أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - عبد الملك نوري ما أنصف نفسه وما بحث عن الإنصاف لدى الآخرين















المزيد.....

عبد الملك نوري ما أنصف نفسه وما بحث عن الإنصاف لدى الآخرين


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6418 - 2019 / 11 / 24 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


مساء الإثنين ١٤ من أيلول/ سبتمبر/1998،حضرت جلسة الاستذكار والتأبين التي أقامها اتحاد الأدباء بمنطقة العلوية، في حديقته الغناء، لمناسبة أربعينية القاص العراقي الرائد عبد الملك (عبد اللطيف) نوري، أدارها الناقد عبد الجبار داود البصري (توفي 2002)، والقى الناقد الدكتور شجاع مسلم العاني ملخص بحث عن الراحل الكبير، تلاه الباحث يحيى الكبيسي؛ الذي كنت أتوسم فيه مشروع باحث وناقد عزّ نظيره ومثيله، لكن ها هي السياسة والفضائيات تأخذه من الفضاء الذي خلق له، تلاه الناقد والأستاذ الجامعي الدكتور عبد الإله أحمد (2007) الذي أشعلت غضبه ملاحظة بسيطة فاه بها الكبيسي! ليكون هاتف عبد اللطيف الثلج مسك ختام تلك الجلسة النقدية الثقافية.
يعد عبد الملك نوري من الجيل الذي جاء بعد جيل الرواد، ممثلاً بمحمود أحمد السيد (1937) وذي النون أيوب (1988) وجعفر الخليلي (1985) وعبد الحق فاضل، وعبد المجيد لطفي ( 1992)، وإذ غلب الروح الإجتماعي السياسي الذي ينعته الناقد العاني بـ( الوظيفي) القريب من أفكار أليسار، على توجهات غالب ألادباء وكتاب القصة في العراق، فضلاً عن توجهات وتطلعات وجودية، متأثرين بأفكار سارتر(1980) وكامو (1960) ،الوجودية التي انطفأت من وجدان المثقفين العرب- إثر الزيارة الاستقصائية التي قام بها سارتر ورهط من مريديه للجمهورية العربية المتحدة، سنة 1966 بغية دراسة الصراع العربي- الإسرائيلي على الطبيعة، ولقاءاته الواسعة مع مثقفي مصر ولقائه مع الرئيس جمال عبد الناصر (1970) وأعلن فيما بعد رأيه السلبي إزاء قضية العرب المركزية، هذا الموقف-- كما أرى-- أطفأ وهج الوجودية في ضمير مثقفي العراق والوطن العربي--.
أقول: ظل التوجه اليساري فضلا عن تأثيرات وجودية هي التي تتحكم ببوصلة الأدباء وكتاب القصة، منذ رائدهم الأول محمود أحمد السيد، وظل ذو النون أيوب يكتب القصة المقالية، التي كان هدفه من كتابتها نشر أفكاره السياسية، من غير اهتمام بفنية القصة وبنائها، الأمر الذي دفع بعبد الملك نوري إلى أن يطلق عليها وصف (المقاصة)؛ أي القصة المقالية، أو المقال القصصي.
وإذ يأتي جيل جديد معبأ أيضا بالأفكار السياسية، لكنه جعل للفن مكانة في هذا اللون الأدبي، فما عادت القصة المقالية مقبولة لدى الموهوب الشامل؛ الخطاط والنحات والرسام والقصاص يحيى جواد (1988) أو محمد روزنامجي (؟!) أو عبد الصمد خانقاه (؟!) أو نزار عباس، اويحيى عبد المجيد (جيان)، والأمر ينسحب على قاصنا عبد الملك،الذي على الرغم من شغفه بمهمة التوصيل والتوعية؛ توعية الناس، وتوقه إلى الواقعية الإنتقادية أو الإشتراكية،لكن قراءاته المعمقة في الأدب الروسي القيصري، ولا سيما روايات ديستويفسكي، فضلا عن جيمس جويس وروايته ( يوليسيس) وسارتر وكامو في ( الغريب) وتأثره بفن تيار الوعي، والاسترجاع والمنولوك الداخلي،الذي جاء به جويس،والبريطانية فرجينيا وولف (1941)،كما تركت أراء فرويد في التحليل النفسي آثارها على قصصه، ليقترب من المنهج النفسي تسعفه في ذلك لغة إنكليزية جيدة، حتى أنه كتب بها بعض قصصه،فضلا عن التجويد في الكتابة،على الرغم من وقوعه في هنات وأخطاء لغوية وصرفية.مثل يجرؤ يكتبها يجرأ، أو وطىء يطأ يكتبها وطأ!
لقد انعقدت أصرة صداقة طيبة بين فؤاد التكرلي (2008) وشقيقه الناقد الرائد نهاد، الذي شهدت أواخر الأربعينات وحتى منتصف خمسينات القرن العشرين، جهوده البحثية والنقدية على صفحات مجلتي ( الأديب) و( الآداب) اللبنانيتين وعدد من المجلات العراقية مثل:( الثقافة الجديدة) و( الكاتب العربي).
أقول: انعقدت اصرة صداقة بين التكرليين فؤاد ونهاد وبين عبد الملك نوري من خلال جماعة الوقت الضائع، إضافة إلى القادم من فلسطين بعد نكبة 1948، جبرا إبراهيم جبرا (1994) ونزار سليم،فكان أحدهما يعرض نتاجه على الآخر بمودة ونزاهة، فقد عرض فؤاد قصته الطويلة المخطوطة ( بصقة في وجه الحياة) التي كتبها سنة 1949في ساعة يأس وإحباط،بسبب ضياع جزء غال من فلسطين،وعقدمعاهدة بورت سموث!واحتفظ بها أكثر من نصف قرن،وليطلق سراحها فتنشرها ( دار المدى) سنة 2002، وثيمة الرواية تقوم على الزنا بالمحارم،مع أن فؤادا لا يقول بهذا التوصيف،ويرى أن الأمر متروك للقارىء والناقد الفاحص، والأمر ينسحب على روايته ( خاتم الرمل) التي تنهل من العقدة الأوديبية، وكذلك إعتداء ( عدنان) على خالته ( منيرة) جنسيا في رواية ( الرجع البعيد) وتأويلات الدارسين بشأن هذه الحالة.
أقول: يعرض فؤاد روايته هذي على عبد الملك،فينصحه أن يعيد كتابتها ويشذبها،وان فيها جملا وتعابير ركيكة،ويستجيب فؤاد لملاحظاته.تنظر ص٧٨ من كتاب ( نزعة الحداثة في القصة العراقية) للدكتور محسن جاسم الموسوي.
والأمر ينسحب على إستخدام الحوار العامي في القصة، وارى أن فؤادا قد سبق عبد الملك في استخدامه، ولا سيما في قصصه الأولى ( العيون الخضر) مثلا أو روايته القصيرة ( الوجه الآخر) ويتفقان على إستخدامه متأثرَيْن بمناهج الواقعية ولا سيما لدى عبد الملك.
وها هو يوجه نصيحته الصادقة إلى غائب طعمة فرمان (1990)،ويعترف غائب أن هذه النصائح كانت تبكيه، ففي حوار مع مجلة ( الطريق) اللبنانية الثقافية الفكرية الرائعة؛ العدد الصادر في مايس/ مايو 1972 يؤكد غائب"" كان عبد الملك نوري أكثرنا حساسية إزاء هذه الأشياء.كم مرة قال لي: غائب إن الموضوع جيد، ولكن الاسلوب، اللغة.. طريقة التناول.وكنت أحيانا أعود باكيا إلى البيت، اريد ان التقط الأشياء التي تعز على الإلتقاط، ابكي فشلي.. أريد أن أتلمس اخطائي واتحسسها"" المرجع السابق ص 58
وإذ يبدي عبد الملك رأيه في كتابات التكرلي وفرمان، فإن التكرلي وقد رأى شغف عبد الملك بالتجريب ومغادرة أجواء القصة الكلاسيكية، مترسما خطا الكتاب في روسية والغرب محذرا إياه من هذا الجديد قائلا له في إحدى رسائله"" حذار من الجديد، هذا الحلم الرائع البعيد المنال، وحذار من هذه الرغبة الممزقة لأجله. إنه سراب لمن يركض خلفه، وقد يجده من لا يعرفه، يجده في أحد جيوبه المهملة"" المرجع السابق ص60
لقد تعرض عبد الملك لشنأ الشانئين وحسد الحاسدين،فها هو الشاعر كاظم جواد، الشخصية الحادة، الذي ما استطاعت حتى زوجته الشاعرة الفلسطينية سلافة حجاوي، التي استقطبت الاهتمام البالغ لدى مشاركتها في مؤتمر الأدباء الذي عقد في قاعة الخلد بكرادة مريم ببغداد ربيع سنة 1969 وحضرت وقائعه، ما استطاعت العيش معه، وليموت في الغربة صيف سنة 1984, كاظم جواد يتهمه بالاستفادة من الكاتب الإسباني ليوبولد والاس، في حين يتهمه ( محيي الدين إسماعيل) بأخذ ثيمة قصته ( نشيد الأرض) من ديستويفسكي؛ قصته ( حلم رجل هزأة) "" م.ن الصفحة 39.
لقد نشأ عبد الملك نوري المولود ببغداد سنة 1921، حياة مرفهة،لا بل أرستقراطية، واضعين في الحسبان أن أباه عبد اللطيف نوري كان ضابطا برتبة عليا في الجيش العراقي،وتولى وزارة الدفاع،وتزوج امرأة كردية تذكرها الطبيبة سانحة أمين زكي كثيرا في مذكراتها، إذ كانت زميلتها في الدراسة المتوسطة،تركته لتحيا في امريكة،لكن هذا الترف ما منعه من الانغماس في حياة الفقراء وتبني فكر اليسار،والكتابة عنهم، الأمر الذي دفع أحدهم للقول إن عبد الملك يكتب عن فلاحي الصين،وهولم يرها حتى في الحلم!
لكن العصف السياسي الذي ضرب العراق، واعفاءه من وظيفته الدبلوماسية في أيام اللواء قاسم،قد دفع به إلى العزلة والاعتكاف في منزله، إلا من زيارات متباعدة من بعض أصدقائه ومنهم مهدي عيسى الصقر (2006) والقاص محمود عبد الوهاب (2010) حين يأتي من البصرة
،لكن تمكن هاتف عبد اللطيف الثلج من كسر عزلته، ونشر قصصه غير المنشورة، فبدأ يكتب ولكن بعد فوات الأوان، فقد ضمرت الرغبة وذوت الموهبة، فطول البعاد عن الكتابة والقراءة ترك ظلاله الكابية على فنه القصصي، وإني لأردد ما قاله فؤاد التكرلي في مقدمته لمجموعة أقاصيص ( ذيول الخريف) لعبد الملك نوري، والتي أصدرتها دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد سنة ١٩٨٧،ارددقولته"" قبل أيام قلت لعبد الملك، إن ما طبع حياته بشكل أساسي، هو حبه للقصة ولكتابة القصة، كأن هذا الحب كان قدرا مقدرا عليه، تزول أمامه كل التفاصيل الأخرى للحياة.. العائلة والزواج والوظيفة والمال، ويبقى هذا مفسرا للحياة ومانحها المعنى الحقيقي الوحيد.. ومقابل هذا القدر لم يجد متسعا من الوقت لكي ينصف نفسه، أو يفتش عن الإنصاف لدى الآخرين"" الذين ما انصفوه، ونحن من انصفنا كي ننصفه؟!
حاشية
.. ..............



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناجي جواد المحامي من أبرز كتاب أدب الرحلات
- (بدايات)أمين المعلوف إهتمام مضن ودقيق بتراث الأسرة وتاريخها
- تأريخ ما أهمله التاريخ رواية( ليون الإفريقي) لأمين المعلوف
- مدني صالح الفيلسوف ناقداً.. الناقد فيلسوفاً
- أيهما أصح علميا السامية أم العربية؟
- الدكتور جورج حبش في صفحات من مسيرته النضالية
- ثلاثية شيكاغو.. محمود سعيد يستعيد حنين العراق (2)
- ثلاثية شيكاغو: محمود سعيد يستعيد حنين العراق على ضفة الارض ا ...
- عناد غزوان 1936-2004الموسوعي الذي تخصص في نقد الشعر
- الأديبة الفرنسية فرانسواز ساغان تروي أطيب ذكرياتها
- رحلة إلى تونس الخضراء
- روايات الإجهاز على الباشا نوري السعيد... جثمان من أحرق عصر ي ...
- ثقافة نخبوية باهية..نجيب المانع يكتب في الموسيقى والأدب
- القرامطة والعدالة الاجتماعية ... مناقشة هادئة مع ياسر جاسم ق ...
- عزيز السيد جاسم؛ مفكر رفض التأطير ودعا لمواءمة بين الروح وال ...
- ه‍ل كان سقوط طائرة الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف سنة ...
- ملحمة قلقميش
- التاريخ يتماهى مع السرد.... (قسمت) رواية العصف الذي ضرب الكر ...
- هل تأثر المعتزلة بفلسفة اليونان؟ وهل قرأ الجاحظ (فن الشعر) ل ...
- فاضل العزاوي والبحث عن المنزلة النبوئية للشعر والشاعر


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - عبد الملك نوري ما أنصف نفسه وما بحث عن الإنصاف لدى الآخرين