألسن وكأنها تقول انا لا اخاف من الدهر لانه افرغ جميع سهامه في صدري ! ولكن الثمن باهض ومؤلم بل مؤلم جداً … والجريان مستمر ولايلوح في الافق القريب حل ونحن بانتظار الدخان الابيض ! كل الحب والسلام لبلدنا الحبيب واهلنا الطيبين … وسلاماً وخلوداً لارواح ابنائنا وشفاءً عاجلاً لجرحانا !
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كرم الله بني آدم … ؟
-
الاسلاميون … وعقدة الحداثة !
-
الالحاد … كرة الثلج !
-
التكفير … الطامة الكبرى !
-
قاتل فرج فودة إرهابي اسلامي لا يقرء ولا يكتب !
-
حلم المسلمين في إعادت حكم العالم ، هل سيتحقق ؟!!
-
القاعدة وداعش شوهتا صورة الاسلام … ؟!
-
هل اساء الله الى ذاته في القرآن … ؟!
-
احذروا صولة الكريم اذا جاع واللئيم اذا شبع …
-
دولة مدنية ديمقراطية الخيار الاصح للحالة العراقية !
-
واخيراً امتلك الشعب سلاحه !
-
رفقاً بالعراق فليس لنا غيره …
-
فخلف كل سفاح يموت سفاح جديد …
-
لاتزال قبيلة قريش تحكمنا !!
-
مكافحة النار بالنار … !
-
الاخوان … وحسرة المظاهرات على النموذج العراقي واللبناني !!
-
قراءة نقدية لبعض ما جاء في كتاب ( فترة التكوين في حياة الصاد
...
-
قراءة نقدية لبعض ما جاء في كتاب ( فترة التكوين في حياة الصاد
...
-
تعليق على بعض ما جاء في خطاب السيد رئيس الوزراء العراقي …
-
محنة العقل مع النقل !
المزيد.....
-
جين من فرقة -BTS- يستعد للمشاركة في فعاليات أولمبياد باريس 2
...
-
لوبان: ماكرون يسعى لتنفيذ انقلاب إداري
-
نزوح يليه آخر ولا من نهاية.. مئات السكان في خان يونس يغادرون
...
-
المرحلة الثالثة من حرب غزة: سيناريو إسرائيلي يشبه ما يجري في
...
-
يورو 2024 - هولندا تنتفض وتتأهل لربع النهائي بفوز كبير على ر
...
-
لواء احتياط إسرائيلي يطلق وصفا -جارحا- على نتنياهو وجنرالاته
...
-
بوغدانوف بيحث مع وفد من الحوثيين آخر التطورات الإقليمية في ا
...
-
الحوثيون يعلنون تنفيذ عملية عسكرية مشتركة مع -المقاومة العرا
...
-
RT ترصد عمل قوات الاقتحام في دونيتسك
-
مربية أطفال سابقة تتهم كينيدي جونيور بالتحرش
المزيد.....
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
المزيد.....
|